مخلفات معاصر الزيتون سم يدمر المجال البيئي ويهدد صحة الإنسان في صمت بدائرة تيسة

معصرة الزيتون تقليدية بإقليم تاونات

معصرة الزيتون تقليدية بإقليم تاونات

تاونات:جريدة” تاونات نت”/ أكدت مصادر عديدة و متطابقة بدائرة تيسة أن عددا كبيرا من المعاصر  التقليدية ومنها الحديثة تقوم بصرف مادة المرج بشكل عشوائي بوديان و مجاري المياه في تحد صارخ للقوانين المعمول بها، مع العلم أن عددا من رؤساء الجماعات نبهوا لما يقع  بل منهم من راسل السلطات المحلية  لإخبارها بالأمر و طالب بتدخلها بغية تطبيق القانون أملا في وقف ما وصف بالكارثة التي أصبحت تهدد صحة  الإنسان  بل و تدمر البيئة مع تأثير خطير على المخزون  المائي .

 مصادر  مطلعة ومسؤولة  بتراب جماعة عين لكدح  دقت ناقوس الخطر منبهة الى ان السلطات المحلية و على رأسها قائد  القيادة راسل عمالة الإقليم  حول الموضوع إلا ان الوضع ازداد سوءا بوجود معاصر تنتمي للمجال الترابي لإقليم  تازة  تقوم بصرف مخلفاتها بشكل عشوائي في اتجاه حدود إقليم تاونات مما  يسبب حالة من الرفض و الاستنكار لما يقع ، الجماعة المذكورة  تتواجد قرب سد إدريس الأول هذا الذي  أصبحت مياهه تكتسي لون السواد مما يهدد الصحة و المزروعات و الكائنات بمحيطه .

فمخلفات عصر الزيتون أو ما تعرف ب”المرج” مشكلة بيئية، لم تجد طريقاً للحل، ليس بإقليم تاونات  فقط،  ولكن بعدد من الأقاليم التي يوجد بها استغلال  الزيتون ” هذا ما حذّرت منه تقارير لمنظمات بيئية بالإضافة الى تغطيات صحفية دقت ناقوس الخطر منذ سنوات ، مشيرة إلى خطورة الوضع  مع العلم  أنه رغم إجراء دراسات وأبحاث عديدة، إلا أن اياً منها لم يستطع الوصول الى حلول جذرية وقليلة التكلفة لهذه المشكلة، حيث أصبحت مجاري الأودية والقنوات المائية والمياه الجوفية والأراضي الزراعية تواجه هذه المعضلة بشكل سنوي .

والمرج  كما جاء في عدد من  التقارير ، هو ماء أسود اللون ينتج من عملية عصر الزيتون، غالبيته من المياه التي تضاف على عملية العصر، والتي تغسل بها الثمار، علما أن  50% من ثمرة الزيتون عبارة عن مياه، بالإضافة للكميات التي تضاف لعملية الغسل، حيث  تفرض القوانين على المعاصربتجميع كل مخلفات العصر المائية في حفر معدة لذلك  لكن أغلب  تلك المعاصر لا تلتزم بالمعايير بل وتقوم بصرف مخلفاتها   في الوديان و المجاري المائية .

يحتوي  المرج على مواد عديدة ملوثة لاحتوائه على مواد كيميائية عديدة من أخطرها مركب “الفينول”، الذي يشكل القسم الأكبر من مكونات مخلفات عملية العصر، حيث أن هذا المركب يتسرب ويتجمع في التربة، ويبقى فيها وصولا إلى مرحلة التشبع دون التحلل ، ويمكن لهذه المواد أن تنتقل بواسطة المياه الجارية التي تتكون نتيجة لعمليات الري أو لهطول الأمطار وبالتالي زيادة رقعة التلوث والقضاء على الأراضي الزراعية لكونه يقتل النباتات ويجعل الأراضي التي يصلها غير صالحة للزراعة، بالإضافة الى الأضرار الكبيرة للمياه الجوفية ، ووفقا للقوانين الجاري بها العمل  يمنع التخلص من مادة المرج في الأودية وفي مجاري المياه العادمة، حتى لا يختلط مع محطات تكرير المياه أو محطات التنقية، لأنه يؤدي الى تخريب برك تكرير مياه المجاري من خلال قتل البكتيريا الموجودة فيها، واللازمة لتحليل المواد العضوية الموجودة فيها ، وما هو معلوم فبإمكان كل متر مكعب واحد من مياه مادة المرج أن تحول 360 ألف متر مكعب من المياه النقية إلى مياه غير صالحة للشرب، كما يستطيع المتر الواحد من تلك المادة السامة إفساد ألف متر مكعب من المياه المخصصة لري المزروعات تتدفق تلك المياه من المعاصر لتتحول إلى مياه عادمة تفوح منها روائح كريهة ومؤذية للبيئة المحيطة، فتجمع حولها الحشرات ، فالمعاصر لا تحترم الطرق العلمية للتخلص  من مخلفاتها الناتجة عن عملية عصر الزيتون ، فتبقى هذه المخلفات متراكمة بالقرب منها أو في أماكن عشوائية، بين البيوت لتنشر سمومها القاتلة .

خريطة جوية لمنطقة تيسة بإقليم تاونات

خريطة جوية لمنطقة تيسة بإقليم تاونات

أعوام طويلة مضت.. ولا تزال مشكلة كيفية التخلص من نفايات معاصر الزيتون الشغل الشاغل للعديد من الجهات… ولا يزال ماء المرج الناتج عن معاصر الزيتون الذي يصرف بشكل مباشر ومن دون معالجة مسبباً أضراراً تتعلق بالمياه السطحية والجوفية والتربة والنبات، ذا آثار بيئية خطرة.. هو الواقع الذي عجزت الجهات المعنية عن إيجاد حلول له رغم اللجان المشكلة والرقابة الدائمة والإغلاقات المستمرة لبعض معاصر الزيتون، ولكن يبدو أن أصحاب هذه المعاصر يفلتون دائماً من قبضة الرقابة .  

لا تزال مخلفات هذه المعاصر تصب سمومها في الينابيع والأنهار والتربة، ويكفي التذكير بأن التركيبة الكيميائية لمياه المرج الناجمة عن معاصر الزيتون تصيب الإنسان فتضعف جهاز مناعته وتؤثر في جهازه العصبي… وقد تؤدي المركبات الفينولية الموجودة إلى حدوث أورام سرطانية عدا عن تأثيراتها في القلب والكليتين والجهاز الهضمي، وهذا كله في حال تسرب مخلفات المعاصر إلى مياه الشرب
وما بين أصحاب المعاصر الذين يريدون تشغيل معاصرهم بأي ثمن والضرر الواقع على البيئة والإنسان، يتم التخلص من مادة المرج برميها في الوديان أو إلى أقرب مجرى أو مسطح مائي كما يقوم الكثير منهم برميها في شبكات الصرف الصحي، وهنا تكمن المعاناة وتكثر المشكلات البيئية الناجمة عن الصرف العشوائي لهذه المادة الخطيرة، من خلال تغير لون المياه السطحية من أنهار وسدود وبحيرات، وتالياً تهديد الحياة المائية نتيجة النقص المفاجئ للأوكسجين بسبب الحمل العضوي العالي الموجود في تلك المادة مع نمو متزايد من الطحالب والأشنيات نتيجة الإثراء الغذائي بالآزوت والفوسفور، إضافة إلى تشكيل أغشية فوق سطح الماء مانعة لأشعة الشمس والهواء بسبب وجود طبقة الزيت والمعلقات، ولاسيما الوسط المائي ما يؤدي إلى منع تبخر المياه والحد من تبادل الهواء وانحلال الأوكسجين، وكذلك انطلاق روائح وغازات مزعجة للوسط المحيط وتلويث المياه ، أما بالنسبة لتأثيراتها في التربة فإن خصوبتها تقل وتتدهور في النهاية ما يؤدي إلى خروج التربة من الإنتاج
.

وككل سنة ومع كل موسم لجني الزيتون تعود مادة( المرج) للظهور وبكميات كبيرة بوديان و أنهر إقليم تاونات ، بحيث تحولت أغلب مجاري الوديان إلى اللون الأسود  مما ينذر  بتكرار الكارثة فعدد كبير من المعاصر قررت  صرف مخلفاتها الهائلة بطرق مخالفة للقوانين بدون حسيب ولا رقيب  واستغلت صمت السلطات وتجاهلها مما ينذر بحصول الكارثة بموت كل الكائنات الحية من أسماك و حيوانات  مختلفة بالإضافة الى التهديدات التي تتعرض لها صحة الإنسان ،  بعض الفاعلين المهتمين بالمجال البيئي استغربوا لما يقع في غياب  تام لتدخل  السلطات  لوقف  ما وصفته بالطامة القاتلة القادمة .

يونس لكحل

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7235

اكتب تعليق

لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى