من اجل صحة نفسية سليمة:بؤرة الإختلاف بين الأمراض الذهانية و الأمراض العصابي

من اجل صحة نفسية سليمة : بؤرة الإختلاف بين الأمراض الذهانية و الأمراض العصابي

من اجل صحة نفسية سليمة : بؤرة الإختلاف بين الأمراض الذهانية و الأمراض العصابي

ذ.سارة الشيكر-تاونات:”تاونات نت”/مما لا شك فيه  أن الاختلاف  موجود بشكل قطعي  بين مرض العصاب  ومرض الذهان من حيث المفهوم و من حيث المحتوى، مما ولد لبسا لدى عامة الناس .  هؤلاء يعتقدون أناالمصطلحين يحملان نفس المفهوم وبالتالي  نفس طريقة العلاج .

فأغلب  الناس يعتبرون أن كل مرض  نفسي هو عقلي أو الأصح أن كل من التجأإلى الطبيب النفسي فهو مجنون و لا يجب الاقتراب منه ناهيك عن نظرة المجتمع المحيط به التي  تشكل بدورها سببا من  أسباب تفاقم المعضلة، هذه حقيقة لا يمكن نكرانها و لا تجاهلها البتة .لذلك سأحاول التطرق في هذا المقال المتواضع إلى إبراز الفرق العميق بين الذهان و العصاب .

 مرض العصاب هو اضطراب وظيفي دينامي ، انفعالي و هو  نفسي المنشأ ، بالإضافة إلى أنه حالة من الخوف التي تصيب الشخص ،و تسبب له شعورا بالألم في بعض أعضائه، فمثلا نجد العصابي يشكو سرعة دقات القلب تارة و إحساسه  بأن قلبه سيتوقف تارة أخرى  و يبقى هذا الشعور مزيفا ،وهميا  ،سببه نفسي محض،ونجد  العصابي يحس  بألم في المعدة و البطن أيضا ، مع أن جهازه الهضمي سليم، وتراه يشكو بشكل متكرر من ألم في  الرأس ، وإغماءات بين الفينة و الأخرى ، ويجد المريض نفسه وسط دوامة من المشاعر الوهمية ، تائها بين الطبيب العام  والفقيه يبحث عن العلاج لآلامه الوهمية التي يعاني منها ،وسيعرف حقيقة ما ألم به إذا صادف طبيبا يوجهه للعلاج النفسي “البعبع الذي يخاف منه أغلب المغاربة” ،فالغالبية تتهمه بالجنون إذا قرر معاينة الطبيب النفسي  ، إن لم  تتهم الطبيب النفسي نفسه بالجنون ، (اعالج راسو هو الاول بعدا ) جملة أدت بالعديد من الأسر المغربية  إلى الانحراف عن المسارالصحيح لعلاج حالاتهم ،نتيجة استهانتهم بالطب النفسي .

إذن العصاب  هو  عدم الاتزان النفسي بعيدا عن كل تغيير في بنية  الجهازالعصبي لهذا  يعتبرالطبيب النفسي  هو الحل الأمثل حيث  يقدم للشخص العصابي علاجا   سلوكيا معرفيا يساعده بكل بساطة  على إدراك التفكير غير الدقيق أو السلبي ،و يمكنه من رؤية  المواقف الصعبة بوضوح أوضح و يتعامل معها بطريقة أكثر فعالية ، بالإضافة إلى العلاج الدوائي حيث  يصف للمريض أدوية تعيد إليه اتزان النواقل العصبية وكذالك تقوية إرسال الإيعازات بين الدماغ و الخلايا العصبية فيبدأ تأثير الدواء في الغالب بعد أكثر من خمسة عشر يوما من تناولها و تكون النتيجة فعالة على العموم .

فما دام العصاب لم يجعله يفقد علاقته بالواقع ،  ولا يشكل خطورة على نفسه و على الآخرين وما دام يدرك المشكلة فليتوكل على الله و يعقد العزم ويسارع إلى للعلاج ،   لأن الاستهانة بهذه الحالة يمكن أن تتطور إلى أمراض تعتبر أكثر حدة من حيث التأثيروغالبا ما ينتج عنه مرض الذهان

والذهان هو اضطراب عقلي واضح على ملامح الشخص،يلعب فيه التغير الكيميائي، وخصوصا التغير الذهاني  في نسب الهرمونات (الدوبامين،السيروتونين)الموجودة في المخ دورا أساسيا ،بالإضافة إلى  عوامل أخرى تساهم في حدوثه ومنها:نوع الشخصية ،الإستعداد الوراثي،الضغوطات النفسية،الإدمان على المخدرات والكحول … هذا المرض يسلب من المريض قدرته على التفكير بأسلوب منطقي كما يجعله يفقد المتعة الطبيعية في الحياة ،فيتأخرلديه الإدراك الحسي ، باضطراب بالغ قد يصل إلى الحد الملموس،وهذا ماجعل العلماء يصنفون مرض الذهان كأحد الأمراض المؤدية لحالة الانفصال عن الواقع فالذهاني شخص يعجز عن التعايش مع واقعه بالإضافة إلى عدم قدرته على  أداء أنشطته ومهامه  اليومية، فهو  لايدرك مرضه ولايسعى للبحث عن العلاج أوبالأحرى لايمكن إقناعه بأنه مريض و حالته تتطلب علاجا ، يعيش عالمه الخاص المليئ بالأوهام والمشاريع التي لن تتحقق إلا بعد العلاج،وهنا يتجلى الاختلاف بين العصاب والذهان،فالأول يدرك مشكلته ويسعى إلى ا لبحث عن العلاج ، عكس الذهاني الذي يظل أسير المرض إذ يمكن تمييزه عن العصابي في الدرجة و ليس في الكيف أوالنوع .

يعتبر الذهاني أكثر حدة من حيث الدرجة لأن المرض يزحزح كينونة الشخص، عكس العصابي الذي يؤثر مرضه فقط على جانب من جوانب الشخصية .

 الذهان هو فقدان الاتصال بالواقع ،صاحبه يعيش وسط دوامة الشك ،ويخيّل له أن الجميع يحاولون إلحاق الأذى به ،ومن الحالات المرضية الواقعية التي صادفت تلميذة نبيهة لاتعترف بمرضها قالت لي على لسانها “هل أنا هي المهدي المنتظر؟”طفلة بريئة في ريعان الشباب متمسكة بالحياة، لكن الذهان الخبيث قد أحاط بها من كل الجوانب .

 وعندما يصل الذهان إلى ذروته غالبا ما يخطط المريض لإيذاء نفسه أو اللآخرين . هذا الاضطراب العقلي لم ينل الاهتمام الملموس في بلدنا لحد الآن ، ومن بين الأسباب الرئيسية في ذلك هو أن أغلب العقليات تخاف شديد الخوف من نظرة المجتمع  الخاطئة التي تتهم الشخص المريض بالجنون وبالتالي يشكل هذا عيبا في الأسرة،  و لاينبغي أن نتجاهل الصلة الحميمية التي تجمع أغلب الأسر المغربية بالفقيه والذي يبدو أنه يحمل العصا السحرية كما يقول المثل االشعبي المتداول: “كوكان الخوخ يداوي كوداوا  راسو”.وتبقى التوعية بالعلاج النفسي هي بداية الحل.

 هذا المرض اللعين يجعل الذهاني فاقد الاستبصار يعاني في صمت،لايستطيع مساعدة نفسه،إذا لم يلتفت إليه الآخرين ونحن نعرف أن الآخر غالبا ما يكون مشغولا بالحياة والمال… لكن الأمل موجود وهذا فضل من الله.

 حان الوقت للتوعية النفسية كما أشرنا سابقا خاصة تدريس أوليات الصحة النفسية لأبنائنا فهم شعلة الغد نحن في حاجة إلى عقولهم سليمة متزنة . لقد دق جرس الخطر… فالأمراض النفسية والعقلية أصبحت تشكل تهديدا لمجتمعنا والغالبية  العظمى غير واعية بذالك…

 التفتوا إلى صحتكم النفسية،أولا وقبل كل شيء  فهي  الركيزة الأساسية للسلامة العقلية و الجسدية .

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7156

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى