عيون إقليم تاونات: “عين الحوت” بعين مديونة
طارق البكوري-طنجة:”تاونات نت”/عين الحوت(1)،هو منبع مائي يقع بعين مديونة بإقليم تاونات. سميت كذلك لتواجد أسماك (4) بحوضه، يقول عنها الساكنة أنها تصير دما إذا ما طهيت. وهذا منع من صيدها، في ثوب خرافة، مكن من الحفاظ عليها عبر الأجيال.
عين الحوت تقع بدوار عين مديونة الذي يبعد عن عين مديونة المركز بحوالي كيلوميترين(9). وقد كانت موضوع دراسة تحليلية، نشرت بمجلة “هيسبيريس تامودة” LIV 2019 من طرف، فيرجيليو ما رتينيز إنمورادو Virginio Martinez Enamorado من جامعة مالگلا الإسبانية و جيورجي لازاريف Giorgi Lazarev.
وهذا الأستاذ هو للإشارة باحث مستقل و متعاون مع جامعة محمد الخامس بالرباط، تحت عنوان “تشتت قبائل مديونة المنسية، من ليبيا إلى كاتالونيا” و تحديد إحدى مواقع حواضرهم القديمة شمال المغرب حيث اعتمدت هاته الورقة على منهجية طوبونيمية في البحث، فخلصت في شقها الأول إلى أن آل مديونة الذين ينتمون لمجموعة بني فاتن قد انتقلوا عبر البلاد المغاربية انطلاقا من ليبيا و منطقة تلمسان وصولا إلى الأندلس و خاصة في أراضي كاتالونيا الحالية بإسبانيا (10) وأشارت أيضا إلى واد مديونة بجزيرة صقلية الإيطالية.
أما في شقها الثاني و هو الذي يهمنا في هذا الموضوع، فقد أعلن عن اكتشاف موقع مديونة – الذي جاء الخبر عنه في مؤلف “المعيار المعرب و الجامع المغرب عن فتاوى أهل إفريقية و الأندلس و المغرب”، لأبي العباس أحمد بن يحيى الونشريسي، يعود للقرن الخامس عشر- بعين الحوت، عين مديونة القديمة، في نواحي تاونات بوادي ورغة.
وجاء في المؤلف إشارة لجامع صدينة و جامع مديونة شمال فاس في فتوى إلقاء خطبة الجمعة بهما؛ مما يعني عن وجود نشاط حضري حولهما.
وقد تم تحديد موقع جامع صدينة و تبين من خلال الفخاريات أنها كانت قائمة إبان الحكم المريني أي القرن 15.
و بخصوص جامع مديونة، فقد قام لازاريف صحبة المهندس عبد المجيد الورخاوي من جمعية “Targa Aide” بالنزول لعين المكان قصد التحقق من إشارات ظهرت لهم عبر صور الأقمار ،تبين من بعد أنها كانت لأسوار مقبرة الجماعة وفقط. و من أجل ذلك أحالتهم السلطات المحلية على المستشار الجماعي أحمد علول فاتضح أنه ذاكرة حية للموقع. و هنا كانت الصدفة، حيث دلهم المستشار على مسجد دوار عين الحوت وأكد لهم أنها بنيت منذ قرون وقد ترممت و أزيل خشب الأرز الذي كان يزين جنباتها و أن وحدها الصومعة التي لازالت على حالها (3). و هذه الجامع تقع على مقربة من عين الحوت التي ترممت هي الأخرى و نافورتها كانت تسقي المدينة القديمة التي تبعد بنصف كيلومتر عنها. ثم اصطحبهم إلى موقع مديونة الأثري حيث أسوار علوها يقارب المتر و نصف، ترسم فضاءا مستطيلا على شكل قلعة محصنة مساحته، 0,84 هكتار ،بطول 109 متر و عرض 77 متر.
السور الشمالي الغربي منها يطل على الوادي بارتفاع ثلاث أمتار و بجانبه ما يشبه برج مراقبة يحرص حثما الطريق القادمة من الوادي. (7.6.5.2).
وهاته القلعة هي مكسوة بشجر الزيتون في ملكية الأحباس و قد هجرت، حسب المستشار بسبب هجوم للنحل و أنها لم تعمر من بعد بسبب سوء طالعها. (11).
هذه إذن هي مدينة عين مديونة التي تعود على الأقل إلى القرن الخامس عشر وفي غياب حفريات أو دلائل علمية، تظل معرفة فترة تشييدها مرهونة بظهور حقائق أخرى.
و للإشارة فإنه توجد قصبتين أخرتين واحدة بعين مديونة المركز (8) يحسبها بعض الساكنة أنها تعود للفرنسسين والحقيقة أنها أقدم من ذلك و يرجعها البعض الآخر إلى فترة المولى إسماعيل على غرار قصبة مديونة بالدار البيضاء؛ و الثانية توجد ببني سلمان نواحي عين مديونة.
ويبقى السؤال الإيثنولوجي المطروح هو ظروف تحول المنطقة من مديونة إلى صنهاجة المصباح أو صنهاجة الشمس، كما تسمى حاليا. سنحاول أن نجيب عن هذا المعطى الغامض في موضوع لاحق.