إلى أبي. .. بقلم: أناس الكنوني
فاس:”تاونات نت”/أبي يفتل الريح
ويقرأ من آيات المحراث
ما تصدح به الأرض !
يقول أبي في شبه استعلاء
الجبال لا تنحني إلا للعصافير
أمي تغني مع السنابل
لغة حصاد يصدح بها المنجل
أمي سيدة الأرض الأولى
تتقن لغة الأرض وحدها
تعكس السماء البعيدة !
أبي يعود مساء إلى المنزل
محملا برائحة التراب
يدرسنا كم لغة الأرض تتصف بالسخاء !
أبي يحملني مع الريح
يفتلني كالزنابق البيضاء !
الأرض هنا تصدح بالأغاني
أمي توزع كؤوس النعناع
الألوان تدخل في صفرة السماء
الحياة يفلسفها هذا البهاء !
أبي درس الفلسفة في الوادي
لقد رأى كيف تدخل رائحة النعناع في رائحة الزعتر !
يتجانسان
ينسجمان كموسيقى البيانو والكمان
يتفلسفان كلغة الطير
وإلى البعيد يطيران !
هكذا يقول أبي ..
أمي تدخل في الريح
ترقص كزهر النعمان
كلما عبثت السماء قليلا
وغنت مواويلها الموسمية !
أبي فقير
لأن الغراب كثير في الحقول
ومحاصيلنا نفصلها عن الصخور بالمعاول
تعب المساء يتبخر من أنوفنا
والليالي هوجاء
كل ما نحصده من حنطة
لا يكفي العصافير والحمام
بيادرنا جذباء
يسرح فيها غبار الصيف مع الهواء
يتلوا فيها آيات القحط !
أبي حزين مثل شمس العشية الصفراء
نسي كيف يفتل الريح ؟
الغناء هنا لا يجدي !
الغناء مثخن بالجراح ..
أرسلني أبي إلى بلاد الإسمنت
لأدرس فلسفة القحط
لعلي أصدح مثل محراث في هذه الأرض !
أرضي حزينة
أرضي غريبة تبكي على زهر نعمان
لم يشهد عيد ميلاده
لم يشخ كشجر الصنوبر
لم يغن عند المساء مواويله
أبي ينتظرني
أبي ينتظر الأزل !
عن الكاتب
مواضيع ذات صلة
اكتب تعليق
لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.