عزلة إقليم تاونات: إرث استعماري وتهميش بعد الاستقلال

فك العزلة يتطلب ضخ الملايير في صندوق تنمية الإقليم

فك العزلة يتطلب ضخ الملايير في صندوق تنمية الإقليم

عاهد ازحيمي-تاونات:”تاونات نت”/ بقيت تاونات منذ الاستقلال إلى اليوم على هامش التاريخ والجغرافيا، لكونها لم تحظ بنصيبها في التنمية التي تستحق، بالرغم من مما قدمته عبر تاريخها، من موارد بشرية وطبيعية ومائية مهمة الأمر الذي جعل تاونات منسية ومهمشة… فظلت بدون بنية تحتية تفك عنها العزلة التي فرضتها عليها التضاريس التي يغلب عليها الطابع الجبلي.

 كما لم تشهد المدينة أي برامج تنموية حقيقية تليق بساكناتها الشيء الذي جعلها مدينة طاردة لأبنائها، وتعيش على نمط اقتصادي تقليدي معاشي، لا يسد أبسط حاجيات الضرورية للساكنة.

هذا الواقع الأزمة الذي عانت/تعاني منه مدينة تاونات، ساهم فيه من جهة، وضعها الجغرافي ذي الطابع الجبلي المحض؛ ومن جهة أخرى الوضع الاستعماري الذي عرف المغرب ذلك أن المنطقة التي يمتد عليها إقليم تاونات، كانت في عهد الحماية تشكل منطقة حدودية بين دولتين استعماريتين (فرنسا واسبانيا) حيث كانت أخر نقطة في منطقة الحماية الفرنسية من ناحية شمال فاس، الأمر الذى جعلها على الهامش، فلم تخترقها طرق رئيسية لا شرقا ولا غربا ولا شمالا، وإنما ظلت فقط منطقة تابعة لمدينة فاس التي كانت تحدها من ناحية الجنوب.

فهذا الوضع الحدودي الوهمي المصطنع من قبل دول الاستعمار، جعل المنطقة مجرد قاعدة خلفية لحماية مدينة فاس من هجمات القبائل المتمردة ولصد الحركة الريفية التي قادها محمد بن عبد الكريم الخطابي، وكذلك لمراقبة والتحكم في الطرق والمسالك الجبلية التي كان يستعملها التجار والمهربين والمقاومين لعبور منطقة الحماية الإسبانية، أو من هذه الأخيرة نحو منطقة الحماية الفرنسية.

مدخل مدينة تاونات السفلى

مدخل مدينة تاونات السفلى

وهكذا أدى الوضع الاستعماري للمغرب إلى جعل إقليم تاونات منطقة معزولة عن المدن المحيطة بها. ورغم محاولة المغرب بعد الاستقلال فك هذه العزلة بشق طريق الوحدة بين مركز مدينة تاونات وكتامة، لتكسير الحدود الوهمية بين المنطقتين الجنوبية والشمالية والربط بينهما، إلا أن هذه التجربة انتهت بانتهاء مشروع طريق الوحدة، دون أن تكون هذه الفكرة لبنة لمشاريع أخرى مماثلة تمكن فعلا وعملا من خلق جسور عدة للتواصل بين المنطقتين وفك العزلة عن معظم الساكنة التي كانت تتواجد في المناطق الحدودية للدولتين الاستعماريتين.

كما أن الحكومة المغربية منذ الإستقلال إلى اليوم لم تتدخل بشكل عملي لإصلاح وتثنية الطريق الوطنية رقم 8 الرابطة بين تاونات وفاس، وإنما تشهد فقط ترميمات جزئية ومناسباتية من حين إلى آخر، رغم تزايد عدد المستعملين لهذه الطريق، كما أنها تشكل ممر رئيسي لنقل الثروات الفلاحية التي تزخر بها المنطقة من تين وزيتون وخروب…

 فتزايد عدد المرتادين لهذه الطريق، بشكل أكبر من طاقتها الاستيعابية، جعلها تشكل خطرا حقيقيا على مستعمليها نظرا لما تشهده من حوادث سير مميتة، ولذلك صارت تسمى ب”طريق الموت”.

وسط مدينة تاونات

وسط مدينة تاونات

إن إقليم تاونات الذي يزخر بطاقات بشرية وموارد طبيعية جد مهمة يستحق تنمية حقيقية كبرى تبدأ بفك العزلة عنه وربطه بالأقاليم المجاورة له (تازة والحسيمة وشفشاون ووزان وسيدي قاسم وفاس)، وكذا فتح الإقليم أمام الاستثمارات وتأسيس شركات ومعامل داخله، للحد من الهجرة التي استنزفت الإقليم وجعلته فقط مصنعا للأيدي العاملة. كما يجب تشيد طرق إقليمية تربط بين جماعات تاونات لتسهل عملية التنقل داخل الإقليم.

كل هذا المطالب نادت بها الساكنة منذ عقود لكن دون جدوى، مما جعل الإقليم لا يزداد إلا عزلة وتهميشا، وهو ما يدفع بالساكنة إلى الهجرة بشكل متواصل وخاصة بالنسبة لفئة الشباب.

فهذا صوت الساكنة فهل من مجيب.

طريق فاس تاونات طريق الحوادث بل طريق الموت

طريق فاس تاونات طريق الحوادث بل طريق الموت

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7235

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى