منبع بوعادل ثروة طبيعية ووجهة سياحية بإقليم تاونات تعاني من الإهمال والتهميش
تاونات :جريدة”تاونات نت”/يرتبط اسم بوعادل بمنبعه، الذي يعتبر من أهم الثروات التي جادت بها الطبيعة، بإقليم تاونات، مما جعله قبلة للزائرين من جميع أنحاء المغرب. فمن المستحيل أن يقوم أحد بزيارة مدينة تاونات أو نواحيها دون أن يخصص يوما لزيارة منبع بوعادل، من أجل الاستمتاع بمناظر المنطقة الخلابة وبرودة مائها المتدفق بين سفوح الجبال المتفاوتة الارتفاع. فغزارة المياه الفائرة من الأرض وبين الصخور هنا وهناك، تدهش الزائر، وتثير استغرابه، وخاصة الذي لم يسبق له أن زار المنطقة، فتستهويه ببرودتها وصفائها كما أن رذاذ المياه المتطاير بفعل الانحدار والاصطدام بالصخور ينعش الزوار، و يعيد فيهم الحيوية بعد مشقة الطريق الملتوية والضيقة، كما أن ذلك الرذاذ عندما يصبح متقابلا مع أشعة الشمس بشكل عمودي ويكسرها، ينتج عنه زخرفة طبيعة مختلفة الألوان على شكل قوس قزح، مما يعطي جمالا طبيعيا قلما يجد مثله، الأمر الذي يدفع بالزوار إلى التسابق على بعض المناظر من أجل التقاط الصور معها.
إن بوعادل بفضل مائها المتدفق، جعلها نموذج للاخضرار، حيث توجد بها أشجار متنوعة ومختلفة تنتج أجود البواكر والفواكه، وخاصة ”الباكور” والتين والبرقوق المختلف الأصناف والأنواع والأشكال والألوان، هذه الثمار التي يتزامن قطفها مع فصل الصيف حيث تكون الحركة نحو بوعدل على أشدها، جعل أبناء المنطقة يعرضون منتوجاتهم الفلاحية، بجانب المنبع من أجل بيعها للزوار والوافدين على المنطقة، ونظرا لبرودتها المنعشة في وقت تكون فيه الحرارة تصل إلى 40 درجة تجد عليها إقبالا كبيرا بالرغم من ارتفاع أثمانتها.
إن ثروة مياه بوعادل، وجمال طبيعته، جعلت هذه المنطقة الصغيرة غير المهيأة، قبلة لجميع ساكنة إقليم تاونات، والمتنفس الوحيد داخل المنطقة، خلال فصل الصيف، فيتوافد الشباب والعائلات من كل حدب وصوب من أجل الاستمتاع بالجو البارد والماء النقي، وكذلك الاستمتاع بالسباحة بالمسابح الموجودة هناك، والتي تصبح بسبب عدم النظافة والمراقبة مليئة بالأوساخ كما أن هذين المسبحين الصغيرين لا يتسعان من أجل إرواء عطش الزوار، وغير كفيلة بتحقيق رغبة جميع الوافدين.
إن الإقبال الكبير على هذا المنبع لا يتوقف فقط على سكانة الإقليم بل يتجاوزه إلى المستوى الوطني حيث يفد على المنطقة كل عاشق للسياحة الجبلية، وهواة الرحلة والسفر، وخاصة من مدينة فاس ومكناس والرباط والدار البيضاء وغير ذلك من المدن المغربية الأخرى، مما ينتج عنه ازدحام كبير في موقف السيارات، فلا يجد الزوار مكان مناسب لركن سيارتهم فيضطرون لتركها بعيدة عن المنبع في غير مأمن. ويكملون طريقهم على الأرجل وسط ازدحام كبير ينتج عن كثرة الوافدين بواسطة سيارات النقل (207) التي تبقى هي الوسيلة الوحيدة لفك العزلة عن ساكنة المنطقة بالرغم من عدم قانونيتها.
هذا الإقبال الكبير على المنطقة، وفي غياب خدمات كفيلة باستقبال جميع الوافدين وتحقيق الشروط الاستضافة البسيطة لهم. هذا الفراغ من حيث التنظيم أعطى لأبناء المنطقة الفرصة من أجل القيام بمبادرات فردية، وبإمكانيات جد محدودة، ومتواضعة، حيث عمد بعض أبناء المنطقة إلى استغلال أراضيهم المجاورة للمنبع من أجل بناء ”نوايل” صغيرة بالقصب يتم كرائها للوافدين من أجل ترك أمتعتهم داخلها والاستراحة فيها، ونفس الشيء بالنسبة للمطاعم والمقاهي فأغلبها تقليدية لا تتوفر على أدنى شروط الراحة والصحة.
ومما يسئ أكثر لجمال المنطقة وبهائها، هو عدم تواجد مراحيض كافية تلبي حاجات الزوار، هذا علاوة على عادة المغاربة الذي اعتدوا على قضاء حاجتهم بدون مقابل، بجنابات المسالك الطرقية الضيقة، وخلف الأسوار والجدران وبجانب منابع المياه، مما ينتج عنه روائح كريهة ونتنة تخنق الأنفاس، هذا إلى جانب رمي الأزبال بشكل عشوائي في غياب تام لعمال النظافة مما يؤدي إلى تراكمها، وتصبح صورة بشرية سوداء في وسط طبعي خلاب.
كما أن هذا الازدحام الكبير، وغياب الشروط الأمنية الكافية، يستغله بعض المشاغبين و”المشرملين” كفرصة من أجل التحرش بالفتيات والنساء، اللائي يكن رفقة أزواجهن وعائلتهن مما ينتج عنه الشجار بشكل دائم يصل في بعض الأحيان إلى استعمال الأسلحة البيضاء، والتلفظ بالكلام الساقط مما يخلق إحراجا كبيرا وسط العائلات والأسر.
إن هذه السلوكيات غير الّإنسانية وغير الأخلاقية التي تصدر من بعض الطائشين، تزيد من تأزم الحالة التي توجد عليها منتجع بوعادل اليوم. ففي الوقت الذي يتطلب فيه التدخل من طرف الجهات المسؤولة من أجل تهيئة المنطقة، نجد أن هناك من يكرس ثقافة العنف والجهل بتصرفاتهم غير المسؤولة، تجعل الزوار والوافدين يرسمون انطباعات سيئة عن المنطقة وساكنتها، مما يزيد من عزلتها وتهميشها.
إن هذه الثروة الطبيعية، أصبحت اليوم في أمس الحاجة إلى تدخل شامل من أجل تهيئة منبع بوعادل وجعله منطقة سياحية بمعاير دولية وعالمية، واستغلال ثرواته الطبيعية من أجل تشجيع السياحة الداخلية والخارجية، والمساهمة في التنمية المحلية، وخلق فرص الشغل بالنسبة للساكنة، وذلك في إطار مؤسساتي يخضع للمراقبة والمحاسبة.
فاعلون جمعويين بجماعة بوعدل يستنكرون الإهمال الذي يطال منتجع بوعادل
إن الحالة التي يوجد عليها منتجع بوعادل اليوم من إهمال، جعلت بعض الجمعاويين يستنكرون هذه اللامبالاة، التي تزيد من تهميش المنطقة والتقليل من قيمتها، ففي تصريح أدلى به أحد الناشطين الجمعويين لجريدة ” تاونات نت”أبرز من خلاله، أن المجتمع المدني بالمنطقة غير راضي تماما عن هذا الإهمال، ويطالب بضرورة التدخل من طرف الدولة من أجل إعطاء منتجع بوعدل أهميته التي يستحقها.وهذا التدخل يتمثل بالأساس في تقوية الشبكة الطرقية وتوسيعها، وتشييد موقف للسيارات يكون مراقب، وكذلك توفير فنادق ودور للضيافة، يتم اكترائها للزوار والوافدين على المنطقة، إلى جانب بناء مقاهي ومطاعم تحترم شروط صحة المواطن، وتوفير المراحيض الكافية والسهر على نظافتها بشكل دائم، هذا إلى جانب توفير عمال النظافة يسهرون على تنظيف المسابح من الأوساخ وتجديد مياهها من حين إلى أخر، وجمع الأوساخ التي تبقى مرمية بشكل عشوائي، وكذلك يجب إعادة النظر في وضعية توزيع المياه بالسواقي والتقليل من قوتها وسرعتها، عن طريق تقسيمها وتغطيتها، من أجل تفادي جرفها للأطفال الصغار والأمتعة. كما لا يجب إغفال المسألة الأمنية لما لها من أهمية، وذلك عن طريق فتح مركز للدرك الملكي والقوات المساعدة يكون شبه دائم يسهر على حماية المواطنين وسلامتهم وتنظيم السير من أجل تفادي جميع أنواع الاعتداءات والتحرشات والخلافات والمشدات التي تحدث بين المواطنين بين الفينة والأخرى.
إن ما تمتاز به جماعة بوعدل بثرواتها المائية وجمالها الطبيعي جعلها معروفة على الصعيد الوطني، غير أن الإهمال الذي تعاني منه جعلها في وضعية لا تسمح بالاستفادة منها بالشكل المطلوب، وأفقدها أهميتها في تنشيط السياحة الداخلية والخارجية، وكذلك في التنمية المحلية، فمن العار أن تمنحنا الطبيعة مثل هذه الثروة ولا نعرف تدبيرها والاستفادة منها وتركها على حالها.
إعداد: عاهد ازحيمي
عن الكاتب
مواضيع ذات صلة
اكتب تعليق
لابد من تسجيل الدخول لكتابة تعليق.