بيع الخضر بين فاس وتاونات … يجذب القرويين ويُغضب السلطات
رشيد الكويرتي من فاس-عن”هسبريس”:”تاونات نت”/تحوّلت قارعة الطريق الوطنية رقم 8، التي تربط بين مدينتي تاونات وفاس، بعد أن أينع الربيع، إلى فضاء لا منته لعرض مختلف الخضر الربيعية التي تجود بها القرى المنتشرة على طول هذا المحور الطرقي الذي تسلكه مئات العربات كل يوم.
وانتعش هذا النشاط الموسمي، خاصة على مستوى المقطع الطرقي الممتد بالنفوذ الترابي لجماعة واد الجمعة التابعة لدائرة تيسة، حيث يصطف عشرات القرويين، من مختلف الأعمار، لعرض منتجات فلاحية محلية؛ إما جماعات مشكلين “سويقات” ثابتة، أو فرادى يعرضون هنا وهناك سلعهم أو يشيرون بها للسائقين، دون كلل أو ملل، علهم يظفرون بزبون جديد.
هبة من الطبيعة
يعرض هؤلاء القرويون أصنافا متنوعة من الخضر الربيعية، فضلا عن “البقولة” المتكونة من أنواع شتى من النباتات جادت بها طبيعة المنطقة المنتشية بحلتها الخضراء الزاهية؛ وذلك بعد موسم تميز بوفرة وانتظام تساقطاته المطرية؛ ما شكل للكثير من الفلاحين البسطاء بالمنطقة فرصة لإنعاش مداخيلهم ولجني بعض الأرباح.
“لدينا الجلبانة والفول والقنارية والشفلور وخزو واللفت وبطاطا الحلوة، وهي كلها خضرة ديال البلاد”، يوضح محمد الصالح لهسبريس، وهو الذي كان يعرض أصنافا متنوعة من الخضر على قارعة الطريق بمنطقة إيناون بجماعة واد الجمعة.
وأكد الصالح أنه فلاح يبيع، إلى جانب منتجاته الخاصة، بعض المنتجات التي تعود إلى مزارعين آخرين، خاصة من دواوير أولاد رحو وزووقة وأولاد اكحالة والدار البيضاء، اشتراها منهم ليعيد بيعها بهامش ضئيل من الربح.
القروي عياد، الذي كان منهمكا في تربيط حزم “البقولة”، أكد أن جميع مكونات “البقولة” التي يعرضها على الزبائن نباتات طبيعية يجمعها من الحقول المخصصة لزراعة الخضر أو من جنبات واد إينوان.
وأوضح المتحدث أن حزم “البقولة”، التي تتكون من “طير الليل” و”السلك” و”حمو بولفيتي” و”حمايضة” و”خبايزة” و”قرن الكبش”، ذات جودة عالية؛ وذلك بالنظر إلى أن “العام مزيان”، حسب صاحب “البقولة” الذي أشار، في حديثه مع هسبريس، إلى أنه بممارسته لهذا النشاط الموسمي يتمكن من كسب بعض الرزق الحلال.
من جانبه، أوضح عبد السلام المتوكل، فلاح من دوار الدار البيضاء بجماعة واد الجمعة، أنه اكترى أرضا فلاحية وقام بزراعتها بالفول، وقد اعتاد أن يعرض منتجاته الفلاحية على قارعة الطريق الرابطة بين مدينتي فاس وتاونات.
وأكد المتوكل لهسبريس أن المنتجات الزراعية للمنطقة خالية من المواد الكيماوية، ويستعمل المزارعون الأسمدة العضوية فقط، ويسقون مزارعهم بماء واد إيناون السليمة من كل مظاهر التلوث؛ لأن “ماء إيناون نشرب منه ونسقي به فلاحتنا، ماء النهر يأتي من سد إدريس الأول، وهو نقي وغير ملوث”، يوضح المتوكل مدافعا عن جودة الخضر المحلية، التي ذكر أنها تلقى إقبالا، ليس فقط لدن الزبائن من فاس وتاونات؛ ولكن من لدن جميع السائقين الذين يستعملون هذه الطريق من مختلف المدن المغربية؛ بل حتى من لدن أفراد الجالية المغربية بالخارج، الذين يعمدون، في طريق عودتهم إلى ديار المهجر، إلى التزود بمختلف الخضر، التي يعرضها قرويو المنطقة.
تشبث القرويين ومنع السلطات
“احنا هادي سنوات واحنا كنبيعو في هاد البلاصة، ولينا معروفين”، يوضح الفلاح علي بالمقدم، الذي أبدى أسفه على الحملات التي تشنها السلطة المحلية ضدهم لمنعهم من عرض منتجاتهم على جنبات الطريق، قائلا: “الحكومة كتمنعنا من البيع في هذا المكان، كيجي القايد يدي لينا السلعة للخيرية، واش الخيرية واقفا على هاد المساكن باش يعاونوها؟”، يتساءل القروي ذاته.
المتحدث ذاته أوضح أنه ليس لهم بديل عن بيع منتجاتهم الفلاحية على قارعة الطريق، نظرا لغياب فرص عمل أخرى بالمنطقة؛ وهو.
وطالب هذا المزارع، الذي أوضح أن “المخزن” وفر لهم أكشاكا خاصة ببيع الخضر ورفضوا الالتحاق بها لكونها بنيت في مكان بعيد عن الطريق، بالسماح لهم بإقامة الخيام على قارعة الطريق للحفاظ على جودة خضرهم.
بدوره، انتقد الفلاح عبد السلام المتوكل المكان الذي جرى فيه بناء الأكشاك الخاصة ببيع الخضر. وطالب، إن كانت هناك مبادرة للاهتمام بهم، بأن يتم بناء الأكشاك في المكان الذي يعرضون فيه خضرهم على جانبي الطريق، وليس بعيدا منها؛ وهو ما أيده فيه زميله محمد الصالح، الذي أوضح أن ما يعرضونه من منتجات فلاحية يتعرض للضرر بفعل أشعة الشمس، وخاصة عند عرض منتوج الطماطم و”الدنجان” و”الكرعة”، التي يصادف موسم إنتاجها ارتفاعا في درجة الحرارة.
يذكر أن السلطات الإقليمية لتاونات كانت قد بادرت، منذ ست سنوات في إطار برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إلى بناء عدد من الأكشاك الخاصة موجهة إلى فائدة باعة الخضر والفواكه المحلية على طريق تاونات فاس؛ ولكن هذه المحلات سرعان ما هجرها هؤلاء الباعة، وعادوا إلى عرض منتجاتهم على جانبي هذه الطريق.
عن الكاتب
مواضيع ذات صلة
اكتب تعليق
لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.