الصحافة المغربية تئن تحت وطأة “الوباء الإعلامي”..وإدريس الوالي يقول:الصحافة الجهوية في طريقها إلى “الإفلاس”

عبد العزيز بنعبو- الرباط – عن «القدس العربي»:”تاونات نت”/- وصف “المجلس الوطني للصحافة” ما تعيشه الصحف في المغرب والعالم، بـ “الوباء الإعلامي” الذي تزامن مع ظهور جائحة فيروس كورونا، وهو الواقع الذي دفع إلى الاقتناع بـ “الحاجة إلى صحافة مبنية على قواعد العمل المهني والأخلاقي”، محذراً من أن هذه “الصحافة مهددة بشبح الإفلاس”.
المقاربة العميقة التي كشف عنها “المجلس” المذكور جاءت في تقريره الثاني المخصص لأوضاع الصحافة المغربية في ظل الجائحة، مع العلم أن الجزء الأول من التقرير كان قد تمحور حول وضعية الصحافة في ظل الحجر الصحي.
بخصوص تقرير المجلس، فإن “الوباء الإعلامي” و”الجائحة” أوصلا قطاع الصحافة إلى أزمة “تعدّ خطراً حقيقياً”، ووصلت الصحافة إلى “وضعية غير مسبوقة، بالرغم من أنها جربت كل الأزمات والأهوال قبل 5 سنوات”.

 وبعد أن سجل المجلس في تقريره، أن “مجرد عودة طباعة الصحف بعد الحجر الصحي اعتبر مؤشراً إيجابياً، بغض النظر عن نتائجه الرقمية” أشار إلى أن “الصحف لم تعد كلها للصدور في شكلها الورقي، كما اضطر بعضها الآخر إلى إعادة رسملة أسهمه، وتوقف بعضها الآخر عن الصدور بالنظر للصعوبات التي واجهتها بفعل الوباء”.
التقرير الذي استندت في إنجازه لجنة “المنشأة الصحفية وتأهيل القطاع” التابعة للمجلس إلى معطيات دقيقة من خلال قراءة في الأرقام ودراسة لمسارات المنابر في ظل الجائحة، أكد بخصوص مبيعات الصحف أنه جرى “تسجيل أسوأ سيناريو ضمن كل السيناريوهات السيئة التي كانت منتظرة”.
وللتوضيح أكثر، أبرز التقرير أن نسبة الانخفاض في المبيعات قاربت السبعين بالمائة، وليست هذه هي نهاية متاعب الصحافة، بل تُضاف إليها الإعلانات التجارية، التي انخفضت بدورها بنسبة 65 في المائة، مع تواصل محنة الصحافة الإلكترونية مع الإشهارات، والتي لا تصلها سوى 25 في المائة، في مقابل استحواذ شركات “الويب” على 75 في المائة.


كما تطرق المجلس في تقريره إلى وضعية الدعم المالي الذي خصصته الدولة للصحافة، والذي وصل في فترة الجائحة إلى ما يزيد على 340 مليون درهم (حوالي 36 مليوناً و895 ألف دولار أمريكي) إذ تسلم قطاع الصحافة في المغرب مبلغ 235 مليوناً (25 مليوناً و500 ألف دولار) إلى حدود نهاية سنة 2020، تم اعتماده أساساً في صرف أجور الصحافيين، العاملين في المؤسسات الصحافية، وخصصت منه 150 مليون درهم (16 مليوناً و277 ألف دولار) لدعم الأجور و30 مليون درهم (3 ملايين و255 ألف دولار) لدعم المقاولات التي لم تستفد من الدعم قبل 2019.
وأشار تقرير المجلس إلى أن استمرار الجائحة دفع إلى مواصلة الدعم الاستثنائي لستة أشهر الأولى من سنة 2021، كأداء لأجور العاملين في المقاولات الصحافية التي سبق أن استفادت من دعم 2020 دون غيرها، مع استفادة الصحف الإلكترونية القانونية من دعم جزافي معدله 30 ألف درهم كل ثلاثة أشهر، في إطار غلاف مالي يقدر بـ 30 مليون درهم.
تقرير المجلس لم يقف عند تشخيص الوضعية، بل واصل كما هو الحال في التقرير الأول، طرح إجراءات للخروج من الأزمة، وقد قدم 24 توصية في الجزء الثاني من التقرير، توزعت عبر ثلاثة محاور أساسية، على رأسها “رد الاعتبار للصحافة: الثقة والمصداقية”، ثم كمحور ثان “اعتناق نموذج تنموي ملائم”، وختاماً المحور الثالث “ملاءمة الموارد مع المتطلبات ومتغيرات السوق”.
وانعكست تداعيات أزمة الجائحة على الصحف الجهوية الصادرة في أقاليم المغربية.

وفي هذا الصدد، يقول إدريس الوالي، رئيس “الجمعية المغربية للصحافة الجهوية” إن هذا النوع من الصحافة في طريقه إلى الإفلاس في حالة عدم تدخل الحكومة، وفي ذلك تأكيد على ما ورد في التقرير الأخير “للمجلس الوطني للصحافة” حول وضعية الإعلام الورقي والإلكتروني بشكل عام.
إلا أن المتحدث أكد لـ”القدس العربي” أن “وضع الصحافة الجهوية في المغرب أكثر قتامة وسواداً من وضع الصحافة الوطنية”، مؤكداً أن الجمعية لاحظت “أن بعد الحجر الصحي، صحف جهوية قليلة جداً لا تتعدى عشر صحف عادت للطباعة؛ كما اضطر بعضها الآخر إلى التوقف عن الصدور بالنظر للصعوبات التي واجهتها بفعل الوباء وأزمة المقروئية”.
وشدد إدريس الوالي على أن “الحكومة ملزمة بالتدخل لإنقاذ قطاع الصحافة الجهوية من هذا الإفلاس، نظراً لمختلف الأدوار الإيجابية التي يمكن أن يضطلع بها الإعلام الجهوي في مواكبة وتنفيذ مختلف الأوراش التي تعرفها جهات المغرب، وتبادل الآراء والأفكار حول علاقة الإعلاميين بالمنتخبين ومساهماتهم في تحقيق أهداف التنمية المحلية”. ووجه الوالي عبر “القدس العربي” دعوة مفتوحة إلى مسؤولين من أجل “العمل على تقاسم سوق الإعلانات المغربية مع الصحف الجهوية والمحلية سواء منها الورقية أو الإلكترونية”.
وهي النقطة التي أشار إليها تقرير المجلس الوطني للصحافة بخصوص انخفاض الإعلانات التجارية لدى المنابر الورقية والإلكترونية أيضاً.
الأكيد أن أزمة الصحافة في المغرب ليست وليدة اللحظة المرتبطة بالجائحة، بل هي أزمة تتواصل منذ سنوات، خاصة في ظل تراجع إقبال القراء على الورقي لعدة عوامل، أهمها الاكتساح الإلكتروني وتراجع الإعلانات التجارية، ناهيك عن عوامل ذاتية أخرى.
ويبقى دور “المجلس الوطني للصحافة” و”النقابة المغربية للصحافة الوطنية” محورياً لإعادة القطاع إلى سكة التألق من جديد والخروج من الأزمة التي فاقمتها الجائحة وعمقت جراحها أكثر وزادت من توسيع الهوة بين الأمل والواقع.

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7183

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى