في اللغة العربية صورة لقيمة الأمة

الأستاد عبد العزيز الخطيب-مفوض قضائي بتاونات

الأستاد عبد العزيز الخطيب-مفوض قضائي بتاونات

اللغة أداة للتفكير، وصلة بين الإنسان والعلم والأدب، إذ تتكون الأفكار في عقل الإنسان يعبر عنها باللغة، ثم يتوصل في تفكيره إلى مرحلة الإبداع، فهي الوجه الأخر للتفكير. لذا يقول أحد المفكرين ” لا يجب أن ننظر الى اللغات إلا بوصفها أثارا معبرة عن عقل لشعوب، ولكي نقوم بدراسة دقيقة ينبغي إلا نبدأ باللغة التي ليست إلا نتيجة، بل من العقل الذي يخلق اللغة ” هو يفسره تاريخ اللغة العربية ،  فلما كانت لغة أمة ذات رسالة وحضارة استطاعت أن تقوم بوظيفتها في سائر الميادين العلمية والطبية ولما انهارت الأمة، انحط كذلك قدر اللغة العربية في نفوس الأعداء والخصوم. وفي هذا الصدد استحضر قول شاعر العرب حافظ ابراهيم وهو يتحدث على لسان اللغة العربية:

رموني بعقم في الشباب وليتني          عقمت فلم أجزع لقول عداتي

وسعت كتاب لله لفظا وغاية              وما ضقت عن أي به وعظات

أنا البحر في أحشائه الذر كامل          فهل سألو الغواص عن صدفاتي

أرى لرجال الغرب عزا ومنعة          وكم عن أقوام بعز لغات

فاللغة العربية منذ  أقدم العصور لغة علم وحضارة حتى في العصر الجاهلي، لذا نرى بعض المؤرخين يقولون أن المجتمع العربي الجاهلي كان مجتمعا أخذا ببعض أسباب الحضارة ويستدلون على ذلك بكثرة ألفاظ اللغة الدالة على القلم والورق، اليراع، الأنبوبة، القرطاس ، الطرس ، والرق ، وما إلى ذلك. لذا فربط اللغة العربية بالدين خطأ تاريخي لأن اللغة سابقة على الإسلام ولنا في المعلقات أكبر دليل ، ثم إن كثيرا من البلدان الإسلامية لا تتكلم اللغة العربية. أن اللغة العربية رأسمال لساني وفكري وحضاري  قادت العالم طول قرون عديدة حيث كان نشر المعارف والعلوم يكاد يقتصر عليها وهي مستعدة بطبيعتها للعموم والشيوع والنهوض بالأمانة الإنسانية ، والتاريخ شاهد صادق على هذا عندما يحدثنا أن التراث العلمي لعلماء العرب والمسلمين كتب باللغة العربية، مما اضطر معه الأوربيين إلى تعلمها لترجمة كنوز المعرفة وبالتالي الاستفادة منها. وأمام هذا التاريخ الحافل والمشرق للغة الضاد انبرت خلف الأبواب بعض الأصوات تدعوا إلى تقعيد الدارجة واعتمادها في أسلاك التعليم بدلا عن اللغة العربية، فواجهها الفصاحة واقبروا كل ذلك في مهده وقالوا :” إن دفاع البعض عن الدارجة اليوم ليس أكثر من دفاع عن حقهم في الجهل بلغة الضاد ” – ” إن من لا يتذوق اللغة العربية لا يمكن أن يتحدث ” . وأضاف أخر ” الدعوة إلى الدارجة رسالة يهودية” . ومن خلال عملية استقراء بسيطة للتاريخ الحديث نجد دعوات كهاته في الفترة الاستعمارية وغيرها، فهي دعوات مشبوهة لها ما بعدها. لذا وجب التمسك باللغة العربية لأنها تعد روحا ووعاء للحضارة ، وهي فوق هذا لغة القرآن ويروى أنها هي لغة أهل الجنة، فاللهم أمين يارب العالمين، لنستمتع وإياكم بالفصاحة والبيان في جنان الخلد عن هموم الدنيا.

بقلم ذ. عبد العزيز الخطيب:المفوض القضائي المحلف لدى المحكمة الابتدائية بتاونات

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7183

اكتب تعليق

لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى