علال الجعدوني الإطار التربوي الذي اشتغل لأزيد من 37 سنة بإقليم تاونات يتقاعد في صمت…

تكريم الإطار التربوي الأستاذ الجعدوني من طرف إحدى الجمعيات

تكريم الإطار التربوي الأستاذ الجعدوني من طرف إحدى الجمعيات

بني وليد :خاص ب”تاونات نت”/ولد علال الجعدوني أو ”سي علال” كما يناديه الجميع، سنة1954  بإقليم تاونات. فدرس كباقي أقرانه في المسيد. فحفظ ما تيسر من القرآن الكريم وبعض المبادئ الدينية. ولما وصل سن التمدرس التحق بمدرسة بني وليد، وهي المدرسة التي فتح فيها أعينه على العلم والمعرفة وفيها بدأ يقرأ الحروف ويركب الجمل على يد ثلة من المعلمين. ولظروف عائلية انتقل إلى مدرسة كعب ابن زهير بطهر السوق، لمتابعة دراسته الابتدائية، فحصل منها على الشهادة الابتدائية سنة 1968، ثم التحق بإعدادية طهر السوق التي تخرج منها سنة 1973. ثم تابع دراسته الثانوية بمدينة تازة، فلم يحالفه الحظ في البداية الحصول على شهادة الباكالويا لكنه لم ييأس، إذ عمل كمدرس مؤقت ابتداء من سنة 10 نونبر1977 بمدينة تازة. وفي سنة 1980 حصل على شهادة الباكالوريا بمدينة فاس، مما أهله للالتحاق  بمركز تكوين المعلمين بمدينة تازة خلال الموسم الدراسي 1980- 1981. وبعد إنهاء التدريب تم تعينه مدرسا بتاريخ 16 شتنبر 1981 بمجموعة مدارس ميضار الأعلى بمدينة الناظور، التي اشتغل بها لمدة خمس (5)سنوات، ثم انتقل إلى نيابة إقليم تاونات بمجموعة مدارسة سيدي عبد الرحمان ببني ونجل بطهر السوق، بتاريخ 22 شتنبر 1986. وهي المدرسة التي لم يشتغل بها إلا شهرا واحدا.

ولم يكن سي علال من بين الأستاذة الذين تنتهي علاقته بالقراءة والكتاب بمجرد الحصول على وظيفة، بل نجده يوازن بين التعليم والتعلم حيث التحق بأسوار جامعة القرويين كلية الشريعة فاس، وحصل منها على شاهدة الإجازة  سنة 1989، مما شجعه على متابعة دراسته العليا، حيث تم قبول تسجله بالسلك الثالث بمدينة الرباط سنة 1991، غير أن ظروف العمل والتحمل العائلي وبعد المسافة بين مقر العمل بني وليد ومدينة الرباط، حالت دون إتمامه دراسته العليا، مما اضطره للاستسلام والاكتفاء بشهادة الإجازة، لكنه علاقة بالكتاب كانت ولازالت وطيد إلى يومنا هذا، الأمر الذي أكسبه ثقافة واسعة ولغة عربية سلسلة، إلى جانب اللغة الفرنسية، وشيئا من اللغة الإنجليزية.

استمر سي علال خلال مساره المهني ينتقل من مدرسة إلى أخرى إلى أن حط به الرحال بمسقط رأسه بني وليد بتاريخ 27 أكتوبر 1986، فاشتغل مدرسا بمجموعة مدارس بني وليد وبالفرعية التابعة لها بدوار عين عبدون. فكان طيلة هذه السنوات النموذج للجد والعمل، وكان صارما حازما لا يقبل بالغش والتهاون والاتكال.كما عمل مراسلا لجريدة “صدى تاونات”في السنوات الأولى التي ظهرت فيها الجريدة حيث قام بنشر العديد من المقالات والتغطيات الإعلامية لمنطقة بني وليد ونواحيها .

وبعد هذا المسار المهني الحافل دخل سي علال مهمة الإدارة التربوية، فكانت البداية بمجموعة مدارس تمدغاص التي عين مديرا لها بتاريخ 5 شتنبر 1999، وبعد سنتين عاد من جديد سي علال إلى مجموعة مدارس بني وليد، لكن هذه المرة بصفته مديرا لها وذلك بتاريخ 1 شتنبر 2001، فحاول طيلة هذه المدة جعل المدرسة نشيطة ولو بالإمكانيات البسيطة، وكان يتصارع هنا وهناك ويقدم الطلب تلوى الأخر من أجل تغطية جميع الأقسام بالأساتذة، وتجنب الخصص الذي أصبح يصيب المدارس المغربية.

سي علال بعد أزيد من 37 سنة من العمل في حقل التربية والتعليم، بغيرة وإخلاص حصل خلال هذا الموسم الدراسي على التقاعد بعد تسليم مهام إدارة مجموعة مدارس بني وليد للمدير  الجديد يوم 30 دجنبر 2014.

 واليوم لم يعد يربط سي علال بهذه المدرسة التي درس فيها ودرَّس بها، إلا الذكريات الجميلة التي تمر أمام عينه كشريط وثائقي، وعندما سألنا سي علال عن إحساسه بعد تقاعده عن العمل، قال: “بأنه ارتاح من المسؤولية الثقيلة التي تحملها لأزيد من ثلاثة عقود وضميره مرتاح، بعد أن أدى رسالته التربوية والتعليمية بكل إخلاص وصدق وغيرة، والآن حان الوقت لكي يستريح ويتفرغ لأعماله الأدبية والشعرية”.

الأستاذ علال الجعدوني

الأستاذ علال الجعدوني

سي علال الرجل المناضل والجمعوي والتربوي والأستاذ، يتقاعد اليوم في صمت بعد كل هذه الجهود والتضحيات التي قدمها لوطنه ولأبناء وطنه ولبلدته بني وليد وأبنائها. فباستثناء الالتفاتة التي قامت بها لجنة التنسيق بين جمعيات (المجلس المحلي للشباب والتشاور؛ جمعية ورغة؛ جمعية توازة) في إطار الأيام الثقافية بني وليد تحت شعار ”العمل الجمعوي ببني ليد: عطاء واستمرارية”، والتي عبر فيها المشاركون عن الأدوار التي قام بها المحتفى به طيلة مساره المهني والنضالي والجمعوي، ومنحه بعض الجوائز التقديرية. نجد صمت كبير من طرف عدة جهات. فالرجل بعد كل هذه التضحيات والأعمال التي قدمها يستحق الكثير من الاهتمام وليس الإهمال. فسي علال الذي اشتغل كمدرس ثم كمدير بمجموعة مدارس بني وليد لمدة تزيد عن 23 سنة، يخرج منها وكأن شيء لم يحدث… ألا يتوجب على زملائه في العمل بمدرسة بني وليد أن يخصصوا له يوما لتكريمه والاحتفال به واسترجاع ذكريات العمل معه، والقول في حقه بعض الكلمات.

ألا يستحق سي علال من نيابة التعليم الإقليمية بتاونات أن تحتفي به، وتعترف له بالمجهودات التي أسدها لوطنه ولبلدته بني وليد، والتعبير عن لأدوار التي قام بها من أجل الحفاظ على السير العادي للمدرسة التي تحمل مسؤوليتها لمدة 14 سنة.

ألا يستحق سي علال من تلاميذه الذين درسوا وتتلمذوا على يده، أن  يقيموا لأجله حفلا تكريما، يكون عبارة اعتراف بإخلاصه الكبير لمهنته، وصرامته العلمية والمهنية.

إن هذه اللامبالاة التي لقيها الأستاذ علال الجعدوني من زملائه وتلاميذه ومدرسته ونيابته وإقليمه، تؤكد على مدى فقداننا لثقافة الاعتراف والاحتفاء بالأعلام الفاعلة داخل مجتمعنا، كما تبرز لنا فقرنا التضامني وغياب لغة التقدير والاحترام.

وهذا الإهمال لا يتعلق فقط بسي علال وإنما هي مشكلة مجتمعية، نعاني منها حيث نقلل من مجهودات الآخرين، ولا نعترف بمنجزاتهم ومساهماتهم. فكل سنة يتقاعد الآلاف من الأطر، في صمت بعد عقود من التضحيات والعمل والجهد والكد، فتكون اللامبالاة والتهميش مصيرهم وجزائهم.

عاهد ازحيمي

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7235

اكتب تعليق

لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى