ثنائية الدول المتقدمة والدول السائرة في طريق النمو: حقيقة أم تزوير للتاريخ…بقلم محمد القاضي

محمد القاضي'إعلامي من تاونات مقيم بفاس)

محمد القاضي(إعلامي من تاونات مقيم بفاس)

فاس:موقع “تاونات نت”/إن مسألة الحديث عن ثنائية الدول المتقدمة والدول السائرة في طريق النمو أو دول العالم الثالث، هي مسألة شائكة تحتاج إلى المراجعة والتدقيق وإعادة النظر في مفاهيمها … لأن الاستمرار على هذا النحو يسيء إلينا ويساهم في تزوير تاريخنا ويولد لدى الاجيال الصاعدة والمتصاعدة انطباعا مفاده أن ذكاء شعوب الدول الغربية خارق ومتفوقا على ذكاء باقي شعوب الدول السائرة في طريق النمو، وهو أمر خاطئ وغير صحيح    … لأنه ليس هناك دول متقدمة وأخرى متخلفة أو سائرة في طريق النمو… ولكن هناك دول مارقة غزت واستعمرت بلدان ذات سيادية لحقب تاريخية طويلة ودمرتها وفككت اقتصادها وبناها التحتية الاساسية ونكلت بوجهائها وعلمائها ونبغائها ونهبت ثرواتها ومقدراتها الاقتصادية والمالية والطبيعية واستنزفتها ..وبالتالي من الطبيعي جدا أن تؤول البلدان المارقة إلى ما هي عليه الآن ، فيما بلدانا استغرقت حقب زمنية طويلة في إعادة بناء ما تم تدميره والانشغال بالصراع الدموي حول السلطة بين الوطنيين ومؤيدي الاستعمار..

وأرى أنه من الضروري على الباحثين الاكاديميين والمؤرخين أن يعيدوا النظر في هذه المسألة لتصحيح التاريخ وإضاءة دروبه لشباب اليوم وشباب الغد، وأن يتم توصيف الدول الغربية بالتوصيفات التي تعكس حقيقتها وحقيقة سلوكات حكوماتها وذلك من خلال وضعها في خانة البلدان المارقة وليس في خانة البلدان المتقدمة…بينما ينبغي توصيف بلدان العالم الثالث أو السائرة في طريق النمو بالبلدان المنهوبة والمسروقة  من قبل القوى الغربية نفسها..حتى تتولد لدى الاجيال الصاعدة ثقافة راسخة مفادها أن بلداننا تعرضت للسرقة والنهب ولاتزال إلى يومنا هذا تتعرض للسرقة والنهب من خلال التدخل في شؤوننا الداخلية بطرق عديدة ومتعددة تحت عناوين تم تنميقها بعناية فائقة ومساعدة مهربي الاموال على تنشيط عملهم هذا لاستنزاف مخزون حكومات بلدان العالم الثالث من عملاتها الصعبة.

واللافت أيضا في هذا الصدد، هو أن الدول المارقة تعرف جيدا قيمة رأسمالها البشري، ولهذا فهي تدعم كل الكفاءات وكل المهارات والطاقات لكي تفرز ثمارها لصالح المجتمع، زد على ذلك أنهم يدعمون الفاشلين إلى أن يتمكنوا من النجاح..

بينما نحن في بلداننا المنهوبة والمسروقة، تقوم حكوماتنا الموقرة بمحاربة الناجحين والعمل على تيئيسهم حتى يفشلوا ومحاصرة الكفاءات والطاقات وتحجيمهم والتلذذ في احتقار وإذلال حاملي هذه الطاقات والكفاءة العلمية والمعرفية وتنميطهم والعمل على تدجين بعضهم  … ويمكن التدليل على هذا السلوك العدواني والاحتقاري حيال شعوبنا بالسياسات الرجعية والحقيرة التي تنهجها حكوماتنا من خلال ضرب التعليم وتخريبه وتكريس الزبونية والمحسوبية وتشجيع اللصوص الكبار على تكثيف أنشطتهم اللصوصية والاقتصار على زجر وردع لصوص البيض والنعناع …هذا في الوقت الذي يتم فيه احتلال المنظمات النقابية من كبار الاقطاعيين والعمل على تسييج أنفسهم   بالقتلة والفاشلين والجهلة والاميين..بينما يحاربون أصحاب الكفاءات العلمية والمعرفية والمساهمة في تخريب عدد من القطاعات العمومية الحساسة تلبية لطلب المؤسسات الدولية والشركات العابرة للقارات التي تعتمد على مبدأ “الربح السريع” وأسس الرأسمالية المتوحشة. .

للحديث بقية…

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7235

اكتب تعليق

لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى