مباراة الصحافيين الشباب من أجل البيئة دورة 2018-صنف التحقيق الصحفي:تكثيف زراعة الكيف تجفيف للآبار جنوب الريف

تكثيف زراعة الكيف تجفيف للآبار جنوب الريف

تكثيف زراعة الكيف تجفيف للآبار جنوب الريف

فريق العمل:شهرزاد الصهراني – سكينة لغزاونة- مهى الفطيري – فاطمة الريفي- جواد الشقروني – أنوار أمكريسي

تأطير و إشراف/ ذ. محمد العبادي:”تاونات نت”/ تعاني قرى تاونات جنوب جبال الريف، مثلها في ذلك مثل باقي جبال الريف، من استنزاف مواردها المائية وبالأخص الجوفية، بفعل زراعة سقوية ومستنزفة ألا وهي زراعة “الكيف”.

 فالآبار والعيون التي كانت إلى وقت قريب المصدر الرئيسي للتزود بالماء الشروب في فصل الصيف كما في الشتاء، بات ماؤها في السنين الأخيرة يشح وينضب ليس حصرا بفعل عامل الجفاف وإنما بفعل فاعل لا يعدو أن يكون ناتج عن سلوك بشري كما يروي كل من اكتوى بنار العطش.

 فريق الصحافيين الشباب من أجل البيئة وسعيا منه لاستجلاء الحقيقة والبحث في أسباب ومسببات الظاهرة، قام بإعداد تحقيق صحفي من خلال إجرائه لقاءات وأخذه شهادات في زيارات ميدانية لسكان قرويين  وفاعلين محليين في قطاع الماء والبيئة. انتهى من خلالها إلى كشف حقائق صادمة عن استنزاف مياه عذبة ناذرة وضخها في أحواض تجميع لسقي ما يطلق عليه محليا  ب “خردالة” وهي زراعة صنف دخيل من القنب الهندي.

زمان ” الشعير والما دالبير” كلام من ماض هل يعود؟

 “الشعير والما دالبير” و”الما صافي يجري”، مواويل لطالما تغنت بها المرأة الجبلية باجبالة تاونات جنوب الريف، أيام زمان، أيام كان سكان الأرياف هناك يعتمدون في غذائهم على كل ما هو طبيعي من حبوب وخضروات وفواكه وألبان وماء عذب صاف سلسبيل، لكن مع تبدل الأحوال، أحوال الناس، حيث ارتفعت كثافة ساكنة الأرياف بما يفوق 120 نسمة/ كلم2 ، ارتفعت معها ضغوطات السكان على الموارد الطبيعية لتوفير الحاجيات الغذائية ومتطلبات الحياة وعلى رأسها مورد الماء العذب،  هذا الأخير كان ينساب بين الوديان والحقول، بين القرى والطرق، تعرضت مصادره للاستنزاف، استنزاف مكثف للآبار والعيون ليس من اجل لقمة خبز من شعير وقمح وذرة وعدس في عيش كريم بل لسقي نبتة تغذي جيوب اقتصاد ريع زائل.

في طريق جولة ميدانية على مشارف مزارع “الكيف” بجماعة اخلالفة على بعد 20 كلم شمال مدينة تاونات،  صادفنا عمي عمار ولد المختار شيخ مسن يسوق دابة وعلى متنها محراث خشبي، بعد التحية سألناه عما يخالجه من أشجان في قريته “مشكور”، فكانت إجابته كلها حنين من جهة إلى ماض رغيد، حيث مغارس التين والعنب ( جنانات) وحيث مياه آبار لا تنضب ولا تجف، وحيث عذوبة الماء وصفائها،  وحسرة من جهة ثانية إلى ما أصاب مزارع ومغارس قريته من تلف وبوار ونضوب سريع لمياه عيون وآبار تضخ بجشع لري حقول نبتة “خردالة” يقول عمي عمار وهو يسترجع ذكريات ماض لعلها تعود.

تجفيف المياه الجوفية يخرج مسيرات “العطش” بتاونات

مسيرة للمطالبة بالماء بنواحي تاونات

مسيرة للمطالبة بالماء بنواحي تاونات

في إقليم يصنف وطنيا خزانا هاما للمياه السطحية، تنحصر فيه المياه الجوفية وفق تصريح للسيد رشيدة رئيس مصلحة المياه بالمديرية الإقليمية للتجهيز بتاونات في جيوب محلية محدودة تغذي العيون والآبار، هذه الأخيرة يضيف رشيدة كانت موردا أساسيا للري التقليدي والماء الشروب وارتواء الماشية، إلا أن زراعة دخيلة على تراب الإقليم جعلت المستغلين لها يجلبون حفارات سورية ( صوندات)، لتكثيف حفر أثقاب وآبار توجه مياهها لسقي حقول زراعة الكيف وبخاصة مع تواري زراعته البورية الضعيفة المردودية، هذا التوجه للأسف يؤكد رئيس مصلحة المياه في لقائنا المفتوح معه، جعل مياه العيون والآبار تنضب وتجف مع مطلع فصل الصيف ولا تعود إلا مع فصل الشتاء، معها يدخل سكان الأرياف في أزمة عطش تستمر شهور يوليوز وغشت وشتنبر وأكتوبر إلى غاية نهاية شهر نونبر، إلى ذلك قال لنا رئيس جمعية أوزون غفساي لحماية البيئة، أن فصل الصيف والخريف يمر بشق الأنفس على ساكنة الأرياف خاصة وان نسبة التزود بالماء الصالح للشرب انطلاق من محطات المعالجة على سدي الوحدة والساهلة  لازالت ضعيفة ولا تتعدى 22 بالمائة في المجال القروي الأمر الذي يدفع ساكنة الدواوير التي تكتوي بنار العطش للتنقل في مسيرات ووقفات احتجاجية أمام مقر عمالة الإقليم.

 فما الحل يا ترى على ضوء وفرة مياه سطحية غير مستغلة ومحدودية مياه جوفية مستنزفة وواقع مر لعطش ساكنة مع حلول موسم صيف كل سنة ؟  

حفر آبار بنواحي تاونات

حفر آبار بنواحي تاونات

بخصوص الإجراءات المتخذة من لدن سلطات إقليم تاونات لمواجهة تداعيات أزمة العطش، انتقل فريقنا لإجراء مقابلة مع المهندسة وفاء عزاوي رئيسة المصلحة التقنية بالمكتب الوطني للماء الصالح للشرب بتاونات واليكم الحوار التالي:

حوار

سؤال: كيف ترون مشكل العطش في أرياف إقليم يعتبر خزانا للمياه السطحية بالمغرب؟

جواب: أولا، لا بد أن أشير أن إقليم تاونات من الأقاليم المحظوظة بوجود أحواض مائية هامة وهو حوض ورغة وايناون، إذ استفاد بششكل كبير من السياسة الرشيدة للراحل جلالة الملك المغفور له الحسن الثاني في مجال سياسة السدود، حيث أضحى يتوفر  على اكبر منشأة هيدرومائية بالمغرب والثانية بإفريقيا وهي بحيرة سد الوحدة  وبحيرة سد إدريس الأول  بالإضافة إلى ثلاث سدود متوسطة وهي سد اسفالو والساهلة وبوهودة، إلا انه بالمقابل يعاني من محدودية المياه الجوفية، هذه الأخيرة تقتصر على جيوب محلية مرتبطة بالأمطار وجريان الأودية، فالتكوينات الصخارية للمنطقة يغلب عليها الصلصال الأزرق والشيست، تكوينات لا تسمح بتشكيل خزانات مائية جوفية، ومع ارتفاع الطلب على هذه الأخيرة بل واستغلالها المكثف في زراعة دخيلة، فان سياسة المكتب الوطني للماء الصالح للشرب اتجهت منذ 2004 إلى توسيع تزويد ساكنة العالم القروي بالماء الشروب انطلاقا من بحيرات السدود المتوفرة، هذا الأمر تطلب تعبئة استثمارات هامة بشراكة مع الوكالة الفرنسية للتعاون الدولي، وفي هذا الإطار لا بد أن أذكر بالمشروع الضخم الذي كان دشنه جلالة الملك محمد السادس نصره الله في زيارته لإقليم تاونات شهر نونبر 2010 .

سؤال: ماذا قمتم به من إجراءات لتدبير الأزمة بانتظار إتمام هذا المشروع الطموح ؟

جواب: قمنا في البداية برصد حاجيات الساكنة القروية، واعددنا خريطة تدخل تهم ساكنة زهاء 313 قرية موزعة على 30 جماعة قروية، وذلك لتلبية حاجياتها الملحة من الملحة من هذه المادة الحيوية وبانتظار تعميم هذه المادة الحيوية على الساكنة القروية ضمن المشاريع المبرمجة انطلاقا من سد اسفالو وسد ادريس الأول وسد بوهودة. في هذا الصدد بادرت السلطة الإقليمية بمعية الشركاء إلى إحداث لجنة إقليمية لإطلاق برنامج غيث استهدف القرى المذكورة صيف السنة المنصرمة.

سؤال: ما الإمكانات المرصودة لهذا البرنامج؟

جواب:  لضمان نجاح هذا البرنامج فقد سخرت إمكانيات مادية ولوجستيكية هامة تمثلت في توفير 24 شاحنة صهريجية موزعة على جماعات الإقليم الأكثر تضررا وكذا 108 حاوية بلاستيكية التي وضعت قرب التجمعات السكنية للتزود انطلاقا منها بالماء الصالح للشرب.

تجدر الإشارة، أن عملية تزويد الساكنة بالماء الشروب، تتم انطلاقا من نقط الماء المعالجة التابعة للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب قصد ضمان الجودة المطلوبة حفاظا على صحة وسلامة المستهك.

هكذا نخلص من التحقيق الذي أجريناه، أنه حتى يتسنى لنا أن نشرب من البئر مرتين، فانه يتوجب بالضرورة حماية المياه الجوفية المحدودة بدل استنزافها في تكثيف زراعة دخيلة هذا من جهة ومن جهة أخرى تسريع مشاريع وتوسيع برامج تزويد الساكنة القروية بالماء الشروب انطلاقا من بحيرات السدود لتجاوز أزمة العطش.

فريق العمل

فريق العمل

الشكر والتقدير لكل من ساهم في انجاز التحقيق الصحفي:

*المديرية الاقليمية للتجهيز / تاونات

*المديرية الاقليمية للمياه والغابات/ تاونات

*المديرية الاقليمية للماء والكهرباء/ قطاع الماء

*المديرية الاقليمية لوزارة التربية الوطنية

*ادارة ثانوية الوحدة التاهيلية

*نادي البيئة والصحة

*ساكنة دوار مشكور بجماعة اخلالفة

*جمعية أوزون غفساي لحماية البيئة

*إدارة جريدة”صدى تاونات”.

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7156

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى