إلى أبي .. .بقلم: أناس الكنوني

الطالب الباحث أنس الكنوني

الطالب الباحث أنس الكنوني

فاس:”تاونات نت”/أبي يعتصر لي خمرا من عرق جبينه
ويبعثني إلى قدري
كن رجلا كشجر الغابة
ولا تنحني إلا لظلك
أمي الأخرى
تنسى اسمها
وتصلي باسمي وتقول:
حفظك الله يا ولدي
من شر الذباب
فالذباب يمتص رحيق العمر
وأنا تعودت نسيمك يا عمري
أنا الآخر
أحتسي الصبر كشاي أمي
وأمضي على جناح الأمل
نحو قدري المطرز بالإيمان
فالإيمان لغة الصبر الباسمة من مطلع الفجر ..
حبيبتي تترقبني في صدرها كالهلال
أنام عامين دون أن تلمع في عيني نجمة
أين ضاعت بوصلتي ؟
كل ما كان لي ذاب كشمس الظهيرة في حينا ..
وبين الدروب غاب
أتذكر عرق أبي ثم أصرخ
لابد من ميلاد
تمخضت كثيرا يا أمي
لم أتعود أن أنحني من قبل لشيء
إلا لأمي
هي ظلي الذي أتكئ عليه كلما عدت من الحرب !
لابد من حرب جديدة
إذن لابد من نصر
أو استشهاد
عاد أبي عند الظهيرة
نظر في ساعة معصمه
ورأى كيف العمر يتكسر منه !
لابد أن أكبر !
لابد من بوصلة وهلال ..
لابد لي أن أتعلم سبك خيوط الأمل كالموسيقى
كما يفعل أبي بانتظام ..
أبي استوفى غناءه
شربته أقداح الكدح حتى الثمالة
انشطر سبعين ولم يتأوه
لم يركن إلى ظل أمه فوق قبر هاجر في التراب ..!
نسي اسم أمه
وهوى على ظله باحثا عن منفذ جديد لهذه القصيدة
فتصبب العرق من جبينه
نسي عطشه
وقال خذ واشرب قدح العرق هذا
واذهب صوب الباب
تجد مخرجا لهذا العذاب
كل ما كان من عمري صار سراب
فكن أنت الحقيقة الوحيدة هنا
وتجلى
لأراك بعيني نص قصيدة
وترى كل الطرق تؤدي إلى روما
وروما في كل قلب
عند كل باب
خذ نصيبك من العرق
فالعرق هو نبيذ هذا التواجد المفضي إلى الشفق ..
هو نهاية الفراق وبداية اللقاء
هو الإرادة المنصهرة في جلدي كالماء
وجلدي منصهر كالعرق
فاشرب
وتعلم أن تمضي
وأن تعرق
وتحترق
وتحترف العذاب
لكن لا تنحني أبدا
إلا لظلك
فهو الحقيقة الوحيدة
ودونه سراب يتخلله كم من عذاب!

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7235

اكتب تعليق

لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى