إبنة تاونات نعيمة الصنهاجي رئيسة جمعية “دعم تمدرس الفتاة القروية” تغيّر حياة آلاف الفتيات القرويات

الصنهاجي رئيسة لجنة دعم تمدرس الفتاة القروية بمكتب الجمعية في الرباط

الحقوقية نعيمة الصنهاجي رئيسة لجنة دعم تمدرس الفتاة القروية بمكتب الجمعية في الرباط

الرباط-عن “الجزيرة.نت” و”هسبريس”:”تاونات نت”/شكل مشروع “منحة من أجل النجاح” -الذي أطلقته “لجنة دعم تمدرس الفتاة القروية” عام 2000- منعطفا حقيقيا ليس في حياة نجاة وحدها بل ما يقارب 4000 فتاة في قرى وأماكن متعددة من المملكة المغربية بفضل الشراكة مع جمعية “دعم تمدرس الفتاة القروية” التي تأسست سنة 1998 وتترأسها الفاعلة الحقوقية والجمعوية  إبنة تاونات نعيمة الصنهاجي (أبوها يتحدر من جماعة بوعادل بإقليم تاونات-مسؤولة سابقا بوزارة الشغل وكذا المجلس الوطني لحقوق الإنسان-الفائزة بـالجائزة الأولى للدورة الرابعة لـجائزة تميز للمرأة المغربية المخصصة للمبادرات الموجهة للمرأة القروية،عن برنامج “منحة من أجل النجاح في سنة 2018 ).

وينطلق مشروع “منحة من أجل النجاح” من تشخيص معاناة العديد من الفتيات القرويات اللواتي ما زلن يحرمن من متابعة مشوارهن الدراسي. ويقوم على فكرة تأسيس دور استقبال لإيواء وتأطير التلميذات القرويات بهدف استكمال دراستهن وكذا بهدف الحد من التسرب المدرسي.

حلم الدراسة

لا تزال نجاة الصالحي (28 سنة) تتذكر صيف 2004 في قريتها النائية بإقليم زاكورة حين أنهت مرحلة الدراسة الابتدائية.اعتقدت حينها أن حلمها بمتابعة مشوارها الدراسي انتهى، قبل أن يغير مشروع “منحة من أجل النجاح” حياتها لتصير اليوم ممرضة متعددة الاختصاص بالمركز الاستشفائي في مراكش.

تقول نجاة ل “الجزيرة نت “كان إحساسي لا يوصف، بعد أن اعتقدت أن مصيري كسابقاتي من بنات قريتي مطبخ وزواج مبكر، أصبح بإمكاني أن أتابع دراستي لحد الحصول على البكالوريا”.

رئيس الحكومة يسلم جائزة التميز لمشروع منحة من أجل النجاح إلى نعيمة الصنهاجي ومجيدة شريف

رئيس الحكومة يسلم جائزة التميز لمشروع منحة من أجل النجاح إلى نعيمة الصنهاجي ومجيدة شريف

تحكي عن تجربتها باعتزاز، وكيف عاشت 6 سنوات بمركز استقبال الفتاة الذي وفرته الجمعية النسائية للتنمية والتضامن بإقليم زاكورة، عبر الشراكة مع جمعية “دعم تمدرس الفتاة القروية” بهدف للحد من التسرب المدرسي.

فوز وتميز
مثل شلال رضا وعرفان، انهمر إعلان فوز مشروع “منحة من أجل النجاح” في 28 من نوفمبر 2018 على نعيمة الصنهاجي رئيسة جمعية “دعم تمدرس الفتاة القروية” ضمن فعاليات جائزة التميز للمرأة المغربية التي تنظمها سنويا وزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، واهتمت في نسختها الرابعة بـ “المبادرات الموجهة للمرأة القروية“.

وبإشراقة جمعت فرح كل الفتيات اللواتي تابعن دراستهن بفضل المشروع، أعلنت الصنهاجي أن الفوز تكليف وتشريف، وأنه تشجيع واعتراف من الدولة بجهد المجتمع المدني.

تقول الصنهاجي ل”الجزيرة نت” وقد برقت عيناها دمعا “28 نوفمبر يوم فخر، وحاسم في مسار الجمعية ككل، وفي مساري الشخصي”.

تضيف المناضلة الحقوقية أنها عاشت مشاعر مختلطة تذكرت خلالها والديها، وكيف استطاعا رغم الظروف القاسية إيصال ستة أولاد وثلاث بنات إلى مستوى الجامعة. وقالت بفخر واعتزاز” أنا بنت المدرسة العمومية، ونتاجها، والتعليم غير حياتي”.  

وتضيف الصنهاجي في لقاء مع “الجزيرة نت “عائلتي ووطني وتكويني وضعوا على عاتقي مسؤولية، وأنا اخترت أن أدعم الفتاة القروية، رفقة كل المناضلين معي بالجمعية”.

نعيمة الصنهاجي رئيسة جمعية دعم تمدرس الفتاة القروية

نعيمة الصنهاجي رئيسة جمعية دعم تمدرس الفتاة القروية

حق دستوري
على عكس ملامح الفوز، أظهرت الصنهاجي صرامة أكثر وانخراطا كبيرا، وهي تؤكد أن التعليم حق دستوري، مشيرة إلى أن الجمعية ومعها كل الشركاء المحليين لا يقدمون إحسانا ولا يعوضون مسؤولية الدولة، بل يساعدون في المواكبة وتقريب الخدمات والمرافعة والدفاع عن الحق.

وأوضحت الصنهاجي أن الإيواء وسيلة لتمكين القرويات من الدراسة في الإعدادية في ظل ضعف اللوجستي. وأضافت أن المراكز فضاءات للمواطنة توفر للفتيات الأنشطة والتوعية على حقوق الإنسان والصحة والنظافة.

وجزمت الصنهاجي بأن السبب الأساس اليوم من مغادرة الفتيات بالقرى لمقاعد الدراسة هو ضعف البنية التعليمية وغياب الأمن والسلامة والبعد وضعف جودة الخدمات. وترى أن المشكل الثقافي لا يزال حاضرا لكنه ليس عاملا أساسيا.

قرويات فخورات
بديعة ومجيدة ونجاة ثلاث سيدات من ثلاث حلقات من سلسلة البرنامج، أكملت كل منهن مهام الأخرى، والنتيجة احترام متبادل وعرفان وامتنان، وجيل فتيات قرويات فخورات بمسارهن.

جمعية وطنية مؤطرة تعبئ التمويل وتوفر الإطار والمشروع، ومناضلات محليات يتدافعن لإنجاح المشروع وفتيات راغبات في التعليم مجدات ينخرطن من أجل مستقبل أجمل تحظى فيه المرأة بالحق والتقدير، فكان التميز والنجاح والفوز.

مبادرة “منحة من أجل النجاح”

نعيمة الصنهاجي رئيسة جمعية دعم تمدرس الفتاة القروي, تتسلم الجائزة الأولى من طرف رئيس الحكومة

نعيمة الصنهاجي رئيسة جمعية دعم تمدرس الفتاة القروي, تتسلم الجائزة الأولى من طرف رئيس الحكومة

ومن جهة أخرى وفي مقطع فيديو ترويجي لحملة تقودها جمعية لجنة دعم تمدرس الفتاة في العالم القروي، تحْكي الطفلة شيماء جُزءا من المعاناة التي كانت تتكبّدها حين كانت تتابع دراستها في التعليم الابتدائي؛ وعلى رأسها بُعْد المدرسة عن بيت أسرتها، إذ تشكل الرحلة بين المدرسة وبين المسكن الذي تقيم فيه عذابا يوميا لها وقلقا دائما لأبويْها الخائفيْن عليها.

وكأغلبِ الفتيات القرويات اللواتي تبعُد المدارس عن بيوت أسَرهنّ، ولا تتوفر لهن مراكز الإيواء أو وسائلُ نقل، انكسرت طموحات شيماء وتبددت أحلامُها، وغادرت مقاعد الدراسة مُكرهة لا راغبة. واليوم، تقول شيماء، وهي تتأمّل قريناتها اللواتي أسعفهن الحظ في مواصلة المشوار الدراسي: “مْلّي كنشوف البنات كيْقراوْ كيْبقا فيا الحال بزاف”.

في سنة 2000، أطلقت جمعية لجنة دعم تمدرس الفتاة في العالم القروي مبادرة “منحة من أجل النجاح”؛ وهي مبادرة تروم تأسيسَ مراكز إيواء خاصة بالفتيات القرويات، قصْد تمكينهن من مواصلة مشوارهن الدراسي.

وبفضل هذه المبادرة، تمكنت أكثر من 4000 فتاة قروية، إلى حدّ الآن، من متابعة دراستهن، حيث أنشأت الجمعية أكثر من 50 مركزا للإيواء تسيّرها حوالي 30 جمعية شريكة، في أكثر من 50 جماعة ترابية في مختلف جهات المملكة.

وبالرغم من تلك المنجزات الإيجابية المحقّقة إلى حدِّ الآن بفضل مبادرة “منحة من أجل النجاح”، فإنَّ نعيمة الصنهاجي، رئيسة جمعية لجنة دعم تمدرس الفتاة في العالم القروي، تقول إنّ ما تحقّق “ليس سوى نقطة في بحر”.

وأوضحت المتحدثة، في تصريح ل”هسبريس”، أنّ الهدف الأكبر هو أنْ تتمكّن جميع الفتيات القاطنات في العالم القروي من متابعة دراسهتن، ونيْل حقهنَّ في التعليم الذي ينص عليه الدستور المغربي؛ غير أنّ الصنهاجي تؤكد أنَّ هذه المهمّة يجب أن تنهض بها الدولة وليس المجتمع المدني، “فنحنُ نَعتبر أنَّ تمكين الأطفال المغاربة من التعليم هو واجبُ الدولة، ونحن نساعدُ فقط”، تقول المتحدثة.

ولفتت رئيسة جمعية لجنة دعم تمدرس الفتاة في العالم القروي إلى أنَّ “الجميع يعلم أين تكمن اختلالات المنظومة التعليمية؛ فهناكَ تشخيص، كان التقرير الأخير للمجلس الأعلى للتربية والتكوين آخرَ فصوله، وهناك توصيات، ولكن ينقص التفعيل”.

وعن الجانب المرتبط بالتمويل، الذي يعتمد فيه القائمون على مبادرة “منحة من أجل النجاح” على تبرّعات الشركات والأشخاص الذاتيين والمنظمات الدولية، وبعض السفارات الأجنبية؛ تقول نعيمة الصنهاجي إنَّ الجمعية لا تتوفر على موارد مالية قارة لتدبير المصاريف الكثيرة التي يتطلبها تسيير مراكز إيواء التلميذات.

يذكر أن مجموعة من النجوم المغاربة، من فنانين ورياضيين وشخصيات عمومية، شاركت، خلال سنة 2012، في الحملة التي أطلقتها جمعية دعم تمدرس الفتاة في العالم القروي، والتي رمَتْ إلى فتح نقاش وتحسيس الرأي العام بالمشاكل التي تعوق تمدرس الفتيات في العالم القروي.

الهدر المدرسي في العالم القروي

الهدر المدرسي بالعالم القروي

الهدر المدرسي بالعالم القروي

وفي تعليقها حول موضوع الهدر المدرسي والفتاة القروية، تقول الفاعلة الحقوقية نعيمة الصنهاجي، رئيسة”لجنة دعم تمدرس الفتاة القروية” في تصريح صحافي خصت به “صدى تاونات” وموقع”تاونات نت”إن المغاربة واعون بأن التعليم حق يكفله الدستور المغربي، وإنه من حق أي فتاة أن توفر لها الدولة الشروط الضرورية لمواصلة مسارها التعليمي“.
وعندما ننظر إلى الإحصائيات الوطنية لوزارة التعليم، تقول الصنهاجي، “نجد أن نسبة الفتيات اللواتي يلجن المدارس في المستوى الابتدائي، تقدر بـ 97 في المائة، وتتقلص هذه النسبة في المستوى الإعدادي إلى 27 في المائة، في حين لا تتجاوز نسبة 7 في المائة في المستوى الثانوي”، مشيرة إلى أن أكبر نسبة للهدر تمس الفتيات أكثر من الفتيان.
وفي مناطق الجبال مثل مناطق جبال تاونات والأطلس، ترى المتحدثة ذاتها، أن الحالة تكون أصعب بكثير في فصل الشتاء ، مبرزة، “أن أعلى نسبة من الهدر المدرسي تحدث بعد حصول الفتاة على الشهادة الابتدائية، وترغب في الانتقال إلى المستوى الإعدادي“.
وتدعو لجنة دعم تمدرس الفتيات القرويات التي تأسست سنة 1998، وحصلت على صفة المنفعة العامة سنة 2007، “إلى ضرورة التعبئة الشاملة للمجتمع لكي تكون مسألة التربية بشكل عام وتربية الفتيات بشكل خاص في قلب كل البرامج التنموية“.
وتهدف اللجنة التي تعتبر نعيمة الصنهاجي رئيسة لها، إلى محاربة الهدر المدرسي للفتيات في العالم القروي وتسهيل ولوجهن إلى مختلف أسلاك التعليم والمبادرة بأنشطة لتحسين ظروف تمدرسهن.
وبغض النظر عن انتشار الأمية لدى الأسر، والتقاليد التي تجبر الفتاة على المكوث في البيت، والبنية التحتية الضعيفة لبعض مدارس العالم القروي، وكثرة تغيبات الأساتذة وعدم مواظبتهم، هناك عوامل اقتصادية واجتماعية وثقافية، إلى جانب عوامل أخرى تتدخل لتسبب في ترك الفتيات لمقاعد الدراسة.

النقل المدرسي بالعالم القروي

النقل المدرسي بالعالم القروي

 

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7235

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى