المنتدى الوطني للمدينة محطات متعددة و الهدف واحد:مستقبل المدينة المغربية

صورة للمنتدى الوطني للمدينة المنظم بمدينة مكناس

صورة للمنتدى الوطني للمدينة المنظم بمدينة مكناس 

تحضيرا لعقد المؤتمر العالمي الثالث للمدينة المرتقب في الأسبوع الثاني من أبريل 2015، نظم المنتدى الوطني للمدينة مائدة مستديرة بمناسبة انعقاد دورة مجلسه الوطني في موضوع: المدينة من التدبير التمثيلي إلى الحكامة التشاركية، يوم السبت 20 دجنبر 2014 بفندق تافيلالت بمكناس.

و تأتي هذه التظاهرة العلمية و المدنية في وقت تشهده فيه المدينة المغربية تحولات عميقة (ديمغرافية، بيئية، و سوسيو -اقتصادية)، أثرت على حياة الأفراد و الجماعات و سارت تفرض تعاطي عقلاني مع تنظيم و تدبير مجالات العيش المشترك. حيث بات من اللازم فهم هذه التحولات و تقييم تجارب التدبير التمثيلي للمدينة كشكل من أشكال الديمقراطية التمثيلية، في أفق تحقيق حكامة جيدة في التدبير. و هو ما يتطلب نهج مقاربة جديدة تتحدد في المقاربة التشاركية، و ذلك من خلال الأخذ بعين الاعتبار لكل أشكال المبادرة الوطنية في تسيير و تدبير المدن، انطلاقا مما نص عليه الدستور من مقتضيات تخص التدبير التشاركي على مستوى المدن ( حين نص على أن مجالس الجهات و الجماعات الترابية الأخرى، آليات تشاركية للحوار و التشاور، لتيسير مساهمة المواطنات و المواطنين و الجمعيات و تقديم العرائض).

و من جهة أخرى، و نظرا لأهمية الآليات التشاركية للحوار و التشاور المنصوص عليها في مسودة مشروع القانون التنظيمي حول الجماعات ، فإن المنتدى الوطني للمدينة – من خلال المائدة المستديرة التي نظمها بمناسبة دورة مجلسه الوطني (لموسم 2014) و انطلاقا من ما يطرحه مستقبل المدينة المغربية و تدبيرها من تساؤلات و تحديات – طرح على المشاركات و المشاركين في هذه الندوة بعض الأسئلة من بينها:

  • إلى أي حد يمكن اعتبار التدبير التمثيلي و الحكامة التشاركية آليتين أساسيتين لتحقيق الحكامة الجيدة في تدبير و تسيير المدن؟

  • ثم، إلى أي حد يمكن إعمال الديمقراطية التشاركية على مستوى تدبير المدن لتحقيق الحكامة الجيدة؟

  • و أخيرا، ما هي الصور التي يمكن من خلالها أن تتجلى الديمقراطية التشاركية؟

كلمة الافتتاح

قبل انطلاق الجلسة الأولى، رحب المصطفى المريزق رئيس المنتدى الوطني للمدينة بالضيوف و عضوات و أعضاء المجلس الوطني للمدينة الذين حجوا الى مكناس من خارج المغرب و من مختلف مدن المملكة، و ذكر بكل المحطات التي قطعها المنتدى منذ تأسيسه سنة 2011، مرورا بالمؤتمر التأسيسي، فالمؤتمر العالمي الأول، ثم الثاني، و الشعارات و المواضيع الهادفة التي كثفتها هذه المؤتمرات مثل ” المدينة المواطنة” و “الحق في المدينة و مدينة الحقوق: رؤى متقاطعة” و ” المدينة و العيش المشترك”.

. كما أخبر عموم الحاضرين بموعد المؤتمر العالمي الثالث و الذي سينعقد في الأسبوع الثاني من شهر أبريل 2015. و الذي سيعرف هو الآخر مشاركة فاعلين من داخل و خارج المملكة، و هو ما سيسمح بالاستفادة من تجارب تسيير و تدبير العديد من مدن العالم، و ذكر بأن دولة المكسيك و دول أخرى ستكون ضيف شرف المؤتمر العالمي الثالث للمدن.

وقد تم تنشيط المائدة من طرف سبعة متدخلين بالإضافة إلى تقديم تقرير تركيبي عقب المناقشة العامة.

الأساتذة :نادية العشيري وأحمد مفيد والمصطفى المانوزي

الأساتذة :نادية العشيري وأحمد مفيد والمصطفى المانوزي

المحور الآول

افتتحت الجلسة الأولى نادية العشيري (أستاذة الباحثة بجامعة مولاي اسماعيل و نائبة رئيس المنتدى) صحبة المقررة الأستاذة أسماء الصبار (عضو المجلس الجهوي لحقوق الانسان بالرباط القنيطرة، و فاعلة جمعوية)، مذكرة بإشكالية الحكامة في تدبير العيش المشترك داخل المدن و ضرورة الانتقال إلى نوع جديد من التدبير الذي يعتمد على التشاركية خصوصا و أننا مقبلون على ورش الجهوية المتقدمة باعتبارها آلية من آليات النمو الاقتصادي و التطور الديمقراطي.

ويمكن تلخيص مجمل المداخلات في النقط التالية:

1-المداخلة الأولى ركز فيها الأستاذ أحمد مفيد (أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد بن عبد الله بفاس، و فاعل جمعوي و حقوقي) على مقومات الحكامة الترابية وأهدافها وكيف أن دستور 2011 قد أعطى لهذه الأخيرة نفسا قويا، كآلية من آليات تدبير ممارسة السلطة السياسية و تدبير شؤون المجتمع مع تدبير جيد للموارد قصد تحقيق التنمية العامة المجالية و حماية حقوق المواطنات و المواطنين.

ثم انتقل بعد ذلك للحديث عن مبادئ الحكامة (كالمشاركة و التفويض و التنسيق و الفعالية و التعاون و المصداقية) و أهدافها المتمثلة في تحقيق وحدة ترابية شاملة و خلق التوازن بين الجهات و إشراك السكان في التسيير و التدبير و تنمية العالم القروي و تقريبه من المجال الحضري و تكريس المصداقية و الشفافية و الرقابة و الانتقال من الرقابة إلى المواكبة، ثم إعمال آليات المحاسبة البعدية و التقييم الدائم لأعمال الجماعات الترابية و تأهيل الاقتصاد الوطني و ضرورة توفير المعلومة و تمكين المواطنات و المواطنين من الحصول عليها كما تضمنها دستور 2011. و أكد في الأخير على الانتخابات النزيهة و الحرة و على تكريس حق المواطن في تقديم ملتمسات و عرائض في مجال التشريع، و خلص إلى كون الحكامة ليست ترفا، و لكنها شرط أساسي لضمان تدبير ديمقراطي و تحقيق عدالة ترابية تحقق العدالة الاجتماعية.

2- أما المداخلة الثانية، فقد أثث فضاءها مداخلة ركزت على إشكاليات محددة مرتبطة بالديمقراطية التشاركية المحلية، حيث تناول الأستاذ محمد بوزلافة (أستاذ القانون الجنائي، و العلوم الجنائية بجامعة محمد بن عبد الله بفاس، مسؤول عن ماستر القانون الجنائي و علم الاجرام بنفس الجامعة و فاعل جمعوي و حقوقي) هذه المسألة من بوابة الحكامة الأمنية واعتبر أن هذه الأخيرة تتلخص في استحضار المواطن في صلب العملية الأمنية معتبرا أن الغاية من ذلك هو تحقيق المصالحة بين الأمن والمواطن من خلال جعل هذا الأخير شريكا في تدبير العملية الأمنية المرتبطة بهمومه اليومية، و اعتماد المقاربة الحقوقية. كما تساءل عن مدى احترام المؤسسات الأمنية لحقوق و كرامة المواطنين، مؤكدا على ضرورة التوفيق بين الأمن و الحقوق، و هو ما أبان نجاعته في حل مشاكلالشغب في الملاعب مثلا.

و تحدث الأستاذ بوزلافة أيضا عن المجلس الأعلى المرتقب للأمن كرهان أساسي من أجل تحقيق الحكامة الأمنية إنجاح الانتقال من مفهوم الضبط الأمني إلى الوقاية من الجريمة.

3-   في مقابل ذلك تبنى الأستاذ المصطفي المنوزي (محامي بهيئة الدار البيضاء و رئيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة و الانصاف) قراءة نقدية في مسألة السياسة الحضرية معتبرا أن الإشكال الحقيقي يبقى في تبعية الشأن المحلي للدولة التي كانت ولازالت متحكمة في هندسة السياسة الحضرية معتبرا أننا في حاجة لميثاق حول العدالة الاجتماعية حتى لا تبقى السياسة الحضرية أداة في يد السلطة و حتى يتم استبدالها بأداة للتنمية. كما ذكر بتجربته كمستشار جماعي و بضرورة تحديد مسؤوليات الفاعلين في السياسات الحضرية التي تبدو فوقية و لكنها في الواقع ليس كذلك. و تحدث عن مهندسو التراب الوطني و ملاكو الأراضي و المواطنون الموجودون في الهوامش و الذين هم في حاجة

ملحة لتعاقدات و تسويات و أحيانا إلى نوع من الاحتضان البيني.

و في الأخير، تساءل الأستاذ المنوزي عن دور الطبقة الوسطى و النخب المالية و دورهما في التعجيل بخلق ميثاق العدالة الاجتماعية كي لا تظل السياسة الحضرية أداة في يد السلطة.

المحور الثاني

افتتح الجلسة الثانية بلعربي إدريس (أستاذ السوسيولوجيا بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس) صحبة المقررالأستاذ مهدي كامل (اطار بمجلس المستشارين)، مذكرا  بأهمية المواضيع المخصصة للنقاش، ويمكن تلخيص مجملها في ما يلي:

1-المداخلة الأولى في هذا المحور ركز فيها الأستاذ سعيد خمري ( أستاذ العلوم االسياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش و فاعل جمعوي وحقوقي) على المداخل الدستورية لمشاركة المواطنين في تدبير الشأن العام، وقسمها إلى مقتضيات مباشرة وأخرى غير مباشرة مؤكدا أن الإشكال الحقيقي يبقى مرتبطا بإعمال وتأويل النص الدستوري.

كما اعتبر أن المشاركة هي أحد المرتكزات الأساسية للدولة الحديثة و هو ماجاء في تصدير الدستور، و أن الاختيار الديمقراطي للمغرب ضمن المسار السياسي يقتضي التزام المغرب بحماية حقوق الإنسان بما فيها حرية تأسيس الأحزاب و النقابات و حرية تأسيس الجمعيات. و اعتبر الأستاذ خمري أن دسترة الديمقراطية التشاركية كمبدأ أساسي ضمن المنظومة الإصلاحية التي ما فتئ الفاعل السياسي يطالب بها. و هو موضوع يهم كل مكونات المجتمع الداعمين للمشاركة السياسية للشباب المغربي.

و من بين أهم الملاحظات التي ركز عليها نذكر:

–  إعمال حق الشباب في المشاركة يتوقف على تأويل ديمقراطي و متقدم للدستور؛

– لا يمكن ضمان مشاركة الشباب في ظل نصوص تشريعية مختلفة؛

–  المشاركة السياسية للشباب تطرح مشكل تجديد النخب و انفتاح الأحزاب على الشباب؛

–  إيمان الشباب بالمشاركة يستلزم زرع قيم المواطنة و تنمية ثقافة المشاركة لديهم من خلال قنوات التنشئة السياسية.

– و في الأخير، و من أجل تعزيز المناخ الديمقراطي، ربط المتدخل الحكامة و التشاركية بالمشاركة و الإشراك و توسيع نطاقهما حتى يشمل كل الفاعلين في ممارستهم من أجل تطوير جماعتهم و مدنهم، و حتى تعطى الفرصة للطاقات للمساهمة في مجال تدبير الشأن العام المحلي. و هو ما يقتضي البحث عن شركاء في صياغة القرارات التنموية على المستوى المحلي.

2- من جهته ركز الأستاذ حميد بولاس ( أستاذ باحث بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان، و مسؤول ماستر الحكامة و سياسة الجماعات التربية) على مسألة الديمقراطية التشاركية على الصعيد المحلي من خلال قراءة في مسودة القانون التنظيمي للجماعات الترابية مع التركيز على الجماعات الحضرية والقروية. كما اعتبر أن المشاركة يجب الارتقاء بها إلى مشاركة فعلية في القرار المحلي، و أن قانون الأحزاب على مستوى الجماعات و المقاطعات يجب أن يساير مشاركة النساء و الشباب في التدبير و التسيير الجماعي، معربا عن أمله في القانون التنظيمي الذي ينص صراحة على مشاركة المرأة في التمثيلية في حدود الثلث في أفق تحقيق المناصفة.

3-و من جانبها تناولت الأستاذة العومري تورية (خبيرة في النوع الاجتماعي و فاعلة جمعوية) إشكالية تدبير المدينة من زاوية المشاركة النسائية. وقد اعتبرت المتدخلة أن الهدف من الديمقراطية التشاركية هو المشاركة في صنع القرار ملاحظة في هذا الصدد أن التمثيلية النسائية قد تكون ارتفعت ولكن دون أن تسمح للنساء بالمشاركة في صنع القرار السياسي كأساس للمشاركة أكثر من المقاربة التشاركية. و أن تغييب النساء يأتي بسبب الصورة النمطية للمرأة و يأتي لعدم و جود قناعات بالدور الذي يمكن أن تقدمه المرأة داخل المجتمع في المجال السياسي على وجه الخصوص.

4-  أما الأستاذ حسن التايقي (أستاذ باحث وإطار في مجلس المستشارين) فقد فضل إثارة الانتباه إلى معضلة الحق في الوصول إلى المعلومة وعلاقة ذلك بالرفع من إسهام المواطنين في تدبير الشأن العام المحلي مؤكدا في هذا الإطار على إيجابيات دستور 2011 في فتح بوابة التداول العمومي.

كما ركز في مداخلته على أن مستقبل المدينة مرتبط بمداخل أساسية من أجل:

–         تعزيز الإطار المؤسساتي لدعم المراكز الجهوية للحسابات؛

–         تفعيل الدور الجهوي للهيئة الوطنية للرشوة؛

–         تفعيل الدور الجهوي لمؤسسة الوسيط؛

–         تحديث نظام الوصاية و الرقابة؛

 و في الأخير، التنزيل السليم و الديمقراطي للدستور هو المدخل الأساسي لمستقبل المدينة.

وعقب هذه المداخلات، فتح باب النقاش أمام الحضور الذي تجاوب معها من خلال التركيز على أهمية التدبير التشاركي للمدن وشروطه وكذا بعض معيقاته.

وفي الختام قدم الأستاذ عبد الرحمن حداد (أستاذ باحث بكلية الحقوق و العلوم الاقتصادية بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس) تقريرا تركيبيا لأعمال المائدة المستديرة، ليتناول من جديد الكلمة رئيس المنتدى الوطني للمدينة،المريزق المصطفى، ليعلن عن افتتاح دور المجلس الوطني الذي قدم خلاله الأستاذ هرامي نور الدين ( أنثروبولوجي بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس، و أمين مال المنتدى الوطني للمدينة) مشروع القانون الداخلي للمنتدى و مشروع الورقة التحضيرية للمؤتمر العالمي الثالث المقبل.

و بعد نقاش مثمر و ايجابي، صادق المجلس الوطني على مشروع القانون الداخلي و كلف المكتب الوطني بتطوير الأرضية التحضيرية للمؤتمر و التحضير له  لوجيستيكيا و ماديا و أدبيا. كما أوصى المجلس الوطني بتتبع عملية الموقع الالكتروني للمنتدى إلى حين انطلاقته و طبع كتاب المنتدى في المستقبل القريب.

وفي كلمة الاختتام، ذكر رئيس المنتدى الوطني للمدينة، المريزق المصطفى،  بمبادئ و أهداف المنتدى و بأهميته كمؤسسة للمساعدة على أخذ القرار، و كمجال للتكوين و النشر و التعريف بعالم المستقبل الذي سيكون عالما حضريا بامتياز.

واعتبر في كلمته أن المدينة ليست حصرية على فئة ما، و لا يمكن أن تكون تعبير لتيار سياسي دون الآخر أو لجمعية من جمعيات المجتمع المدني دون أخرى. كما تحدث عن مشاريع المنتدى في المستقبل و ضرورة إشراك الجميع من باحثين و طلبة ومهندسين و معماريين و مقاولين و منتخبين و فاعلين سياسيين و جمعويين و مثقفين ورياضيين وفنانين،نظرا للآفاق الكبيرة التي تتسع رقعتها نتيجة التحديات الديمغرافية و البيئية و الاجتماعية و الاقتصادية و العمرانية و التدبيرية.

و في هذا الصدد، أشار رئيس المنتدى الوطني للمدينة أن هذه المؤسسة تعبر عن إرادتها في حمل كل أسئلة و قلق المائدة المستديرة و المجلس الوطني للمؤتمر العالمي الثالث للتفاعل مع كل المبادرات الوطنية و الأجنبية المتعلقة بتدبير المدن و بتجارب الفاعلين المحليين، و هو ما يتطلب إستراتيجية و استثمار و جهد للمساهمة في الإجابات المطلوبة و طنيا و محليا.

المصطفى المريزق /مكناس

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7235

اكتب تعليق

لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى