الفقر يسلب براءة أربع شقيقات من “أطفال القمر” بنواحي مدينة تاونات

الفقر يسلب براءة أربع شقيقات من "أطفال القمر" ناحية تاونات

الفقر يسلب براءة أربع شقيقات من “أطفال القمر” ناحية تاونات

رشيد الكويرتي-(صور: سعد القادري)*عن “هسبريس*:”تاونات نت”/قبل أن يبدآ في سرد معاناتهما، رحبا بهسبريس وشكراها على اهتمامها بمحنة أبنائهما الخمسة، الذين تنخر أجسادهم أمراض مزمنة ليس لها علاج: أربع شقيقات من “أطفال القمر”، بينما شقيقهم الخامس يعاني شللا في أطرافه السفلى وخللا بجهازه العصبي.

كان الزوجان، رفقة أبنائهما الخمسة، في ضيافة أحد أقربائهما بمنزله الكائن بحي سهب الورد الشعبي بمدينة فاس حيث التقت هسبريس بهذه الأسرة المنكوبة، أسرة عبد الرحيم بوسلامة، بعد أن اضطرت إلى المكوث حوالي أسبوع كامل بمدينة فاس بعيدا عن محل إقامتها بضواحي تاونات؛ قصد متابعة بناتها الأربع حصص العلاج من مضاعفات المرض بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني.

الفقر يسلب براءة أربع شقيقات من "أطفال القمر" ناحية تاونات

الفقر يسلب براءة أربع شقيقات من “أطفال القمر” ناحية تاونات

البعد عن المستشفى وغياب وسائل الوقاية

“نحن من دوار أمواييت التابع لجماعة بني ونجل بضواحي تاونات، الذي يلزمك الوصول إليه قطع طريق غير معبدة باستعمال وسيلة نقل مدة ساعة ونصف. لقد تعبنا من التردد على المستشفى وطرق باب الأقارب لاستضافتنا خلال تواجدنا بمدينة فاس”، يقول عبد الرحيم بوسلامة، رب الأسرة، موضحا لهسبريس، والألم يعتصر قلبه، أن ابنه أيوب (17 سنة) ألم به مرض غريب فأقعده بعد أن شلت أطرافه السفلى.

وأضاف الأب، وهو في عقده الخامس، متحدثا عن معاناة أبنائه مع المرض، “كان أيوب طبيعيا، لكن مع مرور السنوات بدأ يفقد توازنه ويسقط على الأرض إلى أن أصبح مقعدا، فانقطع عن الدراسة بسبب تفاقم وضعه الصحي. أما سلمى (15 سنة) فهي تعاني، إلى جانب الشلل، من مرض “أطفال القمر”، كما هو الشأن بالنسبة إلى شقيقيتها حنان (6 سنوات)، ورميساء (4 سنوات)، والرضيعة فاطمة الزهراء، ذات الـ4 أشهر”.

الفقر يسلب براءة أربع شقيقات من "أطفال القمر" ناحية تاونات

الفقر يسلب براءة أربع شقيقات من “أطفال القمر” ناحية تاونات

وقبل أن يواصل والد “أطفال القمر” الأربعة حديثه عن محنة أسرته مع مرض أبنائه، أشار إلى أنه كان يشتغل إسكافيا، فانقطع عن ممارسة هذه الحرفة، واكتفى بالعمل في الحقول الفلاحية لدى بعض ساكنة منطقته بأجر زهيد رغم إحساسه بالتعب الشديد، مضيفا أن وضعه الاجتماعي صعب للغاية وهو في حاجة إلى المؤازرة والدعم.

“انظر إلى وضعي، الكل يشفق لحالي. يؤلمني كثيرا أن أرى فلذات أكبادي وهم يصارعون المرض دون أن أقدر على فعل شيء لأجلهم”، يقول الأب عبد الرحيم مناشدا الأطباء والمحسنين بمساعدته على علاج ابنه أيوب ليستعيد حركته. ولمح إلى أنه أصبح مقتنعا باستحالة علاج بناته الأربع، اللواتي يعانين مما يعرف بمرض جفاف الجلد المصبغ. وأضاف أن دوره يتمثل في وقايتهن من الإصابة بمضاعفات هذا المرض النادر؛ عبر حمايتهن من أشعة الشمس، رغم افتقارهن إلى الوسائل اللازمة لذلك.

من جانبها، تحدثت زوجة عبد الرحيم بصوت خافت ممزوج بالألم والحسرة، عن محنتها مع رعاية أبنائها، مضيفة “رزقت بسبعة أبناء، اثنان سويان وخمسة كانوا طبيعيين قبل أن يصابوا بالمرض”. وقالت إن ابنها أيوب يعيش عذابا حقيقيا بفعل معاناته من شلل أطرافه السفلى، وأن ابنتيها سلمى ورميساء، إلى جانب إصابتهما بتورمات جلدية، فقدتا نعمة البصر بفعل مضاعفات مرضيهما.

وتضيف الأم مليكة، حابسة دموعها، “مرض أبنائي حرمهم من حقهم في التمدرس. كما أن وضعهم الصحي يمنعهم من الخروج من المنزل للعب مع أقرانهم، حتى أني، بدوري، غير قادرة على مغادرة البيت لزيارة عائلتي، فأنا من أحمي بناتي من أشعة الشمس، ومن يرعى ابني أيوب، فإذا تركت أطفالي من سيقوم بإطعامهم وتنظيفهم وتغيير ملابسهم؟”.

“الزهراء” دعم ومساندة

إلى ذلك، أوضحت فاطمة الزهراء المرنيسي، رئيسة قسم أمراض الجلد بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس ورئيسة جمعية الزهراء لمساندة مرضى الجلد، أن الوضعية الهشة لعائلة بوسلامة تفاقم معاناة بناتها، مشيرة إلى أن مرضهن وراثي، وأن هذا العامل يرفع معدل إصابة الأبناء به إلى 25 في المائة.

وأكدت المرنيسي أن “أطفال القمر” يحرمون من العيش بصفة طبيعية، حيث يبقى لزاما حمايتهم من ضوء النهار لوقايتهم من الإصابة بالمضاعفات الخطيرة لهذا المرض، والمتمثلة في الإصابة بالأورام السرطانية، وذلك عبر الاستعمال الصارم لوسائل الوقاية من أشعة الشمس.

الفقر يسلب براءة أربع شقيقات من "أطفال القمر" ناحية تاونات

الفقر يسلب براءة أربع شقيقات من “أطفال القمر” ناحية تاونات

وأضافت المرنيسي: “بالنسبة إلى أطفال أسرة بوسلامة، فقد خضعوا، مؤخرا، لتقييم طبي إجمالي، حيث تعاني طفلتان منهم من أورام جلدية، فيما شقيقتاهما الصغيرتان في حاجة ماسة إلى الحماية والوقاية، ونحن نحاول أن لا يصل وضعهما الصحي إلى مستوى الإصابة بتورمات جلدية”.

وأبرزت رئيسة جمعية الزهراء أن جمعيتها ستعمل على ربط الاتصال بالسلطات المحلية بجماعة بني ونجل بتاونات قصد القيام، بعد رمضان، بزيارة لمكان إقامة أسرة بوسلامة، للمساهمة في تهيئة منزل هذه الأسرة لجعله يستجيب إلى متطلبات أبنائها المرضى، مضيفة “نحن لا نعرف طبيعة سكن أسرة بوسلامة، وسنقوم بزيارته لتجهيزه بنوافذ عازلة للأشعة، لأن وقاية “أطفال القمر” تبدأ من المنزل”.

وأوردت المرنيسي أن جمعيتها والطاقم الطبي بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس يوليان عناية خاصة بأطفال هذه الأسرة، ويسهل لهم الولوج إلى مختلف مرافق المستشفى قصد الفحص والعلاج، مضيفة أنه يجب توفير الظروف الملائمة لـ”أطفال القمر” للعيش بسلام داخل منازل عائلاتهم؛ “لكي يلعبوا بكل حرية، دون ارتداء القبعات والنظارات الواقية من أشعة الشمس، وهم في حضن والديهم”، توضح رئيسة جمعية الزهراء لمساندة مرضى الجلد.

للتواصل حول هذه الحالة الإنسانية، هاتف الأب عبد الرحيم بوسلامة: 0652360674

 

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7755

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى