عيد الاستقلال : يومٌ أضاء مسار الحرية والمجد المغربي
■ نبيل التويول :”تاونات نت” – 18 نوفمبر 2024 /- تعتبر ذكرى عيد الاستقلال في المغرب واحدة من المحطات التاريخية التي تحفر في ذاكرة الأمة بعمق وخلود. فهي ليست مجرد يوم وطني يحتفل به الشعب، بل هي شهادة على الإرادة الصلبة والكرامة التي استطاع المغاربة عبرها انتزاع حريتهم من براثن الاستعمار.
في هذا اليوم المهيب، يجدد المغاربة العهد مع الماضي، ويستلهمون منه دروسا تنير دروب المستقبل، مجسدين بذلك روح الحرية والمجد التي لطالما ميزت تاريخهم.
لم يكن الاستقلال وليد الصدفة أو هبة من أحد، بل كان ثمرة لنضال طويل وشاق خاضه المغاربة بكل شرائحهم.
توحدت القبائل والمدن، الشمال والجنوب، في ملحمة وطنية فريدة ضد الاحتلال الفرنسي والإسباني. قاد هذا الكفاح شيوخ، نساء ورجال، جنود ومثقفون، في تلاحم تاريخي يعكس أصالة الشعب المغربي وعزيمته التي لا تعرف المستحيل.
برز جلالة الملك محمد الخامس – طيب الله ثراه – كرمز للوحدة الوطنية ومهندس للاستقلال حيث كانت مواقفه الوطنية في مواجهة القوى الاستعمارية تجسد تطلعات الشعب في الحرية والكرامة. وعندما عاد من منفاه عام 1955، كانت تلك اللحظة بمثابة ولادة جديدة للوطن، حيث أعلن انتهاء عهد الاستعباد وبداية عصر السيادة الوطنية.
إن ذكرى عيد الاستقلال ليست مجرد لحظة تاريخية نستذكرها، بل هي شحنة وجدانية تمدنا بالطاقة والحافز للإبداع والعمل. فهي تعيد إحياء قيم الوحدة، التضحية، والإصرار على تحقيق المكتسبات الوطنية.
في كل عام، تعيد هذه الذكرى ترسيخ الروح الوطنية في نفوس المغاربة، مما يجعلهم أكثر ارتباطا بوطنهم وأكثر استعدادا للمساهمة في رفعته.
لم يكن الاستقلال نهاية الطريق، بل كان بداية مرحلة جديدة من البناء والتحديث. فقد شهد المغرب منذ ذلك الحين نهضة تنموية شاملة في مختلف المجالات، بدءا من التعليم والبنية التحتية وصولا إلى تعزيز الديمقراطية وترسيخ حقوق الإنسان.
وقد استمر الشعب المغربي في السير على درب الأجداد، مستلهما من تضحياتهم قيم العمل الجاد لتحقيق تطلعاته.
واليوم، أصبح المغرب نموذجا في المنطقة بفضل استقراره وإنجازاته، مستفيدا من إرث الاستقلال الذي وضع أسس التقدم والازدهار. فالمشاريع الكبرى، مثل ميناء طنجة المتوسط، والانتقال إلى الطاقات المتجددة، وتعزيز مكانة المغرب كجسر بين إفريقيا وأوروبا، هي كلها انعكاسات لروح الاستقلال والعمل الوطني.
حينما يتأمل المغاربة ذكرى الاستقلال، فإنهم يشعرون بفخر لا يُضاهى بانتمائهم لوطن قدم أروع الأمثلة في التضحية والنضال. هذه الذكرى تذكرهم دومًا بأنهم أبناء حضارة عريقة وشعب لا ينكسر. فكل مغربي يجد في هذا اليوم مصدر إلهام يدفعه ليكون جزءًا من قصة وطن عظيم كتب تاريخه بمداد من ذهب.
إن عيد الاستقلال ليس مجرد يوم للاحتفال، بل هو فرصة للتأمل في مسار أمتنا الغني بالدروس والعبر. إنها دعوة متجددة لنا جميعا لنحافظ على هذا الإرث، ونساهم في استكمال مسيرة البناء والتنمية.
في ذكرى هذا اليوم المجيد، لنقف جميعا بفخر واعتزاز، متعهدين بأن نبقى أوفياء لوطننا، وأن نحمل شعلة الحرية والمجد عاليا، ليظل المغرب دائما وأبدا بلد الحرّية و الكرامة.