طبعة ثانية ل”بلاغة الإيجاز في الخطب الملكية” لصاحبه باشا سابق بتاونات ياسين ازريعة

إدريس المزياتي:”تاونات نت”//- في حُلة محينة، منقحة، مزيدة ومصوة انتظمت فيها هذه “المِيمَات الأربع لقراءة أمتع”، أصدر الباحث في خطاب اللسانيات ولسانيات الخطاب، (باشا سابق بقرية أبا محمد بإقليم تاونات-حاليا رئيس منطقة حضرية بمدينة اخريبكة) الدكتور ياسين ازريعة، الطبعة الثانية من كتابه “بلاغة الإيجاز وفصاحة الإنجاز كسمات لسانية ذات أولوية في الخطابات الملكية المولوية“.
وقال المؤلف الدكتور ياسين ازريعة ” أن من يحاول تحليل شذرات من المتن الخطابي الملكي التراكمي الكمي والكيفي الذي ناهز ربع قرن في سقف كتاب بلغت صفحاته 822 صفحة مطبوعة على ورق أصفر الشاموا، هو كمن يحاول ان يضع جَملا في شطيرة، لأنه لا يمكن تنميط وتحنيط مدونة خطابية ملكية ممتدة زمنيا وتيميا على مساحة فترة 25 سنة من الحكم في كتيب له سقفه الكمي، لاستحالة الإنطلاق من جميع الممارسات الخطابية الملكية (خطابات، حوارات، رسائل، رسائل ملكية سامية يتلوها مستشاروه، كلمات ترحيبية تتخلل مأدبات تُقام على شرفه او شرف ضيوف جلالته…)”.
هذه المرة، يحلل رجل السلطة سلطة اللغة، ويتحايل عليها ليستحل قطوف اللغة ويحجز بضاعة مجزاة، فيصنف مدونة خطابية ويصففها ويصطفيها لتنتظم كبضاعة مسلمة لا شِيّة فيها، في كتاب حاز قصب السبق في مجال النبش اللساني في طبقات خطاب ملكي سامي (ومتسامي) بديل لخطاب سياسي شعبوي هذيل، يُواجه الحراك والحَركة والحْرْكَة الخطابية المضادة، يوثر الإظهار على صناعة الإبهار أو تصنُّع الانبهار، وإيثار التفسير على التبرير، والدأب الدائم على التحليل والتفكيك بدل الإنزلاق في مهاوي التشكيك.
فالكتاب يقول الدكتور ازريعة ” يقارب حقا خطابيا بِكرا لم تُعبِّده أقام الباحثن، ليُدني للقارئ قطوفا دانية من مدونة خطابية ملكية ممتدة زمنيا وتيميا على مساحة ربع قرن من الحكم (خطابات، حوارات، رسائل، كلمات ترحيبية… (، دون شتات بن ديار ودويات الجوار المعرفي الحقوقي-السياسي والإنساني-اللساني يجعل جمهور القراء يُولِّي الأدبار.
وقد شكلت هذه المزاوجة قادحا للنبش فيما تواريه طبقات الخطابات المولوية من عوالم استراتيجية خطابية وتواصلية، تراعي السياق، وتتصف بالاتساق الترتيبي والتركيبي، وتروم فهم الأنساق الإتصالية وخواريزمات خلق التتبع الجماهيري ومؤشرات الإصغاء والإجابة والإستجابة وقنوات الإبلاغ ورسالية الإقناع، ومستويات الإدراك وحتى لحظات الإستدراك، وتلامس مستويات الصناعة الخطابية وصياغة وإبداع الصاغة، ولا تقف عند عتبة استراتيجيات رسم المآل بعد مراعاة سياق الحال والسياق الموقفي وتوظيف سلطات جلالته التكلُّمية، والحُكمية والحاكمية والتوجيهية والتبليغية ليجعل لمنطوقه هِبة تُلجم وتحتوي المواقف الأخرى، وتقف لتواجه بوجاهة ملكية أعتى هَبّة احتجاجية.

ولأن “الأشياء تُعرف بضدها”، أعمل صاحب الكتاب “منطق مقياس المقارنة المعيارية Benchmarking”، فانطلق من الخطاب السياسي بمستواه الشعبوي، وتطرق لفجور الخصومة وما شهده ولم يحبذ الإستشهاد به (حفاظا على نفس المسافة مع فاعلي الحقل السياسي والتزاما بواجب التحفظ) ولوجوه التناطح والتياسة بين محترفي ومنحرفي السياسىة، وأنماط تبادل للتقريع في لحظات المقارعة والجدل البيزنطي بين أجيال العمل النقابي والسياسي، ومحاولات كل فاعل سياسي بناء نصية خطابية غير متماسكة، تستمسك بناصية كاذبة، وما يعرفه كل كرنفال انتخابي من خروج خطابي عن الكياسة وانزلاقات نحو التحقير الآخذ بمسوح السخرية والتصغير والتشهير بمنتوج الغير، وما سجلته تلك المساجلات من التباس في الموقف وتلبس بتلبيس الخطاب الحزبي لشيطنة وبَيلسة الآخر…وما تواريه من خطاطات تدافع من أجل المواقع والمنافع، والتموقع والكراسي والمناصب والمكاسب والمراتب.
كما تطرق المؤلف “لمسالك التأليف ومناط رفع التكليف عند صياغة خطابات ملكية لا تدافع فيها ولا دفاع ولا اندفاع، يجد المرء انها بحق خطابات ترافع، خطابات رفيعة بدل الخطابات الرقيعة، تترفع عن التدافع، وترفع سقف تداولها لتدويلها، خطابات متوثبة بدل الخطابات المُتثائبة، في فصحى خطابها إفصاح عن الواقع دون رتوش أو سفسطة او محاولة تنويم وتعويم ومغنطة، يلقي فيها المتتبع تقليصا لمساحات الإبهام وتوسيعا لفسحة الإفهام، مع تغليب الإظهار على صناعة الإبهار أو تصنُّع الإنبهار، وإيثار التفسير على التبرير، والدأب الدائم على التحليل والتفكيك بدل الانزلاق في مهاوي التشكيك… قراءة لوغاريتمات تفكيك بعض الوقائع اللغوية وتوزع الخطابات الملكية بين بنائية وبيانية، تأليفية وموقفية وأحيانا توفيقية لوقف النزيف وتبديد مساحات التزوير والتزييف والتحريف التي امتهنتها بعض جيوب الفتنة وأزلامها وأذيالها واذنابها وعرابوها في سياق الربيع العربي وحراك ريف وريف الحراك وزيف من وطّن نفسه وريثا لأمير متآمر تحركه استيهامات وهلوسات بطولات وهمية لينبري ناصرا للحق بدون وجه حق.
وتعاقب تعقُّب الكاتب لمؤشرات التفاعل مع خطابات ملكه المفدى حين بسط “الحديث مسهبا عن فضاءات التفاعل مع العاهل وتوزعها بين تفاعلية المنظومة المشهدية ومجاز رد العاهل الفاعل على انفعالية النشطاء الإلكترونيين، وخطاطات الحراك الشبكي والحركية والتكثيف الخطابي الملكي الذي يصاغ على عجل لمواجهة الحراك والحَركة والحْرْكَة الخطابية المضادة التي تروم المناطحة أسوة بالتيس أو إشاعة الإنهزامية والتيئيس والتبئيس ومحاولات تنكيس أعلام المملكة واستهداف أعلام وهامات وقامات ومقامات، فرصد آليات التواصل الملكي من خلال “تجدد الرسائل وتمدد الوسائل”، و”التدوين الرقمي الرسمي ومدونات الإعلام الإسمي من خلال نموذج المُدوِّنات، ووصد باب البحث بالحديث عما استتبع ذلك من ترسيخ ملكيٍّ لثقافة السيلفي مع شعبه الوفي، ليخرق فيه جلالته ما عرف عن احتراز سلفه من مشاركة عموم شعبه ومحبي العرش في فصول وتفاصيل الحياة العائلية والخاصة للملك الراحل“.

ولم يغفل الكتاب ملامح مورفولوجية الخطاب الملكي، ولا شكله الهندسي أو حتى الطقوس المرتبطة بالإستهلال والإستقبال التي تعطي للخطاب الملكي مستوى قبول ومنسوب إقبال يحضان على الإنصات والإذعان الإرادي والجماعي أو الأحادي-الإنفرادي، وفق مسارات تهييئ جماهيري لمجتمع الخطيب ولظروف استقبال الخطاب ومحددات الإقبال التي يوطئ لها الإعلان المعلن للعنوان وللفعل الخطابي الملتزم والملازم لِلاَزِمة :“صاحب الجلالة يخاطبكم”.
وتجدر الإشارة أن الدكتور الكاتب ياسين ازريعة من مواليد مدينة أبي الجعد ؛حاصل على دكتوراة في اللسانيات وتحليل الخطاب بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، ماستر في تحليل الخطاب، السنة الثانية من دبلوم الدراسات العليا المعمقة في الهجرة والقانون باللغة الفرنسية ، اجازة مطبقة في التواصل المؤسساتي باللغة الفرنسية، وكذا اجازة في القانون الخاص باللغة الفرنسية …
اصدر ديوانه الشعري :”تذكرة الشيخ والمريد في ذكر مكرمات العهد الجديد”، وهو الأن بصدد تصفيف واخراج عدد من الاصدارات بالفرنسية تهم عددا من الملفات التي تستاثر باهتمام الفاعل المؤسساتي وتحظى بالتتبع الجماهيري.
الدكتور ازريعة هو خريج المعهد الملكي للإدارة الترابية حيث شغل منصب ومهام باشا رئيس دائرة باسلاك وزارة الداخلية بدءا من 2005- 2006 ببولمان وتاونات 2007 -2009 إلى أن ألحق بمديرية الشؤون العامة بوزارة الداخلية سنة 2010 .
وفي 2018 عين مستشارا مكلفا بمهمة في ديوان والي الرباط ثم عين رئيس منطقة حضرية بمدينة الرباط .وفي سنة 2022 عين رئيس منطقة حضرية بمدينة اخريبكة إلى الآن.
وتميز مقام الباشا الدكتور ياسين ازريعة بإقليم تاونات بالعلاقات الطيبة مع المواطنين وفعاليات المجتمع المدني والإعلام المحلي، فكان من جيل رجال السلطة الذين يسهلون ولا يتساهلون في تطبيق القانون، رغم بعض المشاكل التي افتعلها بعض الفاعلين السياسين آنذاك بايعاز من أحد المسؤولين في الداخلية(…).