السياحة الجبلية بإقليم تاونات:ثروة سياحية هائلة بحاجة الى التفاتة للسلطات العمومية والمنتخبين

قصبة أمركو  التاريخية بإقليم تاونات

قصبة أمركو التاريخية بإقليم تاونات

تاونات /خاص ب”جريدة”تاونات نت”/يحتاج إقليم تاونات الى استراتيجية عمل مندمجة تتوخى النهوض ب القطاع في الإقليم ضمن مقاربة شمولية قوامها التماسك والتكامل في الأدوار والوظائف بين مختلف قطاعات ومجالات التنمية، والاستغلال الأمثل والعقلاني للامكانات الطبيعية والتراثية والثقافية التي يتيحها على هذا المستوى.

وتتنوع هذه الفرص وتتوزع بشكل يساهم في خلق مدارات سياحية متكاملة ويتعلق الأمر بسياحة الاستغوار مثلا.

هذه الأخيرة تتيحها الكهوف التي يتوفر اقليم تاونات على عدد منها لزالت خارج نطاق الاستغلال السياحي والبحث العلمي وهي كالتالي:

سياحة الاستغوار فرص جذابة في كهوف أسطورية غريبة

يحتضن إقليم تاونات العديد من الكهوف، ويمكن التركيز على بعضها، وفي هذا الصدد ندرج بعض الكهوف:

-كهف أعروس، بقيادة بني زروال دائرة غفساي، يقال أنه لكبره قد يضيع الإنسان بداخله، ولا يستعمل حاليا لخوف الناس منه.

– كهف رأس القبور، بعين باردة قيادة بني زروال، دائرة غفساي ينزل إليه بقرابة 10 أمتار، ثم يمشي فيه، وهو بارد جدا يستعمله السكان مبردا لكل ما يردون بتبريده.

– كهف المال ببلدية غفساي، ينزل إليه بالقفف، ويسمع فيه  خرير الماء،

وهو مهجور لخوف الناس منه.

–       كهف صاف عين تاشكة بجماعة بوعادل، دائرة تاونات، كبيرة ويستعمل مأوى للكسابين أيام البرد.

– كهف الزمورى بقلعة ميزاب جماعة اخلالفة ، دائرة تاونات كبير، وكان يستعمل مأوى أيام الحروب، وهو مهجور اليوم.

– كهف مكتوب بجماعة وادي جمعة دائرة تيسة، وهذا توجد على بعض صخوره كتابات غير معروفة لدى ممثلي السكان، وفي الذاكرة الشعبية أنه استعمل من طرف البرتغاليين.

كهف بكلاز، يتميز بتوفره على عناصر الكهف الرئيسية من صواعد ونوازل وبحيرة مائية مثيرة للاستغراب والدهشة.

القيمة الاستكشافية لهذه الكهوف، وما تختزله من أساطير وروايات منسوجة حولها يمكن أن تساهم في استقطاب اهتمام وفضول السياح الأجانب والمغاربة وخاصة المستغورين.

على سبيل المثال لا الحصر، يشكل جبل تيفلواس 1200 م الفاصل بين إقليمي تاونات والحسيمة بمنطقة امتيوا الجبل، مجالا خصبا لخلق الثروة من خلال دعم وتشجيع السياحة الجبلية والاستغوارية.

فالتنوع الطبيعي لهذا النطاق الجبلي وسحر مناظره الصخرية الخلابة ومغاراته وكهوفه المثيرة ومنابعه العذبة لا شك أنها توفر فرصا هائلة للاستثمار وتهيئ سبل إعداد بنيات تحتية ومدارات سياحية.

 تنساب مياه منبع بني بربر سلسبيلا عند قدم تيفلواس الذي تغنى به سكان المنطقة منذ القدم قائلين ” براري براري أولدي حتى يطلع باباك لتفلواس ويجيبلك الما فالكاس”، مياه عذبة ذات جودة طبية عالية.

والى جانب منبع بني بربر يشهد الموقع نفسه عن وجود إبداع رباني فريد مجسد في مغارة بني بربر التي لازالت في طور الاكتشافات من قبل علماء الجيولوجيا والاستغواريين، توجد هذه المغارة عند قدم جبل تيفلواس عرفت توافد فرق بحث واستكشاف منذ عقود بما في ذلك باحثين وسياح أجانب.

مدخلها ضيق جدا غير أنها تتسع كلما توغل المستغور إلى مسافات أطول، تحتضن بداخلها نبات الدفلة وبحيرات مائية صغرى، من الصعب الولوج إليها دون إنارة، وبطول نفقها الأرضي عناقيد متدلية تقطر بالماء وأخرى صاعدة متكلسة من ذلك الماء.

وحسب المعتقدات فان الأحواض المائية الصغرى بداخل المغارة تتيح إمكانية معالجة العقم لدى النساء والرجال، هناك حوض خاص بالنساء، وآخر بالرجال، يكفي حسب الاعتقادات أن تغتسل المرأة العقيمة بمياه الحوض لتضع مولودا، هذه المعتقدات لازالت سائدة إلى الآن ولازال التوافد بشأنها قائما من مناطق مجاورة وبعيدة.

حيكت حولها أساطير، وتتحدث إحداها عن إطلاق ديك” فروج ” باللهجة المحلية، عند مدخل المغارة وبعد مدة ليست باليسيرة خرج عند كهف سيدي علي بن داود بمنطقة مرنيسة على بعد ما يناهز 21 كيلومترا.

 المغارة لازالت بحاجة إلى الدراسة والكشف عما تحتضنه من خبايا، وتحتاج لتهيئة فضائها الخارجي حتى يتسنى لها أن تتحول إلى محطة جذب للاستغواريين، ويتيح منبع بني بربر الذي يتدفق بجانبها بناء صهريج مائي وتهيئة الفضاء المحيط به وفتح طريق أفقي عابر لقرية بني بربر والقلعة وأيشتوم والناضور والكهوف والمغارات بالمجال الصخري الأعلى لجبل تيفلواس.

غابة ودكة أبرز فضاءات السياحة الايكولوجية بالمغرب وللأسف مهملة

 مخيم الودكة بإقليم تاونات

تشكل غابة ودكة أحد أبرز المجالات ذات القيمة الإيكولوجية والبيولوجية الهامة شمال المغرب، بالنظر لما تحتضنه من أصناف نباتية وغابوية فريدة وبحيرات طبيعية تميزها عن باقي المجالات الغابوية بجبال الريف والأطلس، إلى جانب أهميتها في احتضان الوحيش الغابوي من خنزير بري وطرائد…إلخ، اعتبارا لأهميتها في جلب هواة القنص والصيد .

كل هذه المعطيات تأهل هاته الغابة لتصنف ضمن كبرى المجالات السياحية في المغرب، ويمكن استثمارها لتصبح قطاعا مهما لتنمية السياحة الجبلية، إلا أن ذلك يستوجب توفير بنية تحتية جيدة من شق الطرق وتوفير أماكن للسكن ومخيم دولي، مما سيوفر فرصا للشغل، وينعش الإستثمار، و سيعمل على إعادة رسم ملامح جبل ودكة في إطار تنموي بيئي إيكولوجي.

بني بربر مشهد بانورامي ساحر بمنحدر جبل تيفلواس

يندمج هذا التنوع الطبيعي المتفرد بمشهد بانورامي لقرية بني بربر وللرستاق الزراعي الذي يرتسم إلى الأسفل منها إلى جانب المرتفعات المحيطة على امتداد أوجكال وأيشتوم والناضور والتي تزخرف لوحاتها الشامخة مغارس واسعة لأشجار التين والزيتون.

تحتاج قرية بني بربر التي هاجر أبناؤها للعمل بالصناعة التقليدية في كل من الدارالبيضاء وفاس ومكناس لخلق دار للصناعة التقليدية وتطوير صناعة السلل المحلية بمادة القصب التي تزخر بها أودية عالية بني بربر دون غيرا من مناطق الريف ومقدمته.

وتتطلع منطقة أيشتوم الناضور عبر طريق القمم التي تربط المنطقة بمركز الجماعة، إلى تأهيل الطريق وتوسعتها وبنائها حتى يتسنى لساكنة المنطقة رفع طوق العزلة والخوف والخطر الذي يحذق بها جراء السفوح الوعرة والشديدة الانحدار، فالمنطقة عرفت استقرارا بشريا لعوامل تاريخية ومن الصعب جدا ترحيل الساكنة المبثوثة هناك إلى مناطق اخرى، اعتبارا لارتباطها الشديد باستغلال ما تتيحه جبال المنطقة من إمكانات لغراسة مختلف أنواع الأشجار الثمرية وبخاصة التين واللوز والزيتون وتربية الماشية.

أمركو قلعة للعمارة والتاريخ تلوح في الأفق على بحيرة سد الوحدة

قصبة أمركو التاريخية بإقليم تاونات

قصبة أمركو التاريخية بإقليم تاونات

أمركو قلعة أثرية تتربع بكل هدوء على قمة جبل تحمل اسمه, على بعد 65 كيلومترا الى الجنوب الغربي من تاونات, تتربع قلعة أمركو الفريدة لتعكس جوانب من عظمة الحضارة المرابطية بحوض ورغة.

 تحكي القلعة المرابطية لزائريها في صمت ذكريات الإمبراطور المرابطي علي بن يوسف ابن تاشفين, تقف أقواسها وأبراجها وأسوارها العظيمة دوما لتشاكس ظروف العزلة المضروبة حولها وتكابد عوائد الزمان والطبيعة والانسان لتتخطى عتبات الإهمال.

بعد قرون مضت أضحت زوايا وأبراج أمركو اليوم, أعشاشا للغراب والقوارض بعد أن كانت مركزا استراتيجيا دفاعيا وأمنيا عبر أحقاب من التاريخ المغربي, ترسم دلالة موشومة بالعبقرية والنبوغ الواضح في عمرانها البديع, هاهي أمركو اليوم تصمد في هدوء, وتأبى الاحتجاج على نسيانها مكتفية بالقول لكل زائريها ” أنها تترقب بين كل لحظة طلعة أمل ترى فيه أيادي الإنقاذ تمتد إليها لتؤنسها وحدتها ولتنير فضاءها عبر إصلاحات وترميمات أملا في أن يعود لها مجدها الغابر مع عظمة ابن تاشفين.

قطاع السياحة باقليم تاونات يعد باستثمارات هامة اذا لقيت ترحيبا من لدن المسؤولين والمنتخبين

سد ايناون بإقليم تاونات

سد ايناون بإقليم تاونات

قطاع السياحة باقليم تاونات بحاجة إلى دعم وتأطير، تماشيا مع النتائج الايجابية التي حققتها الدولة في هذا المجال، لذا فانه بات على فعاليات الاقلمي ورجال اعماله ومستثمرين ومسؤوليه ومنتخبيه توجيه فرص الاستثمار لاستغلال فرص هذا المنتوج الهائلة والقريبة من مدينة فاس ومكناس رغم الجاذبية التي تظهرها جبال الاطلس وافران، ولا شك ان المرور الى هذه المرحلة ينطلق بإحداث مندوبية إقليمية للسياحة للسهر على  التدبير والتأطير الإداري والتقني والمجالي لهذا القطاع البكر والحيوي الواعد.

ولا شك، أن استثمار هذه المؤهلات وتعبئتها لتقوية فرص التنمية المحلية يتطلب تظافر جهود جميع الفاعلين من قطاعات حكومية ومنتخبين وقطاع خاص ومجتمع مدني، ملحين على ضرورة الانخراط في صياغة خطة محكمة واضحة الأهداف والمعالم تتوخى تجهيز المواقع السياحية المتوفرة والتعريف بها لتحفيز المستثمرين على استغلالها كوجهة سياحية جديدة تساهم في تحقيق الأهداف المرسومة، ولأجل ذلك فقثد بات من اللازم تكوين لجنة موسعة تسهر على إعداد برنامج طموح لإخراج بعض المشاريع السياحية في مجال السياحة الجبلية إلى حيز الوجود.

اذ أن مخطط التنمية السياحية الجهوية الذي يستهدف تطوير الأقطاب السياحية ارتكازا على المنتوج السياحي الأساسي، تتمحور حوله مختلف أنواع الأنشطة المكملة والمناطق المحيطة بالقطب السياحي لمدينة فاس المزمع تطويره وتنميته، موضحا أنه جرى في هذا الإطار التركيز على المنتوج الثقافي بفاس باعتباره الرافعة الأساسية للتنمية السياحية لهذه الجهة والأقاليم المجاورة ومن ضمنها منطقة تاونات، باعتبارها أقطابا مكملة تساهم في تنويع وإغناء المنتوج السياحي لمدينة فاس.

فإقليم تاونات يتوفر على مؤهلات سياحية طبيعية تتميز بالتنوع والغنى، في محيطات السدود والأنهار والجبال والمنابع المائية والغابات الشاسعة والمجالات الطبيعية والمواقع السياحية الغنية لبحيرات سد الوحدة وإدريس الأول والساهلة وبوهودا وأسفالو، والمنابع المائية والبحيرات الطبيعية لبوعادل وفرط النجوم، والغابات الطوزية لجبل ودكة والموقع الأثري لقلعة أمركو.

مركز الوردزاغ بإقليم تاونات

مركز الوردزاغ بإقليم تاونات

كما يتوفر الإقليم على تراث ثقافي وفلكلور متنوع ومهرجانات ومواسم مختلفة، وأنواع عدة من فنون الصناعة التقليدية كالفخار وصناعة القصب والأواني الخشبية والدرازة، إلى جانب معاصر الزيتون العتيقة والمنتجات الفلاحية التقليدية.

ولاشك أيضا أن استغلال التنوع السياحي الخام لهذا الإقليم، يفرض إعداد بنك للمعطيات خاص بالمؤهلات السياحية المتعلقة بالمنطقة والتدابير الخاصة بالتهيئة السياحية وإحداث تجهيزات وخلق بيئة سياحية مناسبة على طول المدارات السياحية، وتهيئة مجالات الصيد والقنص والتشجيع على إقامة بنيات للإيواء تتلاءم وطبيعة المنطقة الجبلية، بالإضافة إلى تدابير خاصة بتكوين المرشدين السياحيين من أبناء المنطقة وتدابير خاصة بالتنشيط السياحي.

محمد العبادي

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7183

اكتب تعليق

لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى