تاونات-متابعة:”تاونات نت”// اختتمت، مؤخرا، فعاليات النسخة الأولى من مهرجان تاونات للشعر المغربي- دورة الشاعر إدريس الجَاي- الذي نظمه منتدى كفاءات إقليم تاونات بتنسيق مع بيت الشعر في المغربب ؛ وبدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل (قطاع الثقافة) ومجلس الجالية على مدى أيام 28-29 و30 نونبر بمدينة تاونات.وفي يلي ينفرد موقع “تاونات نت” بنشر الكلمة التي ألقاها ادريس الوالي رئيس منتدى كفاءات إقليم تاونات في الجلسة الإفتتاحية :
ضيوفنا الأعزاء كل واحد بإسمه وصفته:
الحضور الكريم:
يشرفني، باسم منتدى كفاءات إقليم تاونات، أن أقف أمامكم اليوم في هذا الفضاء الوارف بالمعنى، الموشّى بنبض القصيدة، لنشارككم لحظةً نؤمن أنها أكبر من مجرد افتتاح مهرجان؛ إنها لحظة وفاء لروح شاعر كبير، ومساحة اعتراف بقيمة الكلمة، واحتفاءٌ بما يجعل للحياة نكهةً وقداسة: الشعر.
نلتقي اليوم في مهرجان تاونات للشعر المغربي – دورة الراحل إدريس الجاي، هذا الرجل الذي آمن بأن الشعر ليس زينة لغوية ولا ترفاً فنياً، بل هو انحيازٌ لجمال الإنسان، واصطفاف مع القيم النبيلة، ومحاولة دؤوبة لفتح نوافذ جديدة في سماء الروح.
لقد كان الراحل إدريس الجاي، رحمه الله، واحداً من الأصوات التي أضاءت مسار الأدب المغربي المعاصر، وامتلك حساسية شعرية فريدة، جعلته قريباً من الناس، نابضاً بالهوية، متجذراً في أرضه، طموحاً في رؤيته، مؤمناً بأن الأدب فعل مقاومة ضد النسيان، وضد القبح، وضد كل أشكال الانطفاء.
السيدات والسادة،
إن تاونات، هذه الأرض الطيبة، لم تكن يوماً هامشاً ثقافياً، بل كانت وما تزال خزاناً للطاقة الإنسانية والإبداعية. هنا وُلدت مواهب، وتشكلت تجارب، وصيغت محكات الحب والألم، وصوتُها الشعري العميق ظلّ وثيق الصلة بالأرض والإنسان والتاريخ.
ولأن منتدى كفاءات إقليم تاونات يؤمن بأن التنمية ليست فقط طرقاً ومؤسسات، بل أيضاً ثقافة وهوية ورأسمال رمزي، فإن مشاركتنا في هذا الحدث تأتي تأكيداً على أن الاستثمار في الثقافة هو استثمار في الإنسان، وأن الشعر—مهما بدا حالماً—قادر على صناعة معنى جديد للحياة المشتركة.
إن هذا المهرجان، في دورته الحالية، لا يكرّم شاعراً واحداً فقط، بل يحتفي بمسار من العطاء، وبذاكرة جماعية، وبأجيال من المبدعين الذين حملوا اسم تاونات إلى فضاءات أبعد. إنه مناسبة لنقول للعالم إن هذا الإقليم ليس فقط خزّاناً طبيعياً وزراعياً، بل هو أيضاً خزان للمعرفة، ومشتل للإبداع، ومنجم لمواهب تحتاج فقط إلى من يؤمن بها.
حضرات السيدات والسادة،
لقد راهن منتدى كفاءات إقليم تاونات، منذ تأسيسه في يناير 2020، على خلق جسور بين الطاقات الشبابية والقامات الفكرية والعلمية، وعلى جعل الثقافة جزءاً من رهان التنمية المحلية. ونحن اليوم نرى في مهرجان الشعر مناسبة لتعميق هذا الرهان، ولإشراك فاعلين جدد في هذه الدينامية الثقافية التي يستحقها الإقليم.
ومن هذا المنبر، نوجه التحية إلى المنظمين والمبدعين والشعراء والباحثين والنقاد والإعلاميين والطلبة والتلاميذ الذين حضروا ليجعلوا لهذه الدورة وهجها وعمقها، وإلى جميع المؤسسات والجهات الداعمة التي آمنت بقيمة الثقافة والشعر. كما نرفع تحية إجلال لأسرة الراحل إدريس الجاي، التي نشاركها اليوم هذا التكريم البهيّ، ونتمنى أن تجد في هذه الدورة امتداداً رمزياً لمساره الإبداعي الخالد.
السيدات والسادة،
إن الشعر، في زمن الصخب والسرعة والتشتيت، ليس مجرد ترف، بل هو ضرورة. إنه مساحة للإنصات إلى ذواتنا، ولإعادة ترتيب أسئلتنا، وللتصالح مع العالم.
وحين تحتضن المدن الصغيرة مثل تاونات مهرجانات شعرية، فإنها تقول شيئاً عميقاً عن نفسها: تقول إنها تؤمن بالحلم، وتحب الجمال، وتقدّر الكلمة التي تُعيد للإنسان شيئاً من إنسانيته.
وأنا على يقين، كما أنتم، أن هذه الدورة ستكون مناسبة لاكتشاف أصوات جديدة، ولمنح الشباب فرصة الانخراط في المشهد الثقافي، ولإطلاق حوارات نقدية تُغني التجربة الشعرية المغربية.
ختاماً،
باسم منتدى كفاءات إقليم تاونات، نجدد فخرنا بالمساهمة في هذا الموعد الثقافي، ونعلن التزامنا الدائم بدعم كل المبادرات التي تعيد الاعتبار للإبداع وللمبدعين، وتفتح لتاونات أبواباً أوسع للتميز والإشعاع.
شكرا لبيت الشعر في المغرب ..شكرا لمجلس الجالية .. شكرا للسلطات الإقليمية .. شكرا للإعلام الوطني والمحلي بكل أصنافه.. شكرا لكل من ساهم من قريب أوبعيد في إخراج هذا المشروع إلى الوجود..
رحم الله الشاعر إدريس الجاي،
ومرحباً بكم جميعاً في رحاب الشعر، حيث تتسع اللغة للحياة، وتتسع الحياة بالقصيدة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته