الوزير الميداوي يعلن عن إحداث كلية للعلوم القانونية والمدرسة العليا للتكنولوجيا بتاونات

الرباط – متابعة: “تاونات نت”//- ألقى الوزير عز الدين الميداوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، يوم الأربعاء 22 أكتوبر عرضا حول الدخول الجامعي أمام أعضاء لجنة التعليم والثقافو والإتصال بمجلس النواب، حيث أكد أنه تمت إعادة هيكلة الجامعات والمؤسسات الجامعية، من خلال بلورة مشروع خارطة جامعية جديدة وأقطاب جامعية جهوية ومركبات جامعية، وتنظيم جديد للمؤسسات ذات الولوج المفتوح، بالإضافة إلى تفعيل وإعادة تنظيم المؤسسات المنشورة بالجريدة الرسمية، وإحداث 29 مؤسسة جامعية جديدة.
وفي هذا السياق أعلن الميداوي عن إطلاق مشروع إحداث كلية للعلوم القانونية والسياسية و مدرسة عليا للتكنولوجيا في إقليم تاونات، ضمن منظور ترسيخ العدالة المجالية والارتقاء بالتكوين العالي.
هذا الإعلان يمثل استجابة لمعاناة طلبة الإقليم الذين يتابعون دراستهم خارج ترابهم، ويأتي في سياق تجديد خارطة التكوين الجامعي وتقريب المؤسسات من جهات البلاد.

خلفية المبادرة:
إقليم تاونات ظلّ منذ سنوات يشهد مطالباً قوية لإحداث «نواة جامعية» أو مؤسسة للتعليم العالي محلية، لتخفيف الأعباء على الطلبة والعائلات التي تضطر أبناءها للانتقال إلى مدن جامعية بعيدة كفاس والرباط والحسيمة ومكناس.
في عام 2018 صادق مجلس الحكومة على مشروع مرسوم لإحداث “كلية متعددة التخصصات بتاونات” ضمن جامعة جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس.
لكن بعد ذلك واجه المشروع تباطؤاً وتأخيرات، ما أثار استياء فعاليات الإقليم، على رأسهم منتدى كفاءات إقليم تاونات الذي طالب من الوزير السابق عبد اللطيف الميراوي في لقاء رسمي معه يوم 9 فبراير 2022 بعدم إلغاء مشروع نواة جامعية بتاونات خاصة أن عدد الطلبة الذين يتابعون دراستهم خارج إقليم تاونات يصل إلى 15 ألف طالبة وطالب .

و أشار المنتدى إلى أن غياب هذه المؤسسة الجامعية المحلية سيُثقل كاهل الأسر عبر تكاليف السكن والتنقل، وقد يؤدي إلى انقطاع عدد من الطالبات عن الدراسة فضلا عن الهشاشة التي تعرفها المنطقة بصفة عامة.
كما التقى أعضاء في المكتب التنفيذي لمنتدى كفاءات تاونات ، في شهر أبريل 2024 بمسؤولين في مؤسسة الوسيط، لمعرفة مآل المشروع المبرمجة ميزانيته في قوانين المالية منذ دشن في 2018 وإلى 2023، ملتمسين التدخل لدى الجهات الحكومية المسؤولة.
وقال إدريس الوالي رئيس المنتدى أنذاك إن مسؤولي المؤسسة وعدوا الوفد المكون من 7 أعضاء، بأخذ الموضوع بالجدية والمسؤولية اللازمين طبقا للاختصاصات الموكولة للمؤسسة، مع تحضير تقرير في هذا المجال، بعدما أثار إلغاء المشروع غضب الجميع حتى من 20 برلمانيا ينحدرون من تاونات راسلوا رئيس الحكومة والوزير المعني.

ووقع البرلمانيون عريضة التمسوا فيها تدخل رئيس الحكومة لتفعيل مشروع النواة الجامعية بمنطقة ساحل بوطاهر بجماعة مزراوة بنواحي تاونات باعتباره “حلم الآلاف من حاملي شهادة الباكلوريا” و”يتوقون لمتابعة مسارهم العلمي والارتقاء المعرفي والاجتماعي المنشود في مجال ترابهم”، خاصة أن 15700 طالبا يتابعون دراستهم حاليا بفاس.
وعند لقائه وفداً من منتدى كفاءات إقليم تاونات ،يوم 28 فبراير 2025؛ أكد وزير التعليم العالي الحالي الميداوي أنه “على دراية تامة” بالإشكاليات التي يعانيها الإقليم، وأن الوزارة تعكف على حلها.
مضامين الإعلان والتجليات المتوقعة:
إحداث كلية للعلوم القانونية والسياسية بتاونات: تهدف إلى توفير تكوين جامعي مختص في الحقوق والعلوم السياسية في المنطقة، بدلاً من التوجه التلقائي لمدينة فاس أو غيرها.
إحداث مدرسة عليا للتكنولوجييا بتاونات: مؤسسات من هذا النوع تستهدف التكوين التقني والتكنولوجي المرتبط بسوق الشغل، ما يعني توسيع الاختيارات أمام شباب الإقليم.
المشروع يأتي ضمن رؤية الوزارة لتوسيع البنيات الجامعية محلياً، وتقريب التكوين من الطلبة، ترسيخاً لمبدأ عدالة الفرص والعدالة الجهوية.
الأهمية والرهانات:

اقتصادياً واجتماعياً: وجود مؤسسات جامعية محلية يخفّف تكاليف التنقل والإقامة ويزيد من فرص بقاء الطلبة في محيطهم، ما يعزز التنمية المحلية ويحسّن ظروف الطلبة.
تنموياً: الإقليم سيستفيد من وجود هياكل تكوين تساهم في تأهيل الشباب وتقوية الموارد البشرية المحلية، وربما ربطها بالمحلي والإقليمي في المشاريع التنموية.
أكاديمياً: هذا المشروع يمكن أن يعزز التخصصات في القانون والعلوم السياسية والتكنولوجيا، ما يمثل استجابة لمتطلبات سوق الشغل المتجددة، وللتحديات المرتبطة بالفضاء الوطني والإقليمي في هذه المجالات.
بعض الملاحظات الانتقادية والتحفظات:

رغم الإعلان، فإن ملف تأسيس النواة الجامعية بتاونات سبق أن تعثّر، حيث أُشير في تقارير إلى “إلغاء” أو تجميد المشروع من قبل الوزير السابق عبد اللطيف الميراوي، ما أثار غضب طلبة الإقليم ومطالبهم بإعادة استئنافه.
لا تزال المعطيات حول موعد الانطلاق الفعلي، وميزانية المشروع، والبنيات التحتية، وتوقيت الولوج مفتوحة للتوضيح. الحاجة إلى وضوح في مراحل الإنجاز مهمة لضمان عدم تكرار التأخيرات.
التزام الوزارة بإشراك الفاعلين المحليين (السلطات الإقليمية؛ الجامعات، المجلس الإقليمي؛ منتدى كفاءات تاونات، والمجتمع المدني) سيفرز نتائج أكثر نجاعة من مجرد الإعلان.
ماذا بعد الإعلان؟
يُتوقع صدور مرسوم أو قرار وزاري لتحديد الإطار القانوني والمؤسساتي لإنشاء الكلية والمدرسة العليا، مع تحديد التبعية الجامعية، والمسارات التأطيرية، والتخصصات الأولية.
إطلاق أشغال البناء أو التهيئة يُعد الخطوة التالية، إلى جانب إعداد البرامج الأكاديمية، التجهيزات، قبول الطلبة، والتنسيق مع الجامعات القائمة.
تقييم دوري من الوزارة، وربما تقارير حول الالتزام بالمواعيد والميزانيات لضمان السير الحسن للمشروع.
خلاصة:
إعلان الوزير عز الدين الميداوي يمثل انطلاقة هامة في مسار التكوين العالي بإقليم تاونات، ويضع إشارة قوية على أن التوجه نحو تقريب التعليم العالي من الجهات الداخلية ليس مجرد شعار بل عمل مؤسّسي خاصة أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس طالب بالعناية بالمناطق الجبلية على مستوى قطاعي التعليم والصحة.
لكن النجاح الحقيقي للمشروع يتطلّب ترجمه إلى واقع ملموس عبر إطلاق الأشغال، وضمان التجهيزات، وفتح التكوينات في وقت معقول، وإشراك مختلف الأطراف المحليين. إذا ما نجح ذلك، فستكون المنطقة قد كسبت بوابة جديدة لتنمية بشرية حقيقية.
