الإشهار المخادع… بقلم الطالبة الباحثة:صفاء الحسوني

إشهار مخادع

إشهار مخادع

فاس:”تاونات نت”/يعد الإشهار الوسيلة الاساسية و الأكثر شيوعا  في الترويج للمنتجات و الخدمات  المقدمة من طرف المؤسسات التجارية,  فهو يمتل السلاح التسويقي الدي تواجه به المؤسسة منافسيها , كما انه افضل وكيل عنها وعن منتجاتها, فبدلك اضحى الاشهاريحظى موقعا مميزا ضمن النسق الاجتماعي الدي ينتمي اليه و يروج فيه ,الشيء الدي يدفع  المؤسسات التجارية الى استثمار كل الامكانيات المتاحة لترويج  الخدمات و السلع و الافكار و  المنظومات الثقافية , ليشكل بدلك سلاحا اساسيا لتكيف الفرد مع الانساق الجديدة التي تحاول الشركات ارسائها , تحت رحمة التكتلات الاقتصادية الكبرى,  بحيث يضاهي فيها احيانا راس المال الشركة الواحدة ميزانية مجموعة من الدول  الفقيرة.

اصبح الاشهار يفرض نفسه قسريا, بقوة كبيرة وفعالية  نحس بتأثيرها في حياتنا اليومية, و هو ما يؤكده “كرين روبرت” احد البارزين في مجال الاشهار حيت يقول “ان الهواء يتكون من الاكسجين و الازوت و الاشهار”(محمد خلاف 1986,ص32), موظفا سلسلة من الصنائع البلاغية والجمالية وجميع حيل التشخيص و الاخراج السينمائي  و الامكانيات المالية المرصودة والطاقات الموجهة في انسجام و تناغم جمالي بين  مجالات  و اختصاصات متعددة, ترصد له طاقة الادباء و معرفة علماء النفس و الاقتصاديين و ارباب الموسيقى و التشكيليين و المصورين, لتمرير السلعة و اكساب المنتوج ملمحا جماليا ,يغطي على  عيوب المنتج ,ويحول المشتري من مقتن بدافع الحاجة الى مقتن بدافع الرغبة من خلال  استدراجهمن الاشباع النفعي إلى عوالم الاستيهام.

فالإشهار بدلك يكتسي ملحا نفعيا يعمل على تحجيم دوره و جعله منحبسا في الدائرة النفعية و الاستهلاكية اليومية,جاعلا من الجمالية في حد داتها بديلا عن جودة المنتوج, تفتتن بها دات  المستهلك  و تنبهر, فما يقاس هو صورة المنتوج او الماركة لا الموضوع  داته.

يصنف الإشهار ضمن ما يطلق عليه “التواصل  الاجتماعيالفعال” أو ما يمكن إدراجه ضمن حالات إقناع تستند إلى الانفعال, باعتباره الطاقة الأساسية التي تحرك الكائن البشري وتتحكم في سلوكه، بما فيها السلوك الشرائي بطبيعة الحال. ولأنه كذلك، فإنه لا يقدم المنتج مفصولاً عن سياقهالثقافي، كما لا يمكن فهمه إلا من خلال النموذج الثقافي العام, الا ان بعض  الدراسات و الأبحاث اشادتبتملص الوصلات الاشهارية, الامتثال  لمنظومة القيم التي تشكل سندا و مرجعا لثقافة المجتمع,  وعليه  في دراسة عن “الاشهار و المرأة” في المغرب لاحظ احد الباحتين ” ان المرأة تعرض في الارسالية الاشهارية المغربية جسد صامت لا يتكلم الا لغة الاغراء و المناورة  والمحافظة على القيم التقليدية, فالمرأة من هدا المنظور, وجود مسلوب من الابعاد الانسانية وعار من العقل و الفكر, كينونة المرأة مرتبطة بالأعمال المنزلية و الاعتناء بالأطفال و السهر على راحة زوجها الرجل و تحقيق رغباته, وهدا ما يبرز الارتباط الأبدي للمرأة المغربية  بمواد التنظيف و الصيانة”(ادريس جبري,1997,ص81) في دلك تسليع للاإنسانية و تسخيرها لخدمة غايات نفعية و مرحلية, فالمنتج  وفق ما  تروج له الساحة الاعلاميةهو مجرد لحظة استهلاكية عابرة في حياة الزبون ,إلا أن مضمونه الرمزي يخترق بنية الذات الاجتماعية كلها، ويضعها في مواجهة نمط حياتي يُعاش ضمن وضعيات للتسوّق مفصولة عن أسسها الثقافية, وفقاً لهذه الرؤية، فإننا نستهلك مع المنتجات تصوّرنا للزمن والفضاء والعلاقات، واستعمالات الأشياء والجسد،,إلى جانب دلك نجد  بعض الاشهارات الكاذبة التي تعتمد في عروضها عبارات من قبيل «الأولى في البلاد…» أو «انتخبت الأحسن أو الأجود…», نجد أخرى فيها من الاستخفاف بالمشاهد يصل درجة الاستغباء كوصف مسحوق تنظيف أنه يقضي على 90% من الأوساخ، وسائل منظف آخر «ذكي» يقضي على 99.99% من الأوساخ!!, نأخذ متالا  اخر, انه على الرغم من أن الوظيفة الأصلية للعطر، المقابلة بين الطيب والخبيث، فإن هناك دائماً مضافاً يجعل العطر رديفاً للشبقية أو الجاذبية أو  انعكاس لحالات تشكل الكينونة الاحتمالية لصلة المرأة بالرجل,لتتحول الحاجة النفعية  الدافعة الى اقتناء المنتوج إلى أسلوب حياتي يعكس الثقافة المروج لها عبر الوصلات الاشهارية.

صفاء الحسوني

صفاء الحسوني

بل الأخطر من كل ذلك والأدهى والأمر، أن يصل الأمر بالإشهار الى حد التشجيع على بعض الانحرافات والسلوكات غير الأخلاقية, من قبل السرقة والكذب والأنانية, وذلك بتزيينها في قالب من الفكاهة والضحك,فهذه طفلة صغيرة تسرق قطعة حلوى بعد أن صرفت أنظار النساء عنها بالكذب والخداع… وهذه شابة تدعي ملكيتها لقارورة مشروبات غازية وتفتكها من يد صاحبها من فرط حبها ل«ماركتها»، أما الآخر فهو أب يسرق «الشكولاتة»من أبنائه ويأكله…!”

ولهذا غالبا ما نقع في خدعة الصيغة المعلنة والصورة للإعلان المبهر، الذي طالما يصدمنا عند اقتناءسلعته, فالسيارة (….) لم تتخطّ الجبال ولم تصعد القمم كما صورها الإعلان، وعطر الرجل (….) لم يجذب جميلة الجميلات اليه, ولم يحوله إلى دنجوان عصره واوانه، وكريمات التنحيف زادت البدينة وزنا ,لأنها اطمأنت اليه فزادت في شراهتها ,معتقدة ان مفعوله السحري لن يزيدها كيلو.

فالإعلان يلعب على الوتر الحساس تبعا لاحتياجاتنا واهتماماتنا, فسرعان ما نتأثر به دون وعي منا,تشير” فاطمة الطباخ” في هدا الصدد, انه كلما كان الإعلان اكثر ابهاراً، كان اكثر نصباً واحتيالاً بمعنى ان نجعل من السلعة عصا سحرية تحقق لنا الامنيات بدقائق، فكلما زادت المبالغات حول مفعول المنتج, تأكد زيف وخداع هذا المنتج.نوحي الى ميل النساء الى اقتناء كل جديد, فهنلديهن رغبة جامحة للشراء في كل وقت وحين، غالبا ما تقعن اسيرات الإعلانات المروجة  للمنتج الذي يحقق لهن الحلم،  تشير لمياء الرشيد  في هدا الصدد ,انالمرأة تقع في فخ الإعلان المبهر بشكل اكبر من الرجل ,لان الشراء يحقق لها متعة ما يجعلها تشعر بالتجديد عند اقتناء اي شيء ضروري أو غير ضروري, وخصوصاً عندما تشتري سلعة ذات مفعول سحري, كما يبدو في الإعلانات مثل {كريم التخسيس أو كريم التبييض أو التكبير أو التصغير أو التلوين.. الخ} هذه المنتجات كثيراً ما تجذب المرأة لأنها تلعب على امنياتها، وتنسى في الوقت ذاته ان السحر قد  ينقلب على الساحر.

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7251

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى