المستهلك باقليم تاونات يتناول لحوما مصدرها النعجة والذبيحة السرية

مجرة بسوق أسبوعي تستعمل مربطا للدواب

في لقاء سابق بعمالة الاقليم وصف مسؤول المصلحة البيطرية بتاونات حالة المجازر بالاقليم بالكارثية وعرض صورا أمام الملأ اعتبرها عضو بالمجلس الاقليمي بالمستفزة، وهي دلالة على ان حال المجازر والذبائح واماكن عرض لحومها ووسائل نقلها لازالت تعتمد طرقا بدائية قد تعرض صحة المستهليكن لها للمخاطر. واذا ما تم تطبيق المرسوم الجديد للمجازر فان معظم المذابح والمجازر باقليم تاونات ستغلق في وجه الزبائن ومن المرجح ان يطرح ذلك ازمة تموين باللحوم وبخاصة للساكنة القروية التي تتزود من الاسواق الاسبوعية؛ذلك أن المرسوم الجديد بشأن مراقبة نظافة اللحوم يراوح مكانه بعد مضي سنتين عن صدوره، ذلك أن معظم المجازر الاسبوعية بالجماعات القروية لازالت على حالها، والمجزرة البلدية لتاونات ليست احسن من حال، ذلك ان شروط النظافة لا ترقى الى رغبات المستهلك، ان على مستوى الاوساخ التي تحيط او بداخل المجازر او بسبب قلة او انعدام الماء وتكاثر الحشرات والقوراض والطفيليات ببعض المذابح القروية والمجزرة الحضرية، واذا ما تم استثناء بعض المذابح الاسبوعية وهي على رؤوس الاصابع، فان معظمها لازال مرتعا لتدفق لحوم النعاج والذبيحة السرية وعرض اللحوم بجانب الدواب والكلاب وحيث تغيب كل شروط نظافة اللحوم الحمراء، ولعل استمرار الوضع على ما هو عليه دلالة على فشل الدولة في تنظيم المجازر وتامين صحة المواطنين.

واذا كان للمذابح القروية بالاسواق الاسبوعية خصوصية منذ القدم على حد تعبير رئيس جماعة بوهودة، الذي بادر مجلسها الجماعي على اعادة تهيئة فضاء المذبحة الاسبوعي وتجهيزه بالماء وتنظيمه الى جانب تاهيل مرافق عرض اللحوم، فان الاقبال الكبير للساكنة القروية على استهلاك لحوم المذابح بالاسواق الاسبوعية باثمنة مناسبة لمؤشر على فشل مشروع مرسوم  رقم 612 – 12 – 2 يغير ويتمم القرار الصادر في 28 شتنبر 1955 بشأن مراقبة نظافة لحوم الاسواق، اذ ان سيادة الطابع القروي بالاقليم ووجود مجزرة وحيدة ببلدية تاونات بدورها لا تستجيب لمعايير النظافة او اقل مما هو عليه الامر ببعض المذابح القروية لأمر يفرض اعادة تشخيص الوضع والتمييز بين المذابح بالاسواق الاسبوعية والمجاز البلدية، واذا ما تم تطبيق مشروع المرسوم الجديد، فان الساكنة القروية التي اعتادت ان تقصد الاسواق الاسبوعية لاقتناء اللحوم الحمراء لن تجد لها اثرا، واذا ما تم تفويت لاقطاع لاستثمارات الخواص فان اثمنة اللحوم سترتفع لا محالة، ومن الحلول المطروحة لتجاوز الوضع بالمذابح القروية هو ان يتم اخضاع هذه الاخيرة لرقابة وتسيير المجالس الجماعية لا الجهة التي تكتري السوق الاسبوعي، ثم تخصيص اعتمادات للتهيئة والنظافة  ومن شان ذلك ان يحسن مستوى جودة المذابح بالاسواق الاسبوعية وبالتالي الحد من المخاطر التي يمكن ان تتعرض لها صحة المستهلكين وضمان وفرة عرض اللحوم بالاسواق الاسبوعية في نفس الوقت هذا الى جانب تعزيز دورة الرقابة من قبل مصالح الصحة البيطرية.

  مجرة بسوق أسبوعي تستعمل مربطا للدواب

                                                                مجزرة بسوق أسبوعي تستعمل مربطا للدواب

وكان مجلس الحكومة صادق في الفاتح من نونبر 2012 على مشروع مرسوم رقم 612 – 12 – 2 يغير ويتمم القرار الصادر في 28 شتنبر 1955 بشأن مراقبة نظافة لحوم الاسواق، تقدم به وزير الفلاحة والصيد البحري. ويسمح النظام الجديد بتنقل اللحوم من المجازر بين البلديات في جميع أنحاء البلاد، وتشجيع المبادرة الخاصة في احداث وادارة المجازر وتطوير شبكة للتنقل المبرد مطابقة للتشريعات والقوانين الجاري بها العمل، وياتي اعتماد المرسوم الجديد نتيجة التزام الحكومة بدعم هذا القطاع، وتنظيمه وتطويره وفتح الفرص امام القطاع الخاص  وتنظيم العرض وتحسين الجودة لصالح المستهلك.

نسبة هامة من لحوم الاسواق مصدرها النعجة والذبيحة السرية

هناك عادة خاطئة عند بعض الناس الذين يقومون باقتناء الكبد من عند بعض الباعة في بعض الأسواق الأسبوعية وبعض أسواق الأحياء والذين يتاجرون في لحوم الحيوانات بطريقة غير مقننة ويشتري البعض من عندهم نظرا لانخفاض الثمن بصفة ملحوظة، لذا يجب التنبيه إلى أن هذا التصرف خاطئ بل قد يتسبب في نتائج صحية وخيمة قد يصعب التحكم فيها وقد تكون سببا في أمراض خطيرة جدا، وذلك لكون هؤلاء الباعة لا يمرون عبر القنوات التي تتوفر فيها المراقبة، وبالتالي بات من الضروري توعية المستهلكين باقتناء الكبد وكل اللحوم الحمراء من المجازر والمذابح المتوفرة على شروط النظافة والتي تخضع للمراقبة البيطرية من طرف المكتب الوطني للسلامة الصحية.

فقد تبين ان المواطنين يستهلكون نسبة هامة من اللحوم المعروضة وبشكل خاص في الاسواق الاسبوعية وبعض محلات الجزارة يكون مصدرها النعجة والذبيحة السرية، حيث يميل بعض الجزارين الى اتقناء النعجة لبخس ثمنها مقابل توفير هامش الربح او تسريب ذبائح سرية يجهل مصدرها وسلامتها الصحية.

في هذا الاطار حجزت مصالح المكتب الوطني للسلامة الصحية بتاونات خلال السنة الماضية 238 كلغ من لحوم الابقار و الاغنام، وتم حجز 4297 كلغ من احشاء الابقار و896 كلغ من احشاء الاغنام و238 كلغ من احشاء الماعز أي حجز ما مجموعه 5431 كلغ من الاحشاء الغيرالصالحة للاستهلاك وذلك بالمذابح والمجازر المراقبة فقط.

 ويظهر توزيع المحجوزات حسب اصابتها المرضية كما يلي، 2511 كلغ من اللحوم والاحشاء المحجوزة المصابة بمرض الاكياس المائية، بنسبة 46 بالمائة من مجموع المحجوزات، ياتي بعدها مرض يرقات الكبد الذي يشكل 36 بالمائة من اللحوم والاحشاء المحجوزة والتي بلغت 1969 كلغ، ثم ياتي مرض الديدان الرئوية والمعوية الذي ياتي في الرتبة الثالثة من حيث المحجوزات ب 11 بالمائة، حيث تم حجز 618 كلغ من الاحشاء واللحوم اكتشفت فيها هذا المرض بعد اخضاعها للمراقبة البيطرية. ثم ياتي مرض السل في الرتبة الرابعة من قيمة المحجوزات من اللحوم والاحشاء والتي بلغ حجمها 334 كلغ من لحوم واحشاء البقر بنسبة 6 بالمائة من مجموع المحجوزات السنوية، وترتفع نسب الاصابة بشكل عام  فيما يتعلق بمرض الاكياس المائية والسل ومرض يرقات الكبد في المحجوزات من اللحوم والاحشاء التي يكون مصدرها البقر، فيما سجل مرض الديدان الرئوية والمعوية بالنسبة لاحشاء ولحوم الاغنام.

ويظهر من توزيع كميات اللحوم المراقبة باسواق 19 جماعة قروية وحضرية ، استهلاك ساكنة اقليم تاونات السنة الماضية لما مجموعه 1541 طن من لحوم واحشاء الابقار المراقبة و1070 طن من لحوم واحشاء الاغنام و524 طن من لحوم واحشاء الماعز ، أي ما مجموعه 3136 طن من اللحوم والاحشاء التي تمت مراقبتها من قبل اجهزة المكتب الوطني للسلامة الصحية بتاونات.

ويحتل السوق الاسبوعي لاحد عين عائشة الرتبة الاولى في مجموع اللحوم والاحشاء المراقبة بما مجموعه 550 طن سنة 2013، تليها من حيث الاهمية اسواق اربعاء تيسة ب 550 طن وثلاثاء القرية ب 454 طن وأحد غفساي ب 257 طن فيما تحتل كمية اللحوم المدبوحة بمجزرة بلدية تاونات 211 طن ، وسجلت اسواق خميس طهر السوق وخميس ازريزر وسبت بوهودة على التوالي 133 طن و 105 طن و103 طن من اللحوم الحمراء وتقل عن 100 طن بباقي الاسواق الاخرى.

هذه الارقام الرسمية، تؤكد بما يدع مجالا للشك، أن ثمة كميات أخرى من اللحوم والاحشاء المصابة بتلك الامراض أو بغيرها تذهب الى بطون المستهلكين، ازاء العجز المسجل في طاقم المكتب الوطني للسلامة الصحية بتاونات المكلف بالمراقبة، والذي لا يمتلك الاطر البشرية الكافية والوسائل اللوجيستيكية لضبط سلامة وجودة الذبائح بالمجازر والمذابح القروية والحضرية، اذ لا يتعدى الطاقم الذي يشتغل في الوقت الراهن 12 عنصرا من طبيبة بيطرية وتقنيين واعوان، ووسيلة نقل واحدة واخرى معطوبة وهذه الامكانيات مرجحة للتراجع في السنوات القادمة، وهذا ما يطرح اشكالا عويصا لتدبير السلامة الصحية بالمجازر وبخاصة المذابح القروية بالاسواق الاسبوعية، ذلك ان ثمة اسواق لا تراقب بصفة نهائية، ونظرا لانعدام او ضعف الوعي لدى الاسر القروية بخطورة استهلاك اللحوم والاحشاء المعروضة للبيع، فان تدخل المجالس الجماعية والسلطات المحلية في ظل وجود صعوبة في تنزيل المرسوم الجديد للمجازر، باصلاح تلك المجازر والمذابح وتهيئتها وتزويدها بالماء ومراقبة الذبائح بها سيمكن على الاقل تقليص حدة الأخطار الصحية والغذائية الناجمة عن الحالة الكارثية للمذابح والمجازر باقليم تاونات. ولعل الاهتداء بتجربة مجلس جماعة بوهودة من خلال تهيئة مجزرة وفضاء عرض اللحوم بالسوق الاسبوعي لسبت بوهودة خير نموذج لهذا التوجه.

 

مجزرة سوق سبت متيوا بعد اصلاحها

                                          منظر لمجزرة سوق ثلاثاء بني وليد في عهد الاستعمار الفرنسي

إعداد :محمد عبادي

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7610

اكتب تعليق

لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى