منجم الملح بتاونات ثروة طبيعية مهمة مهملة…فهل من متدخل؟؟؟

ملح مستخرج بطرق بدائية في قرية الشقة

ملح مستخرج بطرق بدائية في قرية الشقة

أحمد المتوكل-تاونات:”تاونات نت”/المَنجَمُ لغة اسم مكان، من نَجَمَ ينجُمُ أي خرج يخرُج، ومنجم أي مخرج، وفي موضوعنا هو مكان وجود المعادن وما يخرُج من باطن الأرض من المواد الخام كانت معدنية أو غيرها.

1-  منجم “واد الملاح” بتاونات

يوجد بنفوذ جماعة تاونات شِعْب كبير يقع في الجهة الشمالية للمدينة، يسمى في عرف السكان المجاورين له بـ ((واد الملاح))، أي واد الملح، وأُطلقت عليه هذه التسمية لأنه يوجد به منجم للملح، يقع عند سفح جبل أسطار من الجهة الشرقية له، على بُعد كيلومتر ونصف تقريبا من طريق الوحدة شمال المدينة.

 يقع بين تلَّيْن صَخْريَيْن يفصل بينهما الشِّعب المذكور، ويخرج الماء المالح المذاب من بين الصخور الحجرية المتواجدة بالمكان، ويتجمد الملح مباشرة بعد تبخر الماء الخارج صحبته أو انسكابه نحو مجرى الشعب.

والشِّعْبُ الذي يخترق مكان تواجد الملح يسمى في عُرْف أهل المنطقة بـ((واد الملاح))، لأن الماء الذي يمر من هناك يحمل كميات كبيرة من الملح السائل المذاب معه، كما يوجد بجانب المنطقة من الجهة الشرقية دوارتابع لجماعة تاونات يسمى بـ((واد الملاح)) كذلك.

يخرج الماء المالح السائل المذاب من ثلاثة مواضع متفرقة بالمنجم ولكنها متقاربة فيما بينها، موضعان منها على يسار الشعب، وواحد عن يمينه في اتجاه حقينة سد الساهلة.

تلتقي قبل موقع المنجم عدة شعاب نازلة من مناطق مختلفة من الجهة الشمالية لتاونات، كالشعب النازل من عين ((الطابليات)) بجبل أسطار، والشعب الهابط منتجزئةالزيتون أسفل حي الكلسةالحايلة،وشِعْب عين ارفاعين وغير ذلك.

وحسب عدد من السكان ممن لهم أرض مجاورة للمنجم، فإن الأرض التي يتواجد عليها ليست في ملكية أحد، إذ هي في منحدر وعر قرب مكان به نباتات وأشجار غابوية شرق جبل أسطار، وبقوة القانون فإن الدولة هي من لها حق امتلاك المناجم واستغلاها.

تُوصِل إلى موقع المنجم ثلاثة طرق غير معبدة،الأولى: الطريق الخارجة من طريق الوحدة التي تمر بمحاذاة معصرة البوزيدي ((بردان))، والطريق الآتية من جهة حقينة سد الساهلة المارة بجانب الشِعب النازل من موقع تواجد الملح، والطريق أسفل سوق الجمعة المحاذي لتجزئةالزيتون المارة قرب عين ارفاعين.

وحسب الظاهر من تضاريس المنطقة التي توجد بها هذه المادة المهمة،فإن الملح الظاهر للعيان اليوم كان يقع قديما تحت الأرض، وبسبب عوامل التعرية وانجراف الأتربة بمياه الأمطار وجريان السيول خلال توالي السنين وقعت تعرية الأتربة وظهر الموقع فوق سطح الأرض عيانا.

إن المار أو الزائر لمكان تواجد هذه المادة في أشهر يونيو ويوليوز وغشت وبداية شتنبر يشد انتباهه بياض ونصاعة وجودة الملح المترسب بالمكان على صخور حجرية صلبة ذات لون قريب من الاحمرار، كما يصادف فيه أناسا من السكان المجاورين للمنطقة يجمعون كميات منه بطرق بدائية لاستعمالها في تغذيتهم، ومنهم من يقوم ببيعها لتوفير دخل بسيط منها.

وحسب السكان الذين يستعملونه في تغذيتهم فهو ذو جودة مهمة.

2 – منجم((واد الملاح))وواجب الجهات المعنية

إن هذه الثروة الطبيعية ومنذ أن وُجدت بالمنطقة لم تلق الاهتمام والعناية اللازمتين من أية جهة، ولا أثارت فضول الباحثين والمهتمين من كل جانب.

لقد أوْلَى القانون المغربي أهمية خاصة للمناجم،وضَبَطَ استغلالها بمجموعة من النصوص والقوانين المنظِّمة لكيفية استخراج ما فيها وإنتاجه وتصنيعه وتسويقه بطرق مشروعة وبشكل قانوني يصون حقوق المالكين والمنتجين والعاملين والمستهلكين.

إن وجود الملح بكميات مهمة بادية للعيان متميزة بصفائها وبياضها وجودتها بالموقع المسمى “واد الملاح”، وقربَ المكان من مدينة تاونات يُوجب على الجهات المعنية توفير إمكانيات مادية، وإعداد طاقات بشرية وإنجاز برامج والقيام بدراسات وإجراء بحوث التنقيب لمعرفة ما يتوفر عليه هذا الموقع من كميات قد تكون مهمة من هذه المادة، وكذلك القيام بتحاليل وخبرات على الملح المستخرج من المكان للتأكد من صلاحيته للاستهلاك ومعرفة فوائده ومكوناته وربما أضراره وأخطاره، وما هي أنواع المواد التي يتكون منها؟.

إن وجود الملح هذا المنجم بنفوذ مدينة تاونات يتطلب التدخل العاجل من طرف المعنيين بالأمر للاهتمام به وتهيئته، وتعميق الحفر للبحث تحت الأرض عن إمكانية وجود صخور ملحيّة بكميات كبيرة واستغلالها واستخراج ما فيها وتكريره ومعالجته وإعادة تصنيعه وإضافة إليه بعض المواد الصحية التي ينصح بها الأطباء وعلماء التغذية ويؤكدون على ضرورة وجودها بهذه المادة، وإزالة بعض الأشياء غير الصحية منه، وتعبئته وتوزيعه محليا ووطنيا.

إن جمع الملح من هذه المنطقة من طرف البعض بطريقة بدائية عشوائية قد يعرض صحة المستهلكين للخطر إذا وجدت به مواد غير صالحة للاستهلاك، كما أن استغلاله بطريقة غير مشروعة يعد خرقا للقانون، وحرمانا للجماعة من بعض المداخيل، وأخذا للحقوق من أصحابها.

3- تهيئة المنجم مساهمة في التنمية المحلية

إن إعداد وتهيئة المنجم حتى يصبح مُنتِجا سيحقق مداخيل مالية دائمة لجماعة تاونات من عائدات استغلاله، وسيخلق بعض فرص الشغل لأبناء المنطقة،وسيساهم في تحريك عجلة الاقتصاد المحلي وإنعاش التنمية الاقتصادية للمنطقة.

كما أن إبراز هذا المنجم للوجود سيجعل من تاونات منطقة مصنفة ضمن الأماكن الوطنية المتوفرة على ثروة طبيعية مهمة تنتفع بها البلاد والعباد.

والاعتناء بالمكان سيجعل منه منطقة سياحية يقصده الزوار والمستكشفون من داخل تاونات وخارجها، مما يُسْهم في تنشيط السياحة الداخلية والتعريف بالمدينة وبما تزخر به من منتوجات وخيرات.

إن حسن استغلال هذا المنجم بحفر الآبارلاستخراج الماء المالح وتذويب الأحجار الملحيةوبناء الأحواض والصهاريج بمواصفات عصرية لجمع مائه المحمل بالملوحة ومعالجته وتصفيته وتجفيفه بطرق حديثة ليتبخر الماء ويترسب الملح ويتجمد ويُجمع ويُعلب ويُلفف ويباع يمكن أن يغطي حاجة ساكنة تاونات من هذه المادة الضرورية في الاستعمالات اليومية في تغذيتهم، و يمكن أن يزيد الإنتاج عن ذلك ويباع في مناطق أخرى.

     كما أن استغلال المنجم أحسن استغلال سيمنع وصول الماء المالح إلى حقينة سد الساهلة مما يخفف من نسبة ملوحة الماء الذي يؤخذ منه وتشربه ساكنة تاونات خصوصا في فصل الصيف.

      فبسبب تسرب الماء المالح عبر شِّعْبِ ((واد الملاح))،إلى مياه السد ترتفع نسبة ملوحة مائه الشيء الذي يجعل ساكنة تاونات تمتعض من شرب ماء السد المختلط بمياه الآبار المتواجدة أسفل مطرح النُّفايات، فتفضل الأسر الميسورة شراء الماء المعبأ، وأخرى تلتجأ إلى شرب مياه العيون والآبار المتواجدة حواليْ تاونات.

فمن غير المنطقي أن يبقى وضع المنجم على حاله، ويبقى استمرار انسكاب الماء المالح منه إلى حقينة سد الساهلة التي تتزود ساكنة تاونات بالماء الصالح للشرب منه.

ويقول خبراء علم التغذية أن مادة الصوديوم – التي هي إحدى مكونات الملح- إذا ارتفعت نسبتها في الماء تسبب أمراض الضغط الدموي وتزيد من معاناة أمراض القلب والشرايين.

4- جماعة تاونات وواجبها نحو المنجم

بلدية تاونات

بلدية تاونات

إن القانون المغربي يجعل المناجم ضمن أملاك الدولة تستفيد من عائدات الدخل عليه الجماعة الترابية التي يتواجد على أرضها، فهي من تستغله أو تُفَوِّت استغلاله لشركة مختصة، أو في إطار شراكات واتفاقيات بينها وبين مؤسسات الدولة أو مع جهات أخرى في إطار ما يخوله لها القانون.

فالجماعة هي من تعطي رخص تفويت استغلالها لجهة أخرى بطرق قانونية، مقابل رسْمٍ على استغلالها من درهم إلى ثلاثة دراهم عن كل طن مستخرج خلال كل ثلاثة أشهر، تحدده المواد 118و 119و 120 من القانون رقم47- 06 المتعلق بالجبايات المحلية.

    ومن ضمن الاختصاصات التي تناط بالجماعات المحلية يقع واجب”المساهمة في المحافظة على المواقع الطبيعية”،وتطهير السائل لحفظ صحة المواطنين، والمحافظة والمساهمة والسهر على نظافة مجاري المياه، وإبعاد المواد الملوثة عنها، وحماية البيئة من التلوث، وفرض التدابير الصحية لحماية صحة المواطنين، واتخاذ التدابير اللازمة لتجنب أو انتشار الأمراض التي قد تلوث هذا الثروة الطبيعية المهمة المتواجدة في تراب الجماعة، وإبعاد النفايات والمياه الملوثة عن المنجم الذي يعد من أهم ما في حاضرة تاونات من ثروات طبيعية.

وللإشارة فإمكانية تلوث المنجم ممكنة، خاصة بسبب الاستغلال العشوائي له، وبقاء مجرى ماء الصرف الصحي المنحدر من بعض الأحياء ينسكب في أحد الشعاب التي تمر بجانبه، لذا يجب تدارك الأمر، والتفكير في منع هذا الماء من الوصل إلى المنجم وإلى حقينة سد الساهلة.

فهل من مستجيب؟؟؟

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7235

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى