ما أجملك يا بلادي…ما أروعك يا أرض تاونات – د. بوزيد عزوزي
إنها صورة أخاذة ، صورة روعة في الجمال…
ما أجملك يا “جبل أسطار” ، أيها المثلث الخصب الأخضر ، وانت تحمي بقمتك الشامخة وبكل غيرة ، سد ساهلة الأزرق البحيرة الخلابة ، في قلب قبيلة مزيات ، خازن مياه بطون وجبال الريف وجبالة ، المغذية له بامطارهاالشتوية الغزيرة ، والتي تنساب إلى سفوح هضاب وتلال الحياينة : أولاد ارياب وأولاد عليان واولاد عمران ، والشراكة في أحضان مولاي بوشتي الخمار لتستريح بسد الوحدة – المجاعرة – العظيم … إنه بحر محاصر بين القمم ، قبل ان تشد الرحال إلى سهول الغرب السحيقة للري والسقي ، فتروي بمياهك قطاع الفلاحة بشتى أنواعها والزراعة الصناعية كالشمندر وقصب السكر ونوار الشمس وغيرها كثير ، وتربية المواشي بالضيعات الفسيحة ، وتمد المعامل والمصانع بالمياه الازمة للإنتاج الصناعي وتسقي مدننا الكبرى على الساحل الاطلسي بالماء العذب الزلال الشروب .
كم انت رسين “ياجبل أسطار” وانت تحدق في “عين باردة” غربا ، وتستنير وتتدفأ بشمس ضحى “جبل كيل ” بصنهاجة صباحا ، وتتمتع شمالا بثلوج “قمة تدغين” الريفي خلال فصل الشتاء البارد القارس ، بعد ان ترفرف بلطف على قبيلتي ارغوية وامثيوة ، وتتبرك ببركة الجاية ومزراوة وبني زروال العالمة ،
وكم انت كريم “يا سد ساهلة “، وأنت تساهم في تنمية اقتصاد البلاد بهاته المياه الوفيرة وهاته الخيرات الكبيرة .
ارضك ياتاونات أمددت المغرب منذ الستينات ، من أحشاء “ثانوية تاونات “، التي ذاع صيتها في كل فضاء وفي كل ربوع المغرب الحبيب ، بما عرف به تلامذتها من ذكاء ونجابة وطموح وعمل جاد مسترسل بأناة وصبر ونكران ذات مع قلة الامكانيات ، بأطر سامية في جميع التخصصات ، ساهموا ويساهمون بفعالية كبيرة قل نظيرها في تدبير وتسيير الشأن العام الوطني وفي القطاع الخاص والحر وكل المجالات والقطاعات ، بروح وطنية عالية تجاوز عددهم 6000 إطارفي حدود سنة 1994 من أساتذة جامعيين وعلماء دين ودبلوملسيين وسياسيين ورجال اعمال ورجال قانون وأطباء ومهندسين وكبار الضباط المغاور في كل مكونات قطاعات الامن والدفاع الوطني .
كنا هنا ، داخل هاته الأقسام والفصول ، بهاته الثانوية الجميلة جداً Collège de Taounate والتي كانت تحمل في أحشاءها الدر والدرر من أساتذة أكفاء يحسنون على مستوى عال جداً بيداغوجية التدريس وإداريين مخلصين ومعينين وتلميذات وتلاميذ خلال مدار السنة من كل أطراف المنطقة ، أي من دواءر تاونات ومرنيسة – طاهر سوق – وبني وليد وغافساي وقرية با محمد وتيسة ، هاته المنطقة التي ستصبح إقليما بظهير شريف مؤرخ في أكتوبر 1977، ويتم تعيين أول عامل من طرف صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله في بداية 1978.
أخاطبكما “ياجبل أسطار” ويا “سد ساهلة” ، لانكما أنتما المحور ، ولانكما أنتما الفضاء الخلاب الجذاب.
كما ساهمت ياارض تاونات الخصبة والمعطاء برجالك الشجعان الأشاوس في طرد المستعمر الإسباني والفرنسي ، هناك قبالتك شمالا ياجبل أسطار “دوار بوردود”، كان رجال عظام ينسقون عمليات جيش التحريرفي الشمال ، شاركت بفعالية يشهد لها التاريخ وساهمت بتضحياتك الجسام من اجل تحرير الوطن والمواطن خلال حرب التحريرالوطنية ، حتى عودة جلالة الملك المغفور له سيدي محمد الخامس من المنفى اللعين بجزيرتي كورسيكا ثم مدغشقر بمعية جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراهما واسكنهما فسيح جنانه بمعية وكافة العاءلة الملكية الشريفة يوم 16 نونبر 1955، عيد الانبعاث .
وفي سفح “دوار بوردود” هناك “خميس الزريزر” نقطة انطلاق بناء “طريق الوحدة” عام 1957 ، التي وحدت شمال المغرب الذي حرر من الاستعمار الإسباني ، وحدته بجنوبه المحتل من لدن الاستعمار الفرنسي حتى 02 مارس 1956.
وأنا أتمتع بالنظر إليكما يا سد ساهلة ويا جبل أسطار، وجبال الريف وراء ظهري ، وموقعك جنوبا ، تعود ذاكرتي التاريخية إلى سنتي 1921-1922 حين هاجم محمد بن عبدالكريم الخطابي فلول جيوش الاستعمار الفرنسي شرقا من صنهاجة وارغيوة بباب المروج التي هاجمها الطيران الفرنسي بكل قساوته والرملة وباب واندار ، وشمالا لجبل اسطارمن امثيوة ، ومن بني زروال غرب جبل أسطار، هنا في هاته البقعة الفسيحة لقن هذا المجاهد التاريخي الكبير هذا الاستعمار الغاشم درسا في الجهاد والدفاع عن الحرية والاستقلال والكرامة ، مناهج حرب تلقن في كليات الحرب العالمية والدولية.
ولا زلت يأرض تاونات الجميلة تنجبين الرجال العظام الذين يساهمون بكل شجاعة في الدفاع عن ارض الوطن من طنجة إلى لكويرة ومن وجدة إلى فكيك فالسمارة فاتفاريتي بكل تفان وإخلاص.
أنجبت وأنتجت أيتها الارض الحبيبة محمد العروسي الفنان الكبير شافاه الله … والطقطوقة الجبلية ، والرياضي العصامي خلال الستينات المرحوم الراضي ، وبوشتى الحياني منتج اللوحات الزيتية الفريدة ذات الصيت العالمي والدولي،
وغيرهم كثير،…
وأنتجت… وأنتجت…وأنتجت… بلا حدود ،
شكرا يا أرض تاونات ، شكرا جزيلا أيتها الأرض الخصبة المعطاء ، وشكرا بلا حدود لأبناءك الأفذاذ الذين يعطون بكل سخاء وبلا حساب ، وسيعطون كل ما لديهم وما في وسعهم من اجل ان يحيا المغرب الحبيب شامخا ويعيش المغربي حرا أبيا معززا مكرما.
أحييكما يا “جبل أسطار” ويا”سد ساهلة” تحية إعجاب وتقدير بقدرتكما على الإيحاء ، وتخصيب المخيلة والخيال الواقعي انطلاقا من واقع يومي معاش .
شكرا لكم.
* د.بوزيد عزوزي
أستاذ بمجموعة المعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات بالرباط والدار البيضاء”ISCAE”(من مواليد مدينة تاونات)
عن الكاتب
مواضيع ذات صلة
اكتب تعليق
لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.