العنف الأسري وآثاره على الطفل

children

من منا لا يعرف أن الأسرة هي المؤسسة الاجتماعية الأولى التي ينمو فيها الطفل ويكتسب من خلالها معايير الخطأ والصواب، ولكن كيف إذا تحولت هذه المؤسسة الهامة إلى ساحة لممارسة مختلف أنواع العنف نتيجة للتصرفات السلوكية بين الزوجين، وبأسوأ الحالات تمتد على الأبناء ما ينتج عنها شخصيات مجتمعية غير إيجابية حيث تشكل هذه الممارسات ظاهرة العنف الأسري وهي من أخطر المشكلات التي تهدد استقرار الكيان الأسري، وأوضحت الدراسات والأبحاث أن ظاهرة العنف الأسري من الظواهر القديمة في المجتمعات الإنسانية وتنعكس أضرارها ليس على الأسرة وحدها وإنما تتعدى ذلك لتشمل المجتمع بأكمله كون الأسرة هي ركيزة المجتمع وأهم بنية فيه.

 

ومع تسارع التطورات العصرية في كافة المجالات، تفاقمت هذه المشكلات الأسرية بالرغم من وجود القوانين والتشريعات التي تخص شؤون الأسرة والمجتمع، وتهتم الكثير من المنظمات العالمية بتفعيل هذه القوانين لتحسين الوضع الأسري وضمان تطوير الحياة المجتمعية، إلا أن واقعنا الأسري في معظم المجتمعات العربية أصبح أكثر غموضا من خلال حجم المشكلات الإجتماعية المتزايدة والمتمثلة في العنف الأسري بكل ما يتركه من أثار سلبية أصبحت واضحة رغم السعي لحجبها بمختلف الوسائل.

 

وما يثير الجدل في هذه القضية المجتمعية أنها تعتبر من التابوهات التي يفضل الكثير التكتم عنها وعدم البوح بها حفاظا على السمعة وطبقا للعادات والكثير من المعتقدات الخاطئة متجاهلين في الوقت ذاته، حجم ضحايا العنف الأسري خاصة عندما تمتد أشكاله لتصل الأطفال ما يتسبب لهم بأزمات عديدة تستمر معهم للكبر وبالتالي تتحول لا إراديا إلى سلوك مستقبلي متوارث وقد يبقى راسخا في أذهانهم مدى الحياة وبذلك تنتقل ظاهرة العنف الأسري من جيل إلى جيل ما يهدد أمن واستقرار المنظومة المجتمعية.

وفي هذا السياق تطرح تساؤلات كثيرة وتختلف الآراء حول مفهوم ظاهرة العنف الأسري وأسبابها وأشكالها ويبقى السؤال الأهم يركز على المعنيين بالأمر في شأن العنف الأسري وعلى من تعود المسؤولية لإيجاد الحلول لوقف هذه الظاهرة والحد من تفاقمها وإصلاح ما يجب إصلاحه.

 

لقد أثبتت العديد من الدراسات أن العنف الأسري يعتبر من أخطر أنواع العنف، وهو نمط من أنماط السلوك العدواني الذي يظهر فيه القوي سلطته وقوته على الضعيف باستخدام مختلف وسائل العنف سواء كان الإعتداء جسديا لفظيا أو معنويا وليس بالضرورة أن يكون الممارس للعنف في الأسرة هو أحد الزوجين وإنما الأقوى في الأسرة، وليس بالغريب أن يكون أحد الوالدين هو ضحية العنف خاصة العجزة وكبار السن و الأشخاص من ذوي الإعاقة، وفي الغالب تكون المرأة هي الضحية الأولى ويتبعها الأطفال بإعتبارهم الفئة الأضعف ما يترتب على تراكم هذه الممارسات أضرار بدنية ونفسية وصحية واجتماعية.

ويؤثر العنف الأسري على روابط الأسرة حيث يفككها وتنعدم الثقة بين أفرادها ويتلاشى الإحساس بالأمان وقد تنهار الأسرة بالطلاق لتتوسع هذه الآثار وتنعكس بتهديد الكيان المجتمعي بأسره.

حماية الطفل ضرورة إنسانية لضمان تنمية مجتمعية خالية من سلبيات العنف

ظاهرة العنف الأسري وجدت في مختلف المجتمعات العربية والأجنبية لكن ما يميز بينهما أن المجتمعات الأجنبية تصرح بالتأثيرات السلبية لهذه الظاهرة لمعالجة المشكل وتجاوزه، غير أن المجتمعات العربية مكالمجتمع المغربي رغم تفعيل القوانين المتخصصة في هذا الشأن تفضل الإحتفاظ بخصوصية المشكل، ولكن آثاره أصبحت تظهر خارجيا خاصة على الطفل الذي يولد وينمو ويعيش في وسط عنف أسري.

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7248

اكتب تعليق

لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى