معاصر الزيتون الحجرية بإقليم تاونات تقاوم الاندثار أمام زحف التقنيات الحديثة

رشيد الكويرتي من تاونات-عن موقع “هسبريس”:”تاونات نت”/- تزحف المعاصر الحديثة لاستخراج زيت الزيتون بدون هوادة على المعاصر التقليدية بالمغرب، لكن رغم ذلك لا تزال هذه الأخيرة تأبى “الاندثار” بإقليم تاونات الذي يشتهر بإنتاج الزيتون على الصعيد الوطني.

تقنية قديمة أساسها رحى من حجر

في جماعة الورتزاغ وسط إقليم تاونات، ما زال كثير من الفلاحين يعتمدون على المعاصر التقليدية لاستخلاص زيت الزيتون، وهي معاصر تعتمد في عملها بالأساس على حجرتين تحتكان فيما بينهما، واحدة ذات شكل دائري محكم تركب عموديا لتدور حول محور، والأخرى توضع أفقيا لتشكل أساس الحوض الذي يوضع فيه الزيتون.

وبينما في الماضي كان يتم تدوير المحور المثبتة إليه الحجرة الدائرية داخل المعصرة التقليدية، التي يسميها سكان المنطقة بـ”رحى الزيتون”، بالاعتماد على الدواب، اختارت أغلب هذه المعاصر، خلال السنوات القليلة الماضية، بعد تعميم شبكة الكهرباء بالقرى النائية، استعمال محرك كهربائي ليقوم بعمل الدابة.

ويعتبر إدخال المحرك الكهربائي التحول الوحيد الذي طرأ على الطريقة التقليدية لعصر زيت الزيتون، كما أكد ذلك لهسبريس الخدير محفوظ، صاحب معصرة تقليدية بدوار باب الزريبة بجماعة الورتزاغ، مبرزا أنه تم ضبط سرعة دوران هذا المحرك على السرعة نفسها التي تدور بها الدابة، للحفاظ على الخصائص ذاتها للزيت المستخرج بالطريقة القديمة.

وأضاف المتحدث ذاته أنه بعد هرس وسحق حبوب الزيتون جيدا، يتم وضعه داخل ما يعرف بـ”الشاميات”، التي هي عبارة عن قفف دائرية مصنوعة من الألياف النباتية، ووضعها واحدة فوق أخرى داخل آلة ضغط تقليدية، ويتم بين الفينة والأخرى زيادة الضغط عليها عبر تدوير اللولب من طرف العاملين بالمعصرة.

وأضاف الخدير محفوظ، 62 عاما، أن الزيت وصبغ الزيتون (المرجان) اللذين يخرجان من “الشاميات” يصلان إلى الصهريج المخصص لذلك، الذي يسميه أهل المنطقة بـ”النقير”، موضحا أن الزيت، الذي يعلو على “المرجان” داخل الصهريج، ينفلت عبر أنبوب مثبت في الأعلى نحو قنينة ليعبأ فيها، بينما يتسرب “المرجان” من أنبوب آخر موصول بأسفل الصهريج إلى خارج المعصرة.

معاصر صديقة للبيئة وزيت بمذاق أصيل

يقول المتحدث لهسبريس من داخل معصرته إن الحجرة الدائرية المعدة لطحن الزيتون، التي اقتطعها من الجبل الذي يطل على قريته قبل 30 عاما، متينة للغاية، وتكلف بنحتها أحد “المعلمين” بالمنطقة، مشيرا إلى أن المعاصر الحجرية بإقليم تاونات ما تزال تشهد إقبالا ملحوظا رغم المنافسة القوية من جانب المعاصر الحديثة.

وأوضح الخدير أنه ورث معصرته التقليدية، التي يمكنها تحويل طن واحد من ثمار الزيتون يوميا، أبا عن جد، مشيرا إلى أن ما يدفع البعض إلى التمسك بالمعاصر الحجرية القديمة، هو لون زيتها المتميز ومذاقه الأصيل.

وأفاد بأن زيت معصرته مطلوب من زبائن له داخل المغرب وخارجه، مبرزا أنه يرسل كمية مهمة من الزيت إلى أفراد من عائلته مقيمين بفرنسا وبلجيكا وإسبانيا.

ولم يخف الخدير أن جودة الزيت المستخرج في المعاصر الحجرية والحديثة تبقى واحدة إذا ما تم تجنب استعمال الماء الساخن واحترام الأساليب التقنية المحافظة على خصوصيات زيت الزيتون، مردفا أن المعاصر الحجرية لا تعتمد على الماء الساخن والملح في عملها.

“المعاصر التقليدية صديقة للبيئة ولا تساهم في تلويث الوديان وحقينات السدود”، يقول الخدير محفوظ، موردا أن “معاصر زيت الزيتون التقليدية قد تكون تعيش آخر أيامها؛ ففضلا عن مواجهة منافسة شرسة من المعاصر الحديثة، فإنها تعاني من ندرة اليد العاملة الشابة لكون العمل داخلها شاق ويحتاج إلى الكثير من التركيز”، وفق تعبير المتحدث لهسبريس.

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7183

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى