هل مشاهدة التلفزيون ضرر يؤذي الطفل ؟

 

هل مشاهدة التلفزيون ضرر يؤذي الطفل ؟

هل مشاهدة التلفزيون ضرر يؤذي الطفل ؟

لا شك بأن التلفزيون يعتبر من الوسائل الإعلامية الهامة في مجال الإعلام ومجال التربية والتعليم والإرشاد ( التلفزيون التربوي )، وللتلفزيون مزاياه العديدة فهو يعتبر من الوسائل التي تجمع بين الصوت والصورة والحركة واللغة والتعبير واللون وكل ما يثير حواس الفرد وتفكيره وانفعالاته، والتلفزيون مفيد إذا ما أحسنا استخدامه بالشكل الصحيح، والواقع أن اقتران كلمتي التلفزيون والطفل كثيراً ما يوحي بانطباع سلبي لدي المستمع أو القارئ .. وكما لو أن التلفزيون والأطفال لا يتفقان مع بعضهم البعض وذلك من حيث ما يقدمه التلفزيون من برامج أحياناً، وما نريد نحن أن نقدمه لأطفالنا، وقد أجريت في وطننا العربي عدة دراسات حول تأثير التلفزيون علي الطفل العربي، وبعض هذه الدراسات لم تخل من وجهات نظر خاصة وآراء ذاتية، كما أن عوامل الضبط في هذه الدراسات لم تكن كافية، والواقع أن التلفزيون بما يملكه من خصائص يعمل علي استقطاب اهتمام وعقول الأطفال والمراهقين وحتى الكبار الذكور منهم والإناث ..

ويؤثر في انفعالات المشاهد وفي سلوكياته كما يؤثر في قيم المشاهد، وعاداته، وأخلاقياته في حياته الأسرية والاجتماعية وغير ذلك، ويكون هذا التأثير أكثر شدة علي الطفل الصغير محدود الخبرة والتجربة في الحياة وليس لديه القدرة علي النقد والتحليل العقليين، ( إن برامج التلفزيون تعمل علي تلقين المادة الإعلامية بطريقة مخططة ومنظمة وهادفة، وتعمل علي تشكيل فكر الطفل ووجدانه وسلوكه وقيمه علي نحو إيجابي أو علي نحو سلبي، ومعظم هذه البرامج لا يربط بينها نظام، أو منهج، أو خطة تربوية تعليمية أو إرشادية متكاملة، وهي برامج قلما تعتمد علي أي تقاليد أو قيم علمية أو تعليمية، وما زالت هذه البرامج التثقيفية والتعليمية التي ترد داخل البرامج والمسلسلات الموجهة للطفل العربي ما زالت تتخبط ضمن إطارين هما إما استيراد برامج تربوية ترفيهية غربية مستوردة للطفل العربي وهي لا تحمل مضامين تتناسب مع قيمنا وعاداتنا العربية والإسلامية، أو أن هذه البرامج تقوم بإعداد وإنتاج برامج ومضامين بعيدة كل البعد عن اهتمامات الطفل العربي وحاجاته ومشكلاته ..

دراسات عربية

وفي أكثر من دراسة عربية تحليلية لمضامين بعض البرامج والمسلسلات العربية . المقدمة للطفل مثل دراسة الأساتذة محمد طالب الدويك، والدكتور عارف دليلة، والدكتور فيصل الزراد .. وذلك لمعرفة تأثير البرامج التلفزيونية علي تنشئة الطفل العربي، انتهت هذه الدراسات إلي ترجيح التأثيرات السلبية ( التي تزداد اضطراراً في برامجنا التلفزيونية ) علي التأثيرات الإيجابية التي بدأت بالاضمحلال تدريجياً داخل برامجنا بسبب ضعف الرقابة والتغريب، حيث أن عوامل التغريب أصبحت أقوي من عوامل التعريب، وأصبح هناك تساهل أو تسامح من الأهل والأسرة والمدرسة والمجتمع في تقبل هذا الغزو الإعلامي الأجنبي الموجه والمنظم، ويجب أن لا يخفي علينا بأن أطفالنا هم الهدف وإن البرامج التلفزيونية تعتبر سلاحاً ذو حدين، فهي مفيدة إذا أحسن استخدام هذه البرامج وتنظيمها ومراقبتها … وهي غير مفيدة إذا أسيء استخدامها، وكما يقول أحد الكتاب إن التلفزيون هو أفيون الشعوب وله مخاطره ومضاره الكبيرة علي الأطفال وعلي الكبار، ومما لا شك فيه أن التلفزيون بالنسبة للطفل مصدر إمتاع وتعليم، فشاشته الصغيرة تقصر المسافات لتأتي بالمعلومة وبالقصة، وبالخبر، وبالتسلية، وتنقل ذلك إلي كل فرد، وإلي كل أسرة، وهذه بدورها تترك أثرها علي الطفل وعلي خبراته، ونموه العقلي والجسمي والوجداني والتربوي .. كما تترك أثرها علي سلوكيات الطفل .

التربية هي الأساس

وإذا أردنا علمياً أن نعرف اتجاه هذا التأثير لابد من تحليل مضمون هذه البرامج أو المسلسلات التلفزيونية لمعرفة ما تقدمه من إرشادات وقيم وأخلاقيات يكتسبها الطفل عن طريق هذه البرامج، والواقع أنه ليس بالإمكان القيام بتحليل مضمون مجمل البرامج التلفزيونية المستوردة أو المعدة محلياً، كما أنه ليس بالإمكان لأجهزة الرقابة أن تقوم بهذا العمل الذي يتطلب وقتاً وجهداً وخبرة عالية، وعادة يتم الاقتصار علي تحليل عينة مختارة من البرامج، إلا أن ذلك غير كاف، لذلك يجمع الإعلاميون، ورجال الاجتماع والتربية والصحة والدين، علي أن التربية الأسرية السليمة للطفل هي أساس هذه الرقابة الداخلية لدي الفرد، فالرقابة الصحيحة تنبع من داخل الفرد وعقليته وتربيته وقيمه، لا من خارجه، وبالنسبة للطفل تكون نابعة من التربية الأسرية الصحيحة التي تحصن الطفل من مخاطر هذه المسلسلات وخاصة المستوردة والتي تعمل علي تشويه عقول الأطفال، وقيمهم، وأخلاقهم، وسلوكياتهم، وتبث في نفوسهم الخوف والرعب والعدوان وغير ذلك . إن من طبيعة الطفل أنه يقلد الآخرين والكبار، وهو يتعلم عن طريق الملاحظة والتقليد، فهو يعتقد أن أعمال الكبار صحيحة، وبإمكانه تقليدها .

آثار واضحة

كلنا يعلم بأن الطفل من الناحية النمائية في أعمار ( 6 – 8 ) سنة ينشط لديه النمو الحركي، وهو يكون بحاجة إلي ألعاب حركية مناسبة لعمره، ولتدريب عضلاته، ومن أجل أن يكتشف قدراته الجسمية، ويصرف المخزون من الطاقة العضوية المخزونة لديه عن طريق اللعب والنشاط والحركة، وبهذا تنمو لدي الطفل مهاراته الحركية، ويقوي جسمه، وتتحسن مهاراته العقلية لذلك فإن الجلوس لفترة طويلة أمام التلفزيون يجعل الطفل يفوته فرصة النمو الحركي اللازم لنموه، هذا علاوة علي أن الجلوس ساعات أمام التلفزيون يؤثر سلبياً في حواس الطفل، وفي صحته، كما يؤثر علي جهازه العظمي، وقدراته العقلية والحسية والحركية حيث يتوحد الطفل مع التلفزيون، ويتعود علي الكسل والبلادة والخمول، كما أن ذلك يبعد الطفل عن ممارسة هواياته الأخرى الضرورية لنموه مثل القراءة، والرياضة، والحديث مع الأصدقاء .. وثقل ساعات النوم لديه .. مما لا شك فيه أن بعض البرامج المحلية مثل برنامج أفتح يا سمسم، إلخ هي برامج مفيدة وموجهة وهادفة لأطفالنا، وتعمل علي استقطاب اهتمام وعقول الأطفال والمراهقين وحتى الكبار الذكور منهم والإناث .. ويؤثر في انفعالات المشاهد وفي سلوكياته، كما يؤثر ف يقيم المشاهد، وعاداته، وأخلاقياته وهي تنمي المهارات اللغوية، والاجتماعية والشخصية لدي الطفل، إلا أن برامج كثيرة أخري لا تفي بالغرض المطلوب وخاصة البرامج المستوردة .

تأثر مباشر

إن من طبيعة الطفل أنه يستوعب شعورياً وجدانياً كل ما يأتيه عن طريق التلفزيون، والتلفزيون يعمل علي  شحن مشاعر الطفل بالانفعالات والوجدانيات، حيث نجده يضحك، ويخاف، ويضرب بقدمه الأرض، ويصفق، وينفعل .. وهذه المشاعر منها ما يسمو بإنسانية الطفل وأفكاره وقيمه، ومنها ما ينحدر بمشاعر الطفل إن الطفل لا يدرك الفرق بين الواقع والتمثيل، ويخلط في مبدأ السببية وهذا كله يزيد من دافعية الطفل نحو عملية التقليد التي تحقق له المتعة والتشويق، إن نظريات التعلم الاجتماعي ( لألبرت بندورا ) ( MODELINTHEOTY ) تؤكد علي أن الطفل يقلد الكبار، ويقلد كل سلوك حتي لو كان غير صحيحِ، ويقلد الذكور أكثر من الإناث، أو يقلد الأبطال والمشهورين أكثر من العاديين، كما أنه يقلد كل ما يحقق له المتعة والسرور ويجعله يلعب أدوار الكبار، يقلد الحركات، والعادات، والأعمال، والكلمات، ويذكر الزميل مظفر مندوب في دراسته ( 1983 ) أول أثر التلفزيون علي الأطفال أن هناك نسبة عالية من الأطفال العرب يفضلون البرامج الأجنبية أكثر من البرامج العربية، ومعظم هذه البرامج الأجنبية أكثر من البرامج العربية، ومعظم هذه البرامج الأجنبية لا تلائم التقاليد العربية الإسلامية، وتبث الرعب والخوف والقلق والعنف في هؤلاء الأطفال، ومن الطبيعي أن لذلك آثاره السلبية الخطيرة علي الطفل وشخصيته ونموه، كما أن ذلك يعمل علي تشويه العادات والقيم الاجتماعية والدينية التي تعمل الأسرة والمدرسة والمجتمع المسلم علي غرسها في الطفل العربي المسلم، وما يستمع إليه من مشاهد وعادات ولا يعرفون أين موضع الصحيح وأين موضع الخطأ .

بقلم: فيصل محمد

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7248

اكتب تعليق

لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى