“عروانة” أو “علوانة”زيت تاونات الأصيل أو زيت الزيتون بطعم أخر…

طريقة إستخراج زيت علوانة

طريقة إستخراج زيت علوانة

تاونات:جريدة”تاونات نت”/تعتبر عروانة أو علوانة منتوج محلي صرف، يشتهر بالخصوص في المناطق الجبلية بشكل عام، وهو زيت الزيتون ولكن بطعم أخر، ومذاق مختلف. ويتطلب إنتاج هذا الزيت مجموعة من العمليات اليدوية من أجل تحضيره، وزيت عروانة يستخرج من زيتون يكون لم يصل بعد إلى درجة النضج، الأمر الذي يستدعي وضعه في الفرن من أجل تسريع نضجه، وتجفيفه من الماء الذي يكون مرا، وتصبح حبات الزيتون مجففة وخالية من كل شيء إلا من الزيت الذي لا يتبخر ولا يمتزج بأي سائل أو مادة أخرى كيف ما كانت، وبذلك يتم القيام بعملية طحنه وما دامت الكمية التي يتم طحنها تكون في الغالب قليلة فإن النساء يستعن بطريقة أخرى في ذلك حيث يعملن على دقه في مهراز خشبي أو حجري كبير الحجم يسمى “الدقاق”، وبتوالي الضربات يبدأ الزيتون المجفف يتعلك شيئا فشيئا إلى أن يصبح عجينا ممتلئ بالزيت التي تكون براقة وذات نسمة طيبة.

 وبعد الانتهاء من عملية طحنه أو دقه بالمهراز، يتم الانتقال إلى عمالية أخرى وهي مرحلة، عجنه بالماء الساخن في “الكَسعة”، حتى يصبح الزيتزون المطحون لازجا رخوا وجاهزا من أجل الإنتقال به إلى العملية النهاية وهي عملية العصر واستخراج عروانة، حيث يتم الاعتماد في هذه العملية على أدوات متعلقة بعروانة فقط وتم صناعتها لهذه العملية خصيصا، ومن بين تلك الأدوات نجد “الشامية” الصغيرة وهي عبارة عن قرص لا يتجاوز قطرها 30 ستنمتر، يتم ملؤها بالزيتون المدقوق أو المطحون، وتوضع في “معيصرة”، وهي تصغير لكلمة معصرة، وهذه “المعيصرة” تكون صغيرة الحجم وهي بدورها صناعة يدوية، والتي تتشكل من عدة أجزاء وهي “الكَعدة” و”البسطة” و”المغزل” و”الخنزيرة” (أنظر الصورة)، وهذه المعصرة يتم صناعتها من الخشب وبالخصوص من شجر التوت الذي يكون خفيفا وسهلا للتقطيع والنقش عليه.

الدقاق

الدقاق

وبعد أن توضع تلك “الشامية” المملوءة بالزيتون المطحون في “المعيصرة” بين”الكَعدة”  و”البسطة” وتبدأ عملية العصر، عن طريق تحريك “الخنزير” من اليمين إلى الشمال في شكل لولبي وبطريقة جد ثابتة، تضغط “البسطة” على الشامية، التي تكون مصنوعة من نبتة “الحلفة”، حتى يخرج زيت علونة صافيا، في لونه الأخضر الداكن، ويتسرب في مسرات تكون منقوشة على “الكعدة”، ويتم تقطيرها في أنية إما من خزف مثل “الكسعة” أو  بلاستبك مثل البانيون أو أليمنيون مثل الكسرونة. ليتم تفريغه بعد ذلك في قرورات من حجم لتر واحد أو لترين.

إن عملية تحضير زيت عروانة لم يكن الهدف من ورائه، محاولة صنع نوع جديد من الزيوت والبحث عن مذاق جديد مختلف عن زيت الزيتون العادي، بل إن الدافع إلى ذلك كانت وراءه الحاجة والخصاص في الزيت أو ما يسمى محليا “بالشَحْتْ”، فمنطقة بني وليد في العصور القديمة بالرغم من كونها كانت تنتج الزيوت وتوجد بها أشجار الزيتون، فإنه  حسب ما تتداوله الذاكرة الشعبية المحلية، فإن أشجار الزيتون كانت معدودة على رؤوس الأصابع زد على ذلك أن الزيت كان هو المنتوج الأساسي الذي يقايضون به باقي الحاجيات الأخرى التي يتم شراؤها من السوق، وبالتالي فقلة الزيوت وبيع جزء مهم منها من أجل تلبية حجيات البيت من سكر وشاي وأغطية وأفرشة وأواني، كان يخلق أزمة في مخزون الزيوت، مما كان ينتج عنه “الشحت”، ولم يكن هناك أي بديل عن الزيت من أجل طهي الأغذية المحلية وخاصة القطاني والبصارة التي تتطلب نسبة مهمة من الزيت من أجل أكلها.

رسم يوضح آلة عصر الزيتون للحصول على زيت علوانة

رسم يوضح آلة عصر الزيتون للحصول على زيت علوانة

وهكذا فالحاجة و”الشحت” هما الدافع الأساسي الذي كان وراء استخراج هذه الزيت عن طريق تسريع نضج الزيتون بالفرن وخلق أدوات مناسبة لتحضير عروانة كما سبقت الإشارة، وصدق من قال: الحاجة أم الاختراع”.

وفي السنوات الأخيرة وبعد انتشار الزيتون بشكل كبير في منطقة جبالة بصفة عامة وبني وليد على وجه الخصوص، وأصبحت الزيوت جد متوفرة فإن الساكنة لم تتخل عن عروانة نظرا لماذقها وطعمها اللذيذ، الأمر الذي جعل منها موردا ماليا لبعض العائلات التي تعمل على تحضير هذه الزيت بكمية كبيرة وبيعها في الأسواق أو تحت الطلب.

إعداد: عاهد ازحيمي

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7186

اكتب تعليق

لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى