لوحات ل(إبن تاونات) بوشتى الحياني..الإنسان مرآة الحرب والهجرة والتساؤل الوجودي

وائل بورشاشن-عن موقع “هسبريس”: “تاونات نت”//- طابع خاصٌّ مشترك، يسم كثيرا من لوحات الفنان التشكيلي المغربي البارز بوشتى الحياني، التي يطبعها حضور جسد “إنسان” ثابت في مكانه ومنضبط أو مُجبَر، يدفع عين الناظر إلى التوقّف عنده وتأمّلِه ووضعه واتجاه رؤيته.
بوشتى الحياني، الذي درس في “مدرسة الفنون الجميلة” بالدار البيضاء و”مدرسة الفنون الجميلة” بباريس ويدرّس الفنّ التشكيلي، قال جوابا عن سؤال جريدة هسبريس الإلكترونية حول الانشغال الإنساني لعمله الفني، إنه يعود إلى “الحرب العراقية؛ فقد كنت أشتغل في ثانوية عمر الخيام في الفنون التطبيقية، وكلما عدت إلى المنزل بعد يوم عمل لأرتاح؛ أرى في التلفاز الحروب هناك وهناك، وقنابل تهوي. وفاكهةُ (العرض) أناس مكفّنون في قماش أبيض، بعدما رموا أنفسهم في البحر”.
ونقل الحياني مناجاته نفسَه: “قلتُ: الإنسان يتمسك بالحياة، ولو كان بلا يد، ولا رجل، أو بلا عين. وإذا سألتَه: أتريد الموت؟ يجيبك: لا، أريد العيش سيّدي. إذن، الإنسان الذي يحب الحياة، كيف يَقتل الآخرين؟ أو يرمي نفسه في البحر (للهجرة) عارفا بأنه يمكن أن يموت؟”.
وأردف قائلا: “تساءلتُ هل فقد الإنسان إنسانيته، وهذا ما دفعني إلى الاشتغال على الإنسان”.

وحول “إنسان” لوحات بوشتى الحياني، أجاب: “الإنسان الذي أرسمه لا شعر له، وغالبا ما يكون بدون عيون، أو تكون عيناه مغلقتَين. ولا جهازَ تناسليا له؛ لأني أريد أن يُرى الإنسان من رأسه لقدميه، من فوق لأسفل، ولو كان له عضوٌ فلن يُرى ككل… ولو كان له شعر، لرُبط بمنطقة جغرافية معينة… أردته ‘الإنسان”.
الحياني، الذي لم يعد منذ سنوات عديدة يمضي أعماله في أسفل متن اللوحة، يتحدث عن “تجارب” الفنان، لا “تجربةٍ” فقط، ليسترسل شارحا: “تجربتي… بل تجاربي؛ فهي مراحل، وانتقالاتٌ كانت ثمارَ مجهود قراءات وكتابات، ودراسة الفن التشكيلي، وهي خليط بين ما تلقيته في المدرسة، وما أراه في المعارض، والكتب، وقراءتي تاريخ الفن، وتدريسي مادة الفنون التشكيلية، الذي يجعلني مرغما على أن أكون على اتصال وإلمام بكل ما له علاقة بالفنون التشكيلية، ولو أني لستُ مؤرخا للفن التشكيلي”.
وحول اختيارهِ في التوقيع، ذكر بوشتى الحياني: “عادة أوقع أعمالي من الوراء (خلف اللوحة). لأنه عندما توقع، يرى الناس التوقيع، لا العمل ككل”.

ثم أضاف: “في وقت من الأوقات، بدأت أكتب ثلاثة أرقام: “8” “6” “7”، وصارت لاحقا بمثابة توقيع، ولو أنها جاءت اعتباطا في البداية، فقد صرت أكتبها قصدا… ولا أدري مصدرها: أرأيتها في باب، أو فاتورة كهرباء”.
كذلك، في مرحلة سابقة: “رأيتُ قلما اسمه “هاش بي (H.B)”، فقلت هو توقيعٌ بحروفي الأولى: حياني بوشتى! فكنت أوقع به. وبعد ذلك تجاوزت الحروف اللاتينية إلى الحروف العربية (ح.ب)”، ثم تُجُوِّز التوقيع كلّه في متن اللوحة.
لماذا هذه التدقيقات؟ أجاب بوشتى الحياني في تصريحه لهسبريس: “الصباغة كلٌّ. فيها ما يخضع للشعور، وفيها اللاشعوري، الذي يأتي هكذا (دون أن ندري منبعه). الإنسان خليط ما هو فكري، وما هو حسي. وهما معا في أعمالي”.