ندوة فكرية ببروكسيل تناقش ملف الصحراء المغربية بمشاركة فعاليات تاوناتية

بروكسيل (بلجيكا)/متابعة خاصة:”تاونات نت”//- بمناسبة الذكرى 50 من المسيرة الخضراء المظفرة؛شهدت العاصمة البلجيكية بروكسيل، خلال نهاية الأسبوع، انعقاد ندوة فكرية متميّزة حول قضية الصحراء المغربية بعنوان “مشروع الحكم الذاتي… 50 سنة من التدبير إلى التغيير”، وذلك بمبادرة من جمعية La Marjolaine de l’Espoir بشراكة مع كل من مبادرات ركائز الدولة الاجتماعية (ترأسها عضو منتدى كفاءات إقليم تاونات الأستاذة فدوى دادون) ونادي الطلبة المغاربة ببلجيكا وتعاونية Morocco by Racha(التي ترأسها إبنة تاونات الإعلامية رشا البكوري) ، إضافة إلى فرع جمعية ADES.. وقد قام بتسيير هذه الندوة الهامة الإعلامي والمهندس المغربي عبد الأحد الدحماني (عضو منتدى كفاءات إقليم تاونات).
وقد جمعت الندوة نخبة من الخبراء والباحثين والإعلاميين على رأسهم الهرم الإعلامي الأستاذ الصديق معنينو والمستشار البرلماني المغربي والخبير الدكتور الخمار المرابط (عضو منتدى كفاءات إقليم تاونات) والفاعلين المدنيين وأفراد الجالية المغربية، بهدف تسليط الضوء على مستجدات القضية الوطنية، واستعراض مسارها السياسي والدبلوماسي، خصوصاً في ظلّ الزخم الذي عرفته مبادرة الحكم الذاتي خلال السنوات الأخيرة، بوصفها الحل الواقعي والعملي لإنهاء النزاع المفتعل في المنطقة.

مداخلة الأستاذ الصديق معنينو: قراءة تاريخية ورؤية استراتيجية للمستقبل
قدّم الإعلامي والكاتب المغربي الأستاذ الصديق معنينو مداخلة قيّمة شكّلت إحدى أبرز محطات الندوة، حيث استعرض من خلالها التطور التاريخي لقضية الصحراء المغربية منذ السبعينيات إلى اليوم. وأكد معنينو أن مسار خمسين سنة من التدبير أثبت قدرة الدولة المغربية على تحويل التحدي إلى مشروع وطني متكامل يرتكز على التنمية، وتثبيت الاستقرار، وتوسيع المشاركة الديمقراطية في الأقاليم الجنوبية.
كما أبرز الدور المحوري للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، معتبراً أنها ليست مجرد حل سياسي لنزاع إقليمي، بل رؤية إصلاحية عميقة تنسجم مع التحولات التي عرفتها الدولة المغربية في العقود الأخيرة. وشدّد على أن نجاح هذا المشروع مرتبط بقدرة المغرب على تعزيز الدبلوماسية الواقعية، وتثمين مكتسبات النموذج التنموي بالصحراء، والانفتاح على جيل جديد من الفاعلين، وعلى رأسهم الشباب والباحثون وفعاليات الجالية المغربية بالخارج.

وختم الأستاذ معنينو مداخلته بالتأكيد على أن الانتقال من “التدبير” إلى “التغيير” هو عنوان مرحلة جديدة تقوم على ترسيخ مغربية الصحراء بالفعل الميداني، وبالاعتماد على رؤية مستقبلية تجعل من الحكم الذاتي أرضية صلبة لبناء استقرار جهوي وتنمية مستدامة.
مداخلة الدكتور الخمار المرابط: الأقاليم الجنوبية نموذج تنموي واعد ورهان استراتيجي
قدّم الدكتور الخمار المرابط، المستشار البرلماني، مداخلة مركّزة أبرز فيها الدينامية التي تعرفها الأقاليم الجنوبية خلال العقود الأخيرة، مذكّراً بأن التحولات العميقة التي شهدتها المنطقة جعلتها اليوم فضاءً مفتوحاً للاستثمار والنمو الاقتصادي. وأشار المرابط إلى أن النموذج التنموي الجديد بالصحراء يشكل ترجمة عملية للرؤية الملكية الرامية إلى جعل هذه الأقاليم قطباً استراتيجياً يربط المغرب بعمقه الإفريقي.
كما تطرّق إلى أهمية الارتقاء بالتدبير المحلي وبناء حكامة ترابية قوية تضمن إشراك الساكنة في السياسات العمومية، مؤكداً أن مشروع الحكم الذاتي يُعدّ الإطار الأمثل لتحقيق هذا الطموح لما يوفره من مقومات الاستقرار، والتسيير الديمقراطي، وجذب الاستثمارات.

وأكد الدكتور المرابط أن النجاحات المحققة على مستوى البنيات التحتية، والطاقات المتجددة، والموانئ، والخدمات الاجتماعية، ليست مجرد مكتسبات ظرفية، بل مؤشرات على انتقال تاريخي من “مرحلة التدبير” إلى “مرحلة التغيير”، التي تجعل من الأقاليم الجنوبية فضاءً مؤهلاً ليكون بوابة تنموية للمغرب نحو محيطه الإقليمي.
كما شدّد على الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه الجالية المغربية في أوروبا في تقوية الصورة الإيجابية للمغرب والدفاع عن قضاياه المصيرية، من خلال الانخراط في العمل المدني والبحثي والدبلوماسية الموازية.
المشاركون يتوقفون عند المبادرة المغربية للحكم الذاتي
هذا وقد استعرض المتدخلون خلال الندوة الخلفيات التاريخية والسياسية لقضية الصحراء، مشيرين إلى أنّ مرور خمسين عاماً على استرجاع الأقاليم الجنوبية شكّل مساراً متكاملاً من التنمية والديمقراطية وتثبيت مؤسسات الجهوية المتقدمة.
كما توقّف المشاركون عند المبادرة المغربية للحكم الذاتي، باعتبارها مشروعاً إصلاحياً متدرّجاً انتقل من مرحلة التدبير الإداري إلى مرحلة التغيير الاستراتيجي المبني على إشراك الساكنة في تدبير شؤونها المحلية.

ونوّه الحاضرون بالتحوّلات التي حققتها الدبلوماسية المغربية بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله، خاصة في ظل الاعترافات الدولية المتزايدة بمغربية الصحراء، مؤكدين أن نجاح هذه الجهود مرتبط أيضاً بتعبئة الجالية المغربية المقيمة بالخارج، التي باتت تشكل رافعة أساسية للدفاع عن القضايا الوطنية.
وفي ختام الندوة، أكدت الجمعيات والهيئات المنظِّمة عزمها على مواصلة تنظيم لقاءات مماثلة لتعزيز الوعي بأهمية الوحدة الترابية، وتوفير فضاءات للتبادل بين الباحثين والطلبة وأفراد الجالية، بما يخدم التعريف بقضية الصحراء المغربية وإبراز الدينامية التنموية التي تعرفها الأقاليم الجنوبية.

