“منتدى كفاءات تاونات” ينظم يوما دراسيا حول “مستقبل زراعة وتحويل القنب الهندي”بتاونات

كريم بجو-تاونات:”تاونات نت”//- تخليدا للذكرى 69 لعيد الاستقلال المجيد، وعلى هامش الاحتفال بذكرى 30 عاما على صدور جريدة “صدى تاونات”، شكل موضوع “أي مستقبل لزراعة و تحويل وتصدير القنب الهندي بالمغرب ؟” محور يوم دراسي ، صباح يوم الأحد 29 دجنبر 2024، بتاونات، نظمه منتدى كفاءات إقليم تاونات.
وقد ساهم في هذا اللقاء -الذي قام بتسييره الوزير الأسبق المهندس إدريس مرون – خبراء ومتخصصون تطرقوا لمختلف الجوانب القانونية والتنظيمية والتقنية ذات الصلة بالموضوع، وكذا التحديات والفرص المتاحة والاستشرافات المستقبلية لتطوير هذا المجال إن على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي. فإلى جانب المساهمات ذات الطابع العلمي، تم تعزيز مخرجات اليوم الدراسي بشهادات وتجارب ميدانية تمتح من واقع مزارعين ومنتجين ورؤساء تعاونيات.

وأكد المتدخلون على الأهمية الاقتصادية المرتبطة بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، بما تتيحه المستخلصات المتعددة من النبتة من توفير مواد أولية في قطاعات الصيدلة والبناء الإيكولوجي والنسيج، على سبيل المثال، مشيدين بقرار المغرب تقنين زراعة القنب الهندي للاستعمالات المشروعة.
و كانت المداخلة الأولى للخبير الدولي البروفيسور محمد احماموشي، حول الاستعمالات الطبية والتحديات و الفرص المحيطة بانتاج القنب الهندي،منوها بالتقدم الكبير الذي حققه المغرب في مجال تقنين القنب الموجه للاستعمال الطبي والصناعي، مذكرا على الخصوص، بتبني المغرب لإطار قانوني في المجال، وإحداث الوكالة الوطنية لتقنيين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي.

وأضاف الخبير احماموشي (المدير الأسبق للمعهد الوطني للنباتات العطرية والطبية بتاونات) أن المغرب سمح بزراعة وتصنيع وبيع القنب الهندي بترخيص، مما فتح آفاقا جديدة للصناعة الدوائية والزراعة، مشيرا إلى أن القانون الدولي تطور في السنوات الأخيرة لفائدة تقنين هذه النبتة لأغراض دوائية وصناعية.
وتابع الخبير أن تنظيم هذه القطاعات يشكل فرصة حقيقية لتنمية الاستثمارات المتعلقة بهذا النشاط وتحسين الظروف المعيشية للسكان الذين يزاولون هذه الزراعة، مضيفا أن القانون 13-21 المتعلق بالاستخدام القانوني للقنب الهندي لأغراض طبية من شأنه تحفيز الاقتصاد وتشجيع البحوث الطبية والصناعية وفتح الطريق أمام إمكانيات تنمية جديدة للبلاد.
وأشار إلى مجالات استخدامات القنب الهندي سواء الصناعية أو الطبية، وخاصة استعمالاته في مجال البناء والتجميل والصناعة الغذائية.

وبحسب الخبير، فإن الاستعمال الطبي لهذه النبتة، يظهر كأمل جديد في مجال الصحة، حيث يقدم مجموعة واسعة من الفوائد العلاجية وإضافة بعد جديد للتكفل بالمرضى، حيث يقدم حلولا بديلة ومكملة للعلاجات التقليدية.
أما المداخلة الثانية فكانت للمحامي بهيئة الرباط الأستاذ زكرياء الغلماني، و تحدث فيها حول الوضعية الحالية للتقنين التشريعي لزراعة القنب الهندي بالمغرب والسيرورة التاريخية التي همت التعامل مع القنب الهندي حيث ذكر بالسياقات التاريخية لزراعة واستعمال القنب الهندي بالمغرب، والسجال الفقهي و القانوني الذي واكب ذلك، مثمنا إصلاح التشريعات الوطنية، والتوجه إلى تقنين زراعة النبتة لأغراض طبية وصناعية، وفق مقاربة شاملة فتحت الباب أمام الاستثمارات.

كما تطرق الأستاذ زكريا الغلماني لمقتضيات القانون 21-13 الذي يعد ثمرة دينامية مدنية ونقاش عمومي، وفصل في أهدافه والتي تكمن أساسا في ضبط الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي لأغراض طبية وصناعية عبر تحديد مقتضيات تنظيمية ومعايير واضحة ودقيقة، فضلا عن وضع نظام صارم للتتبع والمراقبة لمنع أي تحويل للقنب الهندي ومشتقاته إلى السوق غير المشروعة.
كما أشار المتدخل إلى أن النصوص القانونية الصادرة في ميدان زراعة القنب الهندي مرت بمجموعة من المراحل، حيث حاول المشرع في البداية إيجاد إطار قانوني لضبط الزراعة قبل أن يلجأ إلى تجريمها ومنعها بشكل مطلق.

وبدأ مسار التشريع بمرحلة الترخيص بزراعة القنب الهندي، والتي تميزت بكون زراعة هذه النبتة وبيعها وتصنيعها واستيرادها كانت عملية مشروعة داخل المغرب وفقا لظهير04 ماي 1915، والذي يعتبر أول نص تشريعي اهتم بعملية تنظيم احتكار جلب الدخان والكيف وشمل منطقة الحماية الفرنسية، ووضع هذا الظهير الكيف والدخان في كفة واحدة،
وبدأت مرحلة منع القنب الهندي بمنطقة الحماية الفرنسية، وهي مرحلة حاولت القضاء نهائيا على زراعة هذا المنتج بالمنطقة الاستعمارية الفرنسية خاصة مع صدور مجموعة من الظهائر والتي من ضمنها ظهير 24 أبريل 1954، قبل أن يعود المغرب إلى مسار التقنين، بعد تصويت البرلمان المغربي في 26 ماي 2021 على القانون الذي يضفي الشرعية على استخدام القنب الهندي.

و كانت المداخلة الأخيرة، لمنسق الائتلاف المغربي من أجل الاستعمال الطبي والصناعي للقنب الهندي، الدكتور شكيب الخياري، حيث خصص تدخله للحديث عن موضوع “مستقبل القنب الهندي بالمغرب”.
وأوضح الخياري، في مستهل مداخلته، أنه اختار التطرق إلى واقع التشريع الترفيهي للقنب الهندي بالعالم والمغرب وآثاره الممكنة نظرا للتوجه العالمي، خلال العقد الأخير، نحو تقنين الاستخدامات الترفيهية للقنب الهندي، فضلا عما لهذا الموضوع من اعتبارات مرتبطة بالجانبين الصحي والاقتصادي.


واستعرض المتحدث، في هذا الإطار، التجارب الدولية للاستعمال الترفيهي للقنب الهندي، خصوصا في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأمريكا اللاتينية، مشيرا إلى أن بعض الدول تفرض قوانين صارمة على استعمال القنب الهندي للأغراض الترفيهية، فيما تجيز أخرى استهلاك الحشيش وزارعته منزليا في نطاق محدود، كما هو الحال في إيطاليا والمكسيك ومالطا، أو في إطار نواد خاصة، كما هو الشأن بالنسبة لفرنسا وأوروغواي وكندا.
وبالنسبة للمغرب، أشار منسق الائتلاف المغربي من أجل الاستعمال الطبي والصناعي للقنب الهندي إلى أنه خلافا لحداثة تجربة استخدام القنب الهندي لأغراض طبية وصناعية، فإن استعماله الترفيهي يعود إلى سنوات طويلة، لافتا إلى أن التقرير الصادر سنة 2022 عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي دعا إلى التفكير في تضمين استراتيجية تقنين زراعة القنب الهندي، في المرحلة الموالية، الاستعمال الشخصي باعتماد قنوات توزيع خاصة وبكميات محددة وفي أماكن معينة.

كما توقف المتحدث ذاته عند التقرير الصادر عن لجنة النموذج التنموي الجديد، التي قال إن توجهها، في هذا الصدد، كان أكثر تقدما، مبرزا أنها لم توص فقط بتقنين زراعة القنب الهندي، ولكن برفع التجريم عن استهلاك كميات محددة منه. وتساءل، في هذا السياق، إن كان توجه المغرب نحو تنظيم الاستهلاك الترفيهي لـ”الكيف” ضرورة، أم تقليدا لتوجه عالمي.
ولفت الخياري إلى أن هناك أطرافا دولية تعتبر أن تنظيم القنب الهندي لأغراض ترفيهية، إلى جانب تحقيقه أرباحا مهمة، وتقليص حجمه بالسوق السوداء، يساعد على التقليل من الإضرار بالصحة، مردفا أنه في غياب دراسات حاسمة في موضوع استهلاك القنب الهندي تتعالى الدعوات المطالبة بإجراء مزيد من الأبحاث لفهم تأثير تشريع الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي على الصحة العامة.

من جهته، سجل بإعتزاز رئيس “منتدى كفاءات إقليم تاونات”، إدريس الوالي،أن المنتدى سبق له في شهر غشت من هذه السنة أن ثمن العفو الملكي بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب لفائدة 1341 شخصا على مستوى إقليم تاونات من أصل 4831 شخصا المدانين أو المتابعين أو المبحوث عنهم في قضايا متعلقة بزراعة القنب الهندي.
وعبر المنتدى في بيان له عن فرحته بهذه الالتفاتة الإنسانية التي خلفت في صفوف ساكنة المنطقة بصفة عامة، والمستفيدين منها وكذا أسرهم وعائلاتهم بصفة خاصة، شأنهم شأن باقي المستفيدين من مختلف أقاليم الشمال المعنية، “أثرا طيبا ووقعا إيجابيا نظرا لما كانوا يعانونه جراء الشكايات الكيدية التي نتجت عنها أحكام قضائية ومتابعات كانوا موضوعا لها”.


وسجل البيان، أن هذه الخطوة “تأتي في صلب الاختيارات الاستراتيجية الهادفة لبناء مغرب جديد، يضمن كرامة الجميع تماشيا مع مقتضياته الدستورية، لتعزيز مسارات التنمية المستدامة، على رأسها تأهيل المناطق المعنية بزراعة القنب الهندي ومنها إقليم تاونات”.
وأورد الوالي أن بيان المنتدى ذاته “يتطلع لأن تقوم هذه الفئة بالاشتغال في أنشطة قانونية مدرة للدخل، والانخراط في مسار زراعة القنب الهندي بشكل قانوني وفقا للتشريعات التي وضعتها الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي منذ إحداثها قبل سنتين، من خلال تصنيع وتحويل وتصدير القنب الهندي واستيراد منتجاته لأغراض طبية وصيدلية وصناعية”.

كما أكد “ضرورة إحداث وتسريع كافة المشاريع المرتبطة بتقوية البنية التحتية في إقليم تاونات”، من خلال “خلق وتشجيع أنشطة اقتصادية موازية، لزيادة جاذبية هذا الإقليم للاستثمار في قطاع القنب الهندي وقطاعات أخرى”، فضلا عن ضرورة “إنشاء منطقة صناعية وتجارية، بما يضمن تحقيق استفادة اقتصادية متكاملة تسهم في محاربة البطالة بالمنطقة ودعم الاقتصاد الوطني على المدى المتوسط والطويل”.
وجدير بالذكر، يهدف هذا اليوم الدراسي، الذي عرف حضور أكاديميين وخبراء وباحثين مختصين في المجال، إلى التعريف بالاستعمالات الاقتصادية والطبية والصناعية لنبتة القنب الهندي، وبحث السبل الكفيلة للاستفادة منها، مع تغيير الصورة النمطية التي كانت حول هذه الزراعة.


وأعقب هذا اليوم الدراسي مباشرة حفل تكريمي لبعض الشخصيات والفعاليات التي أسدت خدمات جليلة للإقليم وللوطن كل واحد في مجاله وعلى رأسها الأستاذة سلوى الكوبيطي (فاعلة حقوقية؛إطار سام بوزارة التربية الوطنية؛ تنحدر من الإقليم) والسيد عبد الله اعميمي (مسؤول سام سابق؛ينحدر من الإقليم) والدكتور أحمد مفدي (أستاذ جامعي وبرلماني سابق وشاعر)والدكتور نورالدين بلحداد (أستاذ جامعي وخبير في شؤون الصحراء المغربية؛ ينحدر من الرباط) والصحافي والناشر حسن أعراب (مدير موقع “حدث كوم”؛ينحدر من الحسيمة).

وبهذه المناسبة خصص “منتدى كفاءات إقليم تاونات” جائزة مالية لأحسن تغطية صحفية لتلاميذ مستوى الباكالوريا بإقليم تاونات لهذا اليوم الدراسي حول تقنين القنب الهندي تحت إشراف لجنة مختصة على رأسها الأستاذ عبد السلام الزروالي الحايكي (مندوب جهوي سابق لوزارة الإتصال بجهة فاس وجهة العيون) والإعلامي محمد الزوهري (أستاذ جامعي للإتصال بفاس) والإعلامية مريم المغاري (صحافية بالإذاعة الجهوية بفاس) والإعلامي حميد الأبيض (صحافي بجريدة “الصباح” بفاس).
