هذا هو مسار وحياة إبن إقليم تاونات الشيخ العلامة يوسف بن عمر الانفاسي السلاسي ابو الحجاج

صورة أثرية لتيسة

صورة أثرية لتيسة

زهده وعبادته  :إن الشيخ العالم العلامة الفقيه السيد يوسف الانفاسي السلاسي كان صوفيا صالحا وزهدا يقوم الليل قال الشيخ محمد بن أبي بكر الحضرمي ( ومن الطبقة الأولى الكثير الخوف والخشوع المواصل السجود والركوع القوام بالليل وقد لاذت الحواس بالهجوم الصابر في ذات الله على ما يقاسي الفقيه الخطيب الشيخ أبو الحجاج يوسف بن عمر الانفاسي كان رحمة الله من جملة الفقهاء العاملين وأكابر الفضلاء صام حتى نحل جسمه ورق جلده وقام حتى تورمت قدماه…كان إذا جن الليل يخرج من داره التي يسكنها وهي المحبسة على الأئمة بالجامع الأعظم بفاس فينظف الجامع وينظر في مصالحها ويباشر ذلك بنفسه قربة لله عز وجل وكان رحمه الله تعالى مهتما بمصالح المسلمين.

وقال صاحب سلوة الأنفاس ‘كان رحمه الله احد فقهاء فاس وسادتها علما وصلاحا ودينا وزهدا وورعا ناسكا عابدا له أوراد مقدرة ومجالس لقراءة العلم والتصوف وكان يحيي ما بين العشاءين أبدا قائما إلى أن مرض وعجز عن القيام بالإمامة ‘.

اقوال العلماء فيه :

ان سيدي الانفاسي السلاسي كان فقيها متضلعا في العلم يخاف الله ويراقبه فذاع صيته واشتهر خبره ويزكي ذلك أقوال العلماء فيه ومن هؤلاء العلماء وأقوالهم.

–          محمد ابي بكر الحضرمي قال ( وله عراقة في الفقه والصلاح فهو فقيه ابن فقيه وصالح ابن صالح لم يفارقه خوف الله عز وجل والخشية منها).

–          شيخ الإسلام الشريف ابو عبد الله محمد بن جعفر بن إدريس الكتاني قال ( الشيخ الفقيه العلامة النبيه. المدرس الابهر. الصوفي الاكبر. الولي الصالح. البركة الفالح. المفتي بفاس. أبو سيدي يوسف بن عمر الانفاسي كان رحمة الله احد فقهاء فاس وساداتها علما وصلاحا ودينا وزهدا وورعا ناسكا عابدا له أوراد مقدرة ومجالس لقراءة العلم و التصوف ).

–          ابن الخطيب القسنطيني قال ( كان شيخا صالحا عالما محققا عابدا امام جامع القرويين بفاس ويحيي فيه ما بين العشاءين ابدا وله اوراد ومجالس لقراءة العلم و التصوف).

–          محمد بن الحسن الحجوي الثعالبي الفاسي قال ( ابو الحجاج يوسف بن عمر الانفاسي الفاسي عالمها ومفتيها وامام القرويين وخطيبه ذو ورع وزهد وتقشف.ومراقبة .وكمال وفضا. عظيم الصيت. شهير الذكر في الأقطار الافريقية نشر العلم فانتفع به الخلق).

–          الشيخ الصوفي احمد زروق قال ( وكانت شهرته وابنه المذكور بالصلاح كشهرتهما بالعلم بل اكثر ).

–          ابو العباس احمد بن محمد بن ابي العافية قال ( يوسف بن عمر الانفاسي الولي الصالح الفقيه الخطيب بالقرويين من فاس المحروسة السلاسي ). ونفس القول ذكر في جذوة الاقتباس.

اثاره :

لقد تنوعت اثار الشيخ الفقيه العالم العلامة سيدي يوسف النفاسي السلاسي بين أقوال قالها تحمل في مدلولها حكما وعظات وبين تقييد وان اختلف فيه العلماء هل يعد تأليفا او لا يعد

أ‌-        فمن اقواله :

  • أفضل العبادة المراقبة وحفظ الحدود.

  • ما اتعب العاصي يطيع هواه وشيطانه ونفسه وهم يكلفونه فوق طاقته والطائع لا يطيع الا الله ولا يكلفه إلا ما يستطيع.

ب‌-    تقييد على الرسالة :

وهذا التقييد هناك من اعتبره ممن ترجم له شرحا على الرسالة ومنهم

  • أبو العباس احمد بن محمد بن ابي العافية قال له ( شرح على رسالة ابن ابي القيرواني).

  • محمد حجي نقلا عن وفيات الونشريسي قال ( الفقيه الصالح أبو المحاسن سيدي يوسف بن عمر الانفاسي شارع الرسالة ) وقال أيضا نقلا عن لقط الفرائد ( والشيخ الصالح يوسف بن عمر الانفاسي صاحب شرح الرسالة ).

  • بينما الشيخ محمد بن محمد مخلوف قال ( وشرح الرسالة منسوب لصاحب الترجمة قيده عنه الطلبة).

أما من اعتبره تقييدا

  • صاحب الجذوة قال ( له تقييد على رسالة ابن ابي زيد القرواني أفيد التقاييد عليها ).

  • صاحب  نيل الابتهاج قال ( وللشيخ يوسف تقييد مشهور اييد على الرسالة متداول بين الناس) . وعقب عليه بقول الشيخ احمد زروق ( وان تقييده وتقييد الجزولي ومن في معناها لا ينسب اليهم تأليفا وإنما هو تقييد للطلبة زمن الإقراء فهي تهدي ولا تعتمد وسمعت إن بعض الشيوخ أفتى بتأديب من أفتى من التقاييد).

  •  صاحب الفكر السامي قال ( له تقييد على الرسالة فيده عنه الطلبة من احسن التقاييد وانفعها) وعقب عليه أيضا بقول الشيخ زروق بلفظ ( لا يعتمد ما كتبه على الرسائل لأنه إنما هو تقييد قيده الطلبة زمن الإقراء. وفي معناه ما قيد عن الشيخه عبد الرحمان بن عفان الجزولي فذلك يهدي ولا يعتمد وقد سمعت ان بعض الشيوخ أفتى بان من أفتى التقاييد يؤدب).

  •  وصاحب فهرس مخطوطات خزانة القرويين قال ( قال مترجموه له تقييد مشهور على الرسالة متداول بين الناس…).

كراماته :

قد يخص الله تعالى عباده الأولياء الصالحين الصلحاء بكرامات وبركات ومنهم سيدي يوسف الانفاسي السلاسي الذي عده محمد بن ابي بكر الخضر مي من الطبقة الأولى ووصفه بأنه ( الكثير الخوف والخشوع المواصل السجود والركوع القوام بالليل وقد لاذت الحواس بالهجوم الصابر في ذات الله على ما يقاسي ) (ولم يفارقه خوف الله عز وجل والخشية منه) وقد مر أقوال العلماء فيه وما كان عليه من العلم والورع والزهد والخشية والصلاح…أفلا يكزن مكرما عند الله في الدنيا والآخرة ويبشره ببعض الكرامات والبركات ينعم بها في الدنيا ومن الكرامات التي تحكى عنه ما ذكرها محمد بن ابي بكر الحضرمي حيث قال (ومن بركاته ما استفاض عنه انه ورد عليه ليلة من الليالي جماعة من الاضياف وكان قد صنع لفطره قدر ما يقتاته الإنسان من الكسكس فلما حضر بين يديه وضع يده على أعلاه وذكر اسم الله سبحانه وقدمه إليهم فأكلوا منه باجمعهم حتى تملوا وفضل له من بقيتهم قدر كفايته رضي الله عنه).

وفاته :

رحم الله الإمام يحيى بن حمزة اليماني الذماري الذي قال ( اعلم انه لو لم يكن بين يدي العبد المسكين كرب ولا هول ولا عذاب سوى سكرات الموت لكان جديرا بان ينغص عليه عيشه ويذكر عليه سروره وتفارقه شهوته وغفلته وحقيق بان تطول فيه فكرته ويعظم استعداده لا سيما وهو في كل نفس بصدده  كما قال بعض الحكماء كرب بيد سواك لا تدري متى يغشاك وقال لقمان لابنه أمر لا تدري متى يلقاك استعد له قبل ان يفاجئك والعجب إن الإنسان لو كان في ارغد عيش وأهنئه منغمسا في أعظم اللذات وأطيب مجالس اللهو وانتظر ان يدخل بعض الشطار يضرب بالسياط لتكدرت عليه لذته وفسد عليه عيشه وهو في كل ساعة بصدد ان يدخل عليه ملك الموت يجذبه نفسه بسكرات النزع وهو في غاية الغفلة فما لهذا سبب إلا الجهل والغرور وشدة الألم في سكرات الموت لا يعملها على الحقيقة إلا من ذاقها وطعمها).

لكن صاحب الترجمة سيدي يوسف بن أعمر الانفاسي السلاسي نعته العلماء بالخير والصلاح وكان ممن قال فيهم الشيخ العالم العلامة الزاهد عبد الله بن المبارك.

إذ ما لليل اظلم كابدوه              فيسفر عنهم وهم ركوع

لهم تحت الظلام وهم سجود      أنين منه تتفرج الضلوع

وخرص بالنهار لطول صمت     عليهم من سكينتهم خشوع

وقال أيضا :

مستوفدين على رحل كأنهم       ركب يريدون ان يمضوا وينتقلوا

عفت جوارحكم عن كل فاحشة    فالصدق مذهبهم والخوف والوجل

وقال أيضا :

تنعم قوم بالعبادة والتقى                  ألذ النعيم لا اللذاذة بالخمر

فقرت به طول الحياة عيونهم           وكانت لهم والله زاد إلى القبر

فكيف تكون حالة سيدي يوسف بن عمر الانفاسي السلاسي الذي شهد له الكثير وقد قدمه السلطان أبو عنان واختاره إماما وخطيبا لجامع القرويين مهد العلم والمعرفة وفرح سكان مدينة فاس به وبإمامته لهم .

التحق الشيخ الكريم سيدي يوسف الانفاسي السلاسي بمثواه الأخير يوم الأحد 13 من شعبان سنة 1359م توفي وقد بلغ من السن مائة في سنة 761ه وصلي عليه عقب صلاة الجمعة وحمل ولم يبلغ إلى قبره من كثرة الزحام عليه الا قرب غروب الشمس ودفن خارج باب الجيسة بين الحارتين على قرب من مقابلة برج الكوكب.

ويكون مونه ثلمت في الإسلام وان خلفه نجله الكريم الفقيه العلامة الزاهد الورع أبو الربيع سليمان بن يوسف بن عمر الانفاسي السلاسي في الإمامة والعلم وناب عنه في حياته بجامع القرويين كما تولى عمله بعده فرحم الله إبراهيم ابن ادهم الذي كان يردد هذه الأبيات ربما عند موت احد وحق ان تردد عنه موت أي عالم أو عظيم مثل  سيدي يوسف الانفاسي السلاسي.

إذا مات ذو علم وتقوى                 فقد ثلمت في الإسلام ثلمة

فموت الحاكم العدل المولى           بحكم الأرض منقصة ونقمة

وموت في كثير الجهود نحل         فان بقاءه خصب ونعمة

وموت العابد القوام ليل               يناجي ربه في كل ظلمة

وموت الفارس الضرغام هدم        ولا تشهد له بالنقص عزمة

فحسبك يبكي عليهم                   وباقي الناس تخفيف ورحمة

وباقي الخلق هم همج رعاع          وفي إيجادهم لله حكمة

فرحمة الله واسعة واسكنه فسيح جناته أمين والحمد لله رب العالمين.

    المؤلف ذ. عبد الكريم احميدوش /عضو المجلس العلمي لتاونات

عن الكاتب

صحفي

تاونات جريدة إلكترونية إخبارية شاملة مستقلة تهتم بالشأن المحلي بإقليم تاونات وبأخبار بنات وأبناء الأقليم في جميع المجالات داخل الوطن وخارجه.

عدد المقالات : 7235

اكتب تعليق

لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.

جميع الحقوق محفوظة لموقع تاونات.نت - استضافة مارومانيا

الصعود لأعلى