هذا ما قاله إبن تاونات سمير الشمال صاحب كتاب “الأخطاء القضائية في الخصومة الجنائية”

إدريس المزياتي:”تاونات نت”//-صدر حديثًا عن مطبعة دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع بالرباط كتاب علمي جديد بعنوان الأخطاء القضائية في الخصومة الجنائية، من تأليف عضو منتدى كفاءات إقليم تاونات الدكتور سمير الشمال.

ويتناول هذا المؤلَّف موضوع الأخطاء القضائية في المجال الجنائي من زاوية قانونية تحليلية، مسلطًا الضوء على مظاهرها وأسبابها وآثارها على ضمانات المحاكمة العادلة وحقوق المتقاضين، مع استحضار الاجتهادات القضائية والنصوص القانونية ذات الصلة.

ويأتي هذا الإصدار في إطار الإسهام في إثراء المكتبة القانونية العربية، وتوفير مرجع أكاديمي ومهني لفائدة القضاة، والمحامين، والباحثين، وطلبة القانون، وكل المهتمين بالعدالة الجنائية وإشكالاتها العملية.

ونظرا لما تضمنه هذا الكتاب من مضامين قانونية هامة نورد التصريح التالي لصاحب الكتاب الأستاذ سمير الشمال لمجلة “صدى تاونات” وموقع “تاونات نت”:

بناء على الأهمية البارزة لهذا المؤلف والذي استقر اختيارنا على خوض مغامرة البحث في جوانبه المتشعبة والمعقدة، حيث تبلورت لدينا قناعة إثارة الانتباه للمناقشات التي تدور حوله وتطويرها عن طريق فتح شهية الباحثين والمهتمين لتعميق البحث في جوانبه، على اعتبار أن كل عنوان يمكن أن يكون موضوع بحث أو أطروحة، وتجدر الإشارة أن الخوض في هذا البحث لم يكن بالأمر السهل أو الهين، فقد اعترضتنا مجموعة من الصعوبات لا يسعفنا الوقت لذكرها والتي كادت أن تقف حائلا في الكثير من الأحيان دون إتمامنا له، لكن القوة والعزيمة التي كنا نتحلى بها في داخلنا جعلتنا نصل بهذا العمل إلى بر الأمان بعون من الله وقوته.

ولمعالجة هذا الموضوع المتشعب والمعقد اهتدينا بعد عمليات متراكمة ومتواصلة من الجدل المعرفي والمنهجي إلى قالب شكلي وهندسة موضوعية تروم احتواء التصور العام لإشكالية البحث بما يساعد على مقاربتها وفق إحاطة علمية متكاملة.

القالب الشكلي للمؤلف

لا يجادل أحد في القالب الشكلي لأي عمل يدخل في باب البحوث العلمية يجب أن يتم وفق الطرق العلمية المتعارف عليها، حيث يقع المؤلف في 352 صفحة توزعت بين مقدمة وعرض ظل خاضعا إجمالا للشكليات المعتمدة في البحوث العلمية من فصول ومباحث ومطالب في مراعاة التناسب بين الشكل والمضمون، ثم خاتمة عبارة عن توصيات واستنتاجات وفهرس ولائحة المراجع.

وعلى مستوى الترابط بين الشكل والمضمون فإن هذا الارتباط هو تلك الجدلية القائمة بين التحليل والتعليل والتركيب، فهو يعكس بحق عناصر ومكونات الموضوع بكل سلبياته وإيجابياته، كما يعكس فعلا حقيقة الموضوع وتلازم أطرافه وقيمته العلمية، وعلى هذا الأساس فالبحث رغم تواضع إشكاليته وبساطة متنه إلا أنه ظل كأسلوب السهل الممتنع، كون موضوع الأخطاء القضائية في الخصومة الجنائية يعد من الدراسات الحديثة المتضمنة لمستجدات قانونية ومعطيات واقعية، كما أن له راهنيته سواء على المستوى الداخلي أو الدولي. وبخصوص الأسلوب المعتمد فهو أسلوب الكتابة القانونية مع مراعاة الوضوح والإيجاز والوفاء بالمعنى، حيث استند البحث في بناء معماره النظري العام باعتماد المنهج التحليلي ومساعدة المنهج الاستقرائي تارة والمنهج الاستنباطي تارة أخرى من خلال النصوص القانونية المرتبطة بالموضوع وكذا الأحكام والقرارات في ذات السياق وآراء الفقه وتوجهات القضاء، مع الاستعانة بالمنهج أو المقاربة التاريخية عبر تقنيتها التزامنية والتعاقبية حسب النقط المعالجة ضمن هذا البحث، كما اعتمدنا المنهج المقارن كميزان تقاس به قوة وضعف الظاهرة على المستوى الداخلي بين القانون والقضاء المغربيين، كما على المستوى الدولي من خلال بعض التجارب المقارنة.

مضمون  المؤلف

اتبعنا فيها الاتجاه الغالب بالاعتماد على عناصر المقدمة المعتمدة في البحوث القانونية بدءا بالإطار المفاهيمي عن الخطأ القضائي ثم الخصومة الجنائية، وبعد ذلك تطرقنا للإطار التاريخي عن طريق وضع البحث في سياقه التاريخي بدءا بمراحل انعدام مسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي مرورا بمرحلة الإقرار التدريجي لهذه المسؤولية وصولا إلى الاعتراف بمسؤولية الدولة عن أخطاء مرفق القضاء، ثم تناولنا أهمية الموضوع والتي تكمن في تناول موضوع متداخل الجوانب والاختصاصات مركزين على أهميته النظرية وأهميته العلمية مستعينين في ذلك بوضع إشكالية البحث التي طرحناها والمتمثلة في الأسئلة الاشكالية التالية:

  • ما هي الاتجاهات التقليدية والحديثة المحددة لمسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي؟
  • ما هي العوامل المؤدية إلى ارتكاب الأخطاء القضائية؟
  • ما هي الصور الشائعة للخطأ القضائي؟
  • ما هي المداخل الأساسية لحماية ضحايا الأخطاء القضائية وحقهم في الحصول على تعويض؟

     ولمعالجة الإشكالية التي يثيرها موضوع البحث تشكلت خطة الدراسة وفق تقسيم الموضوع إلى بابين اثنين:

الباب الأول : المحددات العامة للأخطاء القضائية الموجبة لمسؤولية الدولة:

حيث تطرقنا في الفصل الأول من هذا الباب للتوجهات التقليدية والحديثة المحددة لمسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي من خلال الاتجاهات التقليدية وأسسها في تحديد مسؤولية الدولة بدءا بانعدام مسؤوليتها المرتبطة بالوظيفة القضائية وتحديد مبررات انعدام المسؤولية وحدود هذه المسؤولية في ظل التشريع الدولي كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وكذا بعض الاتفاقيات المرتبطة بمهنة القضاء، ثم التشريع الداخلي كالقانون الفرنسي والمغربي، وصولا لمبررات انعدام مسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي المرتبطة بضمانات السلطة القضائية، وذلك بالوقوف على استقلال القضاء الذي أضحى من المبادئ الراسخة في الفكر القانوني والسياسي، وحجية الأحكام القضائية التي حرصت جل التشريعات على التكريس القانوني لها، الأمر الذي يعكس حجم الأهمية التي تحظى بها هذه المسألة من أجل ضمان إرساء معالم دولة الحق والقانون. ثم تطرقنا بعد ذلك للاتجاهات الحديثة وإقرارها لمسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي، وذلك بالوقوف على التكريس لمسؤولية الدولة عن أعمال القضاة في ظل نظرية المخاطر أولا كأساس  لمسؤولية الدولة عن أخطاء القضاء معززين ذلك بموقف الفقه الفرنسي والمغربي من نظرية المخاطر، وثانيا بتمييز نظرية المخاطر عن مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة، ثم بالوقوف كذلك على تجليات نظرية المخاطر كأساس لمسؤولية الدولة من خلال جدلية أساس هذه المسؤولية وكذا الآثار المترتبة على تأسيس مسؤولية الدولة عن أخطاء القضاء والمخاطر التي تنجم عنها.

وفي الفصل الثاني من الباب الأول تناولنا العوامل المؤدية إلى ارتكاب الأخطاء القضائية عن طريق الحديث عن الاستقلال النسبي لأجهزة السلطة القضائي وأثره على الأخطاء المرتكبة من خلال تحديد دور استقلال السلطة القضائية في حماية حقوق المتقاضين وذلك بالتطرق للأمن القضائي كآلية لتعزيز حماية الحقوق والحريات ثم توضيح استقلال السلطة القضائية كمدخل لتحقيق الأمن القضائي، وكذا القصور التشريعي لأسس الخطأ القضائي وتنازع الاختصاص بين القضاء الإداري ومحكمة النقض مع توضيح أن القضاء الإداري بعد صدور دستور  2011 أصبح لا يتردد في قبول النظر في دعاوي المسؤولية عن الخطأ القضائي بعد إعمال المقتضيات القانونية المحددة لتوزيع الاختصاص. وبعد ذلك تطرقنا للعوامل المؤثرة في قناعة القاضي وعلاقتها بالأخطاء القضائية وذلك بالوقوف على قناعة القاضي المرتبطة بالأدلة التقليدية كتقدير وسائل الإثبات في المادة المدنية أو في الدليل الجنائي ثم علاقة الأدلة الرقمية بالأخطاء القضائية وما تقتضيه من تفعيل استراتيجية ناجحة للتحول الرقمي يفترض بالضرورة توافر بنية تحتية لتكنولوجيا المعلوميات والاتصالات لاسيما في مجال المتابعات الجنائية.

الباب الثاني : المداخل الأساسية لحماية ضحايا الأخطاء القضائية :

والذي قسمناه بدوره إلى فصلين يتعلق  الفصل الأول بصور الأخطاء القضائية من خلال الممارسة العملية حيث تناولنا فيه الأخطاء القضائية الصادرة عن الجهاز القضائي مميزين فيه بين الخطأ المرفقي والخطأ الشخصي ووقفنا بعد ذلك على الأخطاء القضائية الصادرة قبل الحكم وتأثيرها على ضمانات المحاكمة العادلة، من ذلك أعمال النيابة العامة الموجبة لمسؤولية الدولة سواء من حيث سلطتها في التكييف والملائمة والحفظ أو في تأويل نص قانوني، أو على مستوى تقصيرها في رقابة أعمال الضابطة القضائية وكذا مراقبة الوضع تحت الحراسة النظرية وصولا إلى التقصير أحيانا في إحضار المتابعين للجلسات. ثم وقفنا على أعمال قاضي التحقيق الموجبة لمسؤولية الدولة بالوقوف على حالة وجود عمل قضائي خالص وفق الإجراءات القانونية أو حالة الاعتقال الاحتياطي المتبوع بسقوط الدعوى العمومية أو البراءة، وصولا إلى إقرار القضاء الاداري لمسؤولية الدولة عن الاعتقال الاحتياطي خصوصا أن 40 في المائة تقريبا من المعتقلين الاحتياطيين يحصلون على البراءة أو عدم المتابعة، وبعد ذلك تعرضنا للأخطاء القضائية المرتبكة عند الحسم في القضية من طرف القضاء الجالس من خلال الوقوف على حالة المراجعة  كآلة قانونية ضد أخطاء الجهاز القضائي مع تفصيل القول حول الإثبات في المادة الجنائية وحرية الأدلة الجنائية في تحديد المراجعة هل هي خطأ في الواقع أم خطأ قضائي؟ ثم حالة مخاصمة القضاة التي تعتبر الاستثناء من مبدأ عدم المساءلة في المجال المدني، وذلك بالوقوف على نطاق مسؤولية الدولة في مخاصمة القضاة وكذا الاختلاف الفقهي حول دعوى المخاصمة، ووقفنا كذلك على مسألة عدم البت في القضايا داخل أجل معقول وبيان أهميتها وتحديد مسؤولية الدولة في هذا الباب من خلال إقرار القضاء الإداري لهذه المسؤولية. وتطرقنا في محور ثان للأخطاء القضائية الصادر عن الأجهزة المساعدة للقضاء سواء المرتبطة بعمل كتابة الضبط بما فيما الخطأ الشخصي لكاتب الضبط أو الخطأ المرفقي لكاتبة الضبط، أو ما يتعلق بالمتدخلين غير المباشرين كأخطاء ضباط الشرطة القضائية أو المفوضون القضائيون أو المحامون والخبراء والتراجمة.

وتناولنا في الفصل الثاني والأخير من هذا الباب للموازنة بين حقوق ضحايا الأخطاء القضائية والحق في الحصول على تعويض مناسب وذلك من خلال التطرق لفعالية التعويض عن الضرر الناتج عن هذه الأخطاء لتكريس حقوق الضحايا في الشق الأول، حيث تناولنا أولا ملائمة التعويض المناسب مع الخطأ القضائي كضرورة من ضرورات العدالة الجنائية الحديثة بالوقوف على نجاعة التعويض المادي في إصلاح أضرار الخطأ القضائي وكذا التعويض المعنوي ورهان محو الوصم الاجتماعي، وفي النقطة الثانية وقفنا على محدودية التعويض عن الأضرار الناتجة عن الأخطاء القضائية المحكوم بها على مستوى مناط الخطأ في دعوى التعويض عن الخطأ القضائي الجنائي وإثبات الضرر في دعوى التعويض المباشر وكذا ضوابط ممارسة الطعن بالمراجعة بين عمومية النص وإشكالية التطبيق.

أما الشق الثاني من هذا الفصل فخصصناه لآليات حمل الدولة عن تنفيذ الأحكام الصادرة بشأن التعويضات وذلك من خلال الآليات المتاحة للمتضررين من الأحكام القضائية في حالة مراجعة القضاء عند رفض الدولة للتعويض أو إثارة المسؤولية الشخصية للممتنع عن التنفيذ، وكذا اللجوء إلى مؤسسة الوسيط كآلية لتنفيذ الحكم بالتعويض، أو من خلال الآليات المتاحة للقاضي الإداري في تعويض المتضررين كالغرامة التهديدية كآلية لجبر الدولة على الحكم القضائي أو الحجز على أموال الدولة كوسيلة لإجبارها على التنفيذ.

خاتمة:

خلصنا إلى نتائج وتوصيات حددناها تباعا ووقفنا فيها على فراغات تشريعية وإشكالات يتعين سبر أغوارها، وأبدينا مجموعة من الملاحظات والمقترحات التي لا يحول الإقرار الدستوري دون إبدائها.

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 8568

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى