محمد الزروالي:”تاونات نت”//- في إطار الاحتفال بالذكرى 69 لعيد الاستقلال المجيد، نظم المركز الثقافي إكليل فاس التابع لمؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين، مساء يوم الجمعة 29 نونبر 2024 لقاءه الأدبي الشهري استضاف خلاله إبن إقليم تاونات الدكتور جواد الفرخ (مندوب سابق للمقاومة وجيش التحرير بتاونات) في حفل قراءة وتوقيع كتابه المعنون ب: ”فاس في مواجهة الاستعمار الفرنسي 1912-1944 وقع الصدمة وقوة المواجهة”، الصادر في جزأين ضمن منشورات المندوبية السامية لقدماء وأعضاء جيش التحرير.
في بداية هذا اللقاء العلمي ألقت الأستاذة آمنة الشرايبي التي أشرفت على تنظيم هذا الملتقى الثقافي والفكري كلمة قدمت من خلالها مؤلف الكتاب مستعرضة سيرته الذاتية وإسهاماته العلمية في مجال الكتابة التاريخية خاصة فيما يتعلق بالتاريخ الوطني للعاصمة العلمية.
وإثر ذلك ألقى الدكتور جواد الفرخ مداخلة قدم من خلالها مؤلفه المشار إليه أعلاه، والذي هو في الأصل أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ المعاصر تحت إشراف الدكتور سمير بوزويتة من كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس.، مشيرا إلى أن اختيار البحث في موضوع الحركة الوطنية بفاس تحكمت فيه عوامل عدة منها على الخصوص الاشتغال على ملف المقاومة سنة 1989 تاريخ التوظيف بالمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، والمشاركة في العديد من الأوراش الهادفة إلى صيانة الذاكرة الوطنية وتدوين فصول تاريخ الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير سواء في مجال التأليف أو تنظيم الندوات والأيام الدراسية والقيام بالأبحاث الميدانية وتسجيل الشهادات الحية وتصوير الأشرطة الوثائقية، وكذا القرب والاحتكاك اليومي بالفاعلين في ملحمة المقاومة وجيش التحرير، إضافة إلى تجربة التأليف والكتابة في هذا المجال، من قبيل نشر مؤلفين، الأول تحت عنوان: ”مذكرات الحاج بوشتى صبور من المقاومة السرية بفاس”، والثاني: ”فاس في مواجهة الاستعمار الفرنسي دراسة في التنظيمات الفدائية وأشكال المقاومة 1953-1955”.
وبعد أن تطرق المتدخل إلى الإشكالية المحورية للبحث والتي يمكن حصرها في البحث عن الحقائق الجوهرية في مسار الحركة الوطنية الفاسية وأشكال الممانعة والمقاومة، وتحديد توجهاتها وطرق اشتعالها في سياق مواجهتها للدولة الحامية، الأمر الذي تطلب منه الإحاطة بجميع الجوانب المرتبطة بهذه الإشكالية تقديم إجابات مقنعة وعلمية ودقيقة لمجموعة من الأسئلة. تناول بتفصيل لمضمون الكتاب الذي جاء في خمسة فصول وهي: الفصل الأول: ”فاس من صدمة الاحتلال إلى إعادة بناء الوعي الوطني”، الفصل الثاني فقد جاء تحت عنوان: ”العبور من طور الإصلاح إلى مرحلة الاحتجاج والممانعة”، ثم الفصل الثالث الموسوم ب: ”تنويع خطط مواجهة الحركة الوطنية لسلطات الحماية”، وبعده الفصل الرابع الذي عنون ب: ”إستراتيجية وطرق مواجهة الحماية للحركة الوطنية”أما الفصل الخامس والأخير فقد اختير له عنوان: ”أصداء الصراع بين الحركة الوطنية الفاسية وسلطات الحماية الفرنسية”.
وإثر ذلك، توقف المؤلف عند بعض أوجه الممانعة والمقاومة الثقافية والفكرية التي أبدعت فيها الشبيبة الوطنية أساليب أحرجت سلطات الحماية، والتي يمكن أن نعثر عليها في العديد من المبادرات التي قامت بها من قبيل نشر الفكر السلفي وإصلاح مناهج التعليم التقليدي وإحداث المدارس الحرة والانخراط في العمل الجمعوي والنشاط الصحفي وتنظيم الدروس والحلقات الفكرية ومحاربة البدع والضلالات وتأسيس سنة الاحتفال بعيد العرش، كما قدم للحضور استنتاجات عمله التوثيقي حيث اعتبر أن موضوع الحركة الوطنية بفاس يتميز بتشعب عناصره وتعدد جوانبه واتساعها لأنه يتعلق بقضية مفصلية ومرحلة حساسة جدا من تاريخ مدينة فاس.
وأكد الحاضر الفرخ أن مرحلة صدمة الاستعمار لم تدم طويلا إذ سرعان ما انخرطت نخبة فاس المتنورة والمتعلمة في أوراش إصلاحية همت بالخصوص المجالات الدينية والتربوية والاجتماعية، أسفرت عن تكوين جيل واعي بثقل المسؤولية ومتحمس للانخراط في حركة المقاومة الفكرية والسياسية.
وفي هذا السياق، ذكر المحتفى به أن وسائل العنف ومختلف أشكال التعسف والقمع، التي نهجتها إدارة الحماية في مواجهتها للحركة الوطنية لم تأثر كثيرا على النشاط الوطني بمدينة فاس و عزيمة الوطنيين الذين أبدوا قوة بأس وتحدي كبير، حيث لم ترهبهم الاعتقالات العشوائية، ولا السجون الرهيبة والمنافي السحيقة، ولا التعذيب الذي مارسته السلطات في حق هؤلاء، مستنتجا بأن دور مدينة فاس في المجال الوطني كان بارزا وذا إشعاع كبير ومؤثر على كافة أرجاء المغرب، حيث شكلت محور كل الخطط وفضاء لانطلاق كل المواجهات.
قصارى القول، بشير المؤلف بأنه قام أثناء إعداده هذا لكتاب باستقراء واستنطاق مادة مرجعية ووثائقية غنية، تنوعت بين المخطوطات والمصادر والمراجع سواء التي كتبها الفاعلون في الحقل الوطني أو الباحثون والمختصون في مجال البحث التاريخي مغاربة وأجانب، إضافة إلى استقراء العديد من الصحف والمجلات والوثائق غير المنشورة، بلغ عددها 883 مادة.
هذا، وقد حضر هذا اللقاء الثقافي عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس الدكتور سمير بوزويتة والعديد من الفعاليات الثقافية والكتاب والباحثين والطلبة وجمع من المهتمين بتاريخ الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير,