تيناست: حكاية قرية أنصفتها الطبيعة وأهملتها السياسة

تيناست: حكاية قرية أنصفتها الطبيعة وأهملتها السياسة

تيناست: حكاية قرية أنصفتها الطبيعة وأهملتها السياسة

عبد السلام عاشور:”تاونات نت”/ تعد جماعة تايناست من أقدم الجماعات الترابية التابعة للنفوذ الترابي لإقليم تازة، تنتمي لسلسلة مقدمة جبال الريف و تقع شمال غرب مدينة تازة تبعد هذه القرية الجبلية عن مدينة تازة بحوالي 60 كلم، يحد الجماعة شرقا الجماعة القروية لبني افتح، وغربا جماعة كهف الغار، وشمالا الجماعة القروية لبورد ومن الجنوب جماعة الكوزات.

يبلغ عدد سكان جماعة تايناست حوالي 12000 نسمة  حسب إحصاء 2014 موزعة على 1852 أسرة، يتوزعون على عدة دواوير بالجماعة أهمها: بني كرامة، أهل مولة، العنصر، المرابطين، الجالة، الدريوش… يغلب على نمط عيش السكان مزاولة القطاع الزراعيوتربية الماشية، وتبقى هذه الأنشطة ذات طابع معاشي لاتلبي حتى الحاجيات الضرورية للأفراد.

جماعة تيناست: مؤهلات طبيعية وإكراهات تنموية:

 يغلب على تضاريس المنطقة  الطابع الجبلي حيث تنتمي لسلسلة جبال الريف، تتراوح  ارتفاعات بالمنطقة  بين حوالي1600 و 2000 متر، هذا التدرج في الارتفاع يجعل من المنطقة تعرف انحدارات قوية وهذا ما يجعلها عرضة للتعرية و انجراف التربة.

تتوفر  تيناست على مؤهلات طبيعية متنوعة، رصيد غابوي متميز ومتنوع التشكيلات النباتية: شجر البلوط، تايدا، كريش، وساسنو،العرعار… أما الغراسات الشجرية فتتميز بسيادة المغروسات الثمرية خاصة الزيتون، اللجوز، اللوز، والتين الذي ينتشر بشكل مهم في المنطقة، ويتميز بجودته العالية.

تستقبل منطقة تيناست تساقطات مطرية وثلجية مهمة خلال السنة، كما تتخلل جبالها أودية وشعاب مائية دائمة الجريان كما تنبع منها عيون متعددة أهمها عين سريرة، عين الكبيرة، عين ميمون، عين المنزل، عين أحمد وما تتميز به من دور استفشائي حسب تصريح سكان المنطقة. وهذا ما يجعل من منطقة تيناست تشبه إلى حد كبير المجال الجغرافي لإيفران.

في مقابل هذه المؤهلات الطبيعية التي تزخر بها المنطقة فمعظم سكانها يعيشون تحت عتبة الفقر والتهميش والأمية وانتشار ظاهرة البطالة والإدمان على المخدرات، وهشاشة البنيات التحتية.

إن انعدام التوازن الذي تعرفه هذه المنطقة يقود العديد من المتتبعين إلى التساؤل عن الآليات الأساسية التي من شأنها تحقيق إقلاع تنموي بالجماعة، تماشيا مع الخصوصيات الطبيعية والبشرية التي تزخر بها الجماعة.

تيناست منطقة سياحية بعيون أجنبية:

أحمد العلامي مقيم بمدينة فاس و الذي كانت له فرصة زيارة تيناست مؤخرا ولأول مرة أعرب لنا عن إعجابه بالمنطقة وما تزخر به من مؤهلات وفي نفس الوقت أباح لنا عن خيبة أمله لما تعانيه الجماعة من غياب بنيات التحتية الضرورية، إضافة إلى تدهور حالة الطرق والمسالك وأضاف سيد أحمد ” حرام أن تيناست لعندها حمولة تاريخية وكتوفر على موارد مهمة وما تلقاش فيها حتى قهوة مزيانة ناهيك عن وجود فنادق ومطاعم…”.

سمير شاب مقيم بإيطاليا و ينحدر من مدينة بني ملال زار تيناست الصيف الماضي ” انها منطقة سياحية في غاية الروعة تذكرني إلى حد كبير بقرية الدولوميت بإيطاليا، كل شيء هنا يبهر الناظرين: الماء والغابة والجبال، غير أنها تفتقد إلى الكثير من الاهتمام والعناية”.

 التيقينا بمريم طالبة بجامعة محمد الخامس بالرباط، وقد كانت لها فرصة زيارة تيناست رفقة أحد معارفها التي اندهشت مما تتوفر عليه هذه المنطقة ” إنها بالفعل مجال جغرافي متنوع الخصائص إنها منطقة حباها الله بخيرات وموارد طبيعية متنوعة تجعلها مجال سياحي بامتياز غير أن الكثير لا يعرفون شيئا عنها إنها بحاجة لإشعاع سياحي”.

لقد أجمع الكل على أن منطقة تيناست تمتلك ثروات وموارد طبيعية متميزة، من شأن استثمار هذه المؤهلات والتعريف بما تزخر به جماعة تيناست،  وتثمين مواردها الترابية وتوفير بنيات تحتية سياحية ” فنادق، دور الضيافة، مدارات سياحية…”  من شأنه أن يساهم في جعل هذا المجال مجالا سياحيا بامتياز، كما ان هذه الخطوة من شأنها خلق فرص شغل وإدماج الساكنة في مشاريع مدرة للدخل.

الفايس بوك يكشف المستور:

تيناست: حكاية قرية أنصفتها الطبيعة وأهملتها السياسة

تيناست: حكاية قرية أنصفتها الطبيعة وأهملتها السياسة

مجموعة من أبناء المنطقة في الداخل والخارج حملوا على عاتقهم هموم ومشاكل هذه القرية، فاستغلوا مواقع التواصل الإجتماعي كوسيلة للتعريف بمنطقتهم وما تزخر به من موارد وما تعانيه من إكراهات، وذلك بإنشاء عدة مجموعات على الموقع التواصلي فايس بوك، وأهمها تجربة محمد بوشمال شاب من أبناء المنطقة وهو طالب جامعي، وظف شغفه وتعلقه بالتكنلوجيا إلى توظيفه من اجل إنشاء مجموعة بعنوان ” صنهاجة تيناست” التي لقيت إقبالا وتفاعلا كبيرا من لدن أبناء المنطقة، أكد لنا محمد من خلال حوار أجريناه معه على أن دافعه الأساسي وراء إنشاء هذه المجموعة هو جمع شمل أبناء البلد من أجل مناقشة قضاياها وكذا التعريف بمؤهلاتها وأضاف محمد ” الحمد لله هذه المبادرة لقيت نجاحا كبيرا، حيث اصبحت المجموعة تحضى بإقبال مهم من طرف ابناء البلد ولقد حققنا من خلال النقاش البناء داخل هذه المجموعة من تحقيق عدة مطالب كان أهمها توفير النقل المدرسي لصالح تلاميذ دوار هلاونة”

مبادرات محمد وغيره من أبناء صنهاجة تيناست فتحت نقاشات وتفاعلات واسعة بين الشباب حول العديد من القضايا التي تهم جماعة تيناست سواء تعلق الامر بالتدبير الإداري و الجماعي لشؤون المنطقة أو المعيقات والإكراهات التي تجعل من تيناست جماعة تعيش الفقر والبؤس والحرمان رغم ما تختزنه طبيعتها من إمكانات وموارد.

تيناست: قصة طريق…معاناة سكان:

”أخويا الطريق عندنا مكرفصة”، ”بغينا الطريق وصافي”، ” منطقة مزيانة نقصنا غير الطريق”، كلها عبارات تدل على ان مطلب السكان الرئيسي هو ”الطريق” معظم  السكان الذين التقينا بهم اجمعوا على ان المنطقة تعاني من ضعف شبكة المواصلات .

ترتبط جماعة تايناست بمدينة تازة عبر الطريق رقم 5413 على مسافة 60 كلم، هذه الطريق يعود تشييدها الى عهد الاستعمار الاجنبي، و هي في حالة جد مزرية، و يجمع كل السكان و الفاعلين بالمنطقة على ضرورة اصلاحها و ترميمها، كل السائقين الذين التقينا بهم اعربوا لنا عن تدمرهم و معاناتهم من هذه الطريق. و من بين هؤلاء محمد  سائق محترف الذي أعرب عن معاناته اليومية مع هذه الطريق ” بصراحة هادي راه غير سمية ديال طرق، نقطع مسافة 60 كلم في حوالي ساعتين و معرفناشعلاشمصلحوهاش”. و من اجل تسليط الضوء حول هذا الموضوع سألنا رئيس المجلس المحلي لجماعة تيناست السيد عبد الرزاق المنصور عن سبب عدم اهتمام المجلس بإصلاح الطريق 5413 فكان جوابه” اصلاح أو تقوية الطريق رقم 5413 الرابطة بين تازة و تيناست على مسافة 60 كلم تدخل ضمن اختصاص وزارة التجهيز و النقل ، المقطع المتضرر على طول 30 كلم هو المتواجد بين تيناست و أحد امسيلة و بالخصوص بين هذه الأخيرة و جماعة الجوزات ، رفعنا عدة ملتمسات للجهات المسؤولة كل حسب المجال الترابي الذي تدخل ضمن نفوذه مسافة محددة من هذه الطريق”.

جواب الرئيس تعبير صريح عن عدم  مسؤولية المجلس  المحلي عن تهيئة او اصلاح هذا الطريق في مقابل ذلك يحمل مسؤولية ذلك لوزارة التجهيز و النقل. فالى متى  سيظل سكان تيناست يكابدون مرارة التنقل اليومي عبر هذه الطريق؟.

تيناست: حكاية قرية أنصفتها الطبيعة وأهملتها السياسة

تيناست: حكاية قرية أنصفتها الطبيعة وأهملتها السياسة

خلاصة:

من أجل تنمية مستدامة وشمولية لمنطقة تيناست، لابد لنا من الانطلاق من مقاربة تشاركية تساهم فيها مختلف الفعاليات الجمعوية والسياسية والشبابية، فهذا المجال ليس بحاجة إلى ثروات طبيعية فالأرض حباها الله عز وجل بمؤهلات طبيعية مهمة ينقصها الاهتمام والتعريف وتثمين هذه الموارد وتدعيمها ببنيات تحتية في مستوى تطلعات الساكنة.

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7227

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى