مؤلف جديد «المغرب موئلا ومنطلقا» للمؤرخ (إبن تاونات) الدكتور أحمد المكاوي
الرباط:”تاونات نت”/-كتاب جديد في أدب الرحلة تحت عنوان «المغرب موئلا ومنطلقا»،لصاحبه أستاذ التاريخ بكلية الجديدة (إبن إقليم تاونات) الدكتور أحمد المكاوي وهو عبارة عن دراسات في رحلات تحققت على مدى قرنين تقريبا أي ما بين (1791 و 1958)، وذلك عن دار (أكورا) بطنجة.
و مهد الأستاذ الجامعي والباحث في التريخ د. أحمد المكاوي لكتابه بالتالي:«يضم هذا الكتاب سبع دراسات في متون رحلية. وهو قسمان: قسم أول عن رحلات غربية إلى المغرب، وقسم ثان عن رحلات مغربية إلى أقطار أوربية.
دُرِست في القسم الأول، ثلاثة متون رحلية نحو المغرب من فترات زمنية متباعدة نسبيا: أواخر القرن الثامن عشر، بداية ثلاثينيات القرن التاسع عشر وأوائل عهد الحماية، مصدرها ثلاثة أقطار، هي تواليا: بولونيا (أوربا الشرقية)، النمسا (أوربا الوسطى)، والولايات المتحدة الأمريكية، تفاوتت علاقاتها بالمغرب واهتمامات رحَاليها به. وباستثناء الولايات المتحدة الأمريكية التي تمت الإحالة إلى بعض النصوص الرحلية المتأتية منها دون دراسة معمقة، فإن القطرين الآخرين ظلا خارج عناية الدارسين المغاربة، لمحدودية علاقتهما بالمغرب من جهة ولقلة الرحلات منهما نحوه من جهة ثانية. فما دونه البولوني بوتوسكي عن المغرب سنة 1791، يمثل المتن الرحلي الوحيد من بولونيا حول المغرب، المعروف إلى حد الآن! وهذا ما يضفي عليه أهمية استثنائية. أما رحلة دوغوسطين، فهي من المتون الرحلية النمساوية النادرة جدا عن المغرب، فيما تكاد رحلة الصحافية والكاتبة الأمريكية إديث وارتون، اسثنائية، بما أنها رحلة أنثوية، وقلما نجد رحلات من هذا القبيل، لأن الرحلات الغربية نحو المغرب، شأن ذكوري محض أو شبه ذلك.
وتوزعت الرحلات المغربية إلى أوربا، المدروسة في القسم الثاني من هذا الكتاب، عبر فترات زمنية متباعدة نسبيا كذلك، من النصف الثاني للقرن التاسع عشر، إلى عهد الحماية وما بعده، أولها رحلة محمد بنسعيد السلوي إلى باريس (1865-1866)، وهي رحلة ظلت متوارية خلف أشهر رحلات القرن التاسع عشر (الصفار، العمراوي، الفاسي…)، ورغم صغر حجمها، فإنها انطوت على أمور مهمة، إذ كتبت بنفس إصلاحي واضح، ومرر عبرها خطاب إصلاحي، ليس موضوعنا في هذا المقام، وتميزت بتطور ملموس في النظر إلى الآخر (الأوربي أو الغربي) المتفوق بتمدنه. أما المتن الثاني، فهو من ثمرات ما أضحى يعرف ب «الرحلات التجارية» التي لم تحظ من قبل بالدراسة. فقد تراكمت ارتباطا بمشاركة وفود مغربية في معرض ليون إبان الحرب العالمية الأولى وبعدها مدونات عنها، منها «رحلة الوفد الميمون إلى مدينة ليون» سنة 1919، وهي مازالت مخطوطة إلى الآن. هذه الرحلة كما غيرها من الرحلات المسماة «رحلات تجارية» لم تبق حبيسة مدينة ليون، حيث المعرض التجاري السنوي، بل شملت مدنا فرنسية أخرى، ومن ثم وفرت صورة أشمل عن فرنسا ككل.
وفي السنة ذاتها، وبعد أشهر قليلة (صيف 1919)، توجه محمد الحجوي إلى أوربا، وتميزت رحلته بعدة أمور:
– اتساع مجالها، بشمولها قطرين أوربيين هما فرنسا وانجلترة.
– تنوع أغراضها، بجمعها بين أنشطة مختلفة، رسمية سياحية وتجارية.
– تعدد مقارناتها بين فرنسا وانجلترة عامة وبين عاصمتيهما باريس ولندن.
– أهمية مواضيعها، منها: تداعيات الحرب العظمى ماليا واقتصاديا، تبوؤ الولايات المتحدة صدارة العالم بعد الحرب، موقفه من نظام الحماية وطرحه قضايا عن «فقه المهجر»…
حضرت فرنسا في ثلاثة متون رحلية (بنسعيد، الشرايبي والحجوي)، ولهذا الاستئثار اعتبارات تاريخية، فقد مثلت فرنسا، على الأقل منذ هزيمة المغرب أمامها في إيسلي سنة 1844، وجهة أكبر عدد من الرحالين المغاربة، وتفاقم الأمر وتكثف خلال عهد الحماية.
وبخلاف فرنسا، وبدرجة أقل انجلترة، فإن اليونان البلد الأوربي المتوسطي، لم يمثل وجهة أساسية أو مباشرة لرحالين مغاربة، وإنما مجرد معبر أو مرور بمحاذاته. فلم يكن هذا القطر في أي وقت من الأوقات، موضوع رحلة مغربية، بكيفية صرفة. والحالة هاته، فإن الدراسة الأخيرة في هذا الكتاب هي من جهة جمع شتات ما ورد متفرقا في رحلات مغربية عن هذا القطر خلال العقود الستة الأولى من القرن العشرين، ومن جهة ثانية تقديم صورة متغيرة لهذا البلد، الذي ارتبط في وقت من الأوقات في أذهان المغاربة بتداعيات حربه ضد الأتراك ثم أضحت له جاذبية سياحية.
وأخيرا، يحاول هذا الكتاب، الإجابة عن استفهامات:
– كيف قدمت المتون الرحلية الغربية المغرب، وهل أثر اختلاف مصدرها القطري، وسياقها، في رؤية أصحابها لأوضاعه؟
ما هي أبرز تقاطعات هذه المتون الرحلية في نظرتها إلى المغرب؟
وبالمقابل، كيف تفاعل الرحالون المغاربة مع الأقطار الأوربية المزارة لاسيما فرنسا المستأثرة بالحيز الأكبر من اهتماماتهم؟ هل ثمة تقاطع بين متن رحلي غربي ونظيره المغربي؟ «.