جريدة “تاونات نت”تفتح ملف الأسواق الأسبوعية بإقليم تاونات:غياب شروط النظافة وتراكم النفايات…

 

هذه حالة عرض اللحوم بأسواق تاونات

هذه حالة عرض اللحوم بأسواق تاونات

تاونات/إعداد:محمد العبادي/جريدة”تاونات نت”/ لازال معظم ساكنة اقليم تاونات في غياب أسواق منظمة ومغطاة تعتمد على الأسواق الأسبوعية لاقتناء حاجياتها الغذائية اليومية من خضر وفواكه ولحم وسمك وتوابل وغيرها، غير أن مشاهد هذه الأسواق أضحت في معظمها مخيفة ومتعفنة، لا تستجيب تماما لمعايير السلامة الصحية للمواد الغذائية.

بعد أن تخلت عنها السلطة والمجالس الجماعية:

السوق الأسبوعي.. بقرة حلوب متعفنة

 فقد تحوّلت  معظم هذه الأسواق بعدما غادرتها السلطة وتسلمها مقاولون مكترون لها الى مرتع للقوارض وأكوام للنفايات، وفضلات الانسان والحيوان دون أن تجد من يسهر على نظافتها بعدما وضعتها الجماعات المحلية في السمسرة العمومية لمكترين لا يهمهم غير تحصيل واجب الصنك بشتى الوسائل وهو ما جعلها قنبلة موقوتة أشد خطورة على صحة الانسان بربوع هذا الاقليم. هذه الوضعية الكارثية وقفنا عليها من خلال جولة قادتنا إلى سوق سبت اسلاس وأحد غفساي على سبيل المثال لا الحصر.

بمجرد الوصول للسوق الأسبوعي سبت سلاس غرب مقر جماعة أورتزاغ تستقبل الزائرين روائح كريهة منبعثة بين خيام وطاولات مفروشة لبيع اللحوم الحمراء والبيضاء والأسماك  يتوسطه فضاء لأكل السمك المشوي والكفتة، في أرضية السوق بهذا الفضاء يشتم الزائر والمستهلك والبائع روائح تزكم الأنوف حيث تتراكم  نفايات السوق بشكل دوري من بقايا سقيط المذابح والحوت الفاسد وفضلات الانسان والحيوان وما الى ذلك من النفايات الصلبة والسائلة، حيث خلقت الظروف المثلى لتكاثر وتناسل الحشرات والذباب والجرذان والقطط والكلاب التي تحوم حول طاولات بيع اللحوم والسمك  والأدهى من هذا أن رواد السوق من بائعين وزبناء  تعودوا على هذه المشاهد والتي باتت جزءا عاديا من يومياتهم. اذ لا يوجد أي فضاء منظم ونظيف للبيع وعرض السلع سواء الغذائية أو غيرها ، فالجراثيم والتعفنات والأوحال شتاء أو الغبار صيفا منتشرة في كل مكان يقول أحد الباعة منذ أن خرجت الأسواق الاسبوعية عنة مراقبة السلطة ازدادت وضعية السوق سوء، اذ أن مرافق السوق الاسبوعي تظل كحالها دون نظافة أو تهيئة واعداد، حيث تتراكم نفايات الأسواق طيلة السنة دون أن يلتزم مكتري السوق الأسبوعي كغيره على تنظيفه وصيانته بشكل يليق بعرض المنتجات الغذائية وغيرها التي تعرض للانسان وليس للحيوان. من جهته اعترف بائع للسمك بالتقسيط، أن حوالي 85 بالمائة من الأسواق الاسبوعية التي يتوافد عليها باقليم تاونات تشكل تهديدا وخطرا على صحة المستهلك بسبب تراكم الأوساخ والنفايات، أي بقايا السلعة بالأخص فضاءات بيع السمك واللحوم،حيث يتجمع الدم

والقاذورات وهو ما يساهم في انتشار رهيب للحشرات والقوارض. وأضاف البائع أن هذه الأسواق تتطلب إعادة نظر من طرف المصالح الجماعية، فالتجار يعانون كما يعاني زبنائهم في صمت أمام تمادي الجهات المسؤولة عن كراء الأسواق الأسبوعية والاستفادة من عائداتها في صم الآذان واغماض العين عن الحالة التي وصلت اليها وضعية هذه الأسواق من حيث التلوث البيئي وبالأخص منذ انسحاب السلطة من الأسواق الأسبوعية وتكفل الفائزين بصفقة اكترائها بعائدات الصنك من جيوب الفلاحين والتجار بل وحتى الزبائن كما حدث بسوق أحد عين عائشة حيث يقف أحد الاشخاص برحبة الزرع ويبتز الزبائن بالأداء عما اشتروه من حبوب وقطاني دون أن يمدهم بالصنك وهذا الأخير مفروض فقط على التجار وبائعي الحبوب وليس على الزبائن، فقد تسبب انسحاب السلطة من السوق في حدوث الفوضى وجباية المال بطرق شرعية وغير شرعية، يحدث هذا طبعا أمام انظار الجميع بما في ذلك السلطات المحلية .

زبائن يشترون الموت بدراهم معدودة

هذه هي حالة المجازر بأسواق تاونات

هذه هي حالة المجازر بأسواق تاونات

ولقد عبر زبائن السوق ممن التقيناهم عن سخطهم من الوضعية التي تحاصرهم في الأسواق الأسبوعية، في سوق سبت سلاس كما في سوق أحد غفساي وأحد عين عائشة  وما إلى ذلك من الأسواق، يلقي رواد السوق باللوم على مكتب السلامة الصحية للمواد الغذائية ومصالح قمع الغش التي فتح تهاونها سيطرة التجار على السوق حيث حولوه الى مزبلة يبيعون فيها أصناف اللحوم والخضر والأسماك الرديئة والجيدة والعفنة دون حسيب أو رقيب··
أما تجار السوق فالبعض منهم أرجع الوضعية الى غياب مصالح البلدية المكلفة بالتنظيف الدوري لهذا السوق الأسبوعي، فحسبهم فإنهم غير راضين بهذه الوضعية وهم كذلك يعانون منها بالنظر الى التلف الذي يصيب سلعهم خاصة الخضر واللحوم، وعليه فإن الضرر واحد على ان المستهلك أكثر المتضررين فهو يشتري الموت بدراهم معدودة.
هذا عن حالة أسواق تعتبر من أقدم الأسواق الأسبوعية بالاقليم، والتي غابت عنها برامج التهيئة وتحولت الى بقرة حلوب، بحيث غابت عنه الرقابة، فغرق في سواد النفايات وتحول الى مصدر لإنتاج الأمراض والموت وجمع الجبايات··
والحال ليس مختلفا في الأسواق المتواجدة في دائرة غفساي كما في باقي دوائر اقليم تاونات، حيث تعرض اللحوم البيضاء على الهواء بأثمان بخسة وسط النفايات، وسوق أحد غفساي يسأل عن حاله حيث يتحول هو كذلك الى مستنقعات ومفرخ للنفايات··
والأمر يشمل أغلب الأسواق الأسبوعية التي تحاصرها أطنان وأكوام من النفايات دون معالجة أو تطهير، حيث تظل على حالها الى أن يأتي موعد سوق آخر لتضاف اليه نفايات أخرى وهكذا يستمر المشهد الكارثي لهذه الاسواق دونما ان يحرك احد ساكنا، حيث أضحت بقرة حلوبا للمكترين وللجماعات دونما تخصيص ولو 1 بالمائة سنويا من واجبات الكراء لنظافة هذه المرافق الحساسة بالنسبة لصحة المستهلك والبائع على حد سواء.
وعليه فإن الحالة ليست فريدة في أسواق دون أخرى في الواقع فكل الأسواق تقريبا تحتاج الى تدخل فوري من وزارة الداخلية والمصالح الجماعية ومكتب السلامة الصحية، لتنفيذ وعودها في صيانة ونظافة و تهيئة وتوفير شروط السلامة الصحية للمنتجات المعروضة وهي في الحقيقة تدابير مجمدة ومؤجلة في كل مرة لأسباب مجهولة، وفي كل الحالات فإن الأسباب لا تهم في مثل هذه الحالات، فصحة المواطنين أولى من كل الحسابات، فهل ستتدخل المصالح المعنية لإزالة أطنان النفايات وكبح جماح مكتري أسواق البقر الحلوب المتعفن و تجار الموت، ووقف زحف الأمراض على المستهلكين بهذا الاقليم المتخوفين من الأسوأ خلال موسم الحر ورمضان اين يتحولون الى لقمة صائغة لدى منعدمي الضمير فيعرضون لهم الموت في شكل خضر وفواكه ملوثة ولحوم وأسماك تعشعش فيها الجراثيم، ويشترون ··!

في غياب الرقابة: تأسيس إطار مدني لحماية المستهلك ضرورة ملحة

أوساخ وقاذورات منتشرة في أسواق تاونات

أوساخ وقاذورات منتشرة في أسواق تاونات

  في ظل غياب مفتشية تابعة للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية التابع لوزارة الفلاحة ، وغياب مراقب للجودة محلف معتمد من طرف وزارة الداخلية، وغياب تقني صحة الوسط بالمستشفى المحلي. تكون حياة المواطنين مهددة في جل مناحي الحياة من مأكل ومشرب وبيئة.

     إذ تكفي المتتبع لحال السلع المعروضة سواء بالدكاكين بالمركز الحضري لغفساي أو تاونات أو الأسواق الأسبوعية ليلاحظ الزائر قمة التسيب والعشوائية ،لا من حيث شروط العرض أو المواد المعروضة للبيع إذ تكاد تنتفي شروط السلامة الصحية للمواد الغذائية سواء منها المعلب أو الطازج كالأسماك واللحوم بأنواعها الحمراء والبيضاء،والخطير هو مطاعم الأسواق التي يصيبك حال العديد منها بالتقزز بمجرد المرور بها.

     أحد رواد السوق الاسبوعي لأحد غفساي قال لنا، “مرة كنت أتجول بالسوق الأسبوعي لغفساي صادفت دورية للدرك الملكي بمكان بيع الدجاج تحرر محاضر غرامات للباعة الغير الحاملين للبذلة الصحية، في حين أن الوسط الذي تعرض فيه اللحوم البيضاء هي عبارة عن مزبلة تنبع منها روائح كريهة تزكم الأنوف وغير بعيد منها توجد مجزرة تنعدم فيها كليا شروط الذبيحة.والحالة هاته من يحرر ولمن تحرر محاضر تردي الحالة العامة للسوق ودوامها على مر أسابيع السنة.

     هذا غيض من فيض لانتهاكات حقوق المستهلك باقليم تاونات الذي تخلت عنه جميع الجميع الجهات الموكول لها الرقابة المستمرة على كل يمس صحة المواطن التي أصبحت رخيصة .

    ونتيجة لهذا الفراغ المؤسساتي، بات لزاما على ذوي الخبرة من الساكنة في مجال الصحة والتغذية والبيئية والخدمات تأسيس إطار مدني لحماية المستهلك وللتصدي لمختلف السلوكات والممارسات التي تشكل خطر على صحة المواطنين بالأسواق الأسبوعية والدكاكين والمراكز التجارية باقليم تاونات .

الاهتمام بالأسواق الأسبوعية مدخل للتنمية الترابية

وطريقة تدبيرها أضحت متجاوزة

مشهد لفضاء مجزرة بسوق أسبوعي عبارة عن مربط للدواب

مشهد لفضاء مجزرة بسوق أسبوعي عبارة عن مربط للدواب

شهدت البنية الاقتصادية والاجتماعية للأسر القروية والحضرية باقليم تاونات تحولات في حين بقيت الأسواق الأسبوعية على حالها، فهل من الضروري أن تمتلك كل جماعة سوقا أسبوعيا، وهل من الضروري أن تنحصر دورية السوق مرة في الأسبوع، وهل هناك نمط معين يجعل السوق الأسبوعي أكثر حركية، فالسوق الأسبوعي يجب أن يكون كنقطة قوة للجماعة وليس العكس وكمدخل لتصور حول إعداد التراب الجماعي، على اعتبار أن خريطة الأسواق يجب أن تكون ركيزة لإعداد التراب المحلي وذلك لأن البنية المجالية للجماعة ككل مرتبطة بالسوق الأسبوعي، لما له من اشعاع محلي واقليمي وجهوي.

ورغم هذا الدور الاشعاعي والريادي لأسواقنا الأسبوعية فانها على الرغم من ذلك تعرف اختلالات عديدة وطريقة تدبيرها باتت متجاوزة، ولابد من الانتقال إلى آليات معقلنة للتدبير سواء من خلال التعاون بين الجماعات أو مع القطاع الخاص، لهذا الغرض فانه يتوجب إعداد دراسة تشخص حالة الأسواق الأسبوعية ومن خلالها الخروج بدليل لتنظيم السوق بشكل عام و التفكير في إمكانية استغلال فضاءات الأسواق الأسبوعية للمراكز الحضرية بالاقليم لاستيعاب وتنظيم الباعة المتجولين.

فالاهتمام بالأسواق الأسبوعية بمثابة مدخل للتنمية الترابية والسياسات العمومية في العالم القروي، ولا يمكن أن نطور الإنتاج والإنتاجية والتنوع الاقتصادي لدى الفلاح والقروي دون تأهيل وعقلنة وتحديث هذه الأسواق. إذ يبلغ مجموع الأسواق الأسبوعية باقليم تاونات 42 سوقا من أصل 822 سوقا على الصعيد الوطني، أربعة منها حضرية، تخضع في معظمها للكراء بعد تخل يالجماعات عن التدبير المباشر، لكن بصفة عامة مداخيلها لا ترقى لتطلعات الجماعات. فالجانب القانوني رغم أهميته يظل غير قابل للتفعيل في تدبير الأسواق الأسبوعية والتي تتجلى في التدبير المباشر، الإيجار، مع ما يطرح ذلك من مشاكل واكراهات مرتبطة بهما كعدم القدرة على التحكم في مداخيل الأسواق، وعدم وجود قرارات تنظيمية في الغالب، وغياب موارد بشرية كافية ومؤهلة.

بعد ذلك، قدم السيد التهامي محيب، رئيس المجلس الجماعي لابن جرير، عرضا عن تأهيل وتدبير السوق الأسبوعي ثلاثاء بنجرير نموذجا كأحد أهم الأسواق الوطنية المتخصصة في تسويق الأغنام، إلا أنه لم يعد يواكب المشروع التنموي الكبير للمدينة، نظرا للمشاكل والاكراهات التي يعرفها، لهذا تم إعداد مشروع تحويل هذا السوق الأسبوعي من خلال اختيار موقع ملائم، إعداد تصور مندمج، تعبئة الموارد الضرورية، وتحديد مساحة ملائمة للمشروع. ويقر المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، بأن المواصفات الصحية غير الكافية التي تعرفها الأسواق الأسبوعية، خاصة أسواق الحيوانات الحية والمجازر ونقط بيع اللحوم الحمراء والدواجن والسمك.

 وهكذا فالأسواق الأسبوعية باقليم تاونات بحاجة الى اعادة الهيكلة باعتبارها مدخل للتنمية الترابية وعلى اعتبار أن طريقة تدبيرها أضحت منذ عقود متجاوزة.

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7186

اكتب تعليق

لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى