من بولمان إلى العالمية:حركة مدنية اجتماعية تطالب بإنصاف المناطق الجبلية

الائتلاف-المدني-من-أجل-الجبل-يعلن-بفاس-عن-انطلاق-مشروع-عدالة-و-إنصاف-المناطق-الجبلية

الائتلاف-المدني-من-أجل-الجبل-يعلن-بفاس-عن-انطلاق-مشروع-عدالة-و-إنصاف-المناطق-الجبلية

محسن كفحالي°:”تاونات نت”/من كان يعلم أن تشكل مدينة بولمان ، منطلق التفكير في المناطق الجبلية ، تلك المدينة  الجميلة التي تقع على بعد 120 كلم جنوب شرق مدينة فاس الأثرية الشهيرة ، و يبلغ عدد سكانها حوالي سبعة ألاف نسمة حسب إحصائية 2014 ، و يضم إقليم بولمان مجموعة من المدن الصغيرة ، مثل : ميسور ، كيكو ، المرس …..

تمتع المدينة بمظاهر طبيعية خلابة شأنها في ذلك شأن كل المدن الجبلية و مؤهلات سياحية تجعلها محط الأنظار ، فهي تحوي مجموعة من المجاري المائية و الأنهار التي تعبر جبالها ووديانها الرائعة ، كما أنها غنية بالغابات و الأشجار المتنوعة ، فضلا على أنها مكانا مميزا للطيور و الوحيش .

لكن رغم ما تتميز به من مؤهلات ، فإنها كباقي المناطق الجبلية الأخرى ، عانت و تعاني التهميش و الفقر و صعوبة العيش . إن التناقض الجلي بين ما تتوفر عليه من مؤهلات و خيرات ، و بين ما تعيشه من تهميش مزدوج – بفعل الظروف الطبيعية من جهة و من جهة أخرى بفعل السياسات المتعاقبة عليها –سيكون دافعا قويا لانطلاق دينامية مدنية  ترافع عن ساكنة المناطق الجبلية ، دينامية خرجت من رحم جمعية الهدف بولمان و غطت تراب جبال المغرب ، أطلق عليها “الائتلاف المدني من أجل الجبل  “

لماذا الجبل ؟

تمتد المناطق الجبلية بالمغرب على مساحة تقدر ب 741 178مربع أي حوالي 26في المائة من المساحة الإجمالية للتراب الوطني ، كما تحتضن ساكنة تتجاوز 54800007 نسمة أي حوالي ثلث سكان المغرب و هي مناطق حيوية من حيث مواردها الطبيعية و البشرية .

35في المائة من مجموع الأراضي الفلاحية بالمغرب بمساحة تفوق 3.2مليون  هكتار .

62 في المائة من الغايات الطبيعية بالمغرب بتنوع بيولوجي هائل .

مناطق منجمية حيث تعتبر كل المناطق الجبلية بالمغرب حاضنة لمناطق منجمية متعددة .

مناطق ثقافية : حاملة لإرث ثقافي و تعدد لغوي يعكس العمق الحضاري للدولة المغربية و تحمي منظومة رمزية و اجتماعية قوية .

 من بولمان إلى العالمية:حركة مدنية اجتماعية تطالب بإنصاف المناطق الجبلية

من بولمان إلى العالمية:حركة مدنية اجتماعية تطالب بإنصاف المناطق الجبلية

لكن بالرغم ما تتوفر عليه من مؤهلات بشرية و طبيعية ، إلا أنها لا تعكس الظروف التي تعيشها هذه المناطق ، حيث تعرف تفاوتات مجالية كبيرة بالمقارنة مع باقي المناطق المغربية في مستوى التنمية و في الاستفادة من السياسة العمومية و الإنفاق العمومي ….، حيث نجدها في درجة أدنى من المتوسط لوطني على جميع الأصعدة في مختلف الخدمات من تعليم و صحة …..إلى جانب هذا نجد أن المجال الجبلي يتعرض لكثير من التدهور نتيجة الاستغلال و الاستنزاف الذي تتعرض له من الثروات الطبيعية و البيئية .

إن سياسة التهميش و الإقصاء التي عرفتها المناطق الجبلية ، جعلتها تعيش الهشاشة الاقتصادية

 و الاجتماعية و التشريعية ، حيث  يسجل غياب إطار تشريعي يلائم حاجيات المناطق الجبيلية و حقها في التنمية ، بحيث أن معظم القوانين الجاري بها العمل تعود إلى عهد الاستعمار ، على سبيل المثال لا الحصر (قانون أراضي الجموع 27 أبريل 1919، قانون تحديد الملك الغابوي 10 أكتوبر 1917).

أمام هذا الوضع المتسم بالتناقض ، بين ما تتوفر عليه هذه المناطق من مؤهلات طبيعية و بشرية

و ثقافية و بين ما تعيشه من واقع بئيس ، كان لزاما التفكير في خلق ألية ديمقراطية  للترافع

و تأطير الحركات المدنية و الاجتماعية الصاعدة ، ذات الاهتمامات المختلفة و المنتمية إلى ذات المجال ، بهدف توفير التنمية العادلة و شروط الإنصاف و المواطنة للجميع في ربوع الوطن ككل .

من جمعية  الهدف ببولمان إلى الوطنية … إلى العالمية .

أمام هذا الوضع عملت جمعية الهدف بولمان على إعداد برنامج المرافعة من أجل تحسين شروط ساكنة المناطق الجبلية بالمغرب ، حيث تمثل الهدف  الأساسي من البرنامج في المساهمة في دفع دوائر القرار السياسي إلى إخراج سياسات عمومية ذات أبعاد مندمجة خاصة بالمناطق الجبلية

و تأخذ بعين الاعتبار خصائصها الاقتصادية الاجتماعية و الثقافية ، و كذا المساهمة في تأسيس دينامية مدنية واعية بمختلف الإكراهات و المعيقات التي تعاني منها المناطق الجبلية بالمغرب.

أسفر هذا البرنامج عن تأسيس الائتلاف المدني من أجل الجبل  خلال فعاليات المنتدى الوطني الأول حول المناطق الجبلية بالمغرب بمدينة أزرو 23 ماي 2015، كألية ديمقراطية تؤطر حركة مدنية و اجتماعية صاعدة تعتبر نفسها امتدادا للعمل الديمقراطي الهادف لتوفير التنمية العادلة و شروط الإنصاف و المواطنة للجميع في ربوع الوطن .كما أنه حركة منفتحة و متفاوتة ،

و سيلتها الأساسية التعبئة و الترافع و الحوار لدفع دوائر القرار إلى إخراج سياسات عمومية ذات أبعاد مندمجة .

عدالة  و إنصاف من أجل الجبل

شكل تأسيس الائتلاف المدني  من أجل الجبل في ازرو محطة مهمة في حياة التنظيم ، حيث شكل المنتدى لحظة تقييم ما تم إنجازه و في نفس الوقت استشراف المستقبل و تحديد استراتيجية العمل، فمن خلال مشروع عدالة و إنصاف من أجل الجبل ، سيعمل الائتلاف على المساهمة في تنمية السياسات العمومية ووضع قوانين  مستجيبة للخصوصية المجالية للمناطق الجبلية بالمغرب ، كما أنه شكل أرضية للترافع و التعاون بين مختلف الفاعلين المدنيين داخل المناطق الجبلية بغية المساهمة في تحسين شروط عيش ساكنتها ، حيث عمد الائتلاف إلى إعداد و تقديم مذكرة مطلبية و طنية حول السياسة العمومية المناسبة للمناطق الجبلية ، و كذا اقتراح قانون إطار خاص بالمناطق الجبلية و تقديمهما للجهات المعنية .

لم يتوقف الائتلاف المدني من أجل الجبل عند هذا الحد ،  لكنه استطاع أن يسمع صوت ساكنة مهمة من هذا الوطن ، استطاع  أن يخرج إلى العلن صوت ساكنة تعيش تهميشا مزدوجا ، تهميشا بفعل السياسات المتعاقبة للدولة و تهميشا بفعل الظروف الطبيعية ، كما أنه استطاع أن يؤسس لمقاربة جديدة تتجاوز المقاربة الكلاسيكية التي كانت تعتبر الجبل مجرد صخور فقط .

لم يقتصر الامر على هذا ، و لكن أصبح الائتلاف المدني من أجل مخاطبا رسميا عند بعض المنظمات العالمية ، فرنسا ، إسبانيا ، إفريقيا …. التي نتشارك معها نفس الاهتمامات و التصورات .

إلى متى سيظل الجبل بالمغرب خارج السياسات العمومية المستجيبة للخصوصية المجالية ؟

°عضو السكرتارية الوطنية للائتلاف المدني من أجل الجبل

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7183

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى