الجماعات الترابية بإقليم تاونات:صلاحيات دستورية متقدمة وموارد طبيعية هائلة وحكامة ترابية غير ناجعة..

خريطة جماعات إقليم تاونات

خريطة جماعات إقليم تاونات

نبيل التويول:”تاونات نت” /رغم المكانة المتقدمة التي أصبحت تحتلها الجماعات الترابية في خارطة التنظيم الترابي للمملكة، في ظل ما أصبح يخوله لها القانون العام من اختصاصات واسعة، نتيجة التطورات التي رافقت مسلسل الانفتاح الديمقراطي الذي أعلنه المغرب سنة 2011 كمرحلة انتقالية، بالموازاة مع دخول ورش الجهوية المتقدمة حيز التنفيذ، و الذي راهنت الدولة على جعله مدخلاً أساسياً لديمقراطية محلية واثقة في كفاءاتها وقدرتها على تثمين مواردها الطبيعية، وتوظيف رأسمالها البشري في تدبير ناجع للحكامة المحلية تظهر نتائجه للمواطنين بشكل ملموس، إلا أن وضعية غالبية المجالس المنتخبة التي أفرزتها صناديق الاقتراع برسم الاستحقاقات الانتخابية الجماعية للرابع من شتنبر 2015، في إقليم تاونات المعروف بهشاشته وتضاريسه الوعرة… – المتسمة غالبيتها بضعف التأطير السياسي، ومحدودية التكوين المعرفي، واقتصارها فقط على تدبير ما هو يومي بدون تخطيط للمستقبل…- يجعل منها عائقاً أساسياً أمام إحداث التغيير المنشود الذي يبتغيه الجميع أفراد وجماعات.

فبإقليم تاونات، و بعد مضي نحو  أربع (4) سنوات على انتخاب مجالس الجماعات الترابية، لا يزال التهميش مخيما على حياة الأفراد والجماعات، تجسده وضعية البؤس المستدام التي ترخي بظلالها على شرائح واسعة من المجتمع، خاصة الشباب و الطفولة و المرأة القروية… و هي الشرائح الأكثر عرضة للحرمان و الفقر و الهشاشة و التهميش و الظلم الاجتماعي منذ فجر الاستقلال… كل هذا تؤكده الفوارق المجالية على مستوى كافة القطاعات الحكومية حسب المعطيات والأرقام الرسمية التي تصنف تاونات كأقل إقليم استفادة من الموارد الاستراتيجية وخيرات البلاد رغم احتضانه لثلث الثروة المائية الوطنية.. .

فشل مجالس الجماعات الترابية في الترافع عن مصالح الساكنة المحلية داخل أجهزة صناعة القرار العمومي  والدفاع عن مكتسباتها التاريخية، وغياب أي اثر ملموس لتدخلاتها على حياة المواطنين، يؤكده تقاعس المجلس الإقليمي لتاونات عن الاضطلاع بمسؤوليته التاريخية أيضا، للنهوض بأدواره الحقيقية باعتباره جماعة ترابية كذلك وجزء من التنظيم الإداري للدولة.

عجز المجلس الإقليمي عن المساهمة بأطروحته في ورش إصلاح النموذج التنموي الوطني، يؤكد الفشل الذريع الذي يعتري منظومة الجماعات الترابية بإقليم تاونات

فبالرغم من صلاحياته الدستورية الكبرى، و الاختصاصات المنقولة إليه، و مبدأ التدبير العقلاني الحر، و ميزانيته الكبيرة، و إمكانياته اللوجستية، و نفوذ حزبه السياسي داخل الائتلاف الحكومي و الاتحاد العام لمقاولات المغرب، لا يزال الشاب محمد السلاسي رئيس المجلس الإقليمي عاجزا عن إيجاد بدائل اقتصادية تتيح استثمار نقاط قوة الإقليم و مؤهلاته الاستراتيجية الواعدة، لإدماجه في خارطة النمو الاقتصادي الذي تشهده بلادنا عموما، إسوة بباقي أقاليم المملكة التي تشهد تدفق الاستثمارات العمومية و الأجنبية من كل حدب وصوب، الشيء الذي يجسده غياب أية مبادرة من طرف الفاعل السياسي الأول بالإقليم، تتيح الانخراط الإيجابي لمؤسسة المجلس الإقليمي المنتخبة في المبادرة الملكية التي دعا جلالته من خلالها مختلف الفاعلين إلى تقديم مقترحات بشأن إصلاح النموذج التنموي الوطني ” و ذلك من خلال تقديم مقترح عملي يتيح تعزيز مكانة إقليم تاونات في خارطة النمو الاقتصادي و تدفق الاستثمارات في بلادنا.

فشل المجلس الإقليمي الذي يقوده الشاب محمد السلاسي حتى الآن،  في إطلاق أية مبادرة من شأنها الإسهام بمقترح يهدف إلى استثمار نقاط قوة الإقليم وعوامل جذب المستثمرين لتعزيز قوة و مكانة الإقليم في خارطة النمو ببلادنا، و هو الشيء الذي يدفع جحافل الشباب من مختلف أنحاء الإقليم، للتساؤل عن الفائدة إذا من وجود ميزانية كبيرة وصلاحيات غير مسبوقة و سيارة فخمة و فاتورة محروقات مسبقة الدفع في ظل حكامة غير ناجعة وغير قادرة على تحمل مسؤوليتها التاريخية تجاه أزيد من 660 ألف نسمة ؟؟؟

غير أن ولاية المجلس الإقليمي الانتدابية لا تزال مفتوحة أمام هذا الشاب لتسجيل مشاركة نوعية على هامش هذا النقاش الحيوي الدائر حول إصلاح منظومة النموذج التنموي الوطني، و أيضا التفعيل الحقيقي لمشروع الجهوية المتقدمة، و تعويض ما فات من هدر للزمان الدستوري، و ذلك على بعد سنتين فقط من الانتخابات الجماعية، الشيء الذي يتطلب القطع مع مختلف الممارسات الانتهازية و البيروقراطية، وفتح جسور التواصل مع كافة كفاءات الإقليم، والتعبئة الدائمة للدفاع عن الطريق الجهوية رقم 419 التي تشكل العمود الفقري للنموذج التنموي الجديد الذي تبتغيه ساكنة الإقليم، و دائرة غفساي خاصة، نظرا لارتباطها الوثيق بعدد من الأقاليم المتوسطية و المحيط أطلسية للمملكة، كما أنها تشكل مكتسبا تاريخيا يندرج في إطار البرنامج الملكي ” اف دي اير ” الذي تم الشروع في تنزيله  في عهد المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله، لتعويض الطريق التي غمرتها مياه سد الوحدة، في أفق الارتقاء بتصنيفها إلى طريق وطنية.

محمد السلاسي رئيس المجلس الإقليمي بتاونات

محمد السلاسي رئيس المجلس الإقليمي بتاونات

كما أن تسجيل هذه المشاركة يتطلب الانفتاح على كافة الفاعلين السياسيين والاجتماعيين بإقليم تاونات بما في ذلك وسائل الاعلام، لتشكيل فريق عمل مشترك من الباحثات و الباحثين، بالتنسيق مع الفعاليات الأكثر إلماما بملف إصلاح النموذج التنموي، والسلطات العمومية، و الصحافة المحلية الجادة، تناط بهم مهمة الإشراف على إعداد قاعدة بيانات مشتركة في اطار الديمقراطية التشاركية وتفعيل مؤسسات الحوار والتشاركية ومقاربة النوع التي ينص عليها الدستور المغربي صراحة،  بهدف تحقيق التكامل في دراسة الوضعية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية لساكنة المناطق الجبلية، و بحث السبل الممكنة الكفيلة بالاستثمار الأمثل  لعوامل قوة الإقليم، ورأسماله البشري، وكذا في  التعريف بالأدوار  التاريخية لساكنته  في حفظ التراث الشعبي المغربي ومناهضة الاستعمار، و الاستقلال، و تحرير الصحراء المغربية،  واحتضان ثلث الثروة المائية الوطنية.

بالإضافة إلى التفكير الجماعي في إيجاد الحلول المناسبة لرفع كافة المعضلات الاجتماعية والمخاطر التي تحدق بمستقبل الشباب، من خلال إقامة  ندوات ومؤتمرات علمية، و تنظيم أنشطة علمية وأيام دراسية مشتركة مع النسيج الجمعوي المحلي، تستشرف دعوة الجامعات والمؤسسات العلمية ومراكز الدراسات الرائدة  وطنيا و مغاربيا و دوليا للمشاركة بتجاربهم وخبراتهم، مما سيتيح إمكانية إضفاء بعد أكاديمي دولي على الأنشطة البحثية والثقافية والتراثية والتقارير العلمية التي تهم إدماج إقليم تاونات في خارطة النمو بالمملكة المغربية.

 

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7245

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى