في ظل أزمة النسق..خبراء مغاربة على رأسهم إبن تاونات أحمد جزولي يقترحون خلق قطب “التربية والثقافة والعلوم” لتطوير الإنسان

طارق البكوري:”تاونات نت”/- في إطار أدوارها الاجتماعية ولتنشيط الحوار السياسي، نظمت مؤخرا مؤسسة “طالم للأبحاث والدراسات” ندوة في موضوع “التربية والثقافة والعلوم في مغرب 2021-2026”.

شارك في الندوة عددا من الخبراء والأكاديميين  المغاربة على رأسهم إبن تاونات أحمد جزولي (خبير في الحكامة والسياسات العمومية)،عبد المجيد الوادي أستاذ بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بالقنيطرة، وعزيز أمعي كاتب روائي، ونشط اللقاء الصحافي يوسف لخضر.

ناقش اللقاء أهمية خلق قطب “التربية والثقافة والعلوم” في العمل الحكومي، نظرا لاعتبار هذا “الإطار المثلث الأضلاع أساس تطور الإنسان والمجتمع وهو الحلقة المفقودة في السياسات العمومية لغاية اليوم”، حسب ما أكده كل المتدخلين.

وقد ركز هذا اللقاء على التحديات المرتبطة بالمجالات الثلاث خلال السنوات المقبلة، وخصوصا ما يتعلق بالأهداف التي يمكن أن تشتغل عليها الحكومة المقبلة والبرامج التي ستمكنها من ذلك، وكيف ستعد الحكومة هذه السياسات وكيف سيتم تقييمها من قبل المواطنات والمواطنين ومختلف مكونات الرأي العام.

وفي هذا السياق، قال أحمد جزولي إننا نعيش أزمة نسق، وأن الحكومة المقبلة مطالبة بالاشتغال على التربية والثقافة والعلوم كقطب، انطلاقا من واقع اليوم وما يعرفه من مشاكل كبرى من بينها أن ثلث التلاميذ لا يحسنون القراءة والكتابة في نهاية مستوى التعليم الابتدائي.

وقال بضرورة تعميم التعليم الأولي سريعا لتمكين الطفل من التعلم المبكر للقراءة والكتابة والحساب قبل السنة أولى ابتدائي. وأكد أيضا على أن نسبة المتمدرسين ما بين 18 و22 سنة هو فقط 38 في المائة، في حين أن نسبة التمدرس في السن ما بين 6 و11 سنة هي 99,8 في المائة، مما يعني أن 61,8 في المائة يغادرون الدراسة، وقال “هذا خطير جدا”،  وأضاف إن هذه النسب يجب أن تتحسن وألا يتم ترك أي تلميذ طفلا أو شابا خارج منظومة التربية والتكوين من خلال العمل بمنهجية البرنامج الفردي لكل حالة على حدة، حيث يصبح أي طفل أو شاب مؤطرا ومرافقا، وأوضح أن هذا صار سهلا وممكنا جدا في عالم التكنولوجيات الحديثة في مغرب اليوم، فقط نحتاج، يؤكد الخبير، إلى تجاوز أزمة النسق بالإرادة أولا، وثانيا بتعزيز السياسات العرضانية  لضمان التدخل الفعال لكل المؤسسات كل في وقته ووفق ما هو مطلوب منه، وأن تخضع كل السياسات العمومية للمتابعة والتقييم التشاركي الدوري بشكل مهني وفعال انطلاقا من مؤشرات ملموسة من بينها اندماج الخريج سريعا في سوق الشغل.

من جانبه دعا عبد المجيد الوادي إلى تطوير التفكير العلمي في المجتمع كبديل للتفكير الخرافي، وقال لما واجهتنا كورونا لم يجد العالم غير العلم لمواجهتها، ولهذا يوكد أستاذ العلوم أن الخيار الوحيد أمام نهضة الأمم هو تطوير العلوم بما في ذلك البحث العلمي.  وطالب بضرورة التغيير الكلي لمناهج التعليم وتطوير كيفية التدريس، وأوضح أن عالم اليوم لم يعد يقبل أن نترك بعض المواد إلى غاية التعليم العالي، وأشار إلى أن تطور ولوج الأفراد إلى التكنولوجيا يتطلب أن ننقل ما ندرسه في مستوى أعلى إلى المستوى الذي قبله، وتساءل، لماذا لا ندرس “الروبوتيكس” مثلا في الإعدادي، وأن نطور تملك قدرات ومهارات التحليل والبحث العلمي في الثانوي، ويكون التعليم العالي للابتكار والأبحاث التطبيقية.

 وأكد الأستاذ الوادي على ضرورة تغيير منهجية تدريس المواد العلمية وضمنها الرياضيات، ودعا لتدريس الرياضيات كاملة بإشكالاتها الفلسفية التي يتم تحليلها من أجل الوصول إلى خلاصات رياضية، عوض ما نراه اليوم من تقديم للخلاصات فقط. وأوضح في هذا السياق أن تدريس الرياضيات يجب أن يكون في كافة المستويات والتخصصات من أجل إنتاج التفكير العلمي الفعال، ومن أجل تطوير المواطن الكوني.

وقال الكاتب والشاعر الأستاذ عزيز أمعي إننا في حاجة لثورة ثقافية بالمعنى الإيجابي للكلمة لنتمكن من تطوير الإنسان، موضحا أن هذا هو الشق الأصعب في التغيير، لكن يجب علينا أن نعمل عليه لتحقيقه، يؤكد. وأوضح الكاتب أن التربية والتعليم مثلما هي عليه اليوم، لا تشجع على القراءة وتعلم التعلم، ولا تنهض بالتفكير النقدي لدى التلميذ والطالب.

ودعا بالمناسبة لمراجعة طرق التدريسلتتلاءم مع العصر. وأوضح أن الميزانية المخصصة للبحث العلمي هزيلة جدا ولا تتناسب وطموح تطوير البحث العلمي. وأوضح الكاتب أمعي أن إبراز الهوية والاشتغال عليها يساعد على تقوية الإنسان وتقوية الأسرة والمجتمع. وأكد أن انتشار المناخ الديمقراطي ضروري من أجل انتشار الثقافة ومن أجل التغلب على القيم السلبية التي كثيرا ما يُصفَّق لها، كما قال.

 وأشار إلى أن العبرة ليس في إصدار التقارير وإنما في التنفيذ العملي للتوصيات، وأكد أن للمغاربة الذكاء الذي يمكنهم من الإبداع والابتكار في الأداء.

ومن بين القضايا الأخرى التي أثارها المتدخلون ضرورة النهوض بتقييم جودة التعليم، وقارب كل متدخل الموضوع من وجهة نظره، لكنهم أجمعوا على أن تقييم جودة سياسات التربية والثقافة والعلوم يجب أن يصبح شأنا عاما يشارك فيه المجتمع بكل مكوناته.

ويذكر أن هذه هي الندوة الثانية في موضوع “مغرب 2021-2026” التي تنظمها مؤسسة “طالم للأبحاث والدراسات”، بعد ندوة مماثلة في موضوع “السياسات الاقتصادية والاجتماعية في مغرب 2021-2026″، يوم الأربعاء 22 شتنبر 2021، بمشاركة عدد من المتخصصين.

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7235

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى