الترقية حق من حقوق القاضي/بقلم:إبن إقليم تاونات ذ.محمد الهيني -من مؤسسي نادي قضاة المغرب
إن الترقية حق من حقوق القاضي ولا يمكن المساس بها خارج القانون ،فهي مصدر قوت ورزق القاضي وأسرته ،وإنصافا لاجتهاده القضائي وليس هبة ولا منة من طرف وزير العدل حتى يتصرف فيها كيفما يشاء يعطي لهذا وينزع عن هذا .والحقيقة أني فوجئت على غرار بعض زملائي بإسقاط إسمي من جدول الترقية لسنة 2015 رغم سبق تسجيلي بجدول سنة 2014 بصورة تعسفية وانتقامية .فهذا القرار في حد ذاته عقوبة تأديبية جديدة تنضاف للعقوبات الجائرة سابقا ، تمت خارج الدستور والقانون ولم يقررها المجلس الأعلى للقضاء ولم يوافق عليها الملك مست بحق مكتسب لي في الترقية فخرقت قاعدتي عدم جواز المساس بالحقوق المكتسبة وعدم جواز رجعية القرارات الإدارية فضلا عن قاعدة عدم تعدد العقوبات الإدارية التي تحرم العقوبة الإضافية والمزدوجة لأنه لا يجوز معاقبة شخص عن فعل واحد مرتين .وهذه قاعدة بديهية تم انتهاكها ،وفيها تطاول على اختصاص مؤسستين دستوريتين الملك والمجلس الأعلى للقضاء من طرف وزير العدل دون سند قانوني لا في الدستور ولا في النظام الأساسي للقضاة بحيث لا يوجد أي نص قانوني يحرم القضاة الذي سبق معاقبتهم عن فعل تأديبي من الترقية ،ولا يمكن لأي نص أدني أن يقرر ذلك تبعا لقاعدة التراتبية التشريعية المقررة دستوريا
لقد صار أسلوب الحرمان من الترقية في الآونة الاخيرة سيفا مسلطا على مجموعة من القضاة بقصد المس باستقلاليتهم إما داخل المحكمة من خلال نشرة التنقيط أو من خلال فرملة الحراك كرد فعل على فشل سياسة الإصلاح القضائي وما عرفه من انتكاسة دستورية لاسيما أمام تفهم ممثلي الأمة والمجتمع المدني لمطالب القضاة بالاستقلال المؤسساتي عن وزارة العدل مما استدعى مواصلة سياسة تكميم الافواه من طرفها كعادتها بتفقير القضاة وعائلاتهم ،مما يجعل شعار محاربة الفساد في حقيقته تحول إلى شعار محاربة نزاهة القضاة للزج به في محيط اليأس الفكري و أتون الفساد وانعدام الضمير مادام أن المعادلة أصبحت مقلوبة لإسكات أصوات استقلالية القضاء والانتصار لسياسة التطبيل والتصفيق التي تحلو لوزارة العدل .
هذه القرارات الجائرة والتي تجعل وزير العدل فوق الدستور والقانون تنزل منزلة القرارات المنعدمة والتي تكتسي صبغة اعتداء مادي نتيجة عدم احترامه لمقررات المجلس الأعلى للقضاء والموافقة الملكية وتطاوله على اختصاص مؤسستين دستوريتين تستدعي تدخلا عاجلا من المكتب التنفيذي لنادي قضاة المغرب ولغيره من الجمعيات المهنية والحقوقية للاحتجاج عليها ومواجهتها بالحزم اللازم كما عودونا دائما ،وفي نفس الآن سنسلك المساطر القضائية لإيقاف هذه المهازل القانونية الانتقامية دون أن ننسى واجب تبليغ السدة العالية بالله بها لأنه يبقى هو الضامن الأول والأخير لاستقلال السلطة القضائية كما هو مقرر دستوريا،ولنا الثقة في إنصافنا من طرف جلالته،لأن القاضي لا يمكنه حماية حقوق وحريات المواطنين وهو مفتقد للحماية الذاتية،ونعد الجميع بأن استقلاليتنا ستبقى دائما خط أحمر لن نقبل المساس به ولن تثنينا هذه العقوبات عن مواصلة النضال على درب استقلالية القضاء في مواجهة خصوم هذه الاستقلالية الدائمين .
عن الكاتب
مواضيع ذات صلة
اكتب تعليق
لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.