جزولي خبير مغربي (من تاونات) يقدم “بزطام الشعب” لتحويل المغرب إلى دولة التقدم والرفاهية
عن موقع “هسبريس” : “تاونات نت”/- يعتبر التقدم والرفاهية مطمح كل شعوب العالم لأنها الوضعية التي يتمتع فيها المواطنون والمواطنات في بلد ما بحقوقهم وواجباتهم، ويعيشون في الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية، ويتمتعون بفرص متكافئة وينعمون بتوزيع عادل ومنصف للثروة.
ومعنى أن تكون لدينا دولة متقدمة، هو أن يصل المغرب في القطاعين العام والخاص إلى مستوى من الأداء يعادل أو ينافس الدول المتقدمة، وأن ينعكس ذلك على الحياة اليومية للمواطنات والمواطنين. ودولة الرفاهية توجد حيث تلعب الدولة دورا رئيسيا في حماية هذه الرفاهية وتعزيزها.
وفي رأي أحمد جزولي، خبير مغربي في الحكامة الديمقراطية والسياسات العمومية، فإن النظر إلى تفاصيل الهدف الخلاق “المغرب دولة متقدمة ودولة الرفاهية”، يُظهر منذ الوهلة الأولى الكم الهائل من المشاكل التي يجب أن تعالج.
وأشار الخبير في كتاب أصدره مؤخراً بعنوان: “بزطام الشعب.. المبادئ العشرة لحكامة المالية العمومية”، إلى أن هدف التقدم والرفاهية يثير أيضا مناهج الحكامة والتدبير العموميين التي يجب أن تعتمد، والتغيير في سلوك الأفراد والجماعات والإدارات الذي يجب أن يحدث.
وقال جزولي إن “الانطباع الأولي يجعلنا ننظر إلى هذا الكم الهائل من المصاعب وكأنها جدار ضخم ومتراص وممتد يصعب اختراقه”، لكنه اقترح في هذا الصدد مقارنة أخرى تقوم على النظر إلى الحلول الموجودة وراء المشاكل.
وعبر الكاتب عن اعتقاده أن الميزانية العمومية، في أي مؤسسة عمومية حكومية أو جماعة ترابية، تعتبر المدخل القوي من أجل إنتاج دولة التقدم والرفاهية، بدءا برصد الطرق الموصلة إلى حل المشاكل وكيفية اختصارها ثم وضع خطط التنفيذ ومتابعتها وتقييمها.
وشرح جزولي أن البوابة الرئيسية لتحقيق هدف “المغرب دولة متقدمة ودولة الرفاهية”، هي الميزانيات العامة، من خلال قوانين المالية وما يوازيها جهويا وإقليميا ومحليا، ضمن ما يعرف في الفكر السياسي الأنكلوسكسونيبـ”بزطام الشعب” (People’sPurse)
وتقتضي هذه البوابة أن ينجح المغاربة، أفرادا ومؤسسات وقطاعات، في إعداد وتنفيذ وتقييم الميزانية بمنهجية تشاركية فعالة وشفافية وفق منظور ينبني على سياسات مالية عادلة، وتحول فترة إعداد الميزانية العامة من طرف الحكومة إلى ورش وطني لتسلم الاقتراحات من المواطنين والأحزاب والنقابات والجمعيات والجامعات والباحثين المستقلين.
وذهب جزولي في شرح فكرته إلى القول إن إنجاح ورش الميزانية التشاركية يمر عبر ثلاث مراحل، أولها عقد “مؤتمر وطني للميزانية” يستمر لشهر كامل في مارس أو أبريل من كل سنة، ليكون للحكومة الوقت الكافي للتحضير للميزانية انطلاقا من مخرجات المؤتمر.
المرحلة الثانية تضم “الإشراك من خلال إعداد مشاريع ميزانية القطاعات الحكومية”، حيث سيكون على كل قطاع أن يطلب مقترحات من الأحزاب والنقابات القطاعية والباحثين والقطاع الخاص، ثم تنظم ندوة خاصة مع أصحاب المقترحات.
المرحلة الثالثة هي “الإشراك من خلال البرلمان”، وفق جزولي، عبر تنظيم لجنتي المالية بمجلسي البرلمان لجلسات استماع قبل المناقشة مع الحكومة من أجل إيصال المقترحات التي تم تلقيها من مختلف الهيئات والأفراد.
10 مبادئ أساسية
لإنجاح التجربة التشاركية من أجل ميزانية فعالة تفتح آفاق التنمية وتنتج الرفاهية، طرح الباحث المغربي عشرة مبادئ أساسية وجوهرية، بدءا من الدراسات القبلية لإعداد الميزانية والتنمية المتصاعدة للموارد وتشجيع حركة المال.
كما أوصى الكاتب بالقطع مع منطق العجز والتدبير الفعال للفائض والرفع المتواصل للنمو، إضافة إلى اعتماد ميزانية البرامج والتقائية السياسات المندمجة، والمتابعة والتقييم والتعلم وفق مقاربة متكاملة، واستقلال مؤسسة المحاسبة عن مؤسسة التقييم.
ويتوقف نجاح هذه التجربة أيضا على تطوير قياس الرضا عن الخدمات والسياسات العمومية، واعتماد نتائج ذلك في تحديد الاعتمادات المالية، ناهيك عن النهوض بالثقافة الميزانياتية وسط المجتمع كي لا تبقى حكرا على المختصين عبر إدماجها في برامج التعليم في مستويات متعددة.
الانتخابات طريق التغيير
إن المنتج والمنفذ الرئيسي للسياسات العمومية والمشرع لها هي الحكومة والبرلمان والجماعات الترابية، وهي مؤسسات تنبع من الانتخابات، ويقول جزولي في هذا الصدد: “بما أن المشاركة في الانتخابات ضعيفة جداً، فهذا ضعف كبير جداً في مسار تحقيق التنمية ودولة الرفاهية. إن المشاركة الانتخابية الضعيفة لا تنتج إلا مؤسسات أضعف”.
وأكد الخبير المغربي أن التحدي الأكبر هو المشاركة الفعالة في الانتخابات بما يضمن وصول نخب جديدة إلى مؤسسات صناعة القرار، كما أن هذه المشاركة عبارة عن أداة الشعب للمحاسبة بفرض تغيير الفاشلين وتزكية الناجحين عبر انتخاب المؤهل لقيادة الحكومة والبرلمان والجماعات الترابية، ومن خلالها المغرب، نحو التقدم.
من أجل ذلك، اقترح الخبير المغربي وضع برنامج متكامل بشكل مستعجل للنهوض بالمشاركة الشعبية في الانتخابات باعتبارها نتيجة لتطوير الوعي العام بأهمية الفعل الانتخابي في تغيير الحياة اليومية للأفراد نحو الأحسن.