المريزق :من أجل انصاف و جبر ضرر ضحايا التعليم الطبقي بالمغرب
مكناس:”تاونات نت”/ ألقى إبن إقليم تاونات الدكتورالمريزق المصطفى، الأمين العام الجهوي و رئيس منتدى الأصالة و المعاصرة لأساتذة التعليم العالي و البحث العلمي كلمة خلال الجلسة الإفتتاحية لجامعة محمد صلاح الدين بمكناس هذا نصها :
يسعدني جدا باسم الأمانة العامة الجهوية لحزب الأصالة و المعاصرة و منتدى أساتذة التعليم العالي و البحث العلمي، أن أفتخر اليوم بحضوركم و دعمكم لهذا المشروع المواطن و العلمي و الثقافي و الإجتماعي و الانساني و خاصة في هذا الزمن الموسوم بالنكوصية و بالتقهقر التنويري و بالتراجع المعرفي.
لقد جاء هذا المشروع بعد مخاض عسير، و بعد تفكير عميق و بعد استشارة و اسعة مع من يحمل هموم هذا الوطن على صعيد التكوين و التأطير و العلم و المعرفة.
الحضور الكريم،
ها نحن اليوم ندشن بحضوركم جميعا جامعة محمد صلاح الدين، الجامعة الشعبية الأولى في المغرب من أجل الحق في التعليم و التكوين و التأطير … من أجل معرفة للجميع…من أجل محاربة الأمية و تأهيل النخب السياسية و تحسين مستوى الفاعلين السياسيين و ضمان جودة أدائهم… و من أجل دعم الفاعلين الجمعويين و عموم الشباب و النساء و كل ضحايا التعليم الطبقي في المغرب و من أجل توزيع عادل للعلم و المعرفة..
أما إختيار إسم محمد صلاح الدين الذي رحل عنا سنة 1992، فهو تكريما له و لعائلته الصغيرة و الكبيرة و لمكناسة الزيتونة، و لكل المفكرين المغاربة الذين رحلوا عنا.
لقد كان الراحل مفكرا كبيرا، باحثا و أستاذا لامعا بكلية الحقوق و العلوم الاقتصادية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس طوال الثمانينات.. و هو أحد مؤسسي الحركة التقدمية اليسارية المغربية، نال حقه من سنوات الجمر و الرصاص..عاد إلى المغرب قادما من باريس أواخر السبعينات بعد أن كان ناشطا فكريا و سياسيا و حقوقيا في صفوف الحركة التقدمية بالمهجر و خاصة بفرنسا. من بين كتبه “مغرب: القبائل، المعمرون و المخزن”، و كتاب “المهن الصغيرة” و كتاب “الثورة الصامتة” و العديد من الأبحاث و المقالات حول “الاقتصاد الغير المهيكل” و “القروض الصغرى” و التنمية و الثقافة.
يحضر معنا هذا الحفل الافتتاحي البهيج الأستاذة عتيقة صلاح الدين زوجة الراحل و عائلته و رفاق دربه و أصدقاء و زملاء و قدماء طلبته.
كما يحضر معنا هذا الحفل ممثل المكتب السياسي لحزب الأصالة و المعاصرة الأخ العربي المحارشي و قيادات و طنية و جهوية و محلية و كل منتديات حزب الأصالة و المعاصرة و ممثلين عن مختلف الأحزاب السياسية الحداثية و التقدمية و ممثلين عن العديد من جمعيات المجتمع المدني ووفد من جامعة مولاي إسماعيل، من كلية الآداب و العلوم الإنسانية بمكناس بحضور عميد الكلية و مدير المدرسة العليا للأساتذة، و العديد من الأساتذة الباحثين من مختلف الكليات و المعاهد و أساتذة باحثين من جامعات أخرى و من مختلف مجموعات البحث و عشرات الطلبة و أبناء ساكنة مكناس.
الحضور الكريم،
إن دستور المملكة المغربية ينص في الفصل 26 على الحق في الدعم من أجل تنمية الإبداع الثقافي و الفني، و البحث العلمي و التقني. كما يؤكد في الفصل 31 على مسؤولية الدولة و المؤسسات العمومية و الجماعات الترابية في تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات و المواطنين، على قدم المساواة، من الحق في الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج و ذي جودة. و لهذا إن ما ينص عليه الدستور اليوم، يعتبر حصيلة لقرون طويلة من التطور رغم أن التعليم الرسمي لا زال و قفا على بعض الشرائح الاجتماعية دون غيرها، حيث لا زال من الناس ممن لم تتوفر لهم بعد فرصة و لوج المؤسسات التعليمية، و هو ما تؤكده التفاوتات بين العالم الحضري و العالم القروي من جهة و بين الجنسين من جهة أخرى.
فأمام العديد من المعيقات التي يسجلها واقع التكوين و التأطير ببلادنا، نتيجة غياب سياسة شمولية للتعليم و التكوين و البحث العلمي، و أمام ضعف البنيات التحتية اللازمة و عدم ملائمتها مع الإطار الوطني و التوزيع الغير العادل للمعرفة و العجز الكبير في الأطر و المناهج و التخصصات، و من أجل تكريس مبادئ الحكامة الجيدة و تفعيل المشاركة و المراقبة و المحاسبة و التقويم في القضايا المدنية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و البيئية، نحقق اليوم هذا الحلم، حلم جامعة شعبية بمكناسة الزيتونة و ذلك من أجل المساهمة في تكوين و تأطير الشباب و الفاعلين المحليين و الجهويين و عموم المواطنين.
جامعة مكناسة الزيتونة/ جامعة محمد صلاح الدين-، ستقدم دروس في العديد من المواد و التخصصات كالقانون و العلوم السياسية و الأنثربولوجيا و التنمية و الحكامة الجهوية و التدبير الترابي و الايكولوجيا،الخ. و سيقوم بتدريس هذه المواد جامعيون وأكاديميون ومختصون. كما سنقوم بتلقين تجارب مهنية وجمعوية وسياسية للإطلاع على الأنشطة الاقتصادية و السياسية و الجمعوية للعديد من الفاعلين الجهويين و الوطنيين و الدوليين، خاصة تلك المتعلقة بتدبير الشأن العام.
الحضور الكريم،
كل الأحزاب اليوم مطالبة بتجديد نخبها، و فتح المجال لطاقاتها الشبابية و النسائية و الانفتاح على الجيل الجديد من المغاربة الذي لم يترب في شبيبات وتنظيمات الأحزاب التقليدية. و تعتبر هذه المبادرة مناسبة للمطالبة بالمزيد من دعم التكوين و التأطير من أجل تعزيز التنمية الديمقراطية و الاجتماعية داخل الأحزاب. و حزب الأصالة و المعاصرة بجهة مكناس تافلالت يعتبر نفسه معنيا بهذا التوجه الديمقراطي الذي يناضل من أجل تقوية قيم المواطنة و المشاركة و الانخراط في الشأن العام.
جامعة مكناسة الزيتونة/ جامعة محمد صلاح الدين- تريد تسليط الضوء على التراث الشعبي المخزون في الذاكرة الجمعية للشعب المكناسي خاصة و للشعب المغربي عامة، بما فيها القيم و العادات و التقاليد و الفنون و التآزر و نبذ العنف و الكراهية و محاربة الجهل و الأمية و مقاومة الفساد بكل أنواعه.
و المرحوم صلاح الدين كرس جزء من حياته للنضال من أجل قيم الديمقراطية و حقوق الإنسان من داخل المغرب و من خارجه، و مد جيل الثمانينات بكتاباته و فكره و دراساته، و بأدوات و آليات فهم خصوصية مجتمعنا المغربي، و ساهم في بلورة السياسات العمومية و تفعيلها، و مواجهة مظاهر الإختلالات و العلاقة بين الدولة و المجتمع.
جامعة محمد صلاح الدين ستكون فضاء للتكوين و التأطير متعدد الاختصاصات و قادر على توليد فاعلين متعلمين و منتجين لمهارات و ممارسات سياسية و ثقافية تحترم التعدد اللغوي و التنوع الثقافي و حقوق المرأة و الطفل و الأشخاص ذوي الإعاقة و الحق في البيئة السليمة و التنمية المستدامة.
و من خلال هذا المشروع الثقافي، نريد أن نكرم محمد صلاح الدين و عائلته و كل من ضحى من أجل الوطن و خاصة من أجل تعميم التعليم و القضاء على الأمية. كما تطمح جامعة محمد صلاح الدين من خلال التكوين و التأطير و التأهيل إلى تكريس فكرة التقدم و القيم العالمية (حقوق الانسان، دولة الحق و القانون و الحرية و المساواة بين الجنسين)، و إلى إقرار جهوية الشفافية و التخطيط و الحكامة الجيدة و المعرفة و الإبداع و الابتكار، جهوية تربط التراب بالعنصر اليشري و تقوي الرابط الاجتماعي بين سكانها، جهوية توفر التعليم و الصحة و الشغل و السكن للجميع من دون تمييز.
و أخيرا، و بحضور عائلة الراحل محمد صلاح الدين و زملائه و أصدقائه و قدماء طلبته، نوجه نداء علنيا لكل الفاعلين في مدينة مكناس للإسهام الممكن و الجماعي في بناء مستقبل مدينة مكناس، مستقبل المواطنة و التضامن و التماسك في اطار مغرب الغد، مغرب المسؤولية.
عن الكاتب
مواضيع ذات صلة
اكتب تعليق
لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.