أين إختفى النضال الايكولوجي…؟ بقلم الكاتبة إبنة تاونات الأستاذة حسناء شهابي

حسناء شهابي*-الرباط :”تاونات نت”/- بعد أن اخضرت بعض الأحزاب السياسية المغربية خصوصا اليسارية على أساس فكر إنسانيّ حالم بالقيم العليا والمثل الكبرى قصد الترافع عن القضايا البيئية، انطفأت أضواء مفاخرة الشعارات البراقة لديهم حول البيئة والتنمية المستدامة غداة قمة مؤتمر المناخ للأمم المتحدة كوب 26 وغابت عن ساحة النضال الايكولوجي ولم يسمع لها لا صوت ولا أصوات بمناسبة أكبر وأهم مؤتمر متعلق بالمناخ على هذا الكوكب والذي يجسد رهان العالم لضمان سلامة استمرارية الأرض.

لقد اتّخذ العمل الإيكولوجيّ شكلين مؤسساتي وتطوعي. تجسّد الشكل المؤسساتي في عمل الحكومات على إنشاء وزاراتٍ وإدارات ومصالح للبيئة؛ لكنّ هذه الهياكل لم تكن نضاليّة بقدر ما كانت مؤسّسات موجّهة نحو التشريع والتقنين وإعداد استراتيجيات…

أما الشكل التطوعي فقد تمثل في جمعيات المجتمع المدني ومنظمات غير حكومية وأحزاب سياسية وحركات أصدقاء الإيكولوجيا في أنحاء متعدّدة من العالم باستثناء العالمين العربيّ والإفريقيّ رفعت شعارات الدفاع عن القضايا البيئية والحد من التلوث ومواجهة التغيرات المناخية التي ينزف معها العالم بأسره.

لا شك في أن مكافحة التغير المناخي كأولوية ملحة تتطلب التزاما سياسيا تفاديا للعيش في مرحلة طوارئ مناخية مرعبة؛ لكن ما يحز في نفوسنا هو العطالة الإيكولوجية للأحزاب السياسية في المغرب بالرغم من أننا من بين الدول الافريقية التي أضحت الأكثر عرضة لآثار التغيرات المناخية المهددة للموارد الطبيعية (المياه والفلاحة وغيرها…) بسبب مخاطر التقاعس عما يحدث للمناخ وتجاهل الأدلة العلمية بشأنها في ظل عجز تام نحو التوصل إلى اتفاق بشأن المسائل المتنازع عليها وتقديم إجابات على الأسئلة المصيرية، مثل المساعدة المالية المقدمة للدول النامية، وتعويض البلدان الضعيفة عن الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها نتيجة لتغير المناخ.

إن التحديات البيئية والطاقية أضحت من الانشغالات الكبرى لأن “مصطلح التنمية المستدامة” أصبح يفرض نفسه يوما بعد يوم سواء في الدول الاقتصادية أو تلك التي في طريق النمو” باعتبار أن النظرة حول البيئة تتجاوز في الوضع الراهن حدود الاهتمام الايكولوجي لتتداخل مع مقاييس أخرى أساسية في النشاط الاقتصادي مثل مناخ الأعمال والشفافية في الأسواق والتعاملات وحتى في السياسات القطاعية.

لكن يبقى للبيئة حضور تشريفاتي تزييني في البرامج والخطابات الانتخابية فقط للأحزاب ما دمنا لم يسبق أن شاهدنا معارك خاضتها أحزاب سياسية ضد انتهاكات بيئية أو ضد محاولات إخفاء قضايا النفايات التي يتم استيرادها. حتى الشبيبات الحزبية تغافلت عن دورها في تعزيز الوعي الإيكولوجيّ لاسيّما في صفوف شباب وطلاّب الجامعات وتأخّرت في المساهمة في حركات هدفها الأساسي الاتقاء الفعلي للجائحات وكل المصائب المحدقة بالبشر وبالطبيعة، وأن تعبر عن التزامها القوي التزاماً قوياً جديداً للجيل الحاضر كي يلبي حاجاته بطرق لا تحرم الأجيال القادمة من حقها في تلبية حاجاتها.

وبما أنّ دور الأحزاب السياسية محتشم إن لم أقل غائبا في الدفاع عن المحافظة على البيئة وحماية الموارد الطبيعية للأجيال القادمة وحماية النظم البيئية واستعادتها بالإضافة إلى المطالبة ببناء أنظمة الإنذار والبنية التحتية المرنة، أكيد ستتولى جهات أخرى ليبراليّة المهمّة وتملأ الفراغ السياسيّ الإيكولوجيّ وتعطّل النضال الإيكولوجيّ.

لهذه الغاية على الأحزاب أن تفطن بغيابها عن ساحة النضال الإيكولوجيّ وأن تدرك اختزال فعلها في ساحة النضال السياسيّ. فالعدالة الاجتماعية رهينة بالعدالة المناخية والتنمية البشرية رهينة بتنمية مستدامة باعتماد تطوير اقتصاد الأخضر وتكنولوجيا مقبولة بيئيا. كما عليها أن تأسس لمبادرات وتحالفات جديدة لدفع العمل المناخي قدما.

الدفاع عن البيئة يحتاج إلى أمرين الولاء للأرض والوعي، وكلاهما غائبان تماما عن المشهد السياسي، فالولاء للمصلحة هو السائد، هو الدافع لكل حراك سياسي، أما الوعي فمغيب تماما وهو حالة تسعى الأحزاب لديمومتها لأنها تخاف من الوعي الذي يعني تعريتها، لذلك أتساءل كيف نجد حزبا مهتما حقيقيا بالدفاع عن البيئة؟. *حسناء شهابي: كاتبة وروائية وفاعلة في الحقل البيئي /من مواليد إقليم تاونات.

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7183

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى