إدريس المزياتي:”تاونات نت”//- صدر مؤخرًا عن دار النشر/المؤسسة …كتاب بعنوان “السخرية والحرية.. الكاريكاتير السياسي في الصحافة المغربية“، وهو مؤلَّف جديد للصحافي بوشعيب الضبار ؛ يفتح النقاش حول دور الكاريكاتير كأداة للتعبير النقدي وكمرآة للتحولات السياسية والاجتماعية في المغرب.
الكتاب يرصد مسار الكاريكاتير منذ دخوله الساحة الصحفية المغربية، ويتوقف عند أعلام هذا الفن الذين جعلوا من الريشة أداة للمساءلة والسخرية من مظاهر الاستبداد والفساد.
كما يناقش علاقة حرية التعبير بالحدود التي تفرضها الرقابة الرسمية أو الذاتية، مبرزًا كيف استطاع رسامو الكاريكاتير توظيف الرموز والإيحاءات لتمرير رسائل جريئة إلى الجمهور.
يمثل هذا الإصدار إضافة نوعية للمكتبة الإعلامية المغربية، إذ يجمع بين التحليل الأكاديمي والشهادة التاريخية، مسلطًا الضوء على فن ظل دومًا بين مطرقة السلطة وسندان الحاجة إلى الحرية.
والكتاب طبعا يتضمن شهادات عدد من الفنانين المختصين في الكاريكاتور المغاربة سواء
من الجيل القديم أو الجيل الجديد . ومن ضمن الفنانين الشباب نجد الفنان الساخر إبن تاونات يوسف بخوثة . وفيما يلي هذا ما كتب عن هذا الكاريكاتوريست في كتاب “السخرية والحرية.. الكاريكاتير السياسي في الصحافة المغربية” :
هو يوسف بخوثة من مواليد 20 يونيو سنة 1986 من إقليم تاونات، وبالضبط من منطقة مرنيسة، التي تسكن أوجاعها دائما بين جوانح قلبه، وعلى سن قلمه، مطالبا بتحسين أوضاع ساكنتها تنويا واجتماعيا.
رسام كاريكاتير وكاتب رأي، وهو أيضا أحد مؤسسي موقع ” القلم الأسود”، الذي أطلقه رفقة زملاء له أيام الدراسة في الجامعة.
تستفسره : لماذا هذا الاسم المتشح برداء السواد؟:
يجيب:”سميناه ب”القلم الأسود”، لأنه يكتب بالسواد ليبيّض الواقع، حمل على عاتقه هموم المواطن البسيط المقهور وانفعالاته، وكتبنا عنها بكل صدق وحياد، كما رسمنا فيه الواقع كما هو دون تزيف أو تحريف، أردناها كلمة سوداء لعلها تساهم في بياض المستقبل”.
بالنسبة لمنهجية الكتابة وخط التحرير، راهن “القلم الأسود” منذ ظهوره في شهر ابريل سنة 2011على الخط والحرف، والسير على نفس المنوال: ” يكتب للكلمة الجادة، يرسم للحق”.
هذا التوضيح جاء في مقال لبخوثة، ردا على أولئك الذين “يطلبون من رسام الكاريكاتير أن يرسم الورد”، وكأنهم يتوقعون منه أن يحجب شمس الحقيقة بألوان التزوير.!
يقول لي إن بدايته مع الرسم الساخر كانت بالصدفة سنة 2002، وقتها كان يدرس بالمرحلة الثانوي. زميلة له في القسم عرضت على أستاذ اللغة العربية بعض رسوماته… حينها بدأت مسيرة الألف ميل التي تبدأ بخطوة واحدة..
ومن جريدة “صدى تاونات” المحلية، انطلقت ريشته تسبح في بحر من المداد الأسود، متنقلة بين صفحات الجرائد الوطنية: “الصباح”، و”المساء”، و”النهار المغربية”.
وعندما أخذت المواقع الالكترونية في الانتشار، شارك فيها ببعض الرسومات، إلى أن جاء “الفايسبوك” فتغيرت كل الضوابط التقليدية للنشر، اتسعت المساحة أكثر..
قضية بخوثة يفصح عنها هنا بلسانه: “هي قضية الإنسان أينما وجد، لست مقيدا بقضية واحدة، وإنما أرسم للإنسان، أرسم عن الحرب والسلم، عن الجوع والبؤس والفقر، عن الغربة والحب والفرح، أحاول أن أقرأ أكثر لأ رسم بشكل أكثر نضجا وتفتحا.”
ومما يحز في نفس بخوثة أن ثمة رسامين مرموقين للكاريكاتير لا يعرفهم الجيل الحالي، فانبثقت عنده فكرة جمع رسومات المرحوم “حمودة” بالتعاون مع أخته الفنانة ثوريا عليات وطبعها في كتاب، هو الآن في مراحله الأخيرة: “تنقصنا فقط بعض الشهادات، ونبحث له عن ناشر.”
الكاريكاتير في المغرب، في نظر بخوثة، عرف تطورا كبيرا على المستوى التقني والمضمون، والفضل يعود لما تتيحه وسائل التواصل الاجتماعي “من حرية وانعدام الرقابة، وهي حرية ملغومة، إذ سرعان ما تم الالتفاف عليها من طرف بعض الدول، بعد الانتفاضات العربية، وذلك بسن قوانين تحد من حرية النشر”.
ومن ملاحظاته، “أن غياب الصحافة الورقية الحاضنة لهذا الفن، أي ما يضمن استمرار الفنان في إنتاج رسوماته، دفع البعض إلى التواري عن الأنظار، ولكل واحد اعتباراته الخاصة.”
في الختام يختصر بخوثة الكلام بالقول:”إن حرية الممارسة في المغرب هي حرية مشروطة، وبهذا لا يمكن أن نصنع فارقا داخل هذا المجال، بل نعيد اجترار الماضي بما له وما عليه.”
يقول الكاتب الإعلامي بوشعيب الضبار عن كتابه الجديد: «هذا الكتاب يضم مجموعة من المقاربات والبورتريهات والسرديات الذاتية القصيرة الخاصة بفنانين الكاريكاتير، كتبتها في مراحل متباعدة زمنياً، بضعها سبق نشره وبعضها يطلع عليه القراء لأوّل مرة.
والكتاب مهدى إلى كل الرسامين المشاغبين بريشاتهم وسخريتهم المبطنة وحسّهم السياسي اللاذع.
ويتضمّن تعريفات بهم وإضاءات على مساراتهم واستحضارا لنماذج من منجزهم الفني، كما جاء في التقديم».من ثم يعتبر الضبار كتابه «محاولة متواضعة للتوثيق أروي فيه بمداد المحبة حكايات أصدقائي الرسامين، كيف ارتبطوا بالكاريكاتير ودافعوا عن حرية التعبير وكيف تعرض بعضهم للمضايقات والمحاكمات وخاصة في سنوات الجمر والرصاص».