جريدة ” تاونات نت” تنفرد بنشر سيرة الشيخ العلامة علي بن عبد الرحمن الأنفاسي السلاسي ابو الحسن

واجهة-كتاب-الأستاذ-احميدوش

واجهة-كتاب-الأستاذ-احميدوش

تاونات :جريدة”تاونات نت”/نسبه وولادته :هو أبو الحسن علي بن عبد الرحمن الانفاسي السلاسي ولم يشر احد ممن ترجم له، إلى ولادته والى العلاقة بينه وبين الانفاسي السابق ترجمته سيدي سليمان بن يوسف بن عمر الانفاسي وكذا بينه وبين يوسف الانفاسي والد سليمان وربما جمعتهم بعض السنين حيث توفي سيدي سليمان سنة 779هـ/1377م. ويقال في سيدي علي بن عبد الرحمن توفي وقد طعن في السن بمعنى شخص فيها أي شاخ وهرم ولا يبلغ هذه المرحلة إلا من تجاوز أكثر من مائة سنة إلى ما فوق المائة والعشرين وهو قد توفي سنة 860هـ/1455م والعلاقة بينه وبين أبي الحسن علي عبد الرحمن بن احمد بن عمران السلاسي الذي ولد سنة 960ه/1552م. بعد وفاة هذا المترجم له مائة سنة تقريبا وربما جمعتهم القبيلة اسلاس التي سكنها عدة من مداشر هذه القبيلة ولم يعرف من أول من دخل من هذه الأسر مدينة فاس .

والغريب عند استقراء تراجم الإعلام والى عهد قريب قبل إنشاء نظام الحالة المدنية نرى العالم خلف عالما أو علماء ولم يؤرخ أو يترجم احدهم لأبيه أو لابنه ويغفلون جانب الترجمة ولو على الأقل تسجيل تاريخ الولادة بالنسبة للأبناء.

فرحم الله سيدي محمد الحجوي صاحب الفكر السامي إذ قال ( اذكر هذه الحلقة من حياتي ويعلم ما اقصده من ذكرها كل من له إلمام بفن التراجم هذه هي الحلقة التي يغفلها كثير من الباحثين والمؤلفين منا فتضيع بإهمالها أهم أطوار حياة الرجال ويتعذر تعليل كثير من أحوالهم يأتون في عملهم هذا بالنتيجة ويتركون المقدمات لان حياة الإنسان كلها إنما هي نتيجة دلك الطور القصير طور الطفولية ومرآة ينطبع فيه كل حين اثر تربيته الأولى والمدرسة الأولى أن تأثير هذه التربية الأولى على حياتي هي التي أوضحت لي أن تربية الأمهات لها دخل كبير في تهيئة الرجال النافعين.وهذا هدف من أهداف ما يراد من ترجمة علم من الإعلام في كل العصور كما يراد من التراجم أهداف أخرى قد تكون مشتركة بين العصور وقد تختص بعصر دون غيره.

نشأته وتعليمه :

عند استقراء نشأة سيدي أبي الحسن علي بن عبد الرحمن الانفاسي السلاسي نجد فاس كانت زاهرة بمجالس العلماء من كل فن والعلماء الكبار متوفرون والخلفاء والسلاطين يعتنون بالعلم وأهله مهتمون بشأنه يبذلون الغالي والنفيس في سبيل تحصيله ونشره وهذا ما ساعد السيخ أبا الحسن علي الانفاسي على الترقي في مراتب العلم والسلوك حتى نال ما قاله تعالى ( يرفع الله الذين ءامنوا منكم والذين اءوتوا العلم درجات) وذلك طبعا بحرصه على حضور مجالس العلم بعد حفظ القران الكريم وان يرى في طلب العلم وتحصيله مثل ما يرى القائل :

إذا العلم أعلى رتبة في المراتب                      ومن دونه عز العلا في المواكب

فذو العلم يبقى عزه متضاعفا                        وذو الجهل بعد الموت تحت التيارب

فهيهات لا يرجو مداه من ارتقى                     رقى ولي الملك والي الكتائب

سأملي عليكم بعض ما فيه فاسمعوا                 فبي حصر عن ذكر كل المناقب

هو النور كل النور يهدي عن العمى                وذو الجهل مر الدهر بين الغياهب

هو الذروة الشماء تحمي من التجا                  إليها ويمشي آمنا في النوائب

به ينتجى والناس في غفلاتهم                      به يرتجي والروح بين الترائب

به يشفع الإنسان من راح عاصيا                    إلى درك النيران شر العواقب

فمن رامه رام المراتب كلها                           ومن جازه قد حاز كل المطالب

هو المنصب الكلي يا صاحب الحجا                  إذا نلته هون يفوت المناصب

فان تلك الدنيا وطيب نعيمها                          فغمض فان العلم خير المواهب

ولإدراك العلم ونيل مزاياه يتطلب الجهد والاجتهاد وسهر الليالي في التذاكر والمطالعة وملازمة أربابه في النهار لأخذه مشافهة عنهم فقد قال احد الشعراء :

بقدر الكد تكتسب المعالي                  ومن طلب العلا سهر الليالي

تروم العز ثم تنام ليلا                      بغوص البحر من طلب الآلي

علو القدر بالهمم العوالي                 وعز المرء في سهر الليالي

تركت النوم رب في الليالي                لأجل رضاك يا مولى الموالي

ومن رام العلا من غير كد               أضاع العمر في طلب المحال

فوفقني في تحصيل علم                  وبلغني إلى أقصى المعالي

وقال غيره :   

يا طالب العلم باشر الورعا              وجانب النوم واترك الشبعا

ودم على الدرس لا تفارقه              فان العلم بالدرس قام وارتفعا

وقال ابن الوردي :

دع التكاسل في الخيرات تطلبها         فليس يسعد بالخيرات كسلان

اطلب العلم ولا تكتسل فما              ابعد الخير على أهل الكسل 

وقال غيره :

ومن مجتهد في نيل أمر ويصطبر        ينله وإلا بعضه إن تعسرا

فما دمت حيا فاطلب العلم والعلا         ولا تال جهدا أن تموت فتعذرا

وقال آخر :

اخلق بذي الصبر ان يظفر بحاجته        ومدمن القرع للأبواب أن يلجا

لا تيأس وان طالت مطالبه                 إذا استعنت بصبر أن ترى فرجا

وفي مزية أخد العلم مشافهة عن الشيوخ قال الإمام ابن خلدون

من لم يشافه عالما بأصوله                       فيقينه في المشكلات ظنون

وقال أبو العباس ابن العريف :

من لم يشافه عالما بأصوله                      فيقينه في المشكلات ظنون

من أنكر الأشياء دون تيقن                      وتثبت فمعاند مفتون

الكتب تذكرة لمن هو عالم                     وصوابها بمحالها معجون

والكفر غواص عليها مخرج                    والحق فيها لؤلؤ مكنون

وقال محمد بن محمد بن محمد حسن الشمتي المغربي :

من ياخد العلم عن شيخ مشافهة             يكن من الزيغ والتصحيف في حرم

ومن يكن اخذ للعلم من صحف              فعلمه عند أهل العلم كالعدم

شيوخه :

إن من اهتموا بتراجم العلماء قد لا يذكرون لبعضهم شيوخهم ويذكرون تلامذتهم ومنهم الشيخ علي الانفاسي فقد ذكروا تلمذه سيدي احمد بن احمد زروق لكون هذا التلميذ ذكره في كناشه وحكى ما شاهده من سلوكه عندما ألح الناس عليه من صلاة الاستسقاء وهم يعلمون ان أخبار العلماء العاملين والنبهاء الصالحين من خير الوسائل التي تغرس الفضائل في النفوس وتدفعها إلى تحمل الشدائد والمكاره في سبيل الغايات النبيلة والمقاصد الجليلة وتبعثها إلى التأسي بذوي التضحيات والعزمات لتسمو إلى أعلى الدرجات واشرف المقامات .

قال الإمام الجنيد (الحكايات جند من جنود الله عز وجل يقوى بها إيمان المريدين فقيل له لهذا من شاهد قال قوله تعالى ” وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك”).

قال صاحب صلاح الأمة في علو الهمة وسماع أخبار الصالحين لذة ما تفوقها لذة وخير وسيلة لإشعال العزائم وإثارة الروح الوثابة وقدح المواهب وذكاء الهمم وتقويم الأخلاق والتسامي إلى معالي الأمور والترفع عن سفا سفها والائتساء بالأسلاف الإجلاء هو قراءة سير نبغاء العلماء والصلحاء والوقوف على أخبار الرجال العظماء والتملي من اجتلاء مناقب الصالحين الربانيين والاقتراب من العلماء النبهاء العاملين المجدين فذلك خير مهماز لرفع الهمم وشد العزائم وسمو المقاصد وإنارة القلوب وإخلاص النيات وتفجير النبوغ والطاقات المدفونة والصبر على اجتياز العقبات الصعاب واحتلال ذرا المجد الرفيع وكسب الذكر الحسن واغتنام الباقيات الصالحات).

وقال أيضا ( ومطالعة التراجم وسير العظة في حياة العظماء وسيلة هامة من وسائل التربية فان الحي لا تؤمن عليه الفتنة).

قال نعيم بن حماد ( كان ابن المبارك يكثر الجلوس في بيته فقيل له ألا تستوحش فقال كيف استوحش وأنا مع النبي وأصحابه)

وقل ابن الجوزي ( سبيل طالب الكمال في طلب العلم الاطلاع على الكتب التي قد تخلفت من المصنفات فليكثر من المطالعة فانه يرى من علوم القوم وعلو هممهم ما يشحذ خاطره ويحرك عزيمته للجد وما يخلو كتاب من فائدة ).

ولهذا كان من الأهمية في قراءة هذه التراجم معرفة شيوخ المترجم له وتلامذته وذلك لإدراك مدى التأثير ومجاله…

ورغم عدم ذكر شيوخ سيدي علي الانفاسي السلاسي عند من أرخوا وترجموا له فإننا سنحاول ذكر العلماء الذين كانت تزخر بهم مدينة فاس وجامعها القرويين مهد العلم والمعرفة أيام شبابه ومن بين هؤلاء الشيوخ :

–          الشيخ العالم العلامة الفقيه الخطيب الإمام اللامع سيدي أبو عبد الله محمد ابن يحيى الشهير بابن عباد المتوفى سنة 792ه/1385م.

–          الشيخ العالم العلامة الفقيه الأديب الكاتب الشاعر سيدي ابو العباس احمد ابن يحيى بن عبد الله بن المنان المتوفى سنة 792ه/1389م.

–          الشيخ العالم العلامة الفقيه المؤقت سيدي ابو عبد الله محمد بن عمر المتوفى سنة 794ه/1391م.

–          الشيخ العالم العلامة الفقيه سيدي محمد  بن ابي بكر الخضرمي المتوفى سنة 799ه/1391م.

–          الشيخ العالم العلامة الفقيه سيدي عمر بن علي الورياكلي المتوفى سنة 799ه/1396م.

–          الشيخ العالم العلامة الفقيه سيدي يحيى بن احمد النفزي السراج المتوفى سنة 805ه/1402م.

–          الشيخ العالم العلامة الفقيه سيدي محمد بن سليمان الرسموكي المزواري المتوفى سنة 806ه/1403م.

–          الشيخ العالم العلامة الفقيه سيدي ابو الوليد اسماعيل بن الاحمر النصري المتوفى سنة 807ه/1404م.

–          الشيخ العالم العلامة الفقيه سيدي عبد الرحمن المكودي المتوفى سنة 807ه/1404م.

–          الشيخ العالم العلامة الفقيه سيدي أبو يوسف يعقوب الحلفاوي المتوفى سنة 818ه/1415م.

إن الفقيه العالم العلامة الذي يتصدر التدريس بالجامع أو المعهد وخاصة جامع القرويين لا يأخذ عنه فقط من ذكر في كتب التراجم بل تجد من يأخذ عنه الكثير كمثل الشيخ سيدي علي الانفاسي السلاسي الذي طال به العمر وقد عبر بعض من ترجم له بقول ( وانتفع به جماعة) وذكر منهم :

–          الشيخ العالم العلامة الفقيه الصوفي سيدي احمد زروق المتوفى سنة 899ه/1493م.

–          الشيخ العالم العلامة الفقيه سيدي محمد بن الحسن الصغير المتوفى سنة 887ه/1482م.

–          الشيخ العالم العلامة الفقيه المحدث الخطيب سيدي محمد بن احمد بن غازي العثماني المتوفى سنة 919ه/1513م.

ومن كانو من عصر هؤلاء كثيرون نذكر منهم على سبيل المثال :

–          الشيخ العالم العلامة الفقيه سيدي ابو عبد الله محمد بن التاجر محمد المنافي المشاط المتوفى سنة 918ه/1512م.

–          الشيخ العالم العلامة الفقيه القاضي سيدي عبد الله بن محمد اليفرني المكناسي المتوفى سنة 917ه/1511م.

–          الشيخ العالم العلامة الفقيه الرحالة الاديب سيدي ابو الحسن علي بن ميمون الغماري المتوفى سنة 917ه/1511م.

–          الشيخ العالم العلامة الفقيه سيدي ابو العباس احمد الونشريسي المتوفى سنة 914ه/1508م.

–          الشيخ العالم العلامة الفقيه الخطيب سيدي ابو الحجاج يوسف الفندلاوي المكناسي المتوفى سنة 914ه/1508م.

–          الشيخ العالم العلامة الفقيه القاضي الخطيب سيدي ابو الحسن علي بن قاسم الزقاق المتوفى سنة 912ه/1506م.

–          الشيخ العالم العلامة الفقيه سيدي ابو عبد الله محمد بن علي بن محمد المزوار المتوفى سنة 910ه/1504م.

–          الشيخ العالم العلامة الفقيه الخطيب سيدي ابو فارس عبد العزيز البوفرجي المتوفى سنة 899ه/1493م.

المهام التي قام بها :

قال صاحب السلوة ( أدركه العلامة ابن غازي وحضر مجلسه والغالب علبه المسكنة والديانة وكان على جانب عظيم من الصلاح) وجاء في معلمة المغرب ( الفقيه المدرس الصالح الورع خطيب جامع الأندلس وإمامها).

وحق له ان يكون مدرسا خطيبا إماما لثاني مسجد في مدينة فاس بعد جامع القرويين لأنه تعلم العلم وعمل به وعلمه قال بعض العلماء الأدباء :

يا طالب العلم ترجو أن تنال به                  عفو الإله وعفو الله موجود

اطلب بعلمك وجه الله خالقنا                     إن الصراط على النيران ممدود

عفو الإله لأهل العلم وناقلهم                    وعفوه عند أهل الجهل مفقود

فاحرص هديت على التعليم مجتهدا            وأنت عند أهل العرش محمود

فاعمل بعلم رسول الله                           وأنت بين عباد الله مسعود

وانشد محمد بن أبي علي الاصبهاني لبعضهم

اعمل بعملك تغنم أيها الرجل                     لا ينفع العلم إذا لم يحسن العمل

والعلم زين وتقوى الله زينته                     والمتقون لهم في علمهم شغل

وحجة الله يا ذا العلم بالغة                      لا المكر ينفع فيها لا ولا الحيل

تعلم العلم واعمل ما استطعت به                لا يلهينك عنه اللهو والجدل

وعلم الناس واقصد نفعهم أبدا                  إياك إياك أن يعتادك الملل

وعظ أخاك برفق عند زلته                      فالعلم يعطف من يعتاده الزلل

وان تكن بين قوم لا خلاق لهم                فأمر عليهم بمعروف إذا جهلوا

فان عصوك فراجعهم بلا ضجر              واصبر وصابر ولا يحزنك ما فعلوا

فكل شاة برجليها معلقة                    عليك نفسك إن جاروا وان اعدلوا

طريقة نصحه وارشاده

 كان الشيخ العالم العلامة الفقيه سيدي علي الانفاسي السلاسي. موصوفا بالخير والصلاح لا وصافا له وكان يحدث بلفظه لأنه أدرك حقيقة قول من قال  ( اجلس إلى من تكلمك صفته ولا تجلس إلى من يكلمك لسانه) وفهم منها ان الوعظ بالأقوال وقد قيل ( الدعوة بالحال خير من ألف مقال) وقيل أيضا (عمل رجل في ألف رجل ابلغ من قول ألف رجل في رجل) لأنه يشعر بالمسؤولية الملقاة على عاتقه انه خطيب واعظ إمام داعية ناصح مصلح وهو في هذه الحالة قدوة وهذه القدوة تتطلب منه ان يراقب سلوكه ويعلم انه مسؤول أمام الله في كل ما يتبعه الناس أو يقلده المعجبون وكلما ازداد حذرا وإخلاصا ازداد الإعجاب به فتزداد فائدته وأثره الطيب في النفوس يقول الإمام الشعراوي في قوله تعالى ( اتامرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم) . يعطينا منهجا أخر من مناهج الدعاة لأنه الذي يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر ويحمل منهج الله يريد ان يخرج من لا يؤمن من حركة الباطل التي ألفها وخراج غير المؤمن من حركة الباطل أمر شاق على نفسه لأنه خروج عن الذي اعتاده وبعد عما ألفه و اعتراف انه كان على باطل لذلك فهو يكون مفتوح العينين على من بين له طريق الإيمان ليرى هل يطبق ذلك على نفسه أم لا أيطبق الناهي عن المنكر ما يقوله فإذا طبقه عرف انه صادق في الدعوة وإذا لم يطبقه كان ذلك عذرا ليعود إلى الباطل الذي كان يسيطر على حركة حياته.

ان الدين كلمة تقال وسلوك يفعل فإذا انفصلت الكلمة عن السلوك ضاعت الدعوة فالله سبحانه وتعالى ” يأيها الذين ءامنوا لم تقولون ما لا تفعلون “.

لماذا لان من يراك تفعل ما تنهاه عنه يعرف انك مخادع وغشاش وما لم ترتضه أنت كسلوك لنفسك لا يمكن ان تبشر به غيرك لذلك نقرا في القران الكريم ” لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الأخر وذكر الله كثيرا ” فمنهج الدين وحده لا يكفي إلا بالتطبيق ولذلك كان رسول الله (ص) لا يأمر أصحابه بأمر إلا كان اسبقهم إليه فكان المسلمون يأخذون عنه القدوة قولا وعملا وهكذا فان عالم الدين لا بد أن يكون قدوة فلا ينهى عن منكر ويفعله أو يأمر بمعروف وهو لا ينفذه فالناس كلهم مفتحة أعينهم لما يصنع والإسلام قبل أن ينتشر بالمنهج العلمي انتشر بالمنهج السلوكي. واكبر عدد من المسلمين اعتنق هذا الدين من أسوة سلوكية قادته إليه فالدين نشروا الإسلام في الصين كان اغلبهم من التجار الذين تخلقوا بأخلاق الإسلام فجذبوا حولهم الكثيرين فاعتنقوا الإسلام ولذالك يقول الحق سبحانه وتعالى ” ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين “.

فالشرط الأول :هو الدعوة إلى الله .

والشرط الثاني : العمل الصالح.

وقوله ” إنني من المسلمين” لم ينسب الفضل لنفسه او لذاته ولكنه نسب الفضل إلى الإسلام.

وهنا يقوم تأثير القدوة على مدى اتصاف الداعية القدوة بصفات تدفع الآخرين إلى تقليده كما تأثر الشيخ احمد زروق وأعجب بعمل شيخه هذا سيدي علي الانفاسي السلاسي حيث يقول في فهرسته عنه الشيخ الفقيه الصالح أبو الحسن خطيب جامع الأندلس وإمامها انتفع به جماعة كثيرة في قراءة المدونة قال ( كان يقرئها بابن يونس والغالب عليه المسكنة والديانة طلب الناس منه ان يستسقي لهم فوعدهم ثالث يوم ففي الغد اخرج ما عنده من الزرع فتصدق به وكان كثيرا رايته بعيني صبرة في صحن المسجد وقال الآن ابكي مع المسلمين ثم استسقى لهم فما رجع إلا بالمطر) .   

وفاته :

رحم الله شبيب بن عقبة الذي قال :

ولا يرد المنايا عن مواقعها                   سد الحجاب ولا عز واحرس

ان الجديدين في الطول اختلافهما            لا ينقصا ولكن ينقص الناس

وهذا قدر محتوم على كل مخلوق قال تعالى ” كل نفس ذائقة الموت وإنما توقون أجوركم يوم القيامة…”

وقد لقي ربه الشيخ الفقيه الصالح سيدي علي بن عبد الرحمن الانفاسي السلاسي بعد أن طعن في السن سنة 860ه/1455م. قال الشيخ العالم العلامة سيدي احمد بن احمد زروق ( صليت خلفه كثيرا وكان على جانب عظيم من الصلاح) وقد ترك بموته ثلمة في الإسلام لا يسدها إلا خلف مثله وهذا ما قصد رسول الله (ص) في حديث ) من غدا لعلم يتعلمه فتح الله له به طريقا إلى الجنة وفرشت له الملائكة أكنافها وصلت عليه ملائكة السماء وحيثان البحر وللعالم من الفضل على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب والعلماء ورثة الأنبياء إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم فمن اخذ بالعلم اخذ بحظ وافر وموت العالم مصيبة لا تجبر وثلمة لا تسد ونجم طمس وموت قبيلة أيسر من موت عالم).

فرحمة الله رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته أمين والحمد لله رب العالمين .

بقلم: ذ. عبد الكريم احميدوش /عضو المجلس العلمي لتاونات

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7235

اكتب تعليق

لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى