الجالبة لتوعية الجالية… مــن إعداد ذ. مولاي هاشم طاهيري X

ذ. مولاي هاشم طاهيري X

ذ. مولاي هاشم طاهيري X

تاونات:جريدة”تاونات نت”/الحمد لله رب العالمين ؛خلق الإنسان وسخر له ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه, وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة, وجعل للسير والسياحة والهجرة في الأرض مقاصد وعبرا وأسرارا .والصلاة والسلام على خير خلقه وأفضل من سار في الأرض وساح وهاجر .صلاة وسلاما يكتب الله لنا بهما يوم القيامة براءة من النار . أما بــعـد أحبتنا وإخواننا أينما تتواجد جالياتكم في دار المهجر والغربة سلام الله عليكم  ورحمة منه تعالى وبركاته .

وبعد :فهذه بعض المعلومات نقدمها لكم ضمن هذه الصفيحات القليلة من هذا المقال المتواضع عله ينطوي على خير كثير ـــإن شاء الله ـــ للاستضاءة بها في دروب الحياة ومعترك أمواجها خاصة وأنتم تعيشون في وسط اجتماعي يختلف في عاداته وتقاليده وأعرافه عن مجتمعكم الذي تعرفون عاداته وتقاليده وأعرافه .آملين أن تساهم في استجلاب التوعية الدينية لكم في علاقتكم مع الآخر الذي تعيشون على أرضه وتختلطون بثقافاته وعاداته …..

أ ــ تحديد مفهوم الجالية :                                                                                                                     إن مفهوم كلمة الجالية في جانبها اللغوي تعني المجموعة التي تجول وتتنقل من مكان الى آخر لهدف ما ولذلك إذا رجعنا الى المعاجم اللغوية فاننا نجدها تؤدي هذا المعنى . ففي المعجم الوسيط : جال جولا وجولة وتجوالا وجول البلاد وفيها تجويلا :طوف فيها كثيرا )ص 148 مادة جال ط 4 مكتبة الشروق الدولية

وفي كتاب العين للفراهيدي : تجولت البلاد وجولتها تجويلا : أي جلت فيها كثيرا . والجول كل لغة في الجولان …) ترتيب وتحقيق د عبد الحميد هنداوي ج : أ ــــ خ منشورات دار الكف العلمية بيروت لبنان .

وفي القرآن الكريم  لم ترد كلمة ذات جدر( جال )التي تدل على معني الجولان او التجوال في البلاد …. ولكن وردت كلمات بجدر آخر الا أن لها نفس المعنى وهي : السياحة والسير والهجرة .

ـــ فأما كلمة السياحة فقد وردت في كتاب الله عز وجل تفيد معنى الجولان أو التجوال.من ذلك قوله تعالى : ( فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ….) سورة التوبة الآية 2. قال الشيخ الطاهر بن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير: والسياحة حقيقتها السير في الأرض ……. وأن المراد: السير بأمن دون خوف في أي مكان من الأرض…..)ج 10 ص 106 ط دار التونسية للنشر .

ـــ وأما كلمة السير فقد وردت في القرآن عدة مرات لتفيد نفس المعنى الذي أفادته كلمة ( السياحة ) . من ذلك قوله تعالى : ( وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي واياما آمنين فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا ……) سورة سبأ الآية 18 . قال صاحب التفسير المبين الدكتور عبد الرحمان بن النفيسة : وقدرنا فيها السير أي : جعلنا المسافة متقاربة بين قرية وأخرى بحيث لا يحتاج المسافر من أي قرية منها إلى مؤونة أو مشقة السفر …….. ورغم ما أنعم الله به عليهم من العمران بين بلدهم والبلاد الاخرى وفقدان المشقة من السفر بطروا النعمة وتمنوا أن يباعد الله بين أسفارهم رغبة منهم في طول السفر مللا من الراحة …..) ج7 ص220 ط دار التدمرية للنشر والتوزيع الرياض .

ــــ وأما كلمة الهجرة التي هي أكثر دلالة على معنى الجولان أو التجوال الذي أخذت منه كلمة ( الجالية) فقد وردت في القرآن الكريم عدة مرات. من ذلك قوله تعالى (ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما ) سورة النساء الآية 100  قال ابوحيان في البحر المحيط : ولما رغب تعالى في الهجرة ذكر ما يترتب عنها من وجود السعة والمذاهب الكثيرة ليذهب عنه ما يتوهم وجوده في الغربة ومفارقة الوطن ……, ج 3 ص 477 ط دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان .

وبما أن كلمة الهجرة هي المصطلح الذي أخذ شهرة مغادرة إخواننا المهاجرين لآرض الوطن نحو ديار المهجر عبر العالم وهي الكلمة الجارية على السنة الناس بحيث نسمع مثلا : ــ الهجرة القانونية ـــ الهجرة غير القانونية ــ الهجرة الشرعية ــ الهجرة السرية  ــ محاربة الهجرة السرية وهكذا ……فقد آثرت أن أركز عليه من حيث المفهوم والتأصيل وأن أذكر أسبابها وأنواعها . ثم أعرض الى أخلاق المهاجر ووظفته في ديار المهجر .

ب ـــ مفهوم الهجرة لغة واصطلاحا : الهجرة مصدر من فعل هاجر يهاجر هجرة وهجرة بكسر الهاء وضمها . قال ابن منظور : الهجرة والهجرة : الخروج من أرض الى أرض …… وأصل المهاجرة عند العرب : خروج البدوي من باديته الى المدن . يقال : هاجر الرجل اذا فعل ذلك . وكذلك كل مخل بمسكنه منتقل الى قوم آخرين بسكناه فقد هاجرقومه . وسمي المهاجرون مهاجرين لأنهم تركوا ديارهم ومساكنهم التي نشأوا بها لله ولحقوا بدار ليس لهم بها أهل ولا مال حين هاجروا الى المدينة . فكل من فارق بلده من بدوي أ وحضري أو سكن بلدا آخر فهو مهاجر . والاسم منه الهجرة …..) لسان العرب لابن منظور باب الهاء مادة هجر ج 6 ص4617 ط دار المعارف .

وفي الاصطلاح : هي انتقال من البلد الأم الى بلد آخر قصد الاستقرار والعيش فيه . أو هي : تلك الحركة السكانية التي يتم فيها انتقال الافراد والجماعات من موطنهم الأصلي إلى وطن جديد يختارونه لأنفسهم .

وهذا ما يجعل مفهومي الهجرة اللغوي والاصطلاحي يلتقيان مع مدلولها الوارد في الآيات القرآنية وفي الأحاديث النبوية الشريفة ولذلك لابد من تأصيل كلمة الهجرة من خلال الكتاب والسنة وسيرة الأنبياء والرسل والصحابة والتابعين لهم في ذلك .

جالية مغربية

جالية مغربية

ج ـــ التأصيل

فالهجرة اذا لها أصلها ومرجعيتها ومشروعيتها في مصادر ديننا الاسلامي الحنيف .فأما المصدر الأول فهو القرآن الكريم وقد وردت فيه كلمة الهجرة أكثر من ثلاثين مرة .منها قوله تعالى(ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الارض مراغما كثيرا وسعة ومن يخرج من بيته مهاجرا الى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما ) سورة النساء الآية 99 .                                                                                                                     وبعض هذه الآيات يفيد المعنى المذكور للهجرة وبعضها الآخر يفيد المعنى القريب منه وهو الترك والتخلي

وأما المصدر الثاني فهو سنة رسولنا المصطفى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فقد وردت فيه أكثر من مائتين وخمسين مرة فيما يتعلق بالكتب التي فهرس لها صاحب المعجم المفهرس لألفاظ الحديث. ولاشك أن غيرها من كتب الحديث لا تخلو من هذه المفردة قلت أو كثرت.

وكما بينا في القرآن الكريم سابقا من أن بعضها يفيد المعنى المذكور للهجرة وبعضها الآخر يفيد المعنى القريب منها . فكذلك الأمر بالنسبة لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

ـــ وأما عن هجرة الأنبياء والرسل فتكاد لا تجد في سيرهم وأيامهم من استقر في موطنه و لم يهاجر.كما يذكر عنهم القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وكتب المغازي والسير والتاريخ . فنجد من الانبياء مثلا سيدنا ابراهيم عليه السلام وسيدنا موسى ……وعلى رأسهم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهاجر قبله ومعه وبعده صحابته الكرام.وهاجر غيرهم من التابعين ومن السلف الصالح الى يوم الناس هذا وما تزال الهجرة مستمرة الى قيام الساعة .

د ـــ أسباب الهجرة :

غير أن هذه الهجرة تتعدد أسبابها وبواعثها لدى الانسان المهاجر الى أسباب مادية وثقافية وحضارية وغيرها

ـــ فأما الاسباب المادية فتتمثل في عدم وجود فرص الشغل في البلد الام لاعتبارات كثيرة فيضطر من تسنح له فرصة للعمل لان يفكر في الهجرة نحو الضفة الاخرى علها تفتح له بابها وتحتضنه في غض النظر عن طرق ووسائل العبور اليها .وذلك من أجل البحث عن كسب لقمة العيش ومحاربة البطالة والفقر والحصول على الاموال دون النظر الى شرعية مصدرها وموردها .

ـــ كما تتمثل في أسباب ثقافية تتعلق بمتابعة الدراسة للحصول على شواهد عليا ذات قيمة اعتبارية بالمقارنة مع شواهد عليا في بلد ه أو لعدم وجود نوع ما من التخصص داخل بلده أو الحصول على منصب شغل ذي قيمة قد لا يجدها في وطنه……

ـــ وقد تكون أسبابا حضارية تتمثل في الانبهار بحياة الغير ومعيشتهم … وكذا الاعجاب بمظاهر الغنى والترف الذي يسمع عنه أو يشاهده خلال التقائه مع العائدين من الجالية الذين يفدون الى وطنهم لصلة الرحم وقضاء عطلهم …

ــــ وقد تكون أسبابا سياسية وأمنية كمن يعيش في وطن تحت الاضطهاد والحروب المدمرة ــ كما هو واقع حال بعض الدول العربية والاسلامية اليوم ــ فيدفعه ذلك الى أن يترك وطنه وأهله أو قد يصطحبهم معه فيهاجر نحو بلد آمن من ويلات الحرب ــ ولو عن طريق المغامرة البحرية ــ فيتخذه مسكنا له وملاذا آمنا له ولمن معه من أفراد عائلته وهو ما نراه اليوم عند بعض الشعوب التي أكلت فيها الحروب الأخضر واليابس وأهلكت الحرث والنسل وعثت في الأرض فسادا والله لا يحب الفساد .

هـ ــــ أنــــــواعها : بالرغم من أن أسباب الهجرة تتعدد لاعتبارات كثيرة ذكرنا البعض منها الا أنها لاتخرج عن نطاق نوعين من الهجرة :

النوع الاول :الهجرة الداخلية : وهي التي تكون داخل أرض الوطن بحيث ينتقل بعض الافراد أو الاسر من الريف والبادية الى المدينة وهذه لها أسباب قد تكون اجتماعية وقد تكون اقتصادية وقد تكون تعليميةأ وتعلمية وقد تكون صحية أو غيرها من الاسباب كثير …..

النوع الثاني : الهجرة الخارجية : وهي التي تكون من أرض الوطن الى أرض المهجر خارج حدود الموطن الأصلي للمهاجر . وهذه كذلك لها أسباب ذكرنا قليللا منها .

وعلى هذا النوع الاخير يطلق ــ على من قام به من الأفراد أو الأسر أو الجماعات ـــ لفظ (الجالية )ولفظ (المهاجرين).    وبناء على كون هذه الجالية أوالمهاجرين يسكنون في وطن غير وطنهم ويعيشون بين أقوام يختلفون معهم في عقائدهم وفي عاداتهم وتقاليدهم وفي أنماط عيشهم وتصرفاتهم وخاصة اذا كانت ديار الغربة من الدول الغير الاسلامية …….فان على هذه الجاليات أن تتحلى بأخلاق الاسلام الفاضلة لتكون قدوة لغيرها أن تعي وتعلم ما نيط بها من مسؤوليات ووظائف لتعطي الصورة الحقيقية عن وطنها .لذلك لابد من بيان بعض أهم الاخلاق التي ينبغي أن تتحلى بها جالياتنا وأن تدرك أهم وظائفها هنالك في ديار الغربة

أولا:أخلاق الجالية :لا شك أن كل أفراد جالياتنا يدينون بدين الإسلام ــ ولله الحمد ــ وهذا الدين الذي ينتسبون اليه يأمرهم بأن يتخلقوا بأخلاقه الفاضلة حتى مع غير المسلمين كما كان رمز قدوتنا سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه يفعله .

1 ) الإخلاص : فعلى أفراد جاليتنا أن تكون مخلصة في نياتها وفي أقوالها وفي أفعالها .بحيث يكون إخلاصها في هجرتها وفي شفافية أهدافها من الهجرة ومقاصدها وعلى سبب ترك وطنها وأهلها أحيانا جاعلة نصب أعينها  قول الله تعالى : ( …. في سبيل الله ….. ) من الآية التي أصلنا بها مشروعية الهجرة.  بحيث يكون إخلاصها في أقوالها قائما على الصدق وسداد القول في كل موقف من مواقف الحوار والمخاطبة والمحادثة. سواء مع من تربطه به آصرة العقيدة أو ممن لهم دينهم ولنا ديننا . وبحيث يكون إخلاصها في أفعالها قائما على حسن المعاملات في البيع والشراء والإتقان في العمل وكل الخدمات  وفي كل تبادل أو تصرف ناشئ عن علاقة مع الغير …كما على أفراد جاليتنا أن تخلص في ولائها للمزمنين الذين آووها واستقبلوها في وطنها وقبلوها للعيش بينهم.

2) حسن الخلــق : بحيث تعلم جاليتنا العزيزة أن حسن الخلق من أعظم أخلاق المسلم ومن الأخلاق التي دعا اليها الإسلام وحث عليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كثير من أحاديثه الشريفة منها قوله صلى الله عليه وآله وسلم في وصيته لمعاذ بن جبل ( قال معاذ بن جبل : آخر ما أوصاني به رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وضعت رجلي في الغرز أن قال : أحسن خلقك للناس يا معاذ بن جبل ) رواه الامام مالك في الموطأ باب ما جاء في حسن الخلق .ج 1ص 293 ط منشورات المجلس العلمي الأعلى .ووضع الرجل في الغرز كناية عن بداية السفر والخروج من الوطن الى وطن آخر للعيش فيه والتعايش مع ذويه  وهو اليمن .وذلك لما بعثه رسول الله عليه الصلاة والسلام اليه لينشر فيه الإسلام ويعلم الناس شؤون دينهم . وذلك لان حسن الخلق ضرورة اجتماعية لجميع المجتمعات الإنسانية المتعايش أفرادها بعضهم الى جانب البعض. والتحلي به إذا تعلق الأمر بالمسلم الذي يعيش مع قوم لا يدينون بالإسلام ولا يعرفون شيئا عن أخلاقه . بل يكنون له العداوة والبغضاء. والكراهية لأهله خصوصا في هذه السنوات التي لفقت به تهمة الإرهاب والتفجيرات والعمليات الانتحارية التي يذهب ضحيتها أبرياء والتي يتبرأ دننا منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب عليه السلام .

3) التحلي بالصبر :لاشك أن كل إنسان في هذه الحياة ـــ سواء داخل وطنه أو خارجه ــ معرض لما يجزع نفسه فيقع في عدم الرضى . سواء تعلق الأمر بالطاعة أم بترك الشهوة ام ببلية ابتلي بها …. فيحتاج الى مقاومة هذا الألم والجزع الذي ألم به من أجل البقاء والاستمرار في الانسجام مع نوائب الدهر كلها . ولا تتأتى هذه المقاومة الا بالتسلح بالصبر الذي تسلح به الأنبياء والرسل والصالحون والمصلحون وأهل الإيمان جميعا من بعدهم عبر التاريخ .

والقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة طافحان بنماذج للصبر نقتصر على نصين : قرآني وحديثي فقط . ـــ فأما النص القرآني فقوله تعالى ( يا أيها الذين ءامنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ) سورة آل عمران الآية 200 .ـــ  وأما النص الحديثي فمارواه ابن ماجة عن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(المومن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرا من المومن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم )سنن ابن ماجة كتاب الفتن باب الصبر على البلاء ج 4 ص 193ط دارابن الهيثم .وقد عرف العلماء الصبر بتعاريف متعددة نختار منها تعريف الامام ابن القيم رحمه الله باعتباره تعريفا شاملا لكيان الإنسان مما يكبر في صدره وما ينطق به لسانه وما تمارسه جوارحه حيث قال : الصبر هو : حبس النفس عن الجزع والتسخط وحبس اللسان عن الشكوى وحبس الجوارح عن التشويش ) مدارج السالكين ج 1 ص 516 ط المكتبة التوفيقية . ونظرا لما للصبر من تأثير ايجابي فعال في دنيا الناس ولما له من فضائل ومزايا عظيمة …. فقد أجمعت الأمة على وجوبه لأنه منزلة من منازل ( إياك نعبد وإياك نستعين ) ولأنه نصف الإيمان اذ الإيمان نصفان : نصف صبر ونصف شكر . ولذلك نجد ذكره في القرآن الكريم يتعرض لهذه الفضائل والمزايا ليذكر بها المومنين ويسردها على مسامع المتخلقين به . فيخبرهم أن الصبر مأمور به ومنهي عن ضده . وأنه يوجب محبة الله ومعيته ويوجب الجزاء الحسن على أعمالهم ….. كما يخبرهم بأن أهل الصبر هم أهل العزائم والمواقف البطولية وأنه لاينال الحظوظ العظيمة الا أهل الصبر ….. ) انظر مدارج السالكين لابن القيم ـــ بتصرف ـــ ج 1 ص 513 الى 526 ط المكتبة الوقفية . ولهذا اعتبر الصبر من الإيمان فهو للإنسان المومن بمنزلة الرأس من الجسد فلا إيمان لمن لاصبر له كما أنه لا جسد لمن لا رأس له .

ثانيا : وظائف الجالية:بناء على ما ينبغي أن تتحلى به الجالية في بلاد المهجر والغربة من أساس الأخلاق وأهميتها فان ذلك يحملها على القيام بوظائفها التي يقتضيها وضعها الديني والاجتماعي خارج أرضها ووطنها . من ذلك :

1)القيام بالدعوة الى الله :ان العالم اليوم في حاجة ماسة ـــ أكثر من أي وقت مضى ـــ الى الدعاة الى الله من  أولئك المعتزين بدينهم المتحلين بأخلاق المومنين الغيورين الصادقين نقاة العقيدة صاديقي الإيمان الذين يتألمون لواقع المسلمين اليوم ويحزنون لما هم فيه ….. من أجل القيام بالدعوة إلى الله والعمل على توعية الناس بأمور دينهم والترقي بهم في مدارج التقرب الى الله جل في علاه .وهذه وظيفة الأنبياء والرسل والصالحين من قبلنا وعلى رأسهم سيد الخلق وأفضل الدعاة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . وقد بين الله تعالى وظيفته هذه فقال ( يا أيها النبيء إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ) سورة الأحزاب الآيتان 45و46.

والدعوة الى الله وظيفة شريفة عظيمة . شرف الله بها هذه الأمة لأنها تشارك فيها الرسل والأنبياء والصحابة وكل من دعا الى الله وعمل صالحا ولانها يتحقق بها معنى الخيرية  التي وصفها الله بها في قوله تعالى ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتومنون بالله …) سورة آل عمران الاية 110.                                            فليس للدعوة الى الله ناس معينون لهم من الصفات والشروط ما يميزهم عن غيرهم . وليست الدعوة حكرا على فئة معينة بل كل فرد من أبناء الأمة الإسلامية ــ رجالا ونساء ــ مطالبون شخصيا بأن يقوموا بوظيفة الدعوة الى الله على قدر المستطاع وفي حدود المعرفة الشرعية ووفق منهج الله الذي أمر به في قوله تعالى ( ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ان ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) سورة النحل الاية 125والذي سار عليه جميع الدعاة الأولين من الأنبياء والرسل  عليهم الصلاة والسلام .

2) تمثيلية البلد المهاجر منه : على أفراد جاليتنا العزيزة أن يعلموا أنهم سفراء بلدهم ــ الذي غادروه ــ في البلدان التي استقبلتهم واحتضنتهم . لذلك فهم يمثلون الشخصية الدينية والأخلاقية والسلوكية والاجتماعية له .وهم مرآته التي تنعكس عليها كل صور مجتمعهم في جميع المجالات فلا يدينون ولا يتخلقون ولا يتصرفون إلا بما كان عليه أهل بلدهم الذين هم على دين الإسلام ــ والحمد لله ــ مستمسكين بوحدة عقيدتهم السنية الأشعرية وبمذهب الإمام مالك المعروف بشخصيته في الوسطية والاعتدال والمرونة والاستيعاب لكل جديد … وبالتصوف السني المعتدل ذي أخلاق رفيعة طاهرة نقية . كل ذلك برعاية أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين والوطن صاحب الجلالة والمهابة الملك محمد السادس حفظه الله تعالى بما حفظ به الذكر الحكيم وأقر عينه بصاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن وحفظه في كل أفراد أسرته الشريفة انه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على سيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العلمين .

X عضو المجلس العلمي المحلي لإقليم تاونات

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7183

اكتب تعليق

لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى