التنمية..وإشكالية الاختلالات المجالية بإقليم تاونات

الحسن الحلامي°-وجدة:”تاونات نت”/ عرفت ربوع المملكة في العهد الجديد، عهد جلالة الملك محمد السادس،مع بداية الألفية الثالثة حركية غير مسبوقة في حقل التنمية المجالية( Développement Territorial )، تمثلت في الأوراش الكبرى للبنية التحتية من  موانئ ومطارات وسدود وطرق سيارة ومزدوجة و بنيات للتزويد بالماء الشروب ومياه الري وبنيات للربط بالشبكة الوطنية للكهرباء وبنيات التطهير السائل والصلب، وبنيات الاتصال، ناهيك عن بناء العديد من الجامعات والمركبات الاستشفائية والرياضية والسوسيوثقافية، إلا أن  الباحث والمتتبع للشأن المحلي خصوصا  والحقل التنموي عموما يمكن له أن يرصد بسهولة وبالمقارنة مع أغلبية أقاليم المملكة أن إقليم تاونات لم ينل حظه كاملا من الحركية التنموية التي شهدها ويشهدها المغرب خلال العقدين الأخيرين، حيث تبقى عدة اختلالات تطبع المشهد التنموي بالإقليم وترهن تنميته إلى أجل غير مسمى. ولعل أبرزها اختلالات البنية التحتية الطرقية، وضعف إن لم نقل غياب التزويد بالماء الشروب.

فماهي أسباب هذه الاختلالات ومن هم المسؤولون عنها بالدرجة الأولى وما السبيل لتصحيحها.

إن المواطن التاوناتي بمجرد السفر إلى أحد الأقاليم الذي نال حظا وفيرا من التنمية ينتابه بسرعة و لأول وهلة شعور بالغبن،وإحساس بغياب ما يصطلع عليه بالعدالة المجالية، كون مدينته أو إقليمه أو جماعاته الترابية تفتقر للبنيات التحتية الأساسية التي من شأنها أن تؤهلها،  وتشجع على استقرار الساكنة،وتجلب إليها و تشجع المستثمرين على القدوم إليها.فسرعان ما يبادر إلى إدانة الحكومات المتعاقبة على الشأن العام، بسبب أن قطاعاتها الحكومية  لم تعمل على إدراج الإقليم  من أجل الاستفادة من برامجها الحكومية، أو لم تقم بمتابعة تنزيل برامجها التنموية بالإقليم التي تأخرت أو فشلت.

ولعل ما يزيد  من تنامي هذا الإحساس السلبي عند المواطن الذي يكاد يستسلم وكأن الاختلالات التي تعيشها مدينته أو إقليمه أو جماعاته الترابية أصبحت قدرا محتوما هو استسلام معظم الفاعلين المحليين لأسباب ذاتية وأخرى موضوعية.

والواقع أن من يتحمل المسؤولية في كل  هذه الاختلالات المجالية وبالدرجة الأولى هم الفاعلون المحليون السياسيون والاقتصاديون والاجتماعيون.

 فبعد الاستقلال ومنذ الزيارة التاريخية للمغفور له محمد الخامس رفقة ولي عهده آنذاك المرحوم الحسن الثاني للإقليم ولحدوده الشمالية من أجل تدشين طريق الوحدة التي ربطت شمال المغرب بجنوبه،بقيت الطريق الوطنية رقم 8 (طريق الموت)على حالها باستثناء بعض الروطوشات التي تطرأ على بنيتها المتهرئة من حين لآخر دون الحديث عن البنية المهترئة لجل الطرق الإقليمية  بالإقليم ( الطريق الوطنية رقم  5014 كمثال)، في حين أن بعض الأقاليم الأخرى بربوع المملكة تعرف  بناء و انجاز طرق معبدة ومزدوجة بالمعايير التقنية  الدولية ( جهة الشرق مثلا)، ناهيك عن غياب مشاريع التزويد بالماء الشروب كمرفق حيوي يضمن كرامة المواطن ويشجعه على الاستقرار ويحد من الهجرة إلى المدن ويشجع على الاستثمار، علما أن الإقليم يتوفرعلى سدود كبرى وأخرى تلية(Collinaires )، هذا دون الحديث عن إمكانية اللجوء إلى انجاز أثقاب مائية لتزويد الدواوير الصغيرة والمساكن المتفرقة و المنعزلة بالماء الشروب.

إن الإرادة القوية للفاعلين سواء منهم القاطنين بالإقليم أو المهاجرين منهم داخل وخارج ارض الوطن ودرجة شعورهم بالانتماء لمجالهم الترابي(Sentiment d’appartenance) وإحساسهم بالمسؤولية تجاه مدينتهم أو جماعتهم الترابية وتجاه الساكنة،وتصالحهم مع ذواتهم كلها عوامل كفيلة بالترافع  عن مشاريع البنيات التحتية لدى دوائر القرار العليا لتصحيح كل الاختلالات المجالية، وجعل الإقليم جذابا للساكنة وللمستثمرين، خصوصا وأنه يتوفر على مؤهلات طبيعية وبشرية وثقافية كبيرة.

ربما أخلفنا الموعد وضيعنا الفرصة كفاعلين محليين  بالإقليم، ولم نكن جاهزين لبلورة برنامج  تنموي تعاقدي للنهوض بالإقليم  إبان الزيارة التاريخية لقائد قاطرة التنمية بربوع المملكة  جلالة الملك محمد السادس حفظه الله خلال شهر نونبر من سنة 2010 ، ولكن اعتقد  أن الوقت لم يفت لتدارك جميع الاختلالات وكل النقص إذا ما تصالحنا مع ذواتنا، ومع مجالنا الترابي، وشحذنا كل مقومات التنمية التي سبق الإشارة إليها.

إلى هنا دام إقليمنا العزيز شامخا بجباله وهضابه وسهوله، ومزهوا بوديانه، وأخضرا بأشجاره وغاباته، ونقيا بهوائه، وكريما بسخاء وجود أهله و سكانه.

° من مواليد إقليم تاونات- اطار رئيس مصلحة بالمديرية الجهوية للبيئة لجهة الشرق.

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7255

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى