عبد اللطيف الماموني* – باريس(فرنسا) : “تاونات نت”//-شهد إقليم تاونات، يوم 22 أكتوبر 2025، لحظة تاريخية ومفصلية في مسار تنميته الشاملة، مع الإعلان الرسمي عن إحداث كلية متعددة التخصصات والمدرسة العليا للتكنولوجيا، في خطوة تُعدّ من أبرز المشاريع التعليمية والتنموية التي عرفها الإقليم منذ تأسيسه سنة 1975.
إنه ميلاد علمي وتنموي جديد يجسد الرؤية الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، ويُترجم ثمرة نضال طويل وجهود دؤوبة بذلها أبناء الإقليم وكفاءاته وممثلوه داخل الوطن وخارجه، دفاعًا عن حق شابات وشباب اقليم تاونات في التعليم العالي والتكوين الجامعي داخل الإقليم.
مشروع يكرّس العدالة المجالية ويُنعش التنمية المحلية:
هذا الحدث لا يمثل مجرد توسع في البنية التحتية التعليمية بالمغرب، بل هو تحول استراتيجي في مسار التنمية البشرية، يعزز مبادئ العدالة المجالية وتكافؤ الفرص، ويفتح أمام شابات وشباب الإقليم آفاقًا جديدة للارتقاء العلمي والاجتماعي دون الحاجة إلى مغادرة إقليمهم .
كما سيسمح المشروع باستقبال طلبة من مختلف مناطق المملكة، بل ومن الخارج، مما سيساهم في إشعاع الإقليم وطنياً ودولياً، وإطلاق دينامية اقتصادية جديدة عبر إنشاء أحياء جامعية ومرافق تجارية وثقافية وترفيهية موجهة للطلبة، ستعود بالنفع على الساكنة والإقليم ككل.
لقد آن الأوان أن يحتضن الإقليم أبناءه الطلبة داخل فضاء جامعي متكامل يليق بتطلعاتهم، وأن تتحول عمالة تاونات إلى قطب جامعي وتنموي واعد على مستوى جهة فاس–مكناس–تاونات، بل وعلى مستوى القارة الإفريقية والعالم العربي.
مشروع وطني برؤية تنموية متكاملة:
يشكل هذا المشروع الجامعي الكبير ركيزة أساسية لبناء مستقبل أفضل للإقليم، باعتباره:
• رافعة للتنمية المحلية عبر تكوين وتأهيل الكفاءات في التخصصات التي تواكب مؤهلات الإقليم الفلاحية والبيئية والسياحية.
• محركًا للبحث العلمي والابتكار يسهم في دراسة القضايا المحلية والوطنية وإيجاد حلول عملية للتحديات الاقتصادية والاجتماعية.
• منارة للإشعاع الثقافي والفكري تُعزّز مكانة إقليم تاونات ضمن خريطة المعرفة الوطنية.
إشادة ملكية ودعم حكومي مسؤول:
وفي هذا السياق، نتوجّه بأسمى آيات الشكر والعرفان إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيّده، على عنايته المولوية السامية واهتمامه الدائم بتنمية العالم القروي وتأهيله.
وقد شدد جلالته في خطبه السامية على أن النهوض بالعالم القروي ركيزة أساسية في التنمية الوطنية الشاملة، داعيًا إلى تمكين ساكنته من التعليم والتكوين وفرص الشغل الكريم، وتشجيع الاستثمارات المنتجة في المجالات الفلاحية والصناعية، للحد من الفوارق المجالية وتحقيق العدالة الاجتماعية.
تاونات…خزان طبيعي ومؤهلات استثنائية:
يُعدّ إقليم تاونات، الذي يفوق عدد سكانه 700 ألف نسمة، من أبرز الأقاليم القروية بالمملكة بفضل تنوعه الجغرافي وثرواته الطبيعية الغنية:
جبال شامخة كـ جبل الكيل بصنهاجة الشمس بجماعة عين مديونة بارتفاع يفوق 1600 متر، وسدود كبرى كسد الوحدة، وأودية غنية مثل وادي ورغة، وسهول خصبة، وزيتون من أجود الأنواع، وحبوب متنوعة، إضافة إلى أكثر من 4500 نبتة طبية وعطرية مطلوبة في الأسواق الدولية، من بينها أنواع نادرة ومرتفعة القيمة.
كل هذه المقومات تجعل من اقليم تاونات خزانًا فلاحياً واستثمارياً واعدًا، وقاعدة مثالية لبناء نموذج تنموي مستدام في مجالات الصناعة الفلاحية والدوائية والغذائية والسياحية.
تقدير خاص لابن إقليم تاونات السيد معالي الوزير عز الدين الميداوي:
ولا يسعنا في هذا السياق إلا أن نثمّن عاليًا الدور الوطني الرائد للسيد عز الدين الميداوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ابن إقليم تاونات البار، الذي كان من أبرز الداعمين والمواكبين لتحقيق هذا المشروع الطموح.
لقد برهن السيد الوزير من خلال رؤيته التنموية ومتابعته الدقيقة على وفائه لمسقط رأسه وإخلاصه لوطنه، وساهم بفعالية في إخراج مشروع كلية تاونات والمدرسة العليا للتكنولوجيا إلى حيز التنفيذ، خدمة لبنات وأبناء الإقليم ومستقبلهم.
شكر وامتنان ل”منتدى كفاءات إقليم تاونات”!:
كما نوجّه تحية تقدير إلى منتدى كفاءات إقليم تاونات، في شخص رئيسه الأستاذ إدريس الوالي، الذي جسّد من خلال مبادراته وبلاغاته ومتابعاته الإعلامية عبر منبر تاونات نت، صوتًا وطنيًا صادقًا في الدفاع عن قضايا الإقليم ومصالحه العليا، ومواكبة كافة مشاريعه التنموية بجد ومسؤولية.
آفاق المستقبل: من الجامعة إلى التنمية الشاملة:
واليوم، ومع تحقق هذا الحلم الذي طال انتظاره، فإن المسؤولية تتضاعف.فإقليم تاونات، الذي يضم اكتر من 47 جماعة قروية وأربع دوائر، يحتاج إلى مواصلة العمل الميداني عبر:
– إحداث مدارس تحضيرية للمهندسين في تيسة وغفساي والقرية.
– إحداث معاهد للتكوين المهني في مجالات الصناعة الفلاحية، الطاقات المتجددة، والسياحة القروية.
– إنشاء معامل ومختبرات لصناعة الأدوية والمستحضرات الطبية اعتمادًا على الثروة النباتية المحلية.
– تأسيس شركات ومعامل لتحويل المنتوجات الفلاحية كالزيتون، الكرموس، العنب، الخروب، والليمون والفول،العدس …
– تطوير البنيات التحتية والأسواق القروية لتسهيل تسويق المنتوجات وضمان السلامة الصحية.
– تشجيع الاستثمار في الضيعات النموذجية لإنتاج الحليب واللحوم والزبدة والمنتجات المحلية الأصيلة.
نحو نموذج تنموي تاوناتي جبلي جديد!:
إن التنمية الحقيقية تبدأ من التعليم، وتترسخ بالصناعة، وتزدهر بالبحث العلمي والتكوين المهني.
واليوم، يقف إقليم تاونات على أعتاب مرحلة جديدة لبناء نموذج تنموي محلي متكامل، يُعيد الثقة لشبابه ويصون كرامة ساكنته.
تحية تقدير لكل من يسهر على خدمة هذا الإقليم العزيز، وتحية وفاء لأبنائه الأوفياء في الداخل والخارج وبكل المرافق والذين يعملون في صمت من أجل غدٍ أفضل وتنمية مستدامة.
ومبارك لنا جميعًا هذا الإنجاز التاريخي، إلى جانب مشروع الطريق السريع فاس–تاونات، الذي يفتح أمام الإقليم آفاقًا رحبة نحو التنمية والازدهار.
عبد اللطيف الماموني/ أستاذ جامعي – باريس (فرنسا) .
عضو منتدى كفاءات إقليم تاونات